الجزائر: دعوات لإقالة وزير العدل بعد اتهام الأمن بتعذيب ناشط

TT

الجزائر: دعوات لإقالة وزير العدل بعد اتهام الأمن بتعذيب ناشط

في بلدة «آث مسعود»، كبرى مناطق أمازيغ الجزائر (شرق العاصمة)، يتوافد منذ أسبوع العديد من الأشخاص على بيت الشاب وليد نقيش الشاب، تعبيراً عن تضامنهم معه، بعد أن صرح للقضاء بأن جهاز الأمن الداخلي عذبه خلال فترة احتجازه عام 2019. وقال محامو نقيش، الذي غادر السجن في ختام محاكمة مثيرة، إنهم رفعوا شكوى للنيابة للمطالبة بالتحقيق في القضية. في وقت ظهرت فيه مطالب بإقالة وزير العدل.
وقال سعيد صالحي، نائب رئيس «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، إن الشكوى «ينبغي أن تأخذ مجراها... وينبغي احترام القانون، والقضاء يجب أن يقول كلمته». مبرزاً أن الحقوقيين «يترقبون رد فعل من النيابة ومن السلطات العمومية، خاصة من وزير العدل».
من جهتها، طالبت زبيدة عسول، المحامية التي تدافع عن معتقلي الحراك، ورئيسة حزب «الاتحاد من أجل التغيير والرقي»، بـ«استقالة أو إقالة وزير العدل بصفته المسؤول السياسي عن القضاء، كما أنه لم يتخذ أي إجراء لإثبات سيادة القانون في وقائع خطيرة، وصلت بصفة رسمية إلى علم النائب العام، ولم يحرك ساكناً بشأنها».
وروى الطالب الجامعي نقيش تفاصيل ما جرى له في مقار الأمن الداخلي، خلال 7 أيام، وهي فترة التحقيقات الأولية معه بخصوص وقائع كانت سبباً في اتهامه بـالانتماء إلى تنظيم انفصالي بالقبائل (شرق)، وبـ«تشجيع شباب الحراك على حمل السلاح ضد السلطات». كما نسب له «التخطيط لإفشال تنظيم انتخابات الرئاسة»، التي جرت في نهاية 2019. وقال نقيش، خلال محاكمته بداية الشهر الجاري، إن اعترافه بهذه الوقائع «تم افتكاكه تحت التعذيب»، مؤكداً أنه تعرض لاعتداء جنسي خلال فترة استجوابه.
واستعاد نقيش حريته بعد أن أدانته محكمة الجنايات بالعاصمة بالسجن لمدة عام، منها 6 أشهر نافذة، وقضى 14 شهراً في السجن وصفها بأنها «كانت بمثابة جحيم». كما قال إنه اعتقل خلال مظاهرة بالعاصمة، من دون أن يعرف السبب. وفي يوم اعتقاله بثت فضائيات خاصة خبراً، مفاده أن جهاز الأمن اعتقل شخصاً «له ارتباطات بحركة الحكم الذاتي بمنطقة القبائل»، وأنه تم العثور على منشورات بحوزته، «تحرض على نشر العنف وسط الحراك، بغرض إبعاده عن طابعه السلمي». وهو ما نفاه بشدة خلال جلسة المحاكمة التي التمس فيها ممثل النيابة السجن مدى الحياة بحقه.
ويجري تداول تهمة «التعذيب» ضد الأمن منذ أيام، من دون أن يصدر رد فعل عن الجهة المعنية، ولا عن وزير العدل بلقاسم زغماتي، باعتباره مسؤولاً قانوناً عن السجون التي تتبع لكل الأجهزة الأمنية، ولا عن النيابة بالجزائر العاصمة باعتبارها المسؤولة عن سلامة المساجين في أماكن الحجز تحت النظر.
كما أن «المجلس الوطني لحقوق الإنسان»، الذي يتبع للرئاسة، لم يتفاعل مع القضية.
وبدا وزير العدل محرجاً ومتهرباً من الصحافيين، حتى لا يسألوه في الموضوع، الخميس الماضي، عندما زار مقر محكمة الاستئناف الجديد بقسنطينة (500 كلم شرق). وفي العادة يتعامل زغماتي بحساسية شديدة مع شكاوى «انتهاك حقوق المساجين»، التي تنشر في الصحافة وفي شبكة التواصل الاجتماعي. وقبل شهر كان قد رد بحدة على احتجاج الناشط السياسي البارز رشيد نكاز، بخصوص «تجاوز المدة القانونية للحبس الاحتياطي»، نافياً صحة ذلك.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.