مصر والسودان لتعزيز التعاون في تجديد الخطاب و«مجابهة التطرف»

قافلة دينية لأئمة وواعظات البلدين بالخرطوم

وزير الشؤون الدينية والأوقاف السوداني خلال استقبال وفد الأئمة المصريين بالخرطوم (من الموقع الرسمي لوزارة الأوقاف بمصر)
وزير الشؤون الدينية والأوقاف السوداني خلال استقبال وفد الأئمة المصريين بالخرطوم (من الموقع الرسمي لوزارة الأوقاف بمصر)
TT

مصر والسودان لتعزيز التعاون في تجديد الخطاب و«مجابهة التطرف»

وزير الشؤون الدينية والأوقاف السوداني خلال استقبال وفد الأئمة المصريين بالخرطوم (من الموقع الرسمي لوزارة الأوقاف بمصر)
وزير الشؤون الدينية والأوقاف السوداني خلال استقبال وفد الأئمة المصريين بالخرطوم (من الموقع الرسمي لوزارة الأوقاف بمصر)

عززت مصر والسودان من تعاونهما الثنائي في تجديد الخطاب الديني، و«مجابهة التطرف»، إذ بدأت قافلة دينية لأئمة وواعظات البلدين جهودها بالخرطوم أمس، في إطار التعاون الثقافي والديني بين البلدين. وقالت مصادر في «الأوقاف المصرية» إن «القافلة الدعوية تركز على إظهار سماحة الإسلام في قبول الآخر، وعلى قيم الولاء والانتماء للأوطان، وعلى مواجهة (الأفكار المتشددة) لـ(التنظيمات المتطرفة)».
وبحسب بيان لوزارة الأوقاف في مصر، فقد «استقبل الشيخ نصر الدين مفرح، وزير الشؤون الدينية والأوقاف السوداني، مساء أول من أمس، وفد (الأوقاف المصرية) من الأئمة الواعظات، وذلك بمقر مجمع الفقه الإسلامي بالخرطوم». وقال مفرح إن «المناخ الديني متطابق في البلدين، ولم أجد في زيارتي لمصر فارقاً بين الجو الديني في مصر والسودان»، لافتاً إلى أن «الولايات التي تزورها القافلة الدعوية المشتركة، تم اختيارها بعناية فائقة، فهي ولايات ذات سمات خاصة منها التدين المعتدل والطبيعة الفطرية».
من جهته، قال حسام عيسى، سفير مصر لدى السودان، إن «الشغل الشاغل لـ(الأوقاف المصرية)، هو تجديد الخطاب الديني، والعمل على تطوير الدعوة والرقي بالدعاة»، موضحاً أن «زيارة الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، للسودان في وقت سابق، كان لها الأثر الكبير والصدى الواسع»، مضيفاً أن «تلك الزيارة فتحت آفاقاً جديدة للتعاون، خصوصاً أن المجال الديني له خصوصية في العلاقة بين البلدين».
وأكد الدكتور أشرف فهمي، منسق القافلة الدعوية من الجانب المصري، أن «الدورات التدريبية المشتركة التي تقيمها وزارتا الأوقاف المصرية والسودانية، تعمل على الانتقال من حالات الاستنارة الفردية إلى الاستنارة الجماعية، وتعد عاملاً أساسياً في تطوير الخطاب الديني والنهوض بالمستوى الفكري للأئمة، ونشر الفكر الإسلامي المستنير في مواجهة (الفكر المتطرف)»، لافتاً إلى أن «اللقاءات الدعوية المشتركة هدفها تعميق الروابط التاريخية بين البلدين، وتبادل الخبرات في تجديد الخطاب الديني، وتوطيد جسور التعاون بين البلدين، فهما جسد واحد ومصير واحد».
وذكرت «الأوقاف المصرية» أن «القافلة الدعوية هي امتداد لزيارة وزير الشؤون الدينية والأوقاف السوداني إلى مصر أخيراً، فضلاً عن مشاركة عدد من الأئمة السودانيين في برامج تدريبية وورش عمل بأكاديميتها في القاهرة». وفي وقت سابق، افتتح وزير الأوقاف المصري، ونظيره السوداني، الدورة التدريبية الأولى لأئمة مصر والسودان في القاهرة، وناقشت الدورة قضايا «تجديد الخطاب الديني، ومواجهة وتفنيد (الفكر المتطرف)».
في السياق ذاته، قال الدكتور الزبير أحمد علي، مدير مركز التحصين الفكري التابع لوزارة الأوقاف السودانية، إن «زيارة أئمة وواعظات مصر للسودان، هي تعزيز للتعارف والتواصل بين الأئمة والدعاة السودانيين والمصريين، وتبادل الخبرات العلمية والعملية»، مضيفاً أن «الوفد المصري يشارك مع 15 إماماً وداعية من الجانب السوداني، في قافلة مشتركة بـ5 ولايات، هي (الخرطوم، وجنوب دارفور، وشمال دارفور، والنيل الأبيض، وشمال كردفان)».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم