ارتياب حوثي من تصريحات بايدن و«الشرعية» تجدد التزامها سلاماً وفق المرجعيات

مقاتلون تابعون للحوثيين في أحد تجمعات الجماعة في صنعاء (رويترز)
مقاتلون تابعون للحوثيين في أحد تجمعات الجماعة في صنعاء (رويترز)
TT

ارتياب حوثي من تصريحات بايدن و«الشرعية» تجدد التزامها سلاماً وفق المرجعيات

مقاتلون تابعون للحوثيين في أحد تجمعات الجماعة في صنعاء (رويترز)
مقاتلون تابعون للحوثيين في أحد تجمعات الجماعة في صنعاء (رويترز)

استقبلت الميليشيات الحوثية تصريحات الرئيس الأميركي جوزيف بايدن حول اليمن بارتياب وتحفظ، في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة اليمنية ترحيبها بالتصريحات الرامية إلى وقف الحرب وإحلال السلام، وقالت إنها ملتزمة بتحقيق ذلك بالاستناد إلى المرجعيات الثلاث، بما فيها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمها القرار (2216).
كان الرئيس الأميركي بايدن قد أوضح (الخميس)، في خطاب له، ملامح السياسة الخارجية لبلاده، حيث أشار إلى توقف بلاده عن دعم العمليات العسكرية في اليمن، مع التزامه بحماية حلفاء بلاده في المنطقة من الأعمال العدائية المدعومة من إيران.
وقالت الخارجية اليمنية، في بيان، إن الحكومة ترحب بتعيين الرئيس الأميركي تيموثي ليندركينغ مبعوثاً خاصاً لليمن، وأكدت أن ذلك «يعد خطوة أخرى مهمة تتخذها الولايات المتحدة ضمن مساعيها الداعمة المساندة للحكومة والشعب اليمني لإنهاء الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران».
وجددت الحكومة اليمنية التزامها التام بالعمل مع تحالف دعم الشرعية وأعضاء المجتمع الدولي للتوصل إلى حل سياسي يجلب السلام الشامل المستدام في اليمن، ويستند إلى المرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وعلى وجه الخصوص القرار (2216).
وفي الوقت الذي يطمح فيه اليمنيون إلى طي 6 سنوات من الحرب التي أعقبت انقلاب الميليشيات الحوثية على التوافق الوطني، واستعادة صنعاء مجدداً للمسار الانتقالي، استقبلت الجماعة الحوثية التصريحات الأميركية بمزيد من الريبة والشك.
وفي أول تعليق على التوجه الأميركي الجديد لإدارة بايدن، قال القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي، وهو الحاكم الفعلي لمجلس حكم الانقلاب في صنعاء، إن أي تحرك لا يحقق نتائج على الأرض لجهة وقف العمليات العسكرية ضد جماعته، ورفع القيود المفروضة على المنافذ التي تتحكم بها، سيعد «أمراً شكلياً لا يلتفت إليه»، بحسب زعمه.
وتأكيداً للارتياب الذي يساور الجماعة من التصريحات الأميركية، أضاف الحوثي في تغريدة على «تويتر»: «لسنا ممن تخدعه التصريحات كيف ما كانت».
وعلى المنوال نفسه، أطلق المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام فليتة الذي يعد وزير خارجية الجماعة الفعلي تصريحات مماثلة، تعليقاً على خطاب بايدن، إلا أنه زاد عليها تأكيد أن جماعته لن توقف إطلاق صواريخها إلا بعد توقف العمليات العسكرية ضدها، ورفع قيود المراقبة على الموانئ الخاضعة لها.
وعلى صعيد متصل، رحب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، من جهته هو الآخر، بتعيين ليندركينغ مبعوثاً أميركياً إلى اليمن، بحسب ما جاء في تغريدة لمكتبه على «تويتر».
وقال غريفيث: «إنها خطوة إيجابية نحو تعزيز الانخراط الدولي والدبلوماسي. إنني أتطلع إلى العمل مع المبعوث الأميركي الجديد من أجل إعادة اليمن إلى مسار السلام».
وكان ليندركينغ يشغل منصب مساعد نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الخليج العربي. ولجهة اطلاعه على ملفات المنطقة، يبدو أن إدارة بايدن تراهن عليه للمساعدة في إيجاد مخرج للأزمة اليمنية.
يشار إلى أن إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب كانت قد أدرجت الجماعة الحوثية ضمن الجماعات الإرهابية، وبدأ سريان القرار في 19 يناير (كانون الثاني)، غير أن إدارة بايدن أعلنت أنها بصدد مراجعة القرار، شأنه في ذلك شأن كثير من القرارات التي اتخذتها الإدارة السابقة.
وفي الوقت الذي لاقت فيه تلك الخطوة السابقة من واشنطن ترحيباً يمنياً وخليجياً، على أمل أن يقود ذلك إلى الضغط على الجماعة للتوقف عن أعمالها الإرهابية، والاستجابة لمساعي السلام، يبدي الشارع السياسي اليمني كثيراً من القلق حول جدية الإدارة الجديدة في التصدي للمشروع الإيراني، وإرغام الحوثيين على القبول بتسوية تنهي الانقلاب.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.