الأرجنتين تشيع المدعي العام المكلف التحقيق في الهجوم على المركز اليهودي

مساع لفك لغز وفاته وسط انقسام بين فرضيتي التصفية والانتحار

الأرجنتين تشيع المدعي العام المكلف التحقيق في الهجوم على المركز اليهودي
TT

الأرجنتين تشيع المدعي العام المكلف التحقيق في الهجوم على المركز اليهودي

الأرجنتين تشيع المدعي العام المكلف التحقيق في الهجوم على المركز اليهودي

شُيع المدعي العام الأرجنتيني ألبرتو نيسمان الذي كان مصمما على كشف ملابسات الاعتداء الذي استهدف مركز الجمعيات اليهودية في بوينس آيرس عام 1994، وتوفي بشكل غامض في 18 يناير (كانون الثاني) الحالي، أمس - إلى مقبرة اليهود في المدينة.
وصدم الأرجنتينيون بمقتل هذا القاضي البالغ من العمر 51 عاما والمعروف بتكتمه وجديته، وبات الجميع يتساءل حول ما إذا كان الرجل انتحر أم أنه تعرض إلى تصفية.
وكان نيسمان قد أثار الاهتمام في 14 يناير عندما اتهم الرئيسة كريستينا كيرشنر بعرقلة تحقيق القضاء في الاعتداء ضد مركز الجمعيات اليهودية. وكان يفترض أن يتحدث في 19 يناير أمام البرلمان بحضور حشد كبير من الإعلاميين، وأثارت وفاته عشية جلسة الاستماع هذه الشكوك.
وبمناسبة تشييعه أمس إلى مقبرة لاتابلادا بالقرب من بوينس آيرس طالب وفد الجمعيات اليهودية في الأرجنتين بيوم حداد وطني.
وكان الرئيس نستور كيرشنر الذي حكم البلاد من 2003 إلى 2007، عين نيسمان رئيسا للتحقيق لكشف مدبري الهجوم ومحاكمتهم، وكان يعمل على هذا الملف أصلا منذ عام 2000، وقد رجح على الفور فرضية تورط إيران. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2006، اتهم إيران بأنها تقف وراء الهجوم، وحزب الله بتنفيذ التفجير في بوينس آيرس.
وكان قريبا من خايمي ستيوسو رئيس عمليات أمانة الاستخبارات المكلف ملف الاعتداء في الاستخبارات.
وكشفت برقيات دبلوماسية نشرها موقع «ويكيليكس» عن قربه من واشنطن عبر السفارة الأميركية في بوينس آيرس. وكان يظهر من حين لآخر على التلفزيون ليتحدث عن هذا الملف، لكن ما دفعه إلى الواجهة هو اتهامه الرئيسة قبل أن تحوله وفاته الغامضة والوحشية إلى شهيد للعدالة.
وكان نيسمان منفصلا منذ 3 سنوات عن زوجته القاضية الفيدرالية ساندرا أرويو سالغادو ويشعر بالقلق من أن تؤدي العاصفة الإعلامية التي بدأت تتشكل حوله إلى الإضرار بابنتيه البالغتين من العمر 7 سنوات و15 سنة.
ونيسمان كان ابن متعهد في قطاع النسيج ودرس في جامعة بوينس آيرس قبل أن يعمل في القضاء.
وفي صالة رياضية كان يرتادها، يصفه مدربه الشخصي بأنه «منظم وجدي». وكان يتبع برنامجا خاصا بسبب آلام في الظهر. وكان هذا القاضي يعيش في شقة فخمة في الطابق الثالث عشر من مبنى حديث جدا في حي بورتو ماديرو، المنطقة الساحلية التي تحولت إلى حي تجاري ولسكن الأثرياء.
وخصص 10 شرطيين لحمايته لاهتمامه بملف بالغ الحساسية.
وعلى حسابه على خدمة الرسائل (واتس أب) استبدل صورة له مع ابنته ليضع رسالة «هدوء نحن لا نفاوض الإرهاب». وهذه التعديلات وغيرها أدخلها قبل ليلة من وفاته.
واعترف دييغو لاغومارسينو مهندس المعلوماتية البالغ من العمر 35 عاما وكان يتمتع بثقته، بأنه سلمه مسدسا من عيار 22 ملم عشية موته.
وعثر على نيسمان ميتا برصاصة في الرأس أطلقت من المسدس الذي أعاره له لاغومارسينو وكان بالقرب منه.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أمس أن العناصر الأولى للتحقيق تشير إلى أن موته كان انتحارا، لكن غالبية الأرجنتينيين، بما في ذلك المعارضة وكيرشنر، يعتقدون أنه تمت تصفيته.
ويوم إعلان موته، نزل آلاف الأرجنتينيين إلى الشوارع في مختلف المدن وهم يرفعون لافتات كتب عليها «أنا نيسمان».
ولم يجر تشريح للجثة، إذ قالت المدعية العامة فيفيانا فين، المسؤولة عن التحقيق في وفاة نيسمان، إن زوجته السابقة القاضية ساندرا أرويو قالت لها إنها لا ترى أن ثمة حاجة إلى تشريح للجثة.
وتسببت الوفاة الغامضة لنيسمان في دفع الرئيسة كيرشنر إلى إصدار أوامر بإصلاح جهاز الاستخبارات، وأحالت كيرشنر مشروع قرار إلى البرلمان يدعو لإصلاح جهاز الاستخبارات ودعت إلى عقد جلسة خاصة للمشرعين تبدأ في الأول من فبراير (شباط) المقبل.
وقالت الرئيسة كيرشنر إنها مقتنعة بأن الرجل لم ينتحر، وأعلنت أن ذلك يأتي ضمن تحركات لزعزعة استقرار حكومتها. وذكرت فين التي تقود التحقيق أنها أمرت بمزيد من التحقيقات، لكنها لن تجعلها علنية حفاظا على التحقيقات الجارية.



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».