انقسام أميركي بشأن إدانة الرئيس السابق

فريق الدفاع عن ترمب يتهم الادعاء الديمقراطي بالسعي لـ«عرض مسرحي»

جانب من جلسة سبقت التصويت على طرد نائبة من لجنتين في مجلس النواب (رويترز)
جانب من جلسة سبقت التصويت على طرد نائبة من لجنتين في مجلس النواب (رويترز)
TT

انقسام أميركي بشأن إدانة الرئيس السابق

جانب من جلسة سبقت التصويت على طرد نائبة من لجنتين في مجلس النواب (رويترز)
جانب من جلسة سبقت التصويت على طرد نائبة من لجنتين في مجلس النواب (رويترز)

طغت التجاذبات السياسية على محاكمة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل بدئها، وتبادل فريقا الادعاء والدفاع اتهامات حادّة قبيل بدء إجراءات المساءلة مطلع الأسبوع المقبل.
فقد قابلت دعوة فريق الادّعاء الديمقراطي لترمب بالمثول في جلسات المحاكمة للإدلاء بإفادته، رفضاً قاطعاً من فريق الدفاع الذي وصف هذه الدعوة بـ«محاولة لاستقطاب الانتباه». واعتبر محاميا ترمب، بروس كاستور ودايفيد شون، أن سعي الديمقراطيين لاستدعاء ترمب يدلّ على أنهم لن يتمكنوا من تثبيت التهم ضده.
وتابع المحاميان في ردّهما المكتوب أن «استعمال دستورنا لعقد إجراءات عزل بهذا الشكل أهم من أن نوظف هذه الألاعيب»، وذلك في إشارة إلى سعي فريق الدفاع إلى التركيز بشكل أساسي على حجة عدم دستورية المحاكمة، بدلاً من التطرق إلى مسؤولية ترمب في التحريض على اقتحام الكابيتول.
ويبدو من الواضح أن الرئيس الأميركي السابق لن يتجاوب طوعاً مع مطالب الديمقراطيين بتقديم إفادته تحت القسم، لتطرح بذلك إمكانية تصويت مجلس الشيوخ لاستدعائه قسراً. لكن مصير هذا التصويت شبه محسوم حتى قبل طرحه، فالانقسامات العميقة بين الجمهوريين والديمقراطيين في موضوع المحاكمة، إضافة إلى التعادل بين الحزبين من حيث الأصوات، سيقضيان على حظوظ تمرير أي طرح من هذا النوع. كما أن المشرعين من الحزبين أعربوا في أكثر من مناسبة عن تفضيلهم للإسراع بإجراءات المحاكمة، وإنهائها من دون استدعاء أي شهود.
ولم يحسم مجلس الشيوخ حتى الساعة، موضوع استدعاء شهود خلال المحاكمة، إذ إن المجلس يصوّت عادة على الأطر التنظيمية لمحاكمة العزل في اليوم الأول من عقدها، وهو في التاسع من فبراير (شباط). وتحدد هذه الأطر توقيت عرض الحجج من طرفي الدفاع والادعاء، وموضوع استدعاء شهود، إضافة إلى توقيت طرح الأسئلة من المشرعين على الفريقين.
وقد قوبل رفض ترمب تقديم إفادته أمام مجلس الشيوخ بارتياح من قبل بعض الديمقراطيين، إذ اعتبر السيناتور الديمقراطي كريس كونز أن دعوة ترمب للحديث أمام المجلس «هي فكرة سيئة للغاية». ولدى سؤاله عن السبب أجاب كونز: «هل التقيتم بالرئيس ترمب؟»، ووافقه زميله جو مانشين، معتبراً أن وجود ترمب «سيحول المحاكمة إلى عرض مسرحي».
من ناحيتهم، انتقد الجمهوريون محاولات فريق الادعاء استدعاء الرئيس الأميركي السابق، ووصفها السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام بالمناورة السياسية، فيما اعتبر السيناتور تيد كروز أنهم «يسعون لتحويل المحاكمة إلى مسرحية».
وفيما سلّط البعض الضوء على المصير شبه المحسوم للمحاكمة بعد تصويت مجلس الشيوخ التجريبي الشهر الماضي، الذي دل على أن المجلس لن يدين ترمب، انتقدت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي هذه التصريحات، فقالت عن الجمهوريين: «هم لا يعلمون كيف سيصوتون إذ لم يستمعوا إلى القضية بعد... سنرى إن كان المجلس مجلس جبناء أم شجعان». ووجهت بيلوسي انتقادات قاسية لمن يقول إن مجلس الشيوخ يهدر وقته في المحاكمة، بما أن النتيجة محسومة، فقالت: «لا يمكننا المضي قدماً من دون إحقاق العدالة».
يأتي ذلك فيما أظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية الأميركيين يدعمون إدانة ترمب في مجلس الشيوخ، فيما يعتبر ثلثا الأميركيين الذين شملهم الاستطلاع أن الرئيس الأميركي السابق يتحمل جزءاً من المسؤولية في اقتحام الكابيتول، مقابل ثلث الأميركيين الذي يعتقدون أنه لا يتحمل أي مسؤولية في ذلك. ويشير الاستطلاع الذي أجرته وكالة «أسوشييتد برس» بالتعاون مع مركز «نورك» للأبحاث، إلى أن عدداً كبيراً من الجمهوريين يعتبرون أن نتيجة الانتخابات الرئاسية كانت غير شرعية. وبحسب أرقام الاستطلاع، يؤيد 47 في المائة من الأميركيين إدانة المجلس لترمب بعد محاكمته، فيما يعارض 40 في المائة إدانته مقابل 12 في المائة من الأشخاص الذين لم يحسموا موقفهم بعد.
وفيما يستعد مجلس الشيوخ للتفرغ لمحاكمة ترمب الأسبوع المقبل، التقى الرئيس الأميركي جو بايدن بمجموعة من الديمقراطيين لمناقشة الخطوات المقبلة في مشروع الإنعاش الاقتصادي. وأتى هذا اللقاء بعد أن تمكن الديمقراطيون في المجلس من تخطي عقبة أساسية تمهيداً لإقرار مشروع الإنعاش الاقتصادي الذي طرحه بايدن. وسعى زعيم الأغلبية الديمقراطية تشاك شومر إلى مناورة تكتيكية عقد من خلالها جلسة ماراثونية لإقرار الموازنة وطرح عدد كبير من التعديلات التي مهّدت لتمرير مشروع الإنعاش الاقتصادي لدى طرحه رسمياً في الكونغرس بالأغلبية البسيطة فقط.
وقد أدلت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس بالصوت الحاسم في عملية التصويت الإجرائي البروتوكولية التي انتهت فجر يوم الجمعة. ومن المتوقع أن يطرح المشروع النهائي للإنعاش الاقتصادي للتصويت في الكونغرس بحلول شهري فبراير ومارس (آذار).
في سياق آخر، طرد مجلس النواب الأميركي النائبة الجمهورية المؤيّدة لترمب مارجوري تايلور غرين من لجنتين نيابيتين، بسبب إدلائها بتصريحات سابقة لها مثيرة للجدل، في خطوة تأديبية أتت في ختام نقاش محتدم استمرّ أسابيع وأحدث شرخاً في صفوف الحزب الجمهوري.
وبأغلبية 230 صوتاً مقابل 199، وافق مجلس النواب على طرد غرين النائبة عن ولاية جورجيا من لجنتي التعليم والميزانية، في تصويت عكسَ إلى حدّ بعيد ميزان القوى الحزبية في المجلس. وانضمّ 11 نائباً جمهورياً فقط إلى الأغلبية الديمقراطية في إدانة هذه النائبة التي أيّدت نظريات مؤامرة تروّج لها حركة «كيو أنون» اليمينية المتطرفة، وردّدت مزاعم ترمب بأنّه فاز بالانتخابات الرئاسية وأنّ الديمقراطيين سرقوا الفوز منه.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».