اليمن يرفض تقرير «الخبراء» الأمميين

عقب اتهام البنك المركزي في عدن بسوء إدارة الوديعة

TT

اليمن يرفض تقرير «الخبراء» الأمميين

أبدت الحكومة اليمنية تحفظها على ما جاء في تقرير فريق الخبراء الأمميين التابعين لمجلس الأمن بشأن اليمن، خصوصاً ما يتعلق باتهام البنك المركزي والحكومة بـ«غسل الأموال»، وقالت إن التقرير «بُني على استنتاجات غير صحيحة».
وجاء التحفظ اليمني خلال مؤتمر صحافي لرئيس الحكومة معين عبد الملك، في عدن، عقب إقرار البرنامج العام للحكومة أكد فيه أن «الحكومة كانت تتعامل دائماً بشفافية وتعاون كامل مع لجنة العقوبات لسنوات، وأن مبدأها هو الشفافية المطلقة».
وأوضح أن «المنهجية التي استند إليها التقرير خاطئة»، مستغرباً «وصف استراتيجية دعم السلع الأساسية في بلد يعاني من أزمة إنسانية عميقة بأنها استراتيجية هدامة». وأضاف أن «الأمن الغذائي كان مهدداً في 2018، حينها اتخذت قيادة المملكة العربية السعودية ممثلةً بخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد قراراً شجاعاً بدعم اليمن بمبلغ ملياري دولار، وهو الدعم المباشر الذي وصل عبر الحكومة والبنك المركزي».
وأكد أن «هذا الدعم هو الذي حقق الأثر الأكبر في استقرار أسعار المواد الغذائية والحفاظ على قيمة العملة من الانهيار ولمس المواطنون أثره مباشرةً». وأشار إلى أن «موضوع دعم السلع الأساسية سياسة تاريخية في البنك المركزي، وتعمل به حكومات مختلفة عندما يكون هناك اضطراب في أسعار الصرف، عندها تكون الأولوية لتوفير العملة الصعبة للمواد الغذائية والأدوية».
وقال عبد الملك إن «الوديعة كانت لمدة سنة فقط وأثّرت لمدة سنتين فيما يتعلق باستقرار السلع الأساسية وأسعار الصرف. الوديعة لها إجراءات معيّنة أُديرت في البنك المركزي لكن وفق إجراءات متفق عليها مع المؤسسات السعودية وهي إجراءات طويلة». وأشار إلى أنه «في حال كان هناك خطأ في الإجراءات فستتم معاقبة أي طرف أو أفراد كانوا متسببين في ذلك. لكن لا تُتهم مؤسسات»، مضيفاً أن «البنك المركزي قام بدور مهم في هذه المرحلة، إذا كان هناك رمي تهم لمؤسسات فهذا خطير جداً».
ولفت إلى أن الحكومة دعت فريق العقوبات إلى التواصل «وهناك لقاءات أيضاً مع البنك المركزي، وكان من المفترض أن يكونوا في عدن لمعرفة كيف تم الوصول لهذه الاستنتاجات».
كان التقرير الذي قُدم إلى أعضاء مجلس الأمن قد أشار إلى «حصول تجار على مكاسب قُدّرت بنحو 423 مليون دولار عبر أسعار تفضيلية لشراء الدولار لتمويل وارداتهم». واتهم التقرير البنك المركزي اليمني بأنه «خرق قواعده الخاصة بصرف العملات الأجنبية وتلاعب في سوق الصرف الأجنبي».
وكان مجلس إدارة البنك المركزي اليمني قد ناقش هذه المزاعم والادعاءات، ووصفها بــ«المضللة»، معبراً عن استغرابه من «إصدار هذا التقرير من دون تطبيق القواعد والإجراءات المنهجية الواجب اتباعها في الوصول إلى الحقائق والنتائج المنطقية».
ودعا البنك المركزي فريق الخبراء إلى زيارة مقره في عدن، فيما دافع محافظ البنك الأسبق محمد زمام عن فترة إدارته للبنك في بيان وزّعه على وسائل الإعلام، كما ردت مجموعة شركات هائل سعيد أنعم التي ذكرها التقرير، ووصفت ما ورد في التقرير بأنها «اتهامات باطلة ومعلومات مغلوطة».
وأكدت المجموعة التجارية الأكبر في البلاد أنه «كان يفترض بالفريق الأممي التواصل معها واستقصاء الحقيقة وتفنيد المعلومات ومناقشتها بشفافية وموضوعية»، مشيرة إلى أنها «التزمت بآلية الوديعة والإجراءات المعتمدة فيها». وفي مسعى منها لتبرئة ساحتها من هذه الاتهامات، أعلنت المجموعة في بيانها عن «تفويض إحدى كبرى شركات التدقيق والتحقيق المحايدة والمعتمدة دولياً للاطلاع على السجلات والوثائق المتعلقة بالادعاءات الواردة في التقرير والمتصلة بالوديعة».
ومع تصاعد الأصوات الداعية إلى التحقيق في هذه المزاعم من الفريق الدولي، دعا حافظ معياد، وهو مستشار الرئيس اليمني ومحافظ البنك السابق ورئيس اللجنة الاقتصادية العليا سابقاً، رئيس البرلمان ونوابه وأعضاء البرلمان إلى تشكيل لجنة للتحقيق فيما ورد في تقرير الخبراء «واسترداد المبالغ التي فُقدت من الخزينة العامة للدولة وإحالة المخالفين إلى القضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم».
ويقول العديد من المراقبين اليمنيين إن تقرير الخبراء الدوليين لم يعتمد المعايير المطلوبة للتثبت من القضايا التي حقق فيها، واعتمد على معلومات أحادية من دون الحصول على توضيحات من الجهات المعنية.


مقالات ذات صلة

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي تستغل الجماعة الحوثية المناسبات ذات الصبغة الطائفية للتحشيد والتجنيد (إ.ب.أ)

حملات أمنية حوثية لمنع اليمنيين من الاحتفال بـ«ثورة 26 سبتمبر»

جماعة الحوثي تعيش رعباً حقيقياً؛ لأنها تعلم أن غالبية كبيرة من اليمنيين تنبذ أفكارها وطريقتها في الحكم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي أعلنت شركة ستارلينك بدء توفر خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن (سبأ)

«ستارلينك» تعلن بدء خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن

أعلنت شركة ستارلينك (المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك)، الأربعاء، بدء توفر خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن، ليصبح اليمن الدولة الأولى في الشرق الأوسط…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر قصف إسرائيلي سابق استهدف مستودعات الوقود (أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تنفي عرض الاعتراف بحكومة الحوثيين مقابل وقف الهجمات

مسؤولون أميركيون تصريحات القيادي الحوثي محمد البخيتي بشأن عرض واشنطن الاعتراف بحكومة الحوثيين في صنعاء مقابل وقف الهجمات الحوثية، بأنها بعيدة عن الحقيقة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي سفينة حربية تشارك في عملية «حارس الازدهار» بالبحر الأحمر (رويترز)

«أسبيدس» تعلن نجاح سحب «سونيون» إلى منطقة آمنة

قالت مصادر يمنية وغربية لـ«الشرق الأوسط» إن السعودية قامت بعملية التنسيق مع كل الأطراف قبيل قطر السفينة «سونيون» التي استهدفها الحوثيون.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
TT

عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

استحوذت حرب غزة والقضية الفلسطينية والأزمات المختلفة في عدد من البلدان العربية على حيز واسع من مجريات اليوم الثالث من أعمال الدورة السنوية الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك؛ إذ صعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى منبرها للمطالبة بتجميد عضوية إسرائيل في المنظمة الدولية، ووقف تزويدها بالأسلحة، وإرغامها على تنفيذ التزاماتها وقرارات مجلس الأمن.

ودعا الرئيس الفلسطيني، الخميس، المجتمع الدولي إلى وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة؛ لمنع إراقة الدماء في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.

وقال عباس من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «أوقفوا هذه الجريمة، أوقفوها الآن، أوقفوا قتل الأطفال والنساء، أوقفوا حرب الإبادة، أوقفوا إرسال السلاح لإسرائيل».

وأضاف: «إسرائيل دمرت القطاع بالكامل تقريباً، ولم يعد صالحاً للحياة». وأوضح أمام الجمعية العامة التي تضم 193 عضواً: «لا يُمكن لهذا الجنون أن يستمر. إن العالم بأسره يتحمل المسؤولية إزاء ما يجري لشعبنا».

وعرض عباس رؤية لإنهاء الحرب في غزة؛ تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية بما في ذلك غزة. وطالب الرئيس الفلسطيني بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك على معبر رفح، بوصفه جزءاً من خطة شاملة.

كما قال عباس إن إسرائيل «غير جديرة» بعضوية الأمم المتحدة، مشدداً على أن الدولة العبرية تحدت قرارات المنظمة الدولية ذات الصلة بالصراع.

وأضاف من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «إسرائيل التي ترفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة غير جديرة بعضوية هذه المنظمة الدولية»، معرباً عن أسفه لأن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد إعطاء دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وتابع: «يؤسفنا أن الإدارة الأميركية عطّلت 3 مرات مشاريع قرارات لمجلس الأمن تطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار باستخدامها الفيتو، وفوق ذلك زوّدتها بالأسلحة الفتّاكة التي قتلت آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وهو ما شجّع إسرائيل على مواصلة عدوانها». وخلص إلى القول «فلسطين سوف تتحرر».

وأعلنت إسرائيل، الخميس، الحصول على مساعدة عسكرية أميركية بقيمة 8.7 مليار دولار.

كذلك عرض الرئيس الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة رؤية لإنهاء الحرب في غزة، تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك غزة.

وطالب عباس بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك معبر رفح، بصفته جزءاً من خطة شاملة، فالفلسطينيون يرفضون إقامة مناطق عازلة إسرائيلية، مشدداً: «لن نسمح لإسرائيل بأخذ سنتيمتر واحد من غزة».

اليمن ووكلاء إيران

من جهته، تحدّث رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، أولاً عن الوضع في بلاده، قائلاً: «إن تعافي اليمن ليس مجرد قضية وطنية، بل حاجة إقليمية وعالمية»، لأن «استقراره يعد أمراً حاسماً للحفاظ على السلام وأمن المنطقة، وطرق التجارة في البحرين الأحمر والعربي والممرات المائية المحيطة».

وأضاف: «أن الحكومة اليمنية تظل ملتزمة بنهج السلام الشامل والعادل، لكنه من الضروري في هذه الأثناء تعزيز موقفها لمواجهة أي خيارات أخرى، بالنظر إلى تصعيد الميليشيات الحوثية المتواصل على الصعيدين المحلي والإقليمي، وتهديد الملاحة الدولية، ولمنع تواصل توسع واستدامة هذا التصعيد».

ولفت إلى أن «هجمات الحوثيين المستمرة على حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة تظهر أنها تُشكل تهديداً متزايداً ليس فقط للداخل اليمني، ولكن أيضاً لاستقرار المنطقة بأكملها».

وعن الوضع في بقية الشرق الأوسط، قال العليمي: «إن الحرب الإسرائيلية الوحشية على الشعب الفلسطيني يجب أن تتوقف على الفور، لأن ذلك هو مفتاح السلام المنشود، ومدخل لرفع الغطاء عن ذرائع إيران ووكلائها لتأزيم الأوضاع في المنطقة».

وتطرق إلى الوضع في لبنان، قائلاً: «إن السبيل الوحيدة لردع العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان ستكون بموقف حازم من المجتمع الدولي، ووحدة اللبنانيين أنفسهم واستقلال قرارهم وعدم التدخل في شؤون بلدهم الداخلية، واستعادة الدولة اللبنانية لقرار السلم والحرب».

ليبيا نحو الانتخابات

وسبقه إلى المنبر رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، الذي قال إن الليبيين هم الأقدر على تقرير مصيرهم من خلال «الاستفتاءات النزيهة وعقد انتخابات شاملة (...) لإنهاء أي انسداد سياسي»، مؤكداً أن «الحل السياسي الشامل في مساراته المالية والاقتصادية والأمنية، إضافة لمسار المصالحة الوطنية، هو السبيل الوحيدة لتوحيد المؤسسات وضمان الاستقرار وصولاً إلى الانتخابات، وتجديد الشرعية لجميع المؤسسات وتقرير الشعب الليبي لمصيره».

وشدد المنفي على أن ما يرتكبه «الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة وتطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني واللبناني يُمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

وشدد على أن إبعاد «شبح نشوب حرب إقليمية» في المنطقة يكون من خلال معالجة الوضع في غزة، وإيقاف «الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة» في فلسطين.