لجنة نيابية تجري تغييرات «شبه كلية» على موازنة العراق

TT

لجنة نيابية تجري تغييرات «شبه كلية» على موازنة العراق

قالت اللجنة المالية في البرلمان العراقي الذي يشهد منذ أسابيع مناقشات حامية للوصول إلى صيغة نهائية بشأن الموازنة المالية الاتحادية التي أقرتها الحكومة تمهيدا للتصويت عليها داخل البرلمان، إنها أجرت «تغييرا شبه كلي» على الموازنة. ويأتي ذلك فيما تتواصل الزيارات المكوكية لوفود إقليم كردستان إلى بغداد للوصول إلى صيغة اتفاق لتثبيت حق الإقليم في الموازنة المرتقبة.
كان البرلمان الاتحادي أجرى، مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، القراءة الأولى لمسودة مشروع قانون الموازنة الذي أقرته حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي. ووفقاً للمسودة، فقد بلغت قيمتها 164 تريليون دينار عراقي (أكثر من 100 مليارات دولار) وقيمة عجز تبلغ 63 تريليون دينار، واستندت الموازنة التي تعتمد في مجملها على إيرادات النفط على سعر 42 دولاراً للبرميل الواحد.
ومثلما كان متوقعا، أجرت اللجنة المالية تغييرات عديدة على مسودة الحكومة، خاصةً في الجوانب المتعلقة بخفض الإنفاق وقضية الاستقطاعات التي فرضتها على مرتبات القطاع العام وسعر صرف الدينار الذي لجأ البنك المركزي لخفض سعر صرفه أمام الدولار الأميركي في مسعى للتقليل من عجز الموازنة. ويقول عضو اللجنة أحمد الصفار: إن «الموازنة خضعت لتغيير شبه كلي من قبل اللجنة المالية النيابية وتم تغيير عدد من صور الأنفاق بهدف تقليله». وذكر في تصريحات أن «اللجنة المالية تعقد اجتماعات صباحية ومسائية وأجرت أكثر من 150 استضافة لمسؤولين في الحكومة للتحقق من حقيقة التخصيصات، وثمرة الاجتماعات كانت تخفيض الإنفاق الكلي الموجود في الموازنة من 164 تريليون دينار إلى 127.5 تريليون دينار». وأضاف أن «تعظيم الإيرادات اتجه نحو رفع سعر صرف الدولار وهذا اضر بالطبقات الفقيرة لأنه أحدث تضخما في السوق العراقية وأيضاً فرضت ضرائب على الرواتب في الموازنة وكان يفترض أن تفرض بموجب قانون ضريبة الدخل لا بقانون الموازنة لأن هذه مخالفة قانونية».
ومثلما يحدث في كل عام تقريبا، اشتكى ممثلو معظم المحافظات العراقية في البرلمان من أن المبالغ المخصصة لمحافظاتهم لا تتناسب مع مواردها وحجم تمثيلها السكاني، ولعل المفاوضات المارثوانية التي تجريها الوفود الكردية مع اللجنة المالية والجهات الحكومية في بغداد، والخلافات بشأن حصة الإقليم من بين أهم المشاكل التي تواجه إقرار قانون الموازنة رغم تأكيد بعض الشخصيات الكردية على أن المفاوضات تسير بشكل مرض لجميع الأطراف.
وحول آخر ما توصلت إليه مباحثات وفد آخر من إقليم كردستان موجود حاليا بغداد حاليا، يقول مصدر كردي قريب من أجواء المفاوضات، إنها «متواصلة لتثبيت حصة الإقليم في الموازنة الاتحادية والأولوية أعداد مشروع موازنة قابل للتطبيق ويخدم مصلحة البلاد بشكل عام ومصلحة الإقليم». وكشف المصدر الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه في حديث لـ«الشرق الأوسط» عن أن «وفد الإقليم أبلغ بغداد بصريح العبارة أنه على استعداد كامل لتسليم بغداد 250 ألف برميل نفط يوميا، أو عائداته، إن رغبت بغداد، إضافة إلى موافقة الوفد على دفع 50 في المائة من موارد الإقليم غير النفطية، مثل إيرادات الجمارك والمنافذ الحدودية».
لكن المصدر لا يقلل من أهمية الصعوبات الملازمة لمسار المفاوضات وقال إن «الإقليم يفكر بكلف استخراج ونقل النفط، لأن الـ250 ألف برميل، ربما تكلف الإقليم ثمن نحو 400 ألف برميل، إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الإقليم يبيع نفطه بمعدل أقل من 10 دولارات عن الأسعار التي تبيع بها شركة النفط الاتحادية».
وبشأن ما يتردد عن أن الإقليم قد يلجأ إلى الاعتماد على موارده المالية في حال فشل المفاوضات مع بغداد، لا يستبعد المصدر ذلك، ويقول: إن «هذا احتمال وارد أن وصل الكرد إلى طريق مسدود، لكن ذلك سيعني أنه ربما سيتمكن من دفع مرتبات الموظفين لستة أشهر خلال العام، إضافة إلى فرض استقطاعات بنحو 20 - 30 في المائة من قيمة المرتبات، وذلك سينعكس بشكل سلبي على الأوضاع المعيشية في الإقليم، لكن لنأمل أن لا يحدث ذلك».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».