«الحوار الليبي» في جنيف يتجه لحسم «صراع السلطة»

الجيش التركي يواصل تدريب قوات «الوفاق» في تهديد لـ«وقف النار»

جانب من جلسات الحوار الليبي في جنيف أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من جلسات الحوار الليبي في جنيف أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

«الحوار الليبي» في جنيف يتجه لحسم «صراع السلطة»

جانب من جلسات الحوار الليبي في جنيف أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من جلسات الحوار الليبي في جنيف أول من أمس (أ.ف.ب)

يستعد ملتقى الحوار السياسي الليبي في مدينة جنيف السويسرية، الذي دخل أمس يومه الثاني على التوالي، للانتهاء من جلسات الاستماع للمرشحين لرئاسة وعضوية المجلس الرئاسي الجديد في البلاد، بهدف حسم الصراع على السلطة، باختيار رئيس جديد للمجلس الرئاسي، وعضوين من بين 21 مرشحاً، وسط تمسك اللجنة القانونية باستقالة شاغلي المناصب السيادية حاليا، قبل إجراء التصويت على اختيار المرشحين.
وتوالت أمس جلسات الاستماع لعدد من المرشحين للمجلس الرئاسي الجديد، الذين أجابوا عن أسئلة تتضمن شرح برامجهم لإدارة المرحلة الانتقالية، وصولا إلى الانتخابات العامة المرتقبة في الرابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وبعد ذلك, أدلى المشاركون بأصواتهم لاختيار مجلس رئاسة وطني جديد لتشكيل حكومة انتقالية تشرف على انتخابات عامة.
وشملت الجلسات مداخلة كل من عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، وخالد المشري رئيس مجلس الدولة، وصلاح النمروش وزير الدفاع بحكومة «الوفاق»، واللواء أسامة جويلي آمر غرفة العمليات المشتركة لقواتها.
ونفى صالح على لسان المتحدث باسمه ما تردد عن استقالته من رئاسة البرلمان، وأكد أنه لم يقدمها لأي جهة كان، مؤكدا أن ما تردد «عار تماما من الصحة». وقال صالح خلال كلمته أمام أعضاء الملتقى إنه ترشح بصفته نائبا لأن لائحة المجلس تحظر الجمع بين منصبين، ولا تحظر الترشح لمنصب تنفيذي، قبل أن يشدد على الالتزام الكامل بقرارات مجلس الأمن والاجتماعات الدولية، ومخرجات لجنة الحوار السياسي.
وأضاف صالح خلال كلمته أمام أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي، مساء أول من أمس، أن استقلال الجهاز القضائي «هو الضامن لحرية الإنسان»، مبيناً أن أول أهدافه هو دعم القضاء والأجهزة الأمنية.
وردا على سؤال أحد الأعضاء حول الحرب، التي شنها «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر على العاصمة طرابلس، قال صالح «إنه لا يوجد إنسان معصوم من الخطأ، ويجب طي صفحة الماضي لبدء مرحلة جديدة». وتعهد بتوحيد المؤسسات والمصالحة الوطنية، وقال إنه سيلتزم أمام الليبيين والعالم بما يتم الاتفاق عليه، وبكل قرارات مجلس الأمن والاجتماعات الدولية ومخرجات لجنة الحوار.
وكان صالح قد تلقى مساء أول من أمس دعم وفد المكونات الاجتماعية لمنتدى أبناء الجنوب في برقة لترشحه لرئاسة المجلس الرئاسي خلال الفترة القادمة.
ويناقش ملتقى الحوار بجنيف قائمة المرشحين لعضوية المجلس الرئاسي الجديد، وانتخاب السلطة التنفيذية الجديدة من بين الأسماء المرشحة، وسيتم الإعلان عن السلطة الجديدة بعد غد الجمعة.
واعتبر الاتحاد الأوروبي في بيانه أمس أن المشاركة الواسعة لكل القادة الليبيين المعروفين، والجدد من جميع أنحاء البلاد «تعكس التزاما حقيقيا» من جميع الأطراف تجاه منتدى الحوار السياسي الليبي، لافتا إلى أن هذا «يؤكد سعي الغالبية العظمى من الليبيين إلى التغيير». ورأى أن الليبيين بصدد التعبير بوضوح عن رغبتهم القويّة في إجراء الانتخابات، والتمتّع بالاستقرار والأمن اللذين توفرهما الدولة المدنية، والحصول على الوظائف، والخدمات الجيدة على المستوى المحلي، مشيرا إلى أن ليبيا لديها الموارد لتحقيق ذلك، بشرط أن يتم استغلالها بشكل جيد.
وبعدما اعتبر «ملتقى برلين» إطار عمل الليبيين لتحقيق هذه الأهداف الطموحة، عبر الاتحاد الأوروبي عن أمله في بناء حكومة توحد الليبيين، وتؤمّن لهم الاستقرار والازدهار.
بدورها، أكدت فرنسا عبر بيان لسفارتها في ليبيا على ضرورة انتخاب سلطة تنفيذية ليبية جديدة وموحدة، تكون مسؤولة عن قيادة البلاد إلى الانتخابات الوطنية المقبلة، وقالت «إن وقت التغيير لصالح وحدة ليبيا وسيادتها قد حان».
في غضون ذلك، أعرب صلاح الدين النمروش، وزير الدفاع بحكومة «الوفاق» الذي اجتمع أول من أمس، بطرابلس مع سفير المملكة المتحدة لدى ليبيا، نيكولاس هوبتون، عن أمله في أن تقوم المملكة المتحدة بتوسيع حجم التعاون العسكري، وخاصة المتعلق بتدريب القوات الخاصة وقوات مكافحة الإرهاب، وكذلك دعم الطب العسكري بمختلف البرامج التدريبية والأجهزة والمعدات.
ونقل النمروش عن هوبتون تأكيده على حرص بلاده لدعم الأمن والاستقرار في أرجاء ليبيا كافة، مشيدا بدور المؤسسات العسكرية والأمنية في استتباب الأمن والاستقرار في غرب البلاد.
وفيما اعتبره مراقبون ووسائل إعلام محلية ليبية بأنه استمرار لخرق الهدنة الهشة بين طرفي الصراع في البلاد، أعادت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات حكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، بث مشاهد لوزارة الدفاع التركية، تُظهر جانبا من التدريبات العسكرية لعناصر الوفاق ضمن برنامج تدريبي ينفذه الجيش التركي في إطار مذكرة التعاون الأمنية العسكرية، المبرمة بين البلدين، مشيرة إلى أن البرامج التدريبية شملت أنظمة أسلحة الدفاع الجوي، وأنظمة مضادة للطائرات دون طيار، وأنظمة الرادار والمدافع الحديثة.
وكانت وزارة الدفاع التركية قد أعلنت عن اختتام تدريبات لنحو 20 من عناصر قوات «الوفاق» على أنظمة أسلحة الدفاع الجوية في ولاية قونية التركية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.