كشف جرائم حوثية جديدة في إب اليمنية

TT

كشف جرائم حوثية جديدة في إب اليمنية

ذكرت مصادر محلية في محافظة إب اليمنية (170 كيلومتراً جنوب صنعاء) التي تعد من بين أعلى المحافظات سكاناً، أن آلة القتل والقمع والتعسف الحوثية عادت من جديد لتطال المواطنين والسكان بمناطق متفرقة من المحافظة، وذلك بعد أيام فقط من توثيق المنظمات الحقوقية أكثر من 4 آلاف انتهاك ارتكبها عناصر الجماعة خلال العام المنصرم.
وعلى وقع تصاعد هذه الانتهاكات والجرائم المرتكبة من قبل الميليشيات، قالت السلطات المحلية التابعة للشرعية، إنها تعوّل على استقرار الحكومة الجديدة في عدن واستكمال تنفيذ «اتفاق الرياض»؛ تمهيداً لاستئناف العمليات العسكرية الرامية لتحرير المحافظة.
وتحدثت المصادر إلى «الشرق الأوسط» عن أن آخر تلك الانتهاكات تمثّل بتصعيد الجماعة على مدى اليومين الماضيين من حجم جرائمها وتعسفاتها بحق الكادر الوظيفي والسكان بمركز المحافظة وفي مديرياتها لإجبارهم على التظاهر بالقوة من أجل خدمة أجندة الانقلاب وأفكاره الإرهابية.
وقالت المصادر، إن جرائم القتل التي يقف مسلحون حوثيون وراء ارتكاب أغلبها، لا تزال تتصدر قائمة الجرائم في ظل انفلات أمني وعمليات سطو متواصلة على الأملاك العامة والخاصة.
وعلى صعيد جرائم القتل، أكدت المصادر، أن أربع مديريات تابعة للمحافظة هي القفر والعدين والمشنة وذي السفال، شهدت خلال يوم واحد من الأسبوع الماضي 4 حوادث قتل. وقالت، إن تلك الجرائم تمثلت بمقتل المواطن عمر عثمان العواضي على يد المسلح الحوثي المكنى «أبو صقر» في العدين (غرب إب) نتيجة خلاف على بيع ذخيرة سلاح، بينما قُتل الشاب عسكر الضبياني برصاص شاب آخر يُدعى عبد الملك مبخوت الضبياني، بمديرية المشنة، كما قتل المواطن محمد عبد الرحمن ملهي بمديرية ذي السفال (جنوب إب) برصاص المسلح عدنان علي فارس، ويعتقد أنه موالٍ للجماعة، في حين قُتل المواطن مجاهد أحمد علي الورد في مديرية القفر (شمال إب) برصاص مسلح يدعى دارس مهدي المجنحي، على خلفية قضية ثأر.
وارتكبت الجماعة بعد تلك الحوادث بيوم واحد، بحسب المصادر، جريمة قتل أخرى بحق المواطن محمود الهجام أثناء تواجده في أرضه بمنطقة أكمة الصعفاني (غرب مدينة إب) نتيجة خلاف على قطعة أرض يتشارك ملكيتها مع أحد أشقائه الذي استعان بمسلحي الجماعة.
وفي إطار مسلسل الاعتداءات الحوثية، ذكر شهود عيان في إب، أن عناصر حوثية مسلحة اعتدت قبل نحو أسبوعين بالضرب بأعقاب البنادق بحق كل من مدير مديرية الظهار ومدير عام مكتب الأشغال ونائبه الخاضعين للجماعة في المحافظة، ومن ثم إيداعهم سجن المباحث الجنائي. وأفاد الشهود بأن الأسباب تعود إلى رفضهما قيام الميليشيات بالسطو على أرض تابعة لجامعة إب بطريقة اعتبراها مخالفة للقانون وتعدياً على أملاك الدولة. ونقلت المصادر، أن الجماعة باشرت عقب الاعتداء وقطع الطريق المقابل للجامعة ببناء محال تجارية في سياق سطوها المنظم على المنشآت الحكومية، وذلك بعد يوم واحد فقط من السطو المسلح على مساحة عامة تقع أمام مبنى الاستاد الرياضي بمدينة إب، والشروع بقوة السلاح في البناء عليها.
وإلى جانب ما تشهده إب من عمليات نهب للأملاك العامة والخاصة من قبل متنفذين حوثيين أغلبهم من صعدة، تعاني المحافظة وسكانها من ارتفاع منسوب الجرائم، بما فيها القتل والتعسف والانتهاك، إذ بلغت خلال ستة أعوام ماضية، وفق تقارير محلية، أكثر من 21 ألف جريمة وقعت في مختلف مديريات المحافظة.
وكان تقرير محلي حديث كشف عن أن الجماعة، حليف إيران في اليمن، ارتكبت أكثر من 4186 جريمة وانتهاكاً في محافظة إب العام الماضي. وقالت «منظمة الجند لحقوق الإنسان»، إن غالبية الجرائم الجنائية التي تُرتكب في إب تقف وراءها عصابات مسلحة منفلتة لها علاقة بقيادات عليا داخل الجماعة.
وفي أول تعليق للسلطة المحلية المعينة من قبل الشرعية في المحافظة على هذه الانتهاكات المتصاعدة وعن الخطط المزمع اتخاذها لتحرير المحافظة، قال وكيل أول محافظة إب الشيخ محمد عبد الواحد الدعام، إن السلطة المحلية تراهن على استقرار الحكومة في عدن واستكمال تنفيذ «اتفاق الرياض» للبدء بوضع خطة شاملة لاستئناف عملية التحرير انطلاقا من محافظتي الضالع والحديدة.
وقال الدعام لـ«الشرق الأوسط»، إن «تحرير محافظة إب يدخل ضمن منظومة متكاملة واستكمال تنفيذ اتفاق الرياض واستقرار الحكومة؛ إذ سيكون لذلك تأثير كبير لتوحيد صفوف كل الأطراف التي تقاتل الحوثي؛ مما سيسهل تعزيز الجبهة ويعمل على دعم المعسكرات، خصوصا في جبهتي مريس وقعطبة».
وأضاف، أنه «بعد استقرار الحكومة وممارسة دورها من العاصمة المؤقتة عدن سيسهم ذلك في بداية عمل مؤسسي حقيقي للسلطة المحلية لمحافظة إب والذي سينعكس إيجاباً في خدمة أبناء المحافظة والعمل على توفير احتياجاتهم من المشتقات النفطية والمواد الغذائية واستقبال كل القيادات التي عانت من ميليشيا الحوثي، وصولاً إلى بناء قوة عسكرية قادرة على حسم المعركة وتحرير المحافظة».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.