تحت أغصان الدم، يهزّ العيدُ عباءته، فتتساقط الرؤيا. لا تصدق كل ذلك، فالشمس ضحية صباح مفترض. لا تصدق السحاب حتى يهطل ماء السماء على كرنفال الأرض.
سأصدق إن هي طرقتْ بحّة الضحى، ثم دخلتْ بهوَ نبضي. سأصدقها إن صرختْ بأعلى صدى، بأنهم سفكوا دم الشمس.
فجر أمس الأول، سأراقبها، وهي تتلاشى عند مخرج أوردتي. وسأقول للشاربين: العطش خنجر مرفوع، وطعنة الغدر، حتى لو كانت في ظهر جدار، هي وصمة الأنذال وبصمة الحانق.
لا تستغيث الكرامة إلا بأبنائها القتلى، وبالشاعر حتى لو نحروا أقلامه ولسانه، وبالوضوح مرفوعا في شعارات المستقبل، فهل يكتفون عند الشبع؟ بالطبع لا.
- بلى سيكتفون، حين يرتفع دخان حرائق أجساد المدارس والمساجد والكنائس، سيقولون:لم يبقَ سوى العظام. اطحنوها لكي لا يقال عنا أنا نميّز بين الطوائف والملل. اطحنوها، واعرضوها في سوق الزجاج. سيقال كانوا منزلقين، ويحذو مثلهم نفر غبي، ويتبع الجهال ردح نعالهم.
لا صلح ينجع مع السكين، فاحمل سلاحك حتى لو كان وردة واقطع رقاب الحرب
ممشوقا على حبل المصير بلا ترنح، والضوء مسرى ما تروم، وإن رشقوك بما يفترونه عن النار، فلن تسقط.
يا حامل الميزان في صبح التنابذ، أسقام رعاياك لن تداويها الخفة، ولا الحذر المشؤوم وهو صنيعة الخامل. انظر لشركهم. إنهم لا يفرقون بين البوح والنبح، وأنت تغمرهم بواوات عطف، تسقي حناجرهم بعسل الكلام، لكنهم صلد، ومن شدة الكفوف على وجوههم كأنهم مكفوفون. مررت بهم، يشحذون نبالهم باتجاه القمر، وهو يُوقد البخور لأحلامهم، لكنني لم أقوَ إلا أن أتسلل لمنتصف السماء، لأتلقّى عنه رميهم. هذا هو السعي الحثيث بين الشفرة والوردة. لا الميزان لنا ولا النيران، وعلينا قمر الغياب. كان الميزانُ يلهجُ بعدلنا، فلم نعتدل. والنار، النار لم تكتسِ معناها إلا حينما صارت عقابا لخطايانا، فأيهما سيقودنا إلى مرج يألفُ حروقنا؟
تتبخّرُ عيناكَ على مرأى من صوتك، وأنتَ تبحثُ عن هدوء لضجيج مسكنك.
لن تهدأ، لن تسكن أصلا، لن تتمكن من النظر إلى أغنيتكَ، وهي التي قادتكَ إلى هذا المبنى. ستفتح بابك للصم والبكم، ثم ستحدثهم عن موعد الانفجار. سيرشدونك إلى أغنيتك، وستطلقُ بالونات شتى، علّهم يقتادون ساعة الصفر بعيدا عنك. ألا تراهم الليلة كيف يبيضّون بك، ويرفعون لرشدكَ كؤوسهم؟ ألا تراهم؟ يهمسون أن من أتى الليلة بهذا الحكيم؟ من جعله يشقّ جذع النخلة، لتفرقَ البحر رطبا غيرَ منسي؟
نزح الرجال بعد أن فقدوا الذمم ولانوا حين خانتهم البسالة قبل بداية الحرب، وفي سرها قالت الحكمة: الصمت بيتي، لكنهم هدموه مذعورين من الفكرة النافرة، وغيرهم يقبل وجه الحظ حتى لو تجهم، وإن شح العمق، يفتش في العمقين ليلئم خدشه الغائر.
لا تلح وأنت تطرق الباب، فالجالس خلفه أصم. لا تلحس المرايا لتعرف أن طعمك مر. الرسام أرادها عمياء، فاستبدل البؤبؤ باللؤلؤ. قم من صفاتك واصفع الكرسي. اجلس في الرحيل تصير النهاية راضية عليك.
رفيف الظل: منْ أتى يا ليل بهذا الحكيم؟
رفيف الظل: منْ أتى يا ليل بهذا الحكيم؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة