الخارجية المغربية تستدعي سفير إسبانيا بعد تعنيف مهاجرين

TT

الخارجية المغربية تستدعي سفير إسبانيا بعد تعنيف مهاجرين

استدعت وزارة الخارجية المغربية أمس السفير الإسباني في الرباط، ريكاردو دييز رودريجيز، لإبلاغه قلق المغرب إزاء التصرفات العنيفة لمصالح أمنية إسبانية، تجاه مهاجرين قاصرين مغاربة بداخل أحد مراكز الاحتجاز في جزيرة لاس بالماس. وأفادت مصادر مطلعة أن مسؤولاً كبيراً في وزارة الخارجية المغربية أبلغ السفير الإسباني أن ما تعرض له الأطفال القاصرون المغاربة «غير مقبول».
وكان شريط فيديو قد انتشر منذ مساء أول من أمس في مواقع التواصل الاجتماعي، أظهر ممارسات عنيفة لعناصر من الحرس المدني الإسباني تجاه قاصرين مغاربة في أحد مراكز الاحتجاز. واعتمدت وزارة الخارجية المغربية على مضمون الشريط، الذي خلف استياءً كبيراً في المغرب، لإبلاغ غضبها للسفير الإسباني من هذه التصرفات، وطلب توضيحات بشأنها، والتدخل لحماية القاصرين المغاربة، ومعاقبة من تورط في تلك الممارسات. يأتي ذلك في وقت ذكرت فيه مصادر إسبانية أنه جرى فتح تحقيق لمعرفة ملابسات ما تضمنه الشريط من ممارسات عنيفة ضد القاصرين المغاربة في جزيرة لاس بالماس، الواقعة قبالة السواحل الجنوبية للمغرب، والتي تعد قبلة للهجرة السرية عبر قوارب الصيد.
في سياق آخر، افتتحت أمس بالرباط ورشة تفكير بين وزارة العدل المغربية ومجلس أوروبا، حول سبل محاربة الاعتداءات الجنسية على الأطفال وتعزيز حماية الطفولة، في سياق مساعي المغرب لوضع مدونة قانونية لحماية الطفولة.
وقال وزير العدل المغربي محمد بنعبد القادر في كلمته الافتتاحية، التي ألقاها نيابة عنه هشام ملاطي، مدير الشؤون الجنائية والعفو بالوزارة، إن هذا اللقاء يأتي في سياق أعداد أرضية حول «مدونة لحقوق الطفل»، وفق منظور شمولي يعزز المقاربة الوقائية والحمائية لهذه الفئة الهشة من المجتمع، باعتبارها الثروة اللامادية للبلاد، من خلال التطرق لأهم المواثيق الدولية والممارسات الجيدة، وأيضاً لمسارات التكفل النوعية لكل وضعية يمكن أن يوجد عليها الطفل، بما يحقق مصلحته الفضلى.
وأكد الوزير المغربي أيضاً على أهمية تكثيف الجهود بين مختلف الشركاء من أجل «النهوض بقضايا هذه الشريحة من المجتمع»، مشدداً على أن هذا اللقاء يشكل فرصة لممثلي القطاعات الحكومية، والمؤسسات القضائية والأمنية وهيئات المجتمع المدني وكافة المتدخلين «للوقوف على مضامين معاهدة مجلس أوروبا لمحاربة الاستغلال والاعتداء الجنسي على الأطفال»، وتدارسها وتبادل النقاش مع الخبراء الدوليين المؤطرين لها، في أفق تعزيز التشريع والممارسات الفضلى لتحقيق حماية فعالة، وناجعة للطفولة من خطر الاعتداءات الجنسية.
ويسابق المغرب الزمن من أجل تنفيذ بنود الميثاق الوطني لحقوق الطفل، الموقع في المؤتمر الوطني لحقوق الطفل المنعقد ما بين 20 و23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. بمبادرة من الأميرة للامريم، رئيسة المرصد الوطني لحقوق الطفل، خاصة تلك المتعلقة بتحديث المنظومة القانونية. ويأتي اللقاء في سياق إعداد أرضية حول مدونة حقوق الطفل، وفق منظور شمولي يعزز الحماية والوقاية لهذه الفئة.
ويعد الاستغلال والاعتداء الجنسي من أبشع أشكال العنف، التي يمكن أن تمارس ضد الأطفال. وحسب منظمة اليونيسيف فإن «صناعة الجنس» تستغل نحو مليوني طفل كل سنة، كما أن هناك أزيد من مليون صورة تمثل ما بين 10 آلاف إلى 20 ألف من الأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.