إحباط محاولة لإقحام طرابلس في الفوضى بهدف {إسقاط} تكليف الحريري

وفق ما قاله لـ«الشرق الأوسط» مصدر مقرب من رؤساء الحكومات السابقين

إحباط محاولة لإقحام طرابلس في الفوضى بهدف {إسقاط} تكليف الحريري
TT

إحباط محاولة لإقحام طرابلس في الفوضى بهدف {إسقاط} تكليف الحريري

إحباط محاولة لإقحام طرابلس في الفوضى بهدف {إسقاط} تكليف الحريري

كشف مصدر مقرب من رؤساء الحكومة السابقين أن المجموعات الطارئة التي استقدمت من خارج طرابلس، واندست في صفوف المتظاهرين الذين رفعوا الصوت عالياً احتجاجاً على ارتفاع منسوب الفقر والعوز، كانت تخطط لإقحام عاصمة الشمال في حالة من الفوضى يترتب عليها اندلاع صدامات دامية بين المنتفضين على واقعهم المعيشي، الذي لم يعد يطاق وبين القوى الأمنية لإسقاط تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة في الشارع الطرابلسي، وبالتالي الضغط عليه للاعتذار عن تأليفها.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن المخطط الانقلابي الذي استهدف عاصمة الشمال وُئد في مهده، وإن الحريري سيبقى صامداً في موقفه ولن يحيد عن رؤيته لقيام حكومة طبقاً للمواصفات التي حددها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مبادرته لإنقاذ لبنان.
وأكد المصدر نفسه أن رؤساء الحكومة السابقين لا يزالون على موقفهم الداعم للحريري الذي لن يقدم اعتذاره عن تأليف الحكومة، وسيبقى صامداً، ولن يخضع لحملات الابتزاز والتهويل التي يمارسها رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره السياسي بقيادة النائب جبران باسيل، وقال إن ما يصدر عنهما من حين لآخر من مواقف تتناقض والأجواء التي سادت 14 جولة من مشاورات التأليف لن تُصرف في مكان، وبات عليهما الالتفات إلى مراجعة حساباتهما، خصوصاً أن ما جرى في طرابلس كان وراء اكتشاف موقفهما على حقيقته، وإلا لماذا لم يحرك عون ساكناً وكأن طرابلس ليست مُدرجة على لائحة اهتماماته.
ولفت إلى أن طرابلس تعرضت مرتين للاعتداء في آن واحد، الأول تمثل بغياب الدولة وتعاميها عن مشكلاتها الاجتماعية والمعيشية وكأنها مشطوبة من الخريطة السياسية لـ«العهد القوي»، فيما برز الثاني على يد المجموعات الطارئة عليها، التي استقدمت من الخارج بذريعة التضامن مع المتظاهرين، وقال بأن جميع هؤلاء لم يتمكنوا من تشويه صورتها في محاولة لإظهارها وكأنها مدينة عاصية على الشرعية التي تخلت عنها بدلاً من أن تبادر للاستجابة لصرخة المتظاهرين المشروعة.
وسأل المصدر: لماذا يصر بعض من هم على رأس الدولة على معاقبة طرابلس؟ هل لأنها استجابت بلا شروط للخطة الأمنية التي وضعتها حكومة الرئيس تمام سلام أثناء تولي النائب نهاد المشنوق وزارة الداخلية، والتي أنهت مسلسل الاشتباكات بين باب التبانة وجبل محسن، رغم أنه كان يُفترض أن يتلازم تطبيقها مع خطة مماثلة لمنطقة بعلبك - الهرمل بقيت عالقة ولم تُنفذ.
ودعا المصدر نفسه إلى عدم المزايدة على موقفهم بدعم القوى الأمنية، على رأسها الجيش، وقال إن الجميع يتذكر وقوف الحريري إلى جانب قائده العماد جوزف عون طوال استهدافه بحملات سياسية من قبل التيار المحسوب على باسيل، وأكد أن دفاعه عن المؤسسة العسكرية ينم عن قناعته بتوفير كل الدعم لها، لأنها تشكل إلى جانب قوى الأمن الداخلي العمود الفقري للحفاظ على الاستقرار.
وكشف المصدر أن الحريري - حسب ما أعلم رؤساء الحكومة السابقين - كان أبدى مجموعة من الملاحظات على التعيينات والتشكيلات التي جرت أخيراً في المؤسسة العسكرية، وحذر من عدم إخضاعها لمراعاة هذا الطرف أو ذاك لما يترتب عليها من انعكاسات على أداء عدد من الضباط الذين عُينوا أخيراً، تحديداً في الشمال، وهذا ما حصل إبان ما شهدته طرابلس أخيراً. وفي هذا السياق، رأى المصدر أن هناك ضرورة للتنسيق بين الأجهزة الأمنية، خصوصاً بين الجيش وقوى الأمن، وقال إنه يتبنى بعض الملاحظات التي أبدتها أثناء تصديها للمندسين في صفوف المتظاهرين، خصوصاً أن لا قدرة عددية لديها لنشر عناصر قوى الأمن حول محيط السرايا، وأن همها توفير الحماية لها لمنعهم من اقتحامها وإحراقها، كما حصل في دار البلدية، لا سيما أن مجرد نشرها سيؤدي إلى تشتيت قوتها لأنها لا تقع في منطقة مقفلة، وبالتالي اضطرت للحفاظ على قوتها.
في المقابل، كشف مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن اجتماع قادة الأجهزة الأمنية في حضور وزير الداخلية العميد محمد فهمي، أجرى تقويماً لما حصل في طرابلس، وتوقف المجتمعون أمام بعض الثغرات التي حصلت وتقرر تفاديها بتفعيل التنسيق بين الجيش وقوى الأمن، وقال إن العماد عون والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان توافقا على أنه سبق للمجموعات التي اندست في صفوف المتظاهرين أن شاركت في أعمال الشغب التي استهدفت الأملاك الخاصة والعامة في بيروت، ومن قبلها في طرابلس، وجاءت من مناطق عدة. وأكد المصدر نفسه أن اتهامها بالتخريب والعبث بأمن المواطنين لم يكن مجرد تهمة، وإنما يستند إلى ما لدى الأجهزة من أدلة مدعومة بالصوت والصورة، وقال إن هناك جهات تديرها وترعاها مالياً ويُفترض أن يصار إلى ملاحقتها وتوقيفها، خصوصاً أنها أنفقت الملايين من الليرات اللبنانية لشراء المفرقعات والحصول على القنابل اليدوية الحربية، وهذا ما يعجز عن تأمينه من يشارك في المظاهرة طلباً للقمة العيش، وإلا لكان أنفق أثمانها على عائلته.
وبالعودة إلى رؤساء الحكومة، قال مصدر مقرب منهم إن ما أبدوه من ملاحظات تتعلق بدور الجيش لا يعني بأنهم تخلوا عن دعمهم للمؤسسة العسكرية، وتواصلهم مع العماد عون الذي سارع إلى تعزيز وجوده في طرابلس، واعتبر أن اختيار المجموعات المندسة لعاصمة الشمال للعب بأمنها واستقرارها جاء عن سابق تصور وتصميم لأنهم أرادوا توجيه رسالة للحريري بأن بيئته تنتفض ضده، وهي التي تسقطه، بخلاف اختيارها لبيروت التي تتداخل فيها القوى السياسية وليست صافية طائفياً كطرابلس التي تُعتبر البوابة للعبور إلى الكثافة التي تتمتع بها الطائفة السنية.
فالشمال يحتضن أكثر من 48 في المائة من الطائفة السنية في لبنان، وهذا ما يفسر توجه المندسين إلى طرابلس لإسقاط الخطوط الدفاعية التي تقف في وجه المحاولات الرامية إلى استباحتها من جهة، ولتوجيه رسالة إلى الحريري ورؤساء الحكومة السابقين ومن معهم بأن مشكلتهم مع بيئتهم السياسية والطائفية قبل أن تكون مع عون.
وعليه، فإن الحريري - كما يقول المصدر - لن يسكت بعد الآن وهو يستعد لإعلان موقف في الذكرى السادسة عشرة لاغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري يضع فيه النقاط على الحروف، آخذاً في الاعتبار ما ستؤول إليه المبادرة الفرنسية، مع أن الأولوية كانت وما زالت لتشكيل الحكومة باعتبارها الممر الإلزامي لإنقاذ لبنان.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».