«الشيوعي السوداني» يطالب بإقصاء العسكريين من «مجلس السيادة»

قال إن البرهان لا يملك حق إعلان حكومة طوارئ

TT
20

«الشيوعي السوداني» يطالب بإقصاء العسكريين من «مجلس السيادة»

في وقت تجري فيه مشاورات مكثفة لشركاء الحكم في السودان لإعلان حكومة جديدة في البلاد الخميس المقبل، صعد الحزب الشيوعي من موقفه السياسي ضد الحكومة القائمة، مطالباً بإقصاء العسكريين من مجلس السيادة، وتكوين سلطة انتقالية جديدة من القوى المدنية.
ورد القيادي بالحزب الشيوعي صدقي كبلو على حديث رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، الذي تم تسريبه من اجتماع مجلس شركاء الحكم، والذي لوح فيه بتشكيل حكومة طوارئ في البلاد، بقوله إن البرهان «لا يملك حق إعلان حكومة طوارئ».
وأضاف كبلو، في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، أنه «لا الوثيقة الدستورية، ولا أي مرجعية أخرى، تمكنه من تشكيل حكومة طوارئ في البلاد».
وانسحب الحزب الشيوعي من تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، وأوقف دعمه للحكومة الانتقالية التي تشكلت بموجب الوثيقة الدستورية التي شارك الشيوعي، إلى جانب القوى المدنية، في المفاوضات مع المجلس العسكري الانتقالي (المنحل) التي أفضت إليها، ضمن تشكيل هياكل السلطة الانتقالية في البلاد.
وأعلن كبلو أن اللجنة المركزية للحزب قررت تبني ذهاب الحكومة الانتقالية، والعمل على مراجعة وتعديل الوثيقة الدستورية لإبعاد «المكون العسكري» الذي يمثله قادة الجيش من مجلس السيادة الانتقالي، وتكوين مجلسي سيادة ووزراء من المدنيين. وقال بهذا الخصوص: «لن نقف مع هذه الحكومة لأنها خرجت عن مبادئ ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019»، مضيفاً أن الحزب «سيعمل على تأسيس تحالف سياسي عريض من قوى الثورة لإسقاط الموازنة المالية لعام 2021. وبالتالي إسقاط الحكومة الحالية».
وفي غضون ذلك، أودع تحالف قوى «التغيير» وحزب الأمة القومي قوائم مرشحيهم لرئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، للاختيار بين الأسماء المقدمة، وفقاً لمعايير الكفاءة السياسية والثقل القاعدي للأحزاب.
وأكد عضو المجلس المركزي لقوى «التغيير»، أحمد حضرة، أن إعلان الحكومة سيتم حسب المصفوفة الزمنية التي حددت إعلان الوزارة الجديدة في الرابع من فبراير (شباط). وقال حضرة لـ«الشرق الأوسط»: «لن يتأخر تشكيل الحكومة، وستتم إجراءات إقالة الوزراء، وتعيين الوزراء الجدد بالتزامن».
ومن جانبه، قال القيادي بالحزب الشيوعي، أحمد حامد، إن زيادة الإنفاق العسكري في موازنة العام الحالي يبدد موارد البلاد، ويدعم هيمنة وسيطرة العسكريين على الحكم، ويقف ضد إقامة دولة مدنية كاملة.
وأوضح حامد، أستاذ الاقتصاد بالجامعات السودانية، أن الأرقام الواردة في الموازنة عن تخفيض الإنفاق على قطاع الأمن والدفاع، في مقابل زيادة الصرف على التعليم والصحة ومعاش الناس «أرقام غير صحيحة، فقد رصدت الموازنة 211 مليار جنيه للإنفاق العسكري والأمني، وهو ما يتجاوز حجم الأموال المرصودة للقطاعات الخدمية».
وقال حامد إن الموازنة «أغفلت مساهمة شركات الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى التي تشكل اقتصاداً موازياً في البلاد، ولا تخضع لأي ضوابط أو مراجعة من وزارة المالية. كما أن أكثر من 80 في المائة من إيرادات تلك الشركات لا تدخل الخزينة العامة للدولة»، مشيراً إلى أن المرجعية الأساسية لموازنة 2021 برنامج الحكومة الاقتصادي، وسياسات صندوق النقد الدولي، وفقاً للاتفاق الموقع بين الطرفين لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد السوداني. وأكد أن المؤسسات الدولية «ترهن تخفيض وإلغاء ديون السودان الخارجية، البالغة 60 مليار دولار، بتطبيق السياسات التي يطلبها صندوق النقد الدولي كاملة».
وحذر حامد من أن استمرار الحكومة في تطبيق اقتصاد «الصدمة»، من خلال موازنة عام 2021، سيفاقم الضائقة المعيشية في البلاد، ويؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم إلى أرقام قياسية، ما سيؤدي بدوره إلى تدهور قيمة العملة الوطنية.
وتوقع الحزب الشيوعي ألا تحقق موازنة 2021 نسبة النمو المتوقعة (1 في المائة) من حجم الناتج المحلي، وذلك لعدم اهتمام الحكومة بتوفير الشروط اللازمة لتحقيق التنمية، وحل الإشكالات القائمة التي تواجه جذب الاستثمارات الأجنبية.



خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
TT
20

خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)

برغم فشل غالبية مشاريع خدمة التوصيل في العاصمة اليمنية صنعاء بسبب غلاء المعيشة، فإن الطلب عليها لم يتوقف، ويستمر مئات الشباب في تقديمها خصوصاً في شهر رمضان، وتشهد الشوارع المزدحمة قبيل مغرب كل يوم سباقاً مع الوقت يخوضه الشباب العاملون في هذه الخدمة، معرضين حياتهم للخطر.

وغالباً ما تتسبب الدراجات النارية بالكثير من الحوادث المرورية في شوارع صنعاء، ويرفع العاملون في خدمة التوصيل منسوب هذه الحوادث نتيجة رغبتهم في توصيل أكبر عدد من الطلبات لزيادة مداخيلهم، والاستجابة لإلحاح زبائنهم المطالبين بسرعة وصول الوجبات من المطاعم ومستلزمات الوجبات المنزلية من الأسواق.

ويذكر عمار سعيد، وهو عامل توصيل على دراجة هوائية، أن عمله في هذه المهنة يتطلب هدوء أعصاب وتركيزاً شديداً وقدرة على الصبر والتحمل.

ويبين سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية زبائنه يطلبون وصول الطعام بأقصى سرعة، ويستعجلونه خلال تنقلاته بإلحاح شديد وتذمر، ما قد يفقده التركيز أثناء قيادة دراجته، وكثيراً ما يكون مضطراً لتوصيل أكثر من طلب في الوقت نفسه في اتجاهات مختلفة.

عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)
عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)

وكانت خدمة التوصيل في العاصمة صنعاء ومدن أخرى قد شهدت ازدهاراً كبيراً منذ 5 أعوام بسبب حائجة كورونا (كوفيد 19) وما تسببت به من عزوف عن الاختلاط والخروج من المنازل، وهو ما دفع بعدد من المستثمرين إلى إنشاء شركات توصيل تستخدم تطبيقات على الهواتف المحمولة.

ويكشف مقيمون في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنه، وبرغم إيقاف العديد من شركات التوصيل نشاطها وتسريح العاملين فيها خلال الأعوام الماضية، فإن الخدمة ذاتها لم تتوقف، بل تشهد تزايداً نسبياً من خلال طلب العائلات والأفراد لها من شبان يتعاملون معهم باستمرار، إلى جانب توظيف المطاعم الكبيرة لعمال توصيل.

ثراء غير متوقع

يستغرب الكثير من المتابعين للوضع في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ظهور وانتشار خدمة التوصيل، في حين يعاني غالبية السكان من أوضاع معيشية صعبة ومعقدة، ولا يملكون القدرة على شراء الطعام من المطاعم، ناهيك عن دفع المزيد من الأموال مقابل خدمة توصيله.

المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)
المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)

وبحسب هؤلاء، فإن العاصمة صنعاء تشهد اتساع رقعة البطالة وإغلاق العديد من الشركات التجارية وهروب أصحاب الأموال والاستثمارات، ولم يتبقَّ فيها إلا من لا يستطيع المغادرة لعدم مقدرته على ذلك، أو من لا يخشى على نفسه وممتلكاته من ممارسات الجماعة الحوثية.

إلا أن الباحث الاقتصادي اليمني عادل شمسان يشير إلى أن الإقبال على طلب خدمة التوصيل يأتي بسبب نشوء فئة واسعة تمكنت من الإثراء مستفيدة من الانقلاب والحرب، وهي الفئة التي تسيطر مظاهر ثرائها على المشهد في صنعاء من خلال ظهور أنواع جديدة من السيارات الفارهة والقصور الكبيرة وزيادة النشاط العمراني، مقابل اتساع دائرة الفقر والفاقة.

ويوضح شمسان لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الفئة الجديدة نشأت من خلال أعمال النهب المنظم، أو العشوائي، لموارد المؤسسات العامة وأعمال الجباية والإتاوات المفروضة على غالبية السكان، وابتزاز الشركات التجارية ورجال الأعمال والمستثمرين، وتكوين طبقة من المستثمرين الطفيليين الذين سعوا للإثراء من خلال الأموال المنهوبة أو بالشراكة الإجبارية مع أصحاب رؤوس الأموال.

شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)
شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)

ويرى مراقبون للشأن اليمني في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية أن هناك فئة أخرى تمكنت من الإثراء من خلال العمل أو النشاط في تقديم المساعدات الإغاثية، سواء مع المنظمات الدولية والأممية أو المحلية، وهو النشاط الذي يشهد فساداً واسعاً بحسب العديد من التقارير.

أطعمة جديدة

يعدّ انتشار خدمة التوصيل في صنعاء أمراً لافتاً، كون الأوضاع المعيشية فيها لا تؤهل لذلك، إلى جانب أن المطاعم الشعبية منتشرة في كل الشوارع والأحياء وبالقرب من جميع المساكن تقريباً، في حين يفضل غالبية السكان إعداد الطعام في المنازل.

تقول لبنى عقلان، وهي طبيبة أسنان، إنها وحتى سنوات قليلة مضت، لم تكن تطلب هذه الخدمة كما هي عليها الآن، وكانت تكتفي بالاتصال الهاتفي إلى الكافتيريا الموجودة في نفس البناية التي تقع فيها عيادتها لطلب الطعام، فيقوم أحد العاملين بإيصاله خلال دقائق معدودة.

انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)
انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)

لكن الأعوام الأخيرة شهدت، بحسب حديث عقلان لـ«الشرق الأوسط»، افتتاح مطاعم تقدم وجبات جديدة ومميزة، وهو ما يغري بطلب إيصالها بسبب ازدحام أوقات العمل وعدم القدرة على التنقل إليها والعودة بسرعة.

أما عصام شرف، وهو اسم مستعار لمعلم فيزياء في إحدى كبريات مدارس العاصمة صنعاء، فيلفت إلى أن طلبات توصيل الطعام تعدّ رفاهية لا يحصل عليها سوى من يملكون القدرة على ذلك، وقد حظي بها بسبب عملها في تقديم الدروس الخصوصية.

الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)
الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)

ووفق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فإن الطلاب الذين يقدم لهم الدروس الخصوصية، وغالبيتهم من عائلات ثرية، يطلبون الطعام لهم وله خلال جلسات الدراسة، فيحصل على وجبات لم يكن يفكر حتى بها بسبب أسعارها المرتفعة، وأحياناً يأخذ ما تبقى منها لعائلته في المنزل.

وتساعد مشاريع إعداد الطعام بالمنازل في استمرار خدمة التوصيل، حيث يعتمد أصحاب هذه المشاريع، وأغلبهم من النساء، على شبان يعملون على دراجات نارية أو هوائية في توصيل الطعام إلى الزبائن.