الأمم المتحدة ترحب بالسلطة الجديدة وتطالب بالتحضير للانتخابات

الأمم المتحدة ترحب بالسلطة الجديدة وتطالب بالتحضير للانتخابات
TT

الأمم المتحدة ترحب بالسلطة الجديدة وتطالب بالتحضير للانتخابات

الأمم المتحدة ترحب بالسلطة الجديدة وتطالب بالتحضير للانتخابات

أعطى مجلس الأمن مزيدا من الزخم لاتفاق الأطراف الليبية على تكليف سلطة تنفيذية مؤقتة، داعياً إياها إلى «الاتفاق بسرعة» على تشكيل حكومة جديدة جامعة، استعداداً لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الوطنية في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وكرر مطالبته كل الأطراف بـ«التنفيذ الكامل» لاتفاق وقف النار، و«سحب كل القوات الأجنبية والمرتزقة» من ليبيا.
وأقر أعضاء مجلس الأمن بالإجماع، ليلة أول من أمس، بياناً رئاسيا تلته رئيسة المجلس للشهر الجاري المندوبة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتحدة، بربارة وودوورد، التي قالت إن المجلس رحب بالاتفاق الذي توصل إليه منتدى الحوار السياسي الليبي، لجهة تكليف سلطة تنفيذية مؤقتة موحدة جديدة تقود البلاد إلى الانتخابات، معتبراً أنه «يشكل معلماً مهماً في العملية السياسية الليبية». ودعا السلطة الجديدة إلى «الاتفاق بسرعة على تشكيل حكومة جديدة جامعة، على النحو المنصوص عليه في خريطة الطريق، التي اتفق عليها منتدى الحوار السياسي الليبي في تونس، والقيام بالاستعدادات اللازمة قبل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الوطنية في 24 من ديسمبر المقبل». كما دعاها إلى «تحسين الخدمات، وإطلاق عملية مصالحة وطنية شاملة».
وبعد أن طالب مجلس كل الأطراف بـ«التنفيذ الكامل» لاتفاق وقف النار، حض الدول الأعضاء على «احترام ودعم التنفيذ الكامل للاتفاق، عبر انسحاب كل القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، دون مزيد من التأخير». وطالبها بـ«الامتثال الكامل لحظر توريد الأسلحة، تماشياً مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة»، مؤكداً على «أهمية وجود آلية مراقبة لوقف النار ذات صدقية وفعالة، بقيادة ليبية تحت رعاية الأمم المتحدة».
وفي هذا السياق رحب مجلس الأمن بـ«الخطوات الحاسمة نحو دعم الأمم المتحدة للآلية، من خلال النشر السريع لفريق متقدم تابع للأمم المتحدة في ليبيا»، مقرا بـ«الدور المهم للدول المجاورة والمنظمات الإقليمية في دعم جهود الأمم المتحدة»، وجدد دعمه لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «أنسميل»، ورئيسها المبعوث الخاص للأمين العام يان كوبيش، ومنسقة «أنسميل» رايسيدون زينينغا. كما كرر «التزامه القوي بالعملية السياسية»، التي تيسرها الأمم المتحدة والتي يقودها الليبيون ويملكونها، وتأكيده على «سيادة ليبيا واستقلالها وسلامة أراضيها، ووحدتها الوطنية».
في سياق ذلك، أفاد الناطق باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بأن كوبيش الذي بدأ مهامه رسميا أجرى اتصالات مع عدد من المسؤولين الليبيين، شملت رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، ووزير الخارجية محمد سيالة، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وبحث معهم «الوضع الليبي بعد اجتماع منتدى الحوار السياسي الليبي في سويسرا، والمضي قدماً، بما في ذلك انعقاد مجلس النواب قريباً».
كما أجرى المبعوث الخاص محادثات هاتفية مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس الوزراء المكلف عبد الحميد دبيبة. وناقش معهما «سبل المضي لضمان انتقال سلس إلى السلطة التنفيذية المؤقتة الموحدة الجديدة». وأشار كوبيش إلى أن رئيس الوزراء المكلف «ينوي تشكيل حكومة شاملة وتمثيلية، ضمن الجدول الزمني المحدد في خريطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي، التي ستعكس ثراء المجتمع الليبي وتنوع مكوناته، بما في ذلك النساء والشباب»، فضلاً عن «معالجة القضايا الأكثر إلحاحاً في ليبيا، بما في ذلك تقديم الخدمات للشعب على أساس عادل ومنصف والمصالحة الوطنية». مؤكدا «أهمية التحضير للانتخابات الوطنية وإجرائها في 24 ديسمبر 2021»، و«التزام الأمم المتحدة بليبيا مستقرة ومزدهرة، وذات سيادة وموحدة، والبناء على الزخم الناتج عن التطورات الإيجابية التي تحققت في الأشهر الماضية في الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، بما في ذلك اتفاق وقف النار، عبر جهود وعمليات يملكها ويقودها الليبيون».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.