شخصيات بارزة في دمشق «ترقص» من البرد وتنتقد «تحالف» الفساد والعقوبات

مسؤول نقابي يدعو لانتخاب الأسد «للحفاظ على الكيان السوري»

رجل يعرض منتجاته في معرض للعسل في دمشق في 18 الشهر الماضي (إ.ب.أ)
رجل يعرض منتجاته في معرض للعسل في دمشق في 18 الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

شخصيات بارزة في دمشق «ترقص» من البرد وتنتقد «تحالف» الفساد والعقوبات

رجل يعرض منتجاته في معرض للعسل في دمشق في 18 الشهر الماضي (إ.ب.أ)
رجل يعرض منتجاته في معرض للعسل في دمشق في 18 الشهر الماضي (إ.ب.أ)

انضمت شخصيات بارزة في دمشق إلى باقي السوريين والفقراء في الشكوى من البرد وتراجع مستوى الحياة المعيشية في مناطق سيطرة الحكومة السورية.
وكشفت الفنانة السورية منى واصف عن معاناتها من البرد القارس. وقالت في حديث إلى إذاعة محلية هو الأول بعد عام كامل من الانقطاع عن الإعلام، إنها تعيش المأساة فيها ليست منفصلة عن الناس. وزادت: «أنا بردانة»، وأنها تقضي وقتاً طويلاً في البرد خلال انقطاع التيار الكهربائي وفقدان مادتي الغاز والوقود.
وعن طريقة حماية نفسها من البرد داخل البيت، قالت إنها ترتدي قبعة وعدداً من السراويل والكنزات، مشيرة إلى تقدمها بالعمر وازدياد شعورها بالبرد.
وتحدثت منى واصف، عن طوابير البنزين والخبز وازدياد الفقر والسرقات، ووجود فاسدين قالت إنها لا تملك سوى مواساة الناس الذين يتصلون بها لبث همومهم معتبرينها بمقام الأم التي لا حيلة لها سوى سماعهم، مؤكدة تمسكها بالبقاء في دمشق فقد سبق عاشت حربي 1967 و1973. ومع أن «هذه الحرب هي الأصعب لن تغادر، لأن البلاد ليست فندقاً. عم نعيش... أنا خلال سنوات الحرب عانيت كثيراً لكنني من المؤمنين بالأمل وأن غداً أحلى. هذه الأوضاع ليست دائمة».
يذكر أن منى واصف ولدت عام 1942 في دمشق، وبدأت مسيرتها عام 1960. وهي عضو في نقابة الفنانين السوريين منذ 1 مارس (آذار) 1968، وشاركت خلال مسيرتها الفنية في أكثر من 200 عمل في السينما والتلفزيون.
ومن أبرز محطات منى واصف السينمائية فيلم «الرسالة»، الذي أُنتج عام 1976. بينما من أبرز أعمالها الدرامية: «أسعد الوراق» عام 1975 و«عز الدين القسام» 1982 و«الخشخاش» 1991 و«ليالي الصالحية» 2004 و«باب الحارة» 2007 و«زمن العار» 2010 و«الولادة من الخاصرة» 2011 و«ياسمين عتيق» 2013 و«الغربال» 2014 و«العراب تحت الحزام» 2016 و«الهيبة - الرد» 2020.
ومنى واصف هي زوجة المخرج محمد شاهين الذي توفي عام 2004 ولها منه ابن وحيد وهو «عمار» من المعارضين السوريين ويقيم في الولايات المتحدة.
سبق وعبر عن ازدياد المعاناة من البرد في الشتاء بسبب تفاقم أزمات توفر الكهرباء والمحروقات، الفنان الممثل بشار إسماعيل في روايته لتفاصيل حياته اليومية في دمشق. إذ تقدم في أحد منشوراته بالشكر لوزارة النفط ووزارة الكهرباء لمنحه فرصة «الإبداع في تعلم كافة أنواع وأشكال الرقص ابتداءً من الباليه والسامبا والرمبا وانتهاء بالرقص الشرقي»، ذلك بسبب تعرضه للبرد واضطراره للاستحمام بماء بارد جداً بعد شهر من الانقطاع عن الحمام. وبعد انتهاء الحمام ظل يرتجف لخلو بيته من أي وسيلة تدفئة «لم ينتهِ النهار حتى أصبحت خبيراً بالرقص».
من جهته، أقر نقيب الفنانين زهير رمضان بتردي الوضع الاقتصادي في سوريا، قائلاً إن ما يعيشه السوريون «ليس حرباً اقتصادية» وإنما «خنق اقتصادي». وقال إن كثيراً من السلع والمواد الأساسية التي كانت متوفرة حين كانت الحرب على أشدها والقذائف تنهمر على دمشق، هي اليوم مفقودة بسبب «الضغط على سوريا كي تطبع مع إسرائيل».
ووجد رمضان في هذا «الخنق الاقتصادي» حافزاً كبيراً كي يلتف الفنانون السوريون حول الرئيس بشار الأسد في الاستحقاق الانتخابي المقبل. وطلب في مؤتمر صحافي قبل يومين من الفنانين السوريين كي يروجوا عبر حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي شعار: «لماذا الأسد؟ خيارنا الأسد»، موضحاً أن «هذا نوع من الوفاء ورد الدين للقائد الذي وقف إلى جانب البلاد خلال الحرب وأنه الضامن الوحيد للكيان السوري والجمهورية السورية».
وسبق للممثل فراس إبراهيم، أن شن الشهر الماضي هجوماً على الحكومة والمسؤولين في حسابه على «فيسبوك»، قائلاً: «يحرموننا من أبسط مقومات الحياة من ماء وكهرباء ووقود وغاز وخبز ورعاية صحية»، وأضاف أن «الهدف هو ألا يتبقى لدى السوريين أي هوامش للتفكير بأي شيء آخر غير الركض لتأمين أبسط مستلزمات العيش الآدمي».
وكان وزير النفط والثروة المعدنية بسام طعمة قد كشف في جلسة لمجلس الشعب السوري أن أكثر من 2.2 مليون عائلة لم تستلم مازوت التدفئة أي بنسبة 60 في المائة من العوائل لم تحصل على المادة، وأن نسب الأسر المستفيدة في دمشق 20 في المائة وريفها 26 في المائة وحلب 18 في المائة، بينما في محافظة السويداء 93 في المائة من الأسر تسلمت مازوت التدفئة لأنه بقي التوزيع فيها بنسبة ثابتة. ورداً على موضوع توزيع الغاز المنزلي بحسب عدد أفراد الأسرة، أي كما يتم توزيع الخبز أكد طعمة أن الموضوع يدرس لأن من لديه ولدين ويحصل على أسطوانة ليس مثل الذي لديه أكثر في عدد الأولاد.
وتخصص الحكومة السورية 100 لتر مازوت للتدفئة بالسعر المدعوم 185 ليرة سورية، يجري تسليمها على دفعتين خمسين لتر كل دفعة، في حين يتراوح سعر اللتر في السوق السوداء ما بين 1000 و1300 ليرة. علماً بأن تشغيل المدفأة لست ساعات يحتاج إلى خمسة لترات من المازوت. ومع ارتفاع معدلات الفقر إلى نسبة تتجاوز الـ85 في المائة فإن الغالبية العظمى من السوريين تعاني من البرد الشديد في ظل ازدياد ساعات تقنين الكهرباء لتصل إلى عشرين ساعة يومياً في معظم المناطق عدا مركز العاصمة الذي تصل فيه ساعات التقنين إلى 12 ساعة يومياً.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.