اختراق أمني في دمشق بتفجير حافلة زوار من الشيعة اللبنانيين.. و«النصرة» تتبنى

معلومات عن إلغاء رحلات قبل التفجير «بسبب تحذيرات مسبقة»

الحافلة التي تقل زوارا لبنانيين للمراقد المقدسة في دمشق وقد تهشمت بفعل التفجير عند مدخل سوق الحميدية (رويترز)
الحافلة التي تقل زوارا لبنانيين للمراقد المقدسة في دمشق وقد تهشمت بفعل التفجير عند مدخل سوق الحميدية (رويترز)
TT

اختراق أمني في دمشق بتفجير حافلة زوار من الشيعة اللبنانيين.. و«النصرة» تتبنى

الحافلة التي تقل زوارا لبنانيين للمراقد المقدسة في دمشق وقد تهشمت بفعل التفجير عند مدخل سوق الحميدية (رويترز)
الحافلة التي تقل زوارا لبنانيين للمراقد المقدسة في دمشق وقد تهشمت بفعل التفجير عند مدخل سوق الحميدية (رويترز)

قتل 6 أشخاص، وأصيب أكثر من 20 آخرين في تفجير استهدف حافلة ركاب لبنانية تقلّ زوارا شيعة في وسط العاصمة السورية، في خرق يُعد الأول من نوعه في عمق دمشق الخاضعة لتدابير أمنية مشددة، منذ نحو عامين.
وتضاربت الأنباء حول التفجير، فبينما أكدت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أن التفجير وقع نتيجة عبوة ناسفة بلغ وزنها 5 كيلوغرامات ألصقت في مقدمة الحافلة، أكد «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية» أن التفجير نفذه انتحاري، فجر نفسه في حافلة للبنانيين الشيعة قرب قلعة دمشق في وسط العاصمة «حيث تعيش المنطقة الآن توترا أمنيا شديدا»، بينما أعلنت «جبهة النصرة»، من جهتها، أن التفجير انتحاري، نفذه مقاتل تابع لها يُدعى «أبو العز الأنصاري»، ونُشرت صورة له في مواقع إلكترونية مقربة منها.
وينظم اللبنانيون الشيعة رحلات دينية أسبوعية، كل نهار أحد، إلى العاصمة السورية دمشق ومقام السيدة زينب في ريفها، وباتت منطقة سوق الحميدية وسط العاصمة السورية، محطة ثابتة، نظرا لأن هؤلاء اللبنانيين يزورون مقام «السيدة رقية» قرب الجامع الأموي.
واخترق معدو التفجير، سلسلة ضخم من الإجراءات الأمنية التي تتخذها السلطات السورية على مداخل دمشق، منعا لدخول مقاتلي المعارضة السورية إلى داخلها. ومنعت تلك التدابير وقوع تفجيرات داخل العاصمة السورية منذ نحو عامين، في حين بقيت أحياء العاصمة عرضة لقصف صاروخي وسقوط قذائف الهاون عليها.
وقالت مصادر الجبهة الجنوبية في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا التفجير «يعد أكبر خرق لإجراءات القوات الحكومية السورية منذ عامين، كونه يقع على بعد عشرات الأمتار من مقار أمنية ومقار الوزارات في قلب العاصمة السورية».
وأشارت إلى أن مقاتلي المعارضة استطاعوا، في وقت سابق: «خرق تلك التدابير بالتسلل إلى العاصمة، عبر استخدام مجاري الصرف الصحي، وخاضوا اشتباكات في قلب العاصمة قبل شهرين، بعد تسلل انغماسيين من الغوطة الشرقية»، لافتة إلى أن المعارضة «تمتلك معلومات عن العاصمة ينقلها إليها أشخاص زرعتهم في الداخل يجمعون المعلومات لصالحها».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 7 أشخاص جراء الانفجار الذي استهدف حافلة تحمل لوحة لبنانية، بالقرب من سوق الحميدية، ويحمل زوارا شيعة، في حين أصيب نحو 20 آخرين بجراح متفاوتة.
بدورها، ذكرت وكالة «سانا» أن 6 قتلى سقطوا في التفجير، مشيرة إلى أنه وقع نتيجة انفجار عبوة ناسفة استهدف حافلة لنقل الركاب في منطقة الكلاسة القريبة من سوق الحميدية بدمشق. وقال مصدر في الشرطة لـ«سانا» إن «إرهابيين فجروا عبوة ناسفة يقدر وزنها بخمسة كيلوغرامات من المتفجرات وضعوها في مقدمة الحافلة»، مشيرا إلى أن عناصر «الهندسة».. «أبطلوا مفعول عبوة ناسفة ثانية يبلغ وزنها خمسة كيلوغرامات من المتفجرات كانت موضوعة داخل حقيبة في منتصف الحافلة قبل تفجيرها».
وعرضت قناة الإخبارية السورية التلفزيونية لقطات لرجال وامرأة مصابين في مستشفى كما عرضت لقطات لحافلة محطمة ومتفحمة ورجال الأمن يمشطون المكان وسط الحطام.
وأوضحت قناة «المنار» التابعة لحزب الله اللبناني، أن القتلى «هم زوار لبنانيون كانوا متوجهين إلى مقام السيدة زينب، عقب زيارة مقام السيدة رقية، عندما انفجرت العبوة عند تمثال صلاح الدين في منطقة الكلاسة في العاصمة السورية دمشق».
وقال منظم إحدى الرحلات لـ«الشرق الأوسط» إن الحافلات التي تقل مدنيين «غالبا ما تتوقف عند مدخل سوق الحميدية وينزل منها الركاب، قبل أن تقلهم من الموقع نفسه عند انتهاء زيارتهم»، مشيرا إلى أن تلك الحافلات «لا تخضع للحماية الأمنية لأنها غير عسكرية، حتى إن سائقها يغادرها أحيانا قبل أن يعود ويفتح أبوابها في الوقت المتفق عليه مع الزوار».
وكانت حملات زوار شيعة أخرى قررت إلغاء رحلات نظمتها أمس الأحد «على ضوء مستجدات أمنية»، كما قال منظم رحلة لـ«الشرق الأوسط»، مفضلا عدم الكشف عن اسمه. وأوضح: «تلقينا نصائح بإلغاء الرحلة اليوم (أمس) على ضوء معلومات عن تطورات أمنية على طول الطريق من نقطة المصنع الحدودية إلى منطقة السيدة زينب، من غير الكشف عن تفاصيل».
وشهدت المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا، أمس، اشتباكات عنيفة وقعت من مناطق محاذية لوادي بردى المحاذي للطريق الدولية بين لبنان ودمشق، أسفرت عن مقتل عدد كبير من القوات الحكومية السورية في كمين نظمته قوات المعارضة في منطقة قريبة من مدينة الزبداني في ريف دمشق الغربي.
وتعود الحافلة لحملة دينية شيعية في ضاحية بيروت الجنوبية تدعى «حملة عشاق الحسين»، نظمت الرحلة إلى دمشق، كما هي عادتها في كل أسبوع. وفور شيوع الخبر، تجمع عدد كبير من أهالي رواد الحملة أمام مقرها في منطقة المشرفية في الضاحية الجنوبية لبيروت، بهدف معرفة ملابسات الحادث، حسبما قال والد جريح كان على متن الحافلة لـ«الشرق الأوسط».
وبعد أقل من ساعة، غادر الأهالي باتجاه دمشق للتأكد من أسماء الضحايا، بحسب متحدث باسم الحملة لـ«الشرق الأوسط»، لافتا إلى أن الزيارة «هدفت أيضا إلى متابعة أوضاع الجرحى وإمكانية نقلهم إلى بيروت».
وعرف من أسماء القتلى محمد حسن أيوب، علي عباس بلوق، فادي حوماني، قاسم حاطوم، الشيخ مهدي المقداد ومساعده.
وقالت فاطمة، شقيقة قارئ القرآن في الحملة موسى حمود الذي أصيب في التفجير، إن شقيقها يعالج في مستشفى بدمشق، مشيرة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن شقيقها يذهب باستمرار إلى العاصمة السورية، ولم يتعرض من قبل لأي خطر: «لأن (حزب الله) يمنع الأهالي من متابعة الطريق داخل الأراضي السورية في حال وجود مخاطر»، لافتة إلى أن تلك التحذيرات «لم يتلقاها الزوار منذ فترة».
ونشطت الرحلات الدينية من لبنان إلى العاصمة السورية، بعد انحسار وتيرة المعارك في الطريق الدولية من الحدود اللبنانية إلى العاصمة السورية. وتنظم زيارات دينية بشكل أسبوعي، غالبا ما تكون كل يوم أحد وفي أيام العطلات، تبدأ من مرقد السيدة زينب في ريف دمشق الجنوبي، وتدخل إلى العاصمة السورية لزيارة سوق الحميدية ومقام السيدة رقية.
وبدأت الرحلات بشكل أساسي في مارس (آذار) 2014، بعد استعادة القوات الحكومية السيطرة على منطقتي الحسنية والذيابية المحاذيتين لمنطقة السيدة زينب.
ولم يتسنّ للشيعة منذ العام 2012 وحتى ربيع 2014، العبور إلى منطقة السيدة زينب في سوريا، حيث درجوا على إحياء مناسباتهم الدينية، وذلك بسبب سيطرة قوات المعارضة السورية على مناطق واسعة جنوب دمشق، وبعدما طالب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله منظمي الحملات الدينية التي تسلك طريق البر بالتوقف عن تنظيمها (لأن المرحلة حساسة قليلا وصعبة)».
ويقلل اللبنانيون الشيعة من المخاطر التي تعتريهم أثناء العبور إلى ريف دمشق، بالقول إن «الظروف تغيرت، ولم يعد بالإمكان استهداف أحد». وعادة ما يسلك سائقو الحافلات طرقات فرعية بهدف التخفيف من مخاطر الطريق.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.