تقرير استخباراتي أميركي: إيران تراكم قدرات لمهاجمة حلفائنا شرق سوريا

وثيقة علنية في واشنطن تنوه بتدريبات التحالف لحماية النفط شرق الفرات

عربة أميركية شمال شرقي سوريا مطلع الشهر الحالي (أ.ف.ب)
عربة أميركية شمال شرقي سوريا مطلع الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

تقرير استخباراتي أميركي: إيران تراكم قدرات لمهاجمة حلفائنا شرق سوريا

عربة أميركية شمال شرقي سوريا مطلع الشهر الحالي (أ.ف.ب)
عربة أميركية شمال شرقي سوريا مطلع الشهر الحالي (أ.ف.ب)

واشنطن - لندن: «الشرق الأوسط»

نقلت وثيقة أميركية علنية عن تقرير يخص نشاطات قوة المهام المشتركة في «عملية العزم الصلب» ضد «داعش» عن «وكالة استخبارات الدفاع الأميركية» قولها إن «إيران ربما تسعى أيضاً نحو تنفيذ أو التشجيع على شن هجمات محدودة ضد القوات الأميركية، رداً على ما تعتبره دعماً لضربات ضد أهداف تابعة لإيران في المنطقة، وكذلك سعياً من جانبها للضغط على القوات الأميركية للانسحاب من سوريا».
وتناولت الوثيقة الفترة بين بداية أكتوبر (تشرين الأول) و9 ديسمبر (كانون الأول) 2020، عن وكالة استخبارات الدفاع الأميركية، أن «روسيا لا تزال مستمرة في شن ضربات ضد (داعش) عبر أرجاء سوريا خلال هذا الربع، دعماً لجهود النظام السوري لمكافحة الإرهاب».
وأشارت الوكالة إلى أن «إيران استمرت في الإبقاء على وجودها داخل المناطق التي كانت خاضعة من قبل لـ«داعش» في شرق سوريا، وذلك «في إطار جهودها لحماية طرقها اللوجيستية، بجانب نجاحها في تقليص قدرات (داعش) على تنفيذ عمليات. وفي الوقت الذي يتراجع تهديد (داعش) داخل سوريا، تولي إيران الأولوية إلى أهداف أخرى، منها دفع الولايات المتحدة نحو الخروج من البلاد»، حسبما أفادت به «وكالة استخبارات الدفاع».
وجاء في الوثيقة: «طبقاً لما ذكرته (وكالة استخبارات الدفاع)، ورغم حذر القيادات الإيرانية إزاء تفاقم التوترات مع الولايات المتحدة قبل الانتقال السياسي الرئاسي الأميركي، من المحتمل أن تستمر إيران في وضع خطط لتنفيذ عمليات ضد الولايات المتحدة عبر المنطقة، بما في ذلك سوريا. وترى (وكالة استخبارات الدفاع) أن القوات الموالية لإيران ربما تبقي على قدرتها على مهاجمة مصالح أميركية وأطراف موالين لواشنطن داخل سوريا». وأشارت الوكالة إلى أن إيران «حاولت تجنيد سوريين محليين لجمع استخبارات حول القوات الأميركية وقوات التحالف داخل سوريا، وربما تحاول تمكين هؤلاء الأفراد من تنفيذ هجمات نيابة عنها».
وقالت وكالة استخبارات الدفاع إن «إيران ربما تسعى أيضاً نحو تنفيذ أو التشجيع على شن هجمات محدودة ضد القوات الأميركية رداً على ما تعتبره دعماً لضربات ضد أهداف تابعة لإيران في المنطقة، وكذلك سعياً من جانبها للضغط على القوات الأميركية للانسحاب من سوريا». ويعتقد أن الحديث كان يجري عن الفترة السابقة.
في تلك الأثناء، أشارت تقارير عامة إلى أن إيران زادت جهودها لتجنيد عناصر محلية في شرق محافظة دير الزور لتعزيز الميليشيات القائمة المؤلفة من عناصر أجنبية، التي نشرتها في سوريا لدعم النظام السوري. و«على وجه التحديد، يبدو أن إيران تجند رجالاً سوريين لحساب (لواء الباقر)، ميليشيا ينتمي معظم مقاتلوها إلى سوريا، ويعتقد محللون مستقلون إنها تأسست خلال السنوات الأولى من عمر الصراع السوري». وأشار محللون مستقلون إلى أن «لواء الباقر»، بجانب ميليشيات أخرى مدعومة من إيران، سيطروا على العديد من المدن على امتداد الضفة الجنوبية لنهر الفرات بين ميادين والبوكمال في الوقت الذي تراجعت سيطرة النظام السوري داخل المنطقة.
وأشار محللون آخرون إلى تجنيد الميليشيا مقاتلين قبليين من الحسكة وحلب، الأمر الذي زاد نطاق نفوذ الميليشيا داخل المحافظتين.
وتبعاً للأرقام الصادرة عن قوة المهام المشتركة في «عملية العزم الصلب»، عن الفترة بين بداية أكتوبر (تشرين الأول) و9 ديسمبر (كانون الأول) 2020، نفذت «قوات سوريا الديمقراطية» 34 عملية ضد «داعش» في المنطقة الأمنية شمال شرقي سوريا «حيث تعمل قوات التحالف»، مقابل 33 عملية في الربع السابق.
خلال الربع، أجرت قوات التحالف دوريات مشتركة بالتعاون مع قوات حماية منشآت البنية التحتية البترولية الحيوية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، التي تعمل بمختلف أرجاء شمال شرقي سوريا.
وقالت الوثيقة: «خلال النصف الأول من عام 2020، بدأت (قوة المهام المشتركة - عملية العزم الصلب) تدريب قوة حراسة معنية بحماية البنية التحتية النفطية تابعة لـ(قوات سوريا الديمقراطية)، وذلك في أعقاب تعزيز وجود قوات التحالف في شمال شرقي سوريا، وإعادة تركيز التحالف اهتمامه على حماية منشآت البنية التحتية النفطية من محاولات (داعش) إعادة السيطرة عليها».
وقالت القوة إن «الحراس التابعين لقوة حماية البنية التحتية النفطية مستمرون في إحراز تقدم في تنفيذ دوريات ومهام أمنية بفاعلية واستقلالية داخل مناطق متنوعة في شمال شرقي سوريا، وأبدت هذه القوات شعوراً متزايداً بالحافز، وتبدي حرصها على التعاون مع قوات التحالف». وأضافت: «أثمر هذا التعاون المستمر مع قوة حماية البنية التحتية النفطية تراجع أعداد الهجمات ضد منشآت هذه البنية، مع تحسن في الوقت ذاته بالعلاقات بين قوات التحالف وقوة حماية البنية التحتية النفطية والسكان المحليين».
وأشار إلى أنه «في الوقت الذي سعى (داعش) إلى مهاجمة منشآت بنية تحتية نفطية لتأمين حصولها على عائدات، فإن قدرتها على تنفيذ ذلك تراجعت على نحو دفعها لتجنب الدخول في مواجهات مباشرة مع القوات المتمركزة في المواقع الحيوية المرتبطة بالبنية التحتية النفطية».
كان «البنتاغون» أعلن الاثنين أنّ القوات الأميركية الموجودة في سوريا لم تعد مسؤولة عن حماية النفط في هذا البلد؛ إذ إنّ واجبها الأوحد هو مكافحة «داعش» في تعديل للأهداف التي حدّدها لهذه القوات الرئيس السابق دونالد ترمب.
وأضاف ردّاً على سؤال بشأن مهمة القوات الأميركية في سوريا أنّ العسكريين الأميركيين المنتشرين في شمال شرقي سوريا، وعددهم حالياً نحو 900 عسكري «هم هناك لدعم المهمة ضدّ تنظيم داعش في سوريا (...) هذا هو سبب وجودهم هناك».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.