سوريا «ليست أولوية» لبايدن... ومقترحات لـ«خفض الأهداف»

المبعوث السابق إلى شرق الفرات السفير روباك لـ«الشرق الأوسط»: واشنطن لا تدعم «دولة كردية»... ومصلحتنا بحكومة في دمشق تسيطر على البلاد

المبعوث الأميركي السابق إلى شمال شرقي سوريا ويليام روباك خلال الاحتفال بهزيمة «داعش» في مارس 2019 (أ.ب)
المبعوث الأميركي السابق إلى شمال شرقي سوريا ويليام روباك خلال الاحتفال بهزيمة «داعش» في مارس 2019 (أ.ب)
TT

سوريا «ليست أولوية» لبايدن... ومقترحات لـ«خفض الأهداف»

المبعوث الأميركي السابق إلى شمال شرقي سوريا ويليام روباك خلال الاحتفال بهزيمة «داعش» في مارس 2019 (أ.ب)
المبعوث الأميركي السابق إلى شمال شرقي سوريا ويليام روباك خلال الاحتفال بهزيمة «داعش» في مارس 2019 (أ.ب)

أميركا ليست في عجلة من أمرها بالوضع الراهن في سوريا، وهناك «فرصة» أمام إدارة الرئيس جو بايدن، لمراجعة السياسة الأميركية في سوريا والإجابة عن أربعة أسئلة تخص ذلك، هي: «هل سوريا أولوية؟ ما هي الأهداف الأميركية؟ ما هي الأدوات المتوفرة لتحقيق هذه الأهداف؟ ما هي التكلفة الإنسانية على الشعب السوري؟».
كانت هذه بعض التساؤلات - التوصيات التي طرحها السفير الأميركي ويليام روباك، في حديث هاتفي أجرته «الشرق الأوسط» مساء أول من أمس. ويسأل في خضم النقاش في واشنطن حالياً عن اتجاهات بايدن السورية: «هل من مصلحة أميركا أن تبقى مناطق سورية خارج سيطرة الحكومة؟ هل من مصلحتنا أن تبقى هذه المناطق معزولة وينتعش فيها داعش؟ هل يجب أن نحافظ اليوم على أهدافنا ذاتها التي كانت قبل سنوات؟».
السفير روباك قدم «أفكاراً» وطرح تساؤلات في ضوء تجربته بالعمل مستشاراً سياسياً في السفارة الأميركية بين 2004 و2007 ومبعوثاً للإدارة الأميركية إلى شمال شرقي سوريا بين 2018 و2020. كان نائباً للمبعوث إلى هذا الملف جيمس جيفري الذي لا يزال مقتنعاً مع نائبه جويل روبرن ووزير الخارجية مايكل بومبيو بسياسة «الضغط الأقصى» على دمشق. أيضاً، روباك كان عمل مع بريت ماغورك الذي عاد قبل أيام إلى مكتب الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، وله مقاربة مختلفة عن سلفه، تقوم على «الانخراط». ويعرف جيداً المسؤول الأميركي والأممي السابق جيفري فيلتمان أحد المرشحين لشغل منصب المبعوث الأميركي إلى سوريا، وأحد الذين اقترحوا مقاربة «خطوة - خطوة» و«انخراطاً مشروطاً شفافاً» مع دمشق.
- لا دولة كردية
يقول روباك، الذي يعرف جيداً الأوضاع الميدانية والسياسية شرق الفرات ودور التحالف الدولي و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) ضد «داعش» وساهم برعاية الحوار الكردي - الكردي، إن الأوضاع في هذه المنطقة تختلف عن إقليم كردستان العراق، و«ما قلناه وفعلنا وعلاقتنا مع قوات سوريا الديمقراطية، كان واضحاً: أننا لا ندعم قيام دولة كردية هناك ولا نعتقد أن (العمل على قيامها) سيكون مقاربة بناءة. التحالف جاء لهزيمة داعش، وقسد تقوم بذلك بكفاءة. قدمنا بعض المساعدات لدعم حياة السوريين هناك، وساعدنا المجالس المحلية التابعة للإدارة الذاتية لتحسين عملها، وقدمنا مساعدات (عسكرية) لتعزيز دور قسد ضد داعش، وليس للسيطرة على شمال شرقي سوريا.
ومن الأمور الأخرى التي قام بها الجانب الأميركي وخصوصاً المبعوث السابق جيمس جيفري هو التحدث لتركيا لشرح «نوايا» واشنطن شرق الفرات. وقال روباك: «إن نصائحنا لقسد دائماً كانت: استمرار العلاقة مع أميركا والتحالف في الحرب ضد داعش وتوفير الأمن شمال شرقي سوريا وإجراءات بناء ثقة وعدم القيام بأي استفزاز لتركيا، مثل بناء دولة أو استعمال آيديولوجية معينة أو رموز أوجلانية»، في إشارة إلى زعيم «حزب العمال الكردستاني»، عبد الله أوجلان. لكنه قال إن أميركا «لا تعتبر قوات سوريا الديمقراطية جزءاً من حزب العمال الكردستاني، بل هي جزء من الحرب ضد داعش».
وتسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» على حوالي ربع مساحة سوريا الإجمالية (البالغة 185 ألف كلم مربع) و80 في المائة من الثروات الطبيعية والنفط والغاز وأكبر سدود في البلاد. ولديها حوالي مائة ألف مقاتل بما في ذلك عناصر شرطة وحواجز ثابتة. وتنتشر أميركا في عدد كبير من المراكز والقواعد وخصوصاً في القسم الشرقي من شرق الفرات ولديها جنود آخرين في قاعدة التنف على الحدود السورية - الأردنية - العراقية. ويساهم في العمليات بطرق مختلفة بينها المراقبة والقصف الجوي، بعض دول التحالف الدولي الذي يضم 83 دولة ومنظمة (بينها 79 دولة).
- أهداف وأدوات... وعقبات
وحسب السفير الأميركي السابق، فإن أميركا حددت قبل سنوات أهدافها في سوريا، بخمسة، هي: أولاً، هزيمة «داعش» ومنع عودته. ثانياً، دعم مسار الأمم المتحدة لتنفيذ القرار الدولي 2254. ثالثاً، إخراج إيران من سوريا. رابعاً، «منع نظام (الرئيس بشار) الأسد من استعمال أسلحة الدمار الشامل والتخلص من السلاح الكيماوي». خامساً، الاستجابة للأزمة الإنسانية ورفع المعاناة عن الشعب السوري داخل البلاد وخارجها.
ولتحقيق هذه «الأهداف» في سوريا، امتلكت أميركا عدداً من «الأوراق والأدوات»، تشمل: أولاً، الوجود الأميركي المحدود في القسم الشرقي من شمال شرقي سوريا قرب ثروات النفط والغاز وحدود العراق. يتراوح عدد القوات الأميركية بين 500 و800 من جنود ومتعاقدين. ثانياً، دعم «قسد» وشركاء محليين بعددهم (100 ألف) وعدتهم، حيث يسيطرون على تلك المنطقة الاستراتيجية ومواردها وطرقها. ثالثاً، «العقوبات الاقتصادية ضد النظام». رابعاً، التحالف الدولي ضد «داعش»، حيث يوفر منصة نفوذ دبلوماسية دولية. خامساً، التأثير عبر الأمم المتحدة الذي سعت الصين وروسيا لمواجهته.
وإلى «أدوات النفوذ» هذه، هناك «أدوات عرقلة»، حسب روباك، تشمل: أولاً، «وقف أو تبطيء» جهود التطبيع العربي أو الأوروبي مع دمشق. ثانياً، وقف إعمار سوريا ومساهمة دول عربية وأوروبية في ذلك قبل تحقيق «الأهداف».
أيضاً، هناك «أدوات ضغط»، تشمل «الغارات الإسرائيلية للضغط على النظام والوجود التركي في شمال غربي سوريا لمنع سيطرة النظام عليها»، حسب روباك. لكنه استدرك: «ما فعلته تركيا بين رأس العين وتل أبيض شرق الفرات، يطرح سؤالاً: هل الوجود التركي أداة ضغط أميركية أم لا؟».
- مراجعة متأنية
قال روباك، إنه في ضوء تحديد هذه «الأهداف» و«الأدوات»، فإن فريق الرئيس بايدن يقوم بمراجعة السياسة للإجابة عن أمور محددة: «هل سوريا أولوية للإدارة؟ هل أهدافنا لا تزال نفسها؟ هل لدينا أدوات لتحقيق الأهداف؟ ما هي التكلفة الإنسانية للسوريين إذا حافظنا على السياسة أو غيرناها؟». يضاف إلى ذلك، ما هي المحددات القانونية في أميركا باعتبار أن «قانون قيصر» الذي يفرض عقوبات لا ترفع إلا بشروط معينة، صدر من الكونغرس بموافقة الحزبين، الديمقراطي والجمهوري. وزاد أنه بالنسبة إلى «أولوية الحفاظ على هزيمة داعش وتوفير الأمن شرق سوريا»، يمكن لأميركا أن تحققها عبر دعم «الاستمرار في الوضع الراهن» وما يسمـى بـ«الجمود الممدد»، مع الحفاظ على الوجود العسكري وهو «استثمار كبير بتكلفة قليلة غير ضاغطة على واشنطن.
في ضوء ذلك، «ليست هناك عجلة في الإجابة عن الأسئلة. فريق بايدن، لديه الوقت الكافي للوصول إلى سياسة والإجابة عن الأسئلة». وإلى حين ذلك، قد تتجه الأمور إلى «الإبقاء على الوضع الراهن» عبر توفير الدعم لـ«قسد» مع إجراء بعض التغييرات مثل: أولاً، إلغاء قانون تجميد الأموال المخصصة لـ«دعم الاستقرار» شرق سوريا، التجميد الذي كان اتخذه الرئيس دونالد ترمب لعامي 2018 و2019، هذا القرار الذي أوقف صرف واشنطن حوالي 300 مليون دولار أميركي، عوضته دول عربية وخليجية بتوفير 600 مليون دولار في سنتين. ثانياً، إعادة تعريف «الاستقرار» لأن التعريف القانوني الأميركي السابق عرقل كثيراً من وسائل الدعم. مثلاً بالإمكان المساهمة بـ«ترميم مدرسة» لكن لا يمكن «بناء مدرسة». ثالثاً، «الذهاب إلى حلفائنا الدوليين والإقليميين للتشاور معهم إزاء الأسئلة قبل إعلان السياسة والتغييرات».
- ما هي السياسة المتوقعة؟
سئل روباك، الذي يعمل منذ عودته من شرق سوريا ليعمل في مركز أبحاث عن الخليج، عن تقديره لاتجاهات السياسة الجديدة، فأجاب: «لا بد من النظر بدقة إلى مصالح أميركا الحقيقية والأدوات الفعلية التي نملكها، وتكلفة ذلك على السوريين: ماذا نريد؟ ما هي أدواتنا؟ ما هي تكلفة ذلك على الشعب السوري؟». وزاد: «سوريا كبيرة جدا في موقع مهم تجاور دول حليفة لنا. نريد حكومة فاعلة لا تسمح بوجود جيوب أو مناطق يعمل فيها داعش ويخطط لهجمات أو أشياء خطرة ضد مصالحنا». وزاد: «من السهل الاستمرار بالسياسة الأميركية في المدى المنظور، لكن قدوم إدارة أميركية جديدة يعطي فرصة في واشنطن، لإعادة تقييم سياستنا إزاء سوريا والتشاور مع حلفاء أميركا إزاء الخطوات المقبلة».
هل استمرار الوضع الراهن يعني أيضاً الوجود شمال شرقي سوريا والاعتراف بالكيان الموجود و«الإدارة الذاتية»؟، أجاب روباك الذي أقام طويلاً في عين العرب (كوباني) والحسكة: «هذه ليست دولة. هي غير مستقرة. إنها إجراءات مؤقتة لمحاربة داعش. الوجود الأميركي مهم، كي تستمر هذه الإجراءات. لكن الترتيبات ليست دائمة دون الوجود العسكري الأميركي. لا مخاطر على وجودنا (لا انسحاب أميركيا) في الأشهر الثلاثة المقبلة والمدى المنظور، لكن لن نبقى إلى الأبد في شمال شرقي سوريا».
وأشار إلى أن الفريق الأميركي في الإدارة السابقة، «دعم» قيام «قسد» وجناحها السياسي «مجلس سوريا الديمقراطي» باتخاذ الخطوات الضرورية اللازمة لبقائهم «حتى لو تضمن ذلك مناقشات (مفاوضات) مع النظام. جرت جولات لم تؤد إلى نتيجة إلى الآن. لكننا شجعناهم ونشجعهم على القيام بما يخدم مصلحتهم».



«الصليب الأحمر»: الوضع في غزة مروّع... ولن نكون بديلاً لـ«أونروا»

حثّّت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي لاعتماد قواعد ملزمة قانوناً بشأن منظومات الأسلحة ذاتية التشغيل (الصليب الأحمر)
حثّّت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي لاعتماد قواعد ملزمة قانوناً بشأن منظومات الأسلحة ذاتية التشغيل (الصليب الأحمر)
TT

«الصليب الأحمر»: الوضع في غزة مروّع... ولن نكون بديلاً لـ«أونروا»

حثّّت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي لاعتماد قواعد ملزمة قانوناً بشأن منظومات الأسلحة ذاتية التشغيل (الصليب الأحمر)
حثّّت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي لاعتماد قواعد ملزمة قانوناً بشأن منظومات الأسلحة ذاتية التشغيل (الصليب الأحمر)

وصفت ميريانا سبولياريتش، رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في حوار شامل مع «الشرق الأوسط»، الوضع الإنساني في غزة بأنه «مروّع»، وأشارت إلى أن الأولوية في سوريا تتركز على تلبية احتياجات عشرات الآلاف من العائلات التي لا تزال تبحث عن أحبائها المفقودين.

وأكدت سبولياريتش أن السعودية تُعدّ مساهماً رئيساً في مجال المساعدات الإنسانية، مشيرة إلى أن «اللجنة الدولية للصليب الأحمر تتلقى دعماً مهماً من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لجهودها في الشرق الأوسط والسودان، هذا التمويل يُمكّن فرقنا الميدانية من تقديم مساعدات إنسانية تنقذ الأرواح».

ميريانا سبولياريتش خلال استقبال وزير الخارجية السعودي لها في الرياض نوفمبر الماضي (الصليب الأحمر)

وقالت: «اختتمت زيارة مثمرة إلى المملكة استمرت لمدة يومين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وشكلت هذه الزيارة فرصة قيّمة للتأكيد على أهمية العمل الإنساني وتعزيز احترام القانون الدولي الإنساني؛ بهدف تخفيف المعاناة في مناطق النزاعات حول العالم، بالإضافة إلى ذلك، انضمت المملكة إلى مبادرة أطلقتها اللجنة في سبتمبر (أيلول) الماضي، تهدف إلى حشد الدعم السياسي للقانون الدولي الإنساني، ونأمل أن تشكل مشاركتها مصدر إلهام للدول الأخرى للانضمام والمساهمة في هذه المبادرة».

تحديات القانون الدولي الإنساني

رأت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن القانون الدولي الإنساني يواجه تحديات كبيرة، ويجب على العالم أن يؤكد على وجه السرعة التزامه بهذا الإطار الحيوي الوقائي للنزاعات المسلحة الذي يهدف إلى إنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة، ومع ذلك، فإن تحويل هذه القوانين إجراءات ذات مغزى يتطلب التزاماً سياسياً متجدداً، على حد تعبيرها.

تقول سبولياريتش إن النزاعات والصدمات المناخية المتكررة تركت الكثير من المجتمعات عالقة في صراع مستمر من أجل البقاء (الصليب الأحمر)

وقالت: «لهذا السبب؛ أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالتعاون مع البرازيل والصين وفرنسا والأردن وكازاخستان وجنوب أفريقيا، مبادرة عالمية في سبتمبر (أيلول) تهدف إلى تعزيز تنفيذ القانون الدولي الإنساني، وكما أسلفت انضمت السعودية مؤخراً إلى المبادرة، ونحن نقدّر بشدة دعمها».

ولفتت إلى أن «صوت السعودية مهم في تعزيز دعم القانون الدولي الإنساني، وقد تجلى ذلك بوضوح من خلال استضافة المملكة (إعلان جدة) بشأن أزمة السودان، وهي مبادرة مهمة تهدف إلى تشجيع أطراف النزاع على التمسك بالقانون الدولي الإنساني».

أضافت: «لا يتعلق الأمر بإنشاء قواعد جديدة، لكن إظهار كيف يمكن تطبيق القواعد الحالية بشكل أكثر فاعلية لتلبية متطلبات النزاعات المعقدة اليوم، نريد أن نعمل بشكل جماعي لإيجاد حلول عملية للقضايا الملحة مثل حماية المدنيين، والبنية التحتية الأساسية، ومعالجة الآثار الإنسانية للتقنيات الناشئة في الحرب، التي ترمي في جوهرها إلى رأب الانقسامات في عالم يشهد انقساماً متزايداً وإيجاد أرضية مشتركة للحفاظ على البشرية في الحروب».

فلسطينيان يتفقدان الأضرار في موقع غارة إسرائيلية بدير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

الوضع في غزة مروع

وصفت سبولياريتش الحالة الإنسانية في غزة بأنها لا تطاق، وقالت: «شهدنا الخسائر البشرية الفادحة العام الماضي من النزاع في غزة، حيث تمزقت العائلات، وتحطمت الأرواح، ودُمرت البنية التحتية الحيوية، كما أن نظام الرعاية الصحية يقترب من الانهيار».

وحثت جميع الأطراف على التمسك بالقانون الدولي الإنساني، من خلال حماية المدنيين والبنية التحتية الحيوية وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ويجب على الدول ألا تقبل التفسيرات المتساهلة للقانون الدولي الإنساني التي تهدد بإعاقة فاعليته بصفته قوة وقائية في النزاعات المسلحة.

وقالت: «يجب أن نتذكر أيضاً العائلات التي انفصلت عن أحبائها أو تبحث عن أولئك الذين ما زالوا في عِداد المفقودين، لقد مرّ أكثر من 400 يوم منذ تمزُّق العائلات واحتجاز الرهائن، وقد دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر باستمرار إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن، على النحو المطلوب بموجب القانون الإنساني الدولي، يجب السماح لنا بزيارة المحتجزين بصفتهم رهائن، والتحقق من سلامتهم، وإعادة ربطهم بعائلاتهم، وفي حين أن عملنا في هذا المجال قد لا يكون مرئياً دائماً، فإننا لا نزال ثابتين في جهودنا».

ودعت الدول وأطراف النزاع المعنية إلى بذل «جهود دبلوماسية حازمة لدعم سلامة المدنيين وكرامتهم، وضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين، وتأمين الإفراج الآمن عن جميع الرهائن. كل هذا مكرَّس في القانون الدولي الإنساني، وإذا تم التمسك به، يمكن أن ينقذ الأرواح ويمهد الطريق لخفض التصعيد والسلام الذي تحتاج إليه هذه المنطقة بشكل عاجل».

موظف تابع لمنظمة «أونروا» أثناء توزيع ملابس شتوية في خانس يونس (أونروا)

لن نكون بديلاً لـ«أونروا»

شددت سبولياريتش على أنه «ليس لدى اللجنة الدولية أي نية لتحل محل (أونروا)، ولا يمكننا ذلك، أدوارنا متمايزة، تركز اللجنة الدولية على توفير الحماية والمساعدة لضحايا النزاع بناء على الاحتياجات الإنسانية فقط، وفي حين تعمل بطريقة تكاملية في الكثير من مجالات الاستجابة الإنسانية، فإن المنظمة الوحيدة القادرة على أداء عمل (أونروا) هي (أونروا) نفسها».

وقالت: «الحالة الإنسانية في غزة مروّعة، ولا تزال الأعمال العدائية مستمرة، ولا تصل المساعدات إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها، النظام الحالي بالفعل لا يستطيع ببساطة تلبية النطاق الهائل للاحتياجات، ولا يستطيع المدنيون تحمل تكاليف تخفيض الخدمات التي ما زالوا يتلقونها، وفي هذه الحالة الكارثية أصلاً، يعدّ تجنب المزيد من الاضطرابات في المساعدة الإنسانية أمراً بالغ الأهمية».

صورة جوية لسجن صيدنايا قرب دمشق (أ.ف.ب)

الأولوية في سوريا

قالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن سوريا: «في هذه اللحظة الانتقالية، من الأهمية بمكان التمسك بالقانون الدولي الإنساني حتى تتم حماية المدنيين، ووصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، والحفاظ على الإنسانية، وهذا يساعد على إرساء الأساس للسلام والاستقرار اللذين يحتاج إليهما السوريون ويستحقونهما».

أضافت: «من الأهمية بمكان أيضاً إعطاء الأولوية لاحتياجات عشرات الآلاف من العائلات التي تبحث عن أحبائها المفقودين، يجب الحفاظ على أي سجلات يمكن أن تحتوي على معلومات حول مصير ومكان وجود المفقودين وحماية المقابر.

وأوضحت أنه منذ بداية النزاع، سجلت اللجنة الدولية، بالتعاون مع «شركائنا» في جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، 35 ألف حالة لأشخاص فُقدوا في سوريا، نحن نعلم أن الأرقام من المحتمل أن تكون أكبر بكثير. يعدّ حل حالات المفقودين أمراً معقداً وقد يستغرق سنوات في كثير من الأحيان، لكننا ملتزمون بدعم العائلات في بحثهم عن إجابات.