الانقلاب في ميانمار اختبار مبكر لإدارة بايدن

سيارات عسكرية وجنود يغلقون الطريق المؤدي إلى البرلمان في ميانمار (إ.ب.أ)
سيارات عسكرية وجنود يغلقون الطريق المؤدي إلى البرلمان في ميانمار (إ.ب.أ)
TT

الانقلاب في ميانمار اختبار مبكر لإدارة بايدن

سيارات عسكرية وجنود يغلقون الطريق المؤدي إلى البرلمان في ميانمار (إ.ب.أ)
سيارات عسكرية وجنود يغلقون الطريق المؤدي إلى البرلمان في ميانمار (إ.ب.أ)

يمثل الانقلاب العسكري في ميانمار اختباراً مبكراً لتصميم إدارة الرئيس جو بايدن للدفاع عن الديمقراطية في العالم، لكن بخلاف ما حدث قبل نحو عشرة أعوام عندما رعت الولايات المتحدة عملية انتقالية للسلطة هناك، فإن الخيارات الآن أمام الإدارة الجديدة محدودة.
وطالما عد صعود الديمقراطية في ميانمار إنجازاً رئيسياً للرئيس السابق باراك أوباما ونائبه حينذاك بايدن باعتباره شكل فتحاً لدولة مغلقة تدور في فلك الصين، حسبما أفاد تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
لكن الزعيمة المدنية أونع سان سو تشي وحاملة نوبل للسلام التي اعتقلت مع مسؤولين آخرين أمس (الاثنين) إثر الانقلاب، كانت تخسر الدعم الغربي بشكل متسارع مع صمتها حيال وحشية الجيش البورمي ضد أقلية الروهينغا، وهو صمت فسره البعض بأنه محاولة لعدم معاداة الجيش.
*تحذير من إدارة بايدن
وحذر بايدن في بيان قوي أمس (الاثنين) ميانمار من إعادة فرض العقوبات عليها، معرباً عن دعمه الثابت لمبدأ الديمقراطية الذي يتوافق مع وعوده خلال حملته الانتخابية بطوي صفحة سلفه دونالد ترمب الذي اعتاد الإشادة بالحكام المستبدين.
وقال بايدن في بيانه إن «الولايات المتحدة ستدافع عن الديمقراطية في أي مكان تتعرض فيه لاعتداء»، مطالباً الجيش البورمي بـ«التخلي بشكل فوري عن السلطة التي استولى عليها».
وقال ديريك ميتشل أول سفير لواشنطن لدى ميانمار بعد انتقالها إلى الحكم المدني، إن الولايات المتحدة لم تعد تتمتع بنفس النفوذ.
وأضاف «أعتقد أن أزمة الروهينغا أعادت الأمور إلى الوراء بشكل كبير، والسبب الجلي هو تحدثنا علانية عن الإبادة الجماعية التي حصلت وعملنا ضدها، ولكن ذلك جاء على حساب علاقاتنا».
وحض ميتشل الذي يرأس اليوم المعهد الديمقراطي الوطني الأميركي بلاده على التنسيق مع حلفائها، وقال إن على العالم أن يحترم الانتصار الساحق الذي حققته الرابطة الوطنية للديمقراطية بزعامة سو تشي في انتخابات العام الماضي.
وأضاف أن الغرب «ربما اعتبرها أيقونة للديمقراطية في العالم قبل أن يخبو هذا البريق. لكن إذا كنت مهتماً بالديمقراطية في العالم، عندها عليك احترام الخيار الديمقراطي وهي تمثله بوضوح».
ولفت إلى أن «الأمر لا يتعلق بالشخص، بل بالعملية».
*اختبار للدبلوماسية
وفي أمر نادر في واشنطن فإن سياسة ميانمار حظيت بإجماع الديمقراطيين والجمهوريين، وكان السيناتور الجمهوري البارز ميتش ماكونيل داعماً صريحاً لسو تشي.
وقالت سوزان ديماغيو من معهد كارنيغي للسلام الدولي إن على إدارة بايدن اختبار الدبلوماسية والامتناع عن فرض عقوبات بشكل فوري، وهي أداة استخدمها ترمب بشكل يومي خلال ولايته. وأضافت أن «ميانمار اختبار مبكر غير متوقع لإدارة بايدن التي تعتبر حقوق الإنسان والديمقراطية ركنين أساسيين للسياسة الخارجية الأميركية». واعتبرت أن «إيفاد مبعوث رفيع على وجه السرعة إلى نايبيداو يتمتع بدعم الحزبين الرئيسيين في الكونغرس قد يكون خطوة تالية مناسبة».
وعندما بدأت ميانمار تحولها الديمقراطي فإن واشنطن التي كانت هيلاري كلينتون تقود سياستها الخارجية آنذاك والتي قامت بزيارة إلى هذا البلد عام 2011، تمكنت من إقناع الإصلاحيين عبر وعود بمساعدات اقتصادية وتخفيف العقوبات وتأمين بديل للحكام القوميين المتشددين عن الاعتماد الواسع على الصين.
لكن الولايات المتحدة الآن ليس لديها الكثير لتقدمه إلى قائد عسكري دفعته طموحاته إلى إدارة ظهره لعقد من التغيير، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. فزعيم الانقلاب الجنرال مين أونغ هلينغ خاضع لعقوبات أميركية لا تزال سارية بسبب الحملة التي شنها ضد الروهينغا ووصفتها الولايات المتحدة بأنها تطهير عرقي.
وقال موراي هيبرت خبير شؤون جنوب شرقي آسيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «من السهل إصدار بيانات لكن الأصعب معرفة ما الخطوة التالية التي يجب القيام بها». وأضاف «ما الذي يجب أن تفعله! أعتقد أنه بالإمكان معاقبة بعض الشركات العسكرية. ربما يؤدي ذلك إلى إحداث القليل من الضغط لأن هذه الشركات منغمسة بعمق في العديد من قطاعات الاقتصاد».
*دول أخرى على خط العلاقات
والدولتان الرئيسيتان اللتان يمكن لواشنطن التنسيق معهما هما اليابان والهند لتمتعهما بعلاقة دافئة مع ميانمار، وقد قامت نيودلهي قبل أيام بشحن 1.5 مليون جرعة من لقاح مضاد لكوفيد - 19 إلى نايبيداو.
كما طورت الصين علاقات ودية مع القيادة المدنية في ميانمار، لكنها بدت أكثر اهتماما بمبادرتها «الحزام والطريق» أكثر من الجنرالات هناك الذين يعيشون في عزلة ويتصرفون أحياناً بطريقة فيها شيء من جنون العظمة.
وقال هيبيرت «هناك شيء مثير للسخرية هو اعتقادي بأن الصين لن تتمكن من بناء علاقة مع الجيش كتلك التي كانت مع أونغ سان سو تشي».
لكن مع تأهب الغرب للتشدد مع ميانمار، لن يكون أمام المجلس العسكري الجديد هناك من خيار سوى الاعتماد على الصين.
ومع وعود بايدن بالتركيز مجدداً على حلفاء الولايات المتحدة، حيث العديد منهم في جنوب شرقي آسيا يتوقون لرؤية واشنطن تتصدى للصين، اعتبر هيبيرت أن «ما حدث في ميانمار الآن يجعل ذلك أكثر صعوبة».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.