أثارت تصريحات قائد جيش ميانمار قلق سفارات أكثر من عشر دول إضافة إلى الأمم المتحدة، حول إبطال الدستور، في حين دعت أحزاب سياسية بورمية صغيرة إلى تسوية بين حزب أونغ سان سو تشي «الرابطة الوطنية للديمقراطية» والجيش.
التحرك الدولي أجبر الجيش البورمي على تخفيف حدة تصريحاته، وعبّر الجيش عن التزامه بدستور البلاد، أمس. وأصدر بياناً أوضح فيه أنه أُسيء فهم تصريحات قائده، لكنه لم يدحض بشكل واضح احتمال وقوع انقلاب وشيك. وتصاعد التوتر إثر رفض متحدث باسم الجيش استبعاد إمكانية تنفيذ انقلاب. وتزايدت المخاوف الدولية (الأربعاء) بعدما قال قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلينغ -الشخصية الأكثر نفوذاً في بورما- إن إبطال الدستور الذي أُقرّ عام 2008 قد يكون «ضرورياً» في ظل ظروف معيّنة. وأشار الجيش لأسابيع إلى وجود تجاوزات واسعة النطاق في الانتخابات التي نُظِّمت في نوفمبر (تشرين الثاني) وحققت فيها «الرابطة الوطنية للديمقراطية»، وهو حزب أونغ سان سو تشي الحاكم، فوزاً ساحقاً. وخلّفت تصريحاته التي تُرجمت إلى الإنجليزية ونشرتها صحيفة يديرها الجيش، صدمة في الديمقراطية الناشئة بعد عقد فقط على انتهاء الحكم العسكري الذي امتد 49 عاماً.
وجاء في بيان الجيش، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، أن «منظمات ووسائل إعلام أخرى أساءت تأويل خطاب قائد الجيش... من دون احترام النص الكامل للخطاب». وأضاف أن الجيش «ملتزم بالدستور النافذ (...) وسينفّذ مهامه في حدود القانون ومع الحفاظ عليه». وأُلغي دستور البلاد آخر مرة عام 1988 عندما أعاد الجيش الإمساك بالحكم إثر انتفاضة شعبية. وقاد الخلاف إلى تدخل أعلى سلطة روحية بوذية في البلاد، إذ أصدر رهبان بارزون في المجمع الرسمي للديانة بياناً، مساء أول من أمس (الجمعة)، دعوا فيه إلى إجراء مفاوضات «عوض السجالات الحادة».
يتحدث الجيش عن وجود عشرة ملايين حالة تزوير في الانتخابات التي جرت في نوفمبر، ويريد التحقيق في الأمر، وقد طالب مفوضية الانتخابات بالكشف عن لوائح التصويت للتحقق منها. ولاقت مطالبته تأييداً من أنصار الجيش الذين تجمّع مئات منهم أمس (السبت)، أمام معبد «شويداغون» الشهير قرب رانغون، للتنديد بمفوضية الانتخابات. وانضم إليهم رهبان قوميون متشددون حملوا لافتات ترفض «التدخل من دول أجنبية».
وفي الأثناء، شهد بعض الأحياء في يانغون رفع الأعلام الحمراء المميزة للرابطة الوطنية للديمقراطية على النوافذ كما زيّنت واجهات المتاجر، في دعم واضح لحكومة أونغ سان سو تشي.
ونفت المفوضية (الخميس) مزاعم التزوير وأكدت أن الاقتراع كان حراً ونزيهاً وذا مصداقية، لكنها أقرّت بوجود «ثغر» في قوائم الناخبين. وقال المؤرخ تانت مينت يو، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الأولوية الآن هي حماية انتقال بورما الشّاق إلى الديمقراطية».
وتدارك: «لكن من المهم أيضاً إيجاد حل للأزمة الحالية لا يضر باحتمالات السلام في المستقبل». وبدأت المحكمة العليا الاستماع إلى الشكاوى ضد رئيس اللجنة الانتخابية، الجمعة. وكانت السفارة الأميركية، إلى جانب 16 دولة بينها القوة الاستعمارية البريطانية السابقة وبعثة الاتحاد الأوروبي، قد أصدرت بياناً الجمعة حث الجيش على «الالتزام بالمعايير الديمقراطية».
وجاء في البيان: «نتطلع إلى التئام البرلمان سلمياً في الأول من فبراير (شباط) مع انتخاب رئيس الجمهورية ورئيسي المجلسين».
وأضاف: «نعارض أي محاولة لتغيير نتائج الانتخابات أو تعطيل الانتقال الديمقراطي في بورما». كما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن «قلقه البالغ» حيال التطورات الأخيرة في بورما، وفق ما نقل عنه المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك في بيان. وحض «جميع الفاعلين على الامتناع عن أي شكل من أشكال التحريض أو الاستفزاز، والتحلي بحس المسؤولية والالتزام بالمعايير الديمقراطية واحترام نتائج (الانتخابات)».
ومع تضرر بورما بشدة من تداعيات انتشار فيروس «كورونا»، حضّت أحزاب أصغر، الجيش والرابطة الوطنية للديمقراطية على حل الخلاف السياسي عبر الحوار والتركيز على مكافحة الفيروس.
جيش ميانمار يتراجع عن تصريحات عكست نيته تنفيذ انقلاب
ضغط دولي أجبره على تأكيد التزامه الدستور
جيش ميانمار يتراجع عن تصريحات عكست نيته تنفيذ انقلاب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة