التحالف الدولي يوسع نطاق تعاونه مع العراق

زوّد بغداد بكاميرات حرارية في مواجهة «داعش»

التحالف الدولي يوسع نطاق تعاونه مع العراق
TT

التحالف الدولي يوسع نطاق تعاونه مع العراق

التحالف الدولي يوسع نطاق تعاونه مع العراق

عزز التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق وسوريا لمحاربة تنظيم «داعش» تعاونه مع العراق في مختلف الميادين. ورغم تكرار الهجمات بالعبوات الناسفة التي تتعرض لها أرتاله للدعم اللوجيستي في مناطق مختلفة من العراق، فإنه لم يتأثر بمثل هذه الممارسات.
وأعلنت «قيادة العمليات المشتركة» في الجيش العراقي أن التحالف الدولي جهز قوات حرس الحدود العراقية بكاميرات حرارية. وقال الناطق باسم «العمليات المشتركة» اللواء تحسين الخفاجي، في بيان له أمس الاثنين، إن «التحالف الدولي مستمر بدعم القوات الأمنية في مجال التسليح، وتجهيزها بالمعدات لبناء قدراتها». وأضاف أن «التحالف الدولي باشر تجهيز حرس الحدود بأبراج ذكية وكاميرات حرارية ومعدات فنية تستخدم في مجال استطلاع العصابات الإرهابية». 
وكان التحالف الدولي جهز العراق مؤخراً بمعدات مختلفة تصل قيمتها إلى نحو مليون دولار. وتعدّ قضية الحدود شبه المفتوحة بين العراق وسوريا من أهم العوامل التي تجعل تنظيم «داعش» قادراً على إعادة تنظيم نفسه وشن هجمات متواصلة؛ بما في ذلك توسيع نشاطه إلى الحد الذي بات يمثل معه تهديداً جديداً للعراق، خصوصا بعد تفجير «ساحة الطيران» وسط بغداد الشهر الماضي، والهجوم على أحد الألوية العسكرية التابعة لـ«الحشد الشعبي» في محافظة صلاح الدين؛ حيث أوقع الهجومان عشرات القتلى ومئات الجرحى.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية العراقية عن إلقاء القبض على 15 عنصراً من تنظيم «داعش» الإرهابي، بمحافظة نينوى شمال العراق. وأوضحت الوزارة في بيان أن المعتقلين «مطلوبون للقضاء بتهمة الإرهاب» وأنهم «اعترفوا خلال التحقيقات الأولية بانتمائهم لعصابات (داعش) واشتراكهم بعدة عمليات إرهابية ضد القوات الأمنية والمواطنين قبل عمليات التحرير في 2017». وأوضح البيان: «أحدهم يدعى (أبو أنس) كان ضمن كتيبة الانتحاريين، وآخر يدعى (أبو قتادة) كان عسكرياً، وثالث يسمى (أبو براء) كان ينشط في الهندسة العسكرية لدى التنظيم».
وبشأن الأهمية التي يوليها التحالف الدولي للعراق، يقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف لـ«الشرق الأوسط» إن «دول التحالف الدولي، وفي سياق اهتمامها بالملف العراقي، إنما تخطط للحفاظ على أمنها القومي»، مبيناً أن «أمن دول التحالف الدولي القومي يبدأ من العراق إلى أفغانستان؛ حيث إن التنظيم إذا نشأ ثانية في العراق وأقام (دولة التمكين)، فإنه سينطلق بدءاً من العراق إلى كل دول التحالف الدولي؛ بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية والدول الحليفة لها».
وأضاف أبو رغيف: «الاهتمام يأتي أيضاً لحماية قواتهم ووجودهم وأبنيتهم في العراق؛ وفي بغداد خصوصاً». وأوضح أنهم «لجأوا إلى دعم العمليات الخاصة، وبالذات في الفرقة الخاصة بالمنطقة الخضراء، بمواد حساسة جداً، وبمعدات تناهز قيمتها 20 مليون دولار، فضلاً عن دفعة أخرى من المساعدات تلوح في الأفق تناهز أكثر من 50 مليون دولار»، مؤكداً أن «لديهم خطة لرفع المستوى القتالي لعديد القوات العراقية على كل المستويات؛ من تسليح وتدريب وتجهيز، بسبب المخاطر المتزايدة للتنظيم الإرهابي ومحاولته إعادة بعض العمليات النوعية هنا وهناك».
من جهته، أكد أستاذ الأمن الوطني في «كلية النهرين»، الدكتور حسين علاوي، أن «التعاون مع التحالف الدولي يعطي العراق أفضلية غير مسبوقة في محاربة الإرهاب، سيما أن التحالف يوجه ضربات منتخبة موجعة للدواعش». وأضاف علاوي أن «الاستغناء عن الجهد الدولي في الوقت الحالي والمطالبة بتخفيضه لا يصب في صالح العراق ومحاربة الإرهاب».
أما مستشار «المركز الأوروبي لمحاربة (داعش)»، اللواء الركن عماد علو، فيقول لـ«الشرق الأوسط» إن «التحالف الدولي بات اليوم على أعتاب مرحلة جديدة؛ أبرز تجلياتها امتداد لـ(القيادة المركزية الوسطى)، وذلك بضم إسرائيل والبحرين والإمارات العربية المتحدة إلى هذه القيادة، وهي إشارة واضحة إلى مسألة التطبيع التي ربما تشمل دولاً أخرى في المنطقة، ومن المحتمل أن يكون العراق بصورة غير مباشرة ضمن هذا التوجه». وأضاف علو أنه «بالتالي يمكن أن يكون هناك اتجاه لتعزيز القدرات العسكرية لهذا الاصطفاف الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط مقابل تحالف إيراني - تركي - روسي يتطلع هو الآخر إلى تقاسم النفوذ، خصوصاً في منطقة شرق المتوسط الزاخرة بالثروات». وأكد أن «كل طرف فاعل، خصوصاً في البادية الشرقية في سوريا والغربية في العراق، يريد أن يفرض نفوذه أو أوراقه في حالة الجلوس إلى طاولة تقاسم النفوذ في المنطقة».


مقالات ذات صلة

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

العالم العربي جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

أفادت «وكالة الأنباء العراقية»، اليوم (السبت)، بأن جهاز الأمن الوطني أعلن إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.