نشاط دبلوماسي مصري مكثف لحلحلة نزاع «سد النهضة» الإثيوبي

السيسي خلال لقائه رئيس الكونغو الديمقراطية في قصر الاتحادية (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال لقائه رئيس الكونغو الديمقراطية في قصر الاتحادية (الرئاسة المصرية)
TT

نشاط دبلوماسي مصري مكثف لحلحلة نزاع «سد النهضة» الإثيوبي

السيسي خلال لقائه رئيس الكونغو الديمقراطية في قصر الاتحادية (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال لقائه رئيس الكونغو الديمقراطية في قصر الاتحادية (الرئاسة المصرية)

واصلت الدبلوماسية المصرية تحركاتها الدولية في محاولة لتحريك الوضع المتجمد لمفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي، وشرح مخاطره، على أمل الضغط على إثيوبيا للتوصل إلى اتفاق «قانوني مُلزم»، ينظم عمليتي ملء وتشغيل السد، المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل.
واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، فيليكس تشيسيكيدي، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، الرئيس المقبل للاتحاد الأفريقي، الذي يرعى المفاوضات منذ يوليو (تموز) الماضي. فيما عقدت السفارة المصرية في واشنطن جلسة افتراضية موسعة لمساعدي أعضاء الكونغرس الأميركي من مجلسي النواب والشيوخ، استعرض فيها السفير معتز زهران، سفير مصر بواشنطن، «التأثير السلبي» لسد النهضة على الأمن المائي لكل من مصر والسودان.
وتخشى مصر، ومعها السودان، من تأثر حصتيهما في مياه النيل جراء الملء المتكرر لخزان السد، فضلاً عن تأثيرات سلبية أخرى.
وحسب المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، فإن لقاء السيسي وتشيسيكيدي، أمس، تناول آخر التطورات الإقليمية، خصوصاً قضية سد النهضة، وتم التوافق على تعزيز التنسيق والتشاور الحثيث المشترك، لا سيما في ضوء قرب تسلم الكونغو الديمقراطية رئاسة الاتحاد الأفريقي للعام الجاري 2021.
وأكد السيسي رؤية مصر المستندة إلى «كون نهر النيل مصدراً للتعاون والتنمية وشريان حياة جامع لشعوب دول حوض النيل».
ومنذ منتصف العام الماضي، رعت دولة جنوب أفريقيا، المفاوضات بوصفها رئيسة للاتحاد القاري، لكنها لم تؤدِّ إلى تحريك الموقف، رغم دخول أطراف دولية فاعلة مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بمراقبين.
ومن المقرر أن تتسلم الكونغو رئاسة الاتحاد خلال القمة الـ34 يومي 6 و7 فبراير (شباط) الحالي.
وقال البيان الرئاسي المصري إن اللقاء شهد عقد مباحثات منفردة أعقبتها مباحثات موسعة بين وفدي البلدين، وأكد السيسي حرص مصر على تعزيز العلاقات وترسيخ التعاون الاستراتيجي مع الكونغو الديمقراطية في شتي المجالات لإقامة شراكة مستدامة بين البلدين.
ونقل البيان عن رئيس الكونغو الديمقراطية، تقدير بلاده للعلاقات التاريخية المتميزة مع مصر، والدعم السياسي المصري الصادق والراسخ لبلاده، مؤكداً الحرص على تطوير تلك العلاقات في مختلف المجالات، لا سيما التعاون التجاري والاقتصادي، ليتناسب مع عمق وتميز العلاقات السياسية بين البلدين، مشيداً في هذا الإطار بنشاط الشركات المصرية في الكونغو الديمقراطية في قطاعات التشييد والبناء والطاقة والبنية الأساسية.
وأكد تشيسيكيدي الحرص على الاستفادة من الجهود والتجربة والرؤية المصرية لتعزيز العمل الأفريقي المشترك وقيادة دفة الاتحاد الأفريقي، خصوصاً في ضوء قرب تسلم الكونغو الديمقراطية رئاسة الاتحاد خلال القمة الأفريقية السنوية المقبلة، إلى جانب ما تشهده القارة الأفريقية بشكل عام، ومنطقتي حوض النيل والقرن الأفريقي على وجه الخصوص، من تحديات متلاحقة ومتزايدة، الأمر الذي يفرض تكثيف التعاون والتنسيق مع مصر.
في السياق ذاته، عقدت السفارة المصرية في واشنطن، مساء أول من أمس، جلسة افتراضية موسعة لمساعدي أعضاء الكونغرس من مجلسي النواب والشيوخ حول سد النهضة. وأوضح السفير معتز زهران، «جهود مصر الحثيثة للتوصل لاتفاق شامل حول ملء وتشغيل السد».
وأكد «أهمية التوصل لاتفاق ملزم قانوناً بين الأطراف المعنية وعدم اتخاذ أي طرف إجراءات أحادية».
وشدد السفير زهران على أن «مصر ليست ضد حق إثيوبيا في التنمية شريطة ألا تؤثر تطلعاتها التنموية على المصالح المصرية وأمنها المائي»، مشيراً إلى أن الجلسة تهدف إلى تقديم شرح دقيق لأعضاء الكونغرس لموقف مصر من المفاوضات وتطوراتها.
وقدم أعضاء الفريق التفاوضي المصري خلال مداخلاتهم من القاهرة عرضاً متكاملاً عن سير المفاوضات والجهود التي بذلتها مصر للتوصل لاتفاق، وتناولوا بشكل تفصيلي على المستوى الفني التداعيات الوخيمة للسد على الأمن المائي وتغير المناخ والأوضاع البيئية.
شارك في الجلسة عدد كبير من مساعدي أعضاء الكونغرس بلجان الشؤون الخارجية والخدمات العسكرية والاعتمادات من مجلسي النواب والشيوخ، فضلاً عن عدد من المتخصصين في الشؤون الأفريقية باللجنة الفرعية لأفريقيا.
وتأتي الجلسة في إطار سلسلة من الجلسات الافتراضية تنظّمها السفارة لمساعدي أعضاء الكونغرس، مع بدء دورته الـ117 حول القضايا الإقليمية ذات الأولوية بالنسبة للأمن القومي المصري.
وفي إطار التحركات الدبلوماسية، تضمن اتصال بين وزير الخارجية المصري سامح شكري، ونظيره البرازيلي إرنستو آراوغو، ملف سد النهضة، واستعرض الوزير شكري آخر التطورات الخاصة بالملف والموقف المصري في هذا الشأن، مؤكداً أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد من خلال الانخراط في مفاوضات جادة دون أي مماطلة، وبما يحقق المصالح المُشتركة للأطراف المعنية.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.