لافروف يدعو الأوروبيين لـ«مراجعة مواقفهم» وبوريل يحذّر من «أسوأ تدهور»

موسكو منفتحة على «التطبيع» مع واشنطن وترفض «الخطاب العدواني» لبايدن

قال لافروف خلال لقاء بوريل إن الاتحاد الأوروبي «بات يعد شريكاً غير موثوق به بالنسبة لروسيا» (أ.ب)
قال لافروف خلال لقاء بوريل إن الاتحاد الأوروبي «بات يعد شريكاً غير موثوق به بالنسبة لروسيا» (أ.ب)
TT

لافروف يدعو الأوروبيين لـ«مراجعة مواقفهم» وبوريل يحذّر من «أسوأ تدهور»

قال لافروف خلال لقاء بوريل إن الاتحاد الأوروبي «بات يعد شريكاً غير موثوق به بالنسبة لروسيا» (أ.ب)
قال لافروف خلال لقاء بوريل إن الاتحاد الأوروبي «بات يعد شريكاً غير موثوق به بالنسبة لروسيا» (أ.ب)

طغت الملفات الخلافية بقوة أمس، على محادثات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل في أول زيارة يقوم بها مسؤول أوروبي على هذا المستوى إلى العاصمة الروسية منذ عام 2017. وسيطر النقاش حول ملف حقوق الإنسان، وقضية احتجاز المعارض الروسي أليكسي نافالني وآلاف من أنصاره على الجزء الأعظم من الحوارات، وأعلن الدبلوماسي الأوروبي أن علاقات بروكسل بموسكو وصلت إلى «أدنى مستوياتها»، في حين دعا لافروف الأوروبيين إلى مراجعة سياساتهم حيال بلاده. تزامن ذلك، مع إصدار الكرملين بياناً غاضباً ندد بما وصفه «الخطاب العدواني» للرئيس الأميركي جو بايدن حيال روسيا. وجاء ذلك بعد مرور يوم واحد على أول اتصال هاتفي يجريه لافروف مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، وأكد خلاله استعداد موسكو لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة. وقال لافروف أمس، في أعقاب جولة محادثات متوترة مع بوريل، إن «مزيداً من التدهور في العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي يهدد بعواقب لا يمكن التنبؤ بها». وزاد أن الجانبين أكدا خلال المناقشات «اهتمامهما بالحفاظ على قنوات الحوار وتوسيعها، بما في ذلك القضايا التي تختلف فيها مواقفنا. وهناك كثير من هذه القضايا. وقد أكدنا استعدادنا للتعاون العملي حيث يكون مفيداً للطرفين. لدينا رأي مشترك مفاده أن مزيداً من تدهور العلاقات محفوف بالعواقب السلبية وغير القابلة للتنبؤ على الإطلاق».
وتولي موسكو أهمية خاصة لزيارة بوريل التي تسبق قمة الاتحاد الأوروبي المقرر عقدها في مارس (آذار) المقبل، والتي ينتظر أن يبحث القادة الأوروبيون استراتيجية العلاقات مع روسيا.
وتلقت موسكو «إشارة إيجابية» وفقاً لمصادر روسية، عندما أجل مجلس أوروبا الذي انعقد قبل أيام إقرار رزمة عقوبات جديدة ضد روسيا على خلفية قضية نافالني. لكن الأنظار الروسية تتجه إلى اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المقرر في 22 فبراير (شباط) الجاري، لمناقشة «الإجراءات الإضافية المحتملة» فيما يتعلق بملف احتجاز المعارض الروسي، فضلاً عن أن بوريل سوف يبلغ أعضاء البرلمان الأوروبي في 9 فبراير (شباط)، بنتائج زيارته إلى روسيا. وبرز من خلال المؤتمر الصحافي المشترك للافروف وبوريل أمس، أن الطرفين يسعيان إلى تعزيز قنوات الحوار برغم الإقرار المتبادل بحجم الخلافات الواسع بينهما. وقال لافروف إن العقوبات المحتملة من قبل الاتحاد الأوروبي ضد روسيا بسبب المعارض الروسي، أليكسي نافالني، يمكن التعامل معها بصفتها «شأناً داخلياً لأوروبا»، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي «بات يعد شريكاً غير موثوق به بالنسبة إلى روسيا». في المقابل، قال بوريل إنه «من المؤكد أن علاقاتنا متوترة بشدة وقضية نافالني (جعلتها) في أدنى مستوياتها»، مشيراً في الوقت نفسه إلى رغبة مشتركة في فتح قنوات الحوار. وكرّر «الدعوة إلى الإفراج عن نافالني وإلى إطلاق تحقيق حيادي بشأن تسميمه». ولفت أيضاً إلى أن «دولة القانون وحقوق الإنسان والمجتمع المدني والحريات السياسية تبقى في صلب العلاقات الروسية - الأوروبية». وأوضح بوريل أنه لم يتمّ «حتى الآن» طرح أي عقوبة جديدة منذ تسميم نافالني. إلا أن الاحتمال مطروح على الطاولة.
ومع بروز سجال حول هذا الموضوع، تركز خصوصاً على دعوة لافروف للأوروبيين بـ«عدم استخدام آليات فرضتها الولايات المتحدة» والعمل على «سماع وجهات نظر روسيا»، خصوصاً في إطار الرد على انتقادات أوروبية حول آلية تعامل السلطات الأمنية الروسية مع المحتجين، وقال لافروف إن هناك كثيراً من الأمثلة التي تظهر كيف تعاملت سلطات أوروبية مع المحتجين لديها، كما أن هذا السؤال يمكن أن يوجه إلى آلية تعامل السلطات الأميركية مع المحتجين في مبنى الكونغرس أخيراً.
وبرز موضوع اللقاح الروسي ضد فيروس كورونا «سبوتنيك - في» كواحد من الموضوعات التي يمكن أن تشهد تطوراً في العلاقات الروسية - الأوروبية، خصوصاً أن بوريل تعمد للمرة الأولى بحضور لافروف توجيه التهنئة لروسيا على «الإنجاز العلمي الكبير»، وقال إن الطرفين سوف يبحثان آفاق التعاون في هذا المجال. وأوضح: «بودي أن أهنئ روسيا بنجاح هذا المشروع، وهو يصب في مصلحة البشرية بأكملها ويوفر لنا مزيداً من الآليات لمحاربة الجائحة». وزاد أنه يأمل «في أن تتمكن وكالة الأدوية الأوروبية من اعتماد هذا اللقاح لاستخدامه في الدول الأعضاء للاتحاد الأوروبي (...) سيكون ذلك خبراً جيداً لنا، لأننا كما هو معروف نعاني من نقص اللقاحات ويمثل إيجاد مصدر جديد لتصديرها أمراً مرحباً به. أهنئ العلماء الروس مرة أخرى بنجاحهم».
وذكّر لافروف بأن إعلان روسيا عن تطوير اللقاح قوبل في البداية بكثير من التصريحات المتشائمة والمنتقدة في الخارج، لكن الرأي العام العالمي إزاء هذا الموضوع تغير لاحقاً. وأكد الوزير الروسي أن بلاده «أبدت استعداداً للتعاون بشكل براغماتي، حيث توجد مصلحة مشتركة، وحيث يكون ذلك مفيداً لكلا الطرفين». وقال إنه يجري «اتصالات» في هذا المجال مع أوروبا وكذلك الولايات المتحدة. وكشف لافروف أنه بحث موضوع اللقاح الروسي في أول اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأميركي الجديد أنتوني بلينكن مساء أول من أمس. وأكد أنه اتفق مع بلينكن على تطوير الاتصالات بين المختبرات والعلماء ومنتجي الأدوية في روسيا والولايات المتحدة وبحث سبل التعاون في هذا المجال. وأفاد بيان أصدرته الخارجية الروسية بأن الوزيرين «رحبا، استمراراً للاتصال الهاتفي بين الرئيسين؛ الروسي فلاديمير بوتين، والأميركي جو بايدن، بتمديد معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية الهجومية حتى عام 2026، الأمر الذي سيسهم في تحسين الأوضاع بمجال الأمن الدولي والاستقرار الاستراتيجي». وتطرق الطرفان إلى قضية ضمان الشفافية في مجال السيطرة على الأسلحة، بالتذكير بانسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الحد من الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، وكذلك في سياق آفاق مستقبل اتفاقية السماء المفتوحة. وفي سياق القضايا الدولية، ناقش لافروف وبلينكن، حسب الخارجية الروسية، الإسهام في التسوية السلمية في كل من سوريا وليبيا، إضافة إلى الأوضاع في أوكرانيا. وذكر لافروف خلال المكالمة بالمقترحات التي تقدمت بها روسيا سابقاً في شأن إصدار إعلان روسي - أميركي مشترك حول ضرورة منع نشوب حرب نووية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. وقالت الخارجية إن لافروف رد على طرح الجانب الأميركي مسألة اعتقال نافالني بـ«ضرورة احترام قوانين روسيا ونظامها القضائي». ولفت لافروف انتباه بلينكن إلى «قضايا مماثلة» لاضطهاد أشخاص مشاركين في الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، داعياً إلى ضمان الشفافية في العمليات القضائية ذات الصلة. وأكد لافروف أن «الجانب الروسي منفتح على العمل المشترك على تطبيع الدائرة الكاملة للعلاقات الثنائية بناء على الاحترام المتبادل وتوازن المصالح». فيما أعرب بلينكن عن استعداد بلاده لإقامة حوار على مستوى الخبراء حول الملفات المطروحة. ورغم أن أجواء المكالمة وصفت في موسكو بأنها «إيجابية ومثمرة»، فإن رد الفعل الروسي على خطاب الرئيس الأميركي أول من أمس، جاء قوياً. وكان بايدن أكد أنه سيتعامل بجدية مع التهديدات الروسية، وقال إنه أبلغ نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأن أيام تراجع الولايات المتحدة في مواجهة ما وصفها بأنها أفعال عدائية من جانب روسيا قد ولّت. ووصف الكرملين حديثه بأنه «خطاب عدواني وغير بناء»، وشدد على أن موسكو «لن تتعامل مع أي إنذارات أميركية». ورغم ذلك، قال الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف إن الكرملين «يأمل في أن الفرص ما زالت متوفرة لإطلاق حوار مثمر بين البلدين».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.