تركيا على وقع «تسخين سياسي مبكر» قبل انتخابات 2023

تراشق حاد واتهامات متبادلة بين إردوغان والمعارضة.. والانتخابات المبكّرة ورقة للتجاذب

تركيا على وقع «تسخين سياسي مبكر» قبل انتخابات 2023
TT

تركيا على وقع «تسخين سياسي مبكر» قبل انتخابات 2023

تركيا على وقع «تسخين سياسي مبكر» قبل انتخابات 2023

تشهد تركيا صراعاً ساخناً مبكراً، يسبق بأكثر من سنتين الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في يونيو (حزيران) 2023، ومعه يتصاعد الحراك السيسي على جبهتي حزب «العدالة والتنمية» الحاكم برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان وأحزاب المعارضة وسط توترات وانشقاقات وضغوط من أجل التوجه إلى الانتخابات المبكرة.
في هذا الجو باشر إردوغان وحزبه مراجعة ملفات السياسة الخارجية التي تسببت في العديد من المشاكل لتركيا، ولا سيما، في ظل ما تعانيه من أزمة اقتصادية تلقي بظلالها على الواقع السياسي. وانعكس هذا في استدارة ملحوظة لتخفيف التوتر مع الاتحاد الأوروبي في ظل ترقب لنهج إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن تجاه أنقرة.
وفي المقابل ترتفع أصوات المعارضة مطالبة بانتخابات مبكرة بحجة انسداد الأفق وعجز حكومة إردوغان عن حل مشاكل البلاد، وبخاصة الأزمة الاقتصادية التي بدأت مع تطبيق النظام الرئاسي الذي منحه صلاحيات واسعة، والتي انعكست في انهيار الليرة التركية وتصاعد معدلات التضخّم والبطالة. وبينما ترى المعارضة في الانتخابات المبكرة فرصة للخلاص من حكم «العدالة والتنمية» المستمر منذ 19 سنة، يرفضها إردوغان، ولا يرى ما يبررها.

عمل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال الأشهر الأخيرة على تصعيد التوتر مع المعارضة مركزا حملته، بصفة أساسية، على أكبر أحزابها، حزب «الشعب الجمهوري» ورئيسه كمال كليتشدار أوغلو، عبر جملة من الاتهامات بالفشل وتورط أعضاء بارزين في الحزب بفضائح تحرش، وصولاً إلى دعم الإرهاب والتقارب مع حزب «الشعوب الديمقراطية» المؤيد للأكراد، الذي يتهمه إردوغان بأنه الذراع السياسية لحزب العمال الكردستاني، المصنف كمنظمة إرهابية.
في المقابل، يهاجم كليتشدار أوغلو، وباقي قادة أحزاب المعارضة، إردوغان ويتهمونه بالفساد والإسراف ويحملونه المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية التي حلّت بالبلاد نتيجة تسليمه ملف الاقتصاد إلى صهره برات ألبيراق، وزير الخزانة والمالية السابق الذي أجبر على الاستقالة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إثر تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
كليتشدار أوغلو انتقد أخيراً «الانتقاد الوحشي» الذي يتعرض له حزبه من قبل «العدالة والتنمية» متهماً حزب إردوغان باستهداف «الشعب الجمهوري» طيلة السنوات الـ19 الأخيرة، وتسبب في تردي الأحوال الاقتصادية للشعب، لدرجة أنهم باتوا يجمعون الطعام من صناديق القمامة. وقال إن معارضته لسياسات إردوغان ليست من أجل تحقيق مكاسب شخصية، فـ«نحن لا نقاتل من أجل القصور، نحن نكافح من أجل بلادنا، وحل مشاكل الشعب، بينما يعمل إردوغان لصالح المرابين في الخارج».
وحقاً، اتّسع حراك أحزاب المعارضة التركية بهدف تشكيل تحالف واسع يواجه «تحالف الشعب» المؤلف من حزبي «العدالة والتنمية» الحاكم و«الحركة القومية» برئاسة دولت بهشلي. ودخل «الشعوب الديمقراطية»، الذي يعد ثاني أكبر أحزاب المعارضة في البلاد، على الخط بطلب لقاءات مع قادة أحزاب المعارضة لبحث مشاكل تركيا الأساسية، بينما يواصل إردوغان مساعيه لضم أحزاب أخرى إلى تحالفه مع «الحركة القومية». فقد طلب الرئيسان المُشاركان لحزب «الشعوب الديمقراطية» بروين بولدان ومدحت سنجار عقد لقاءات مع رؤساء أحزاب «الشعب الجمهوري»، و«الديمقراطية والتقدم» الذي يرأسه نائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان، و«المستقبل» برئاسة رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، و«السعادة» الذي يرأسه تمل كرم الله أوغلو، الذي بادر بتحديد موعد للقاء يعقد (الاثنين).

- حراك التحالفات
هذا، وأطلقت أحزاب المعارضة التركية منذ أشهر حركة زيارات متبادلة شملت بصفة أساسية أحزاب «الشعب الجمهوري» و«الجيد» (وهما الشريكان في «تحالف الأمة») و«الديمقراطية والتقدم» و«السعادة»، إلا أنها استثنت في البداية «الشعوب الديمقراطية» الذي يواجه اتهامات من جانب الرئيس إردوغان وحليفه «القومي» بهشلي، بدعم الإرهاب وبأنه الذراع السياسية لحزب العمال الكردستاني المحظور. وأجريت هذه اللقاءات لتبادل وجهات النظر حول المشاكل الرئيسية للبلاد و«جسّ النبض» حول التعاون المستقبلي.
عملياً دعم «الشعوب الديمقراطية» تكتل «تحالف الأمة» (المناوئ لإردوغان) في الانتخابات المحلية خلال نهاية مارس (آذار) 2019 التي تكبد فيها «العدالة والتنمية» الحاكم خسائر ضخمة، وفقد فيها كبريات المدن التي سيطر عليها باستمرار، وعلى رأسها إسطنبول وأنقرة. ومن ثم، بعثت مختلف الأحزاب برسائل إيجابية على مدى الشهور الماضية بشأن الحوار والتنسيق مع حزب «الشعوب الديمقراطية»، بدأت من «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، وامتدت إلى حليفه حزب «الجيد» المحسوب على التيار القومي والذي ترأسه السياسية المخضرمة ميرال أكشينار، مرورا بـ«الديمقراطية والتقدم» و«المستقبل» - أحدث حزبين خرجا من رحم «العدالة والتنمية» - ومن حزب «السعادة» ذي الجذور الإسلامية.
وقرّرت قيادة «الشعوب الديمقراطية»، الذي بات مستهدفاً بدعوات لإغلاقه كرّرها غير مرة بهشلي، حليف إردوغان، اتخاذ خطوات ومبادرات لتوسيع أرضية الحوار مع أحزاب المعارضة. وفي هذا السياق، طلب بولدان وسنجار، مواعيد من الأحزاب الأربعة (الشعب الجمهوري، الديمقراطية والتقدم، المستقبل، السعادة)، ولم يطلب الحزب لقاء مع أكشينار نظرا للحساسيات بين القوميين والأكراد، وإن كانت أكشينار قد أعلنت أخيراً استعدادها لاستقبال الرئيس المشارك السابق للحزب صلاح الدين دميرطاش رداً على رسالة بعث بها من داخل محبسه متسائلاً فيها «هل لو طرقتك بابك يوماً ذات صباح لتناول الشاي، هل ستسمحين» وردّت «بالطبع سأستقبلك».
في أي حال، يسود الاعتقاد في الأوساط السياسية التركية بأن هذه اللقاءات والزيارات هدفها التحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في يونيو (حزيران) 2023، أو احتمالات التوجه إلى الانتخابات المبكرة، والخروج بتوافق بين أحزاب المعارضة وتشكيل تحالف واسع منها لمواجهة تحالف إردوغان - بهشلي. وفي الوقت نفسه، يسعى إردوغان بدوره لضم أحزاب أخرى له حيث عقد لقاءات مع قيادات من حزب «السعادة» ورؤساء أحزاب «الوحدة الكبرى» و«الديمقراطي» و«اليسار الديمقراطي» في محاولة لإقناعهم بالانضمام إلى تحالفه «تحالف الشعب» قبل الانتخابات المقبلة.
المراقبون يتوقّعون الآن أن يعلن حزبا «الشعب الجمهوري» و«الجيد الشريكان» في « تحالف الأمة»، خلال أيام، عن مقترحات بشأن حل المشاكل القائمة، والعودة إلى النظام البرلماني بعد تعزيزه، وذلك بسبب المشاكل التي نجمت عن النظام الرئاسي منذ تطبيقه عام 2018 وتأثيره السلبي على الاقتصاد وعلاقات تركيا بالخارج. وبالإضافة إلى خطة العمل مع الأحزاب، ستبحث احتمالات تشكيل تحالف واسع صدرت إشارات بشأنه عن كليتشدار أوغلو وأكشينار عدة مرات. وفي حين يدور حديث عن تشكيل تحالفات مختلفة يبدو أن هناك ميلا من أحزاب المعارضة إلى توسيع «تحالف الأمة» الحالي لأن هذا هو الطريق المضمون في حال رغبت المعارضة في إزاحة إردوغان وحزبه من السلطة.

- الانتخابات المبكرة
جدير بالذكر، أن المعارضة تعمدت «تسخين الأجواء» بمطالبتها بالانتخابات المبكرة، لرغبتها في انتهاز الأوضاع الراهنة التي يعاني فيها الاقتصاد التركي بشدة، ويواجه الأتراك أوضاعا اقتصادية تذكّرهم بالأزمة التي عاشوها عام 2001 قبل صعود «العدالة والتنمية» إلى سدة الحكم.
ولكن، كما سبقت الإشارة، رداً على مطالبات المعارضة المتصاعدة بالانتخابات المبكرة، أكد إردوغان أن هذا الأمر غير وارد، وأن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستجرى في موعدها المقرر في يونيو 2023، وتابع أن «على من يطالبون بالانتخابات المبكرة الانتظار على الأبواب» حتى يونيو 2023، مضيفاً أن الانتخابات المبكرة حلم للمعارضة، وهي تخالف الديمقراطية.
ومما قاله إردوغان «لن نجري انتخابات مبكرة في أي حال من الأحوال... إجراء انتخابات مبكرة أمر غير وارد ولا نقاش فيه. الانتخابات المبكرة مطلب وحلم الأحزاب السياسية المعارضة، التي لم تستقر بعد، في إشارة إلى حزبي (الديمقراطية والتقدم) الذي أسسه نائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان في مارس الماضي و(المستقبل) الذي أسسه رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو في ديسمبر (كانون الأول) 2019 بعد انشقاقهما عن (العدالة والتنمية) الحاكم، ولن نحقق لهم هذا الحلم، فهم يخشون ما يمكننا تحقيقه... نحن لسنا في عجلة من أمرنا».
على هذا الكلام، رد «الشعب الجمهوري» لافتاً إلى «أن الشعب هو من ينتظر على الأبواب من أجل أن ينهي حكمه (أي إردوغان) الذي قاد البلاد إلى أزمة اقتصادية لم تشهدها من قبل بسبب سياساته». وللتذكير، سبق أن لجأ إردوغان إلى الانتخابات المبكرة في أول نوفمبر 2015 بعد إخفاق حزبه في تحقيق الغالبية التي تمكّنه من الحكم منفردا في الانتخابات التي أجريت في 7 يونيو من العام ذاته. ثم أجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية مبكرا عن موعدها أيضا في 24 يونيو 2018، لاستعجال تطبيق النظام الرئاسي الذي وسع من صلاحياته بشكل غير مسبوق.

- تراجع حزب إردوغان
استطلاعات الرأي، التي أجريت في تركيا على مدى الأشهر الأربعة الأخيرة، تظهر حالياً أن فرصة إردوغان في الفوز بالرئاسة تبدو ضعيفة جدا بعد ظهور الكثير من المنافسين الأقوياء له، في مقدمتهم منصور ياواش رئيس بلدية أنقرة وأكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول المنتمين إلى حزب «الشعب الجمهوري»، وارتفاع شعبية أكشنار رئيسة حزب «الجيد»، فضلا عن دخول باباجان وداود أوغلو السباق كمنافسين لرفيقهما السابق. وتظهر الاستطلاعات أيضاً تراجع نسبة تأييد «العدالة والتنمية» الحاكم و«تحالف الشعب» الذي يضمه و«الحركة القومية». وأن نحو نصف الناخبين الأتراك باتوا يؤيدون إجراء انتخابات مبكرة.
في هذه الأثناء، يعقد إردوغان منذ أسابيع لقاءات مع قادة الأحزاب المنتمية للتيار الإسلامي وتياري اليمين واليسار المعتدل، وهي في المجمل أحزاب صغيرة، لإقناعهم بالانضمام إلى «تحالف الشعب» بقيادته لتعزيز فرصته في الانتخابات المقبلة، كما استأنف إردوغان منذ أسبوعين عقد مؤتمرات فروع حزبه في أنحاء البلاد عبر «الفيديو كونفرنس» تمهيدا للمؤتمر العام في مايو (أيار) المقبل في مسعى لتقوية قواعد الحزب قبل المؤتمر العام. كما أعلن إردوغان مراراً عن حزمة إصلاحات قانونية واقتصادية جديدة يقول إنها ستنقل البلاد إلى مرحلة جديدة.

- تحول في السياسات
أما على صعيد السياسة الخارجية، فقد بدأت حكومة إردوغان التلويح بتغيير السياسة الخارجية لتصبح أكثر توافقية، عبر فتح صفحات جديدة وتسوية الأزمات مع بعض الدول التي قادت إلى عزلة تركيا في محيطها. وجرى رصد استدارة جديدة من إردوغان نحو الغرب عقب قمة قادة الاتحاد الأوروبي في 10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حين بدأ يردد على مدى أسابيع رغبته في فتح صفحة جديدة في علاقات بلاده مع الاتحاد الأوروبي، وإنهاء التوتر مع اليونان وقبرص في شرق البحر المتوسط، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل. أما الحديث عن إصلاحات قانونية تفضي إلى تعزيز دولة القانون والحريات في تركيا، فهو تطور اعتبره المراقبون استباقاً من الرئيس التركي لضغوط منتظرة من إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن الذي لا يبدي ارتياحا لسجل حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية في تركيا تحت حكم إردوغان.
معلومٌ أن إردوغان ووزير خارجيته مولود جاويش أوغلو قادا حملة دبلوماسية مكثفة على مدى الأسابيع الماضية غايتها إقناع الاتحاد الأوروبي برغبة أنقرة في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع التكتل تتجاوز ملفات التوتر الذي بلغ ذروته عام 2020، وكان الاتحاد الأوروبي قد اختار نهج الانتظار والترقب مع تركيا بعدما قرّر وزراء خارجيته، خلال اجتماعهم في بروكسل الاثنين الماضي، تأجيل إعلان العقوبات عليها بسبب أنشطة التنقيب «غير القانونية» عن النفط والغاز شرق البحر المتوسط. ولقد برروا هذا التأجيل بما قالوا إنه «تطوّرات إيجابية» في إشارة إلى استئناف المباحثات الاستكشافية بين تركيا واليونان، في اليوم ذاته. لكن مصادر دبلوماسية يونانية ترى استئناف التباحث بأن تركيا وسيلة تتخذها وسيلة لإقناع الاتحاد الأوروبي بالتخلي عن العقوبات المقرر إعادة تقييمها في القمة الأوروبية المقبلة خلال مارس المقبل.
المصادر المذكورة كشفت عن أن أثينا حددت خلال الجولة 61 من المباحثات الاستكشافية التي عقدت في إسطنبول، أول من أمس بعد حوالي 5 سنوات من التوقف، المجالات التي تريد أن ترى تقدما ملموسا فيها. وأبرزها، تحديداً، إنهاء الاستفزازات التركية في بحر إيجة، ووقف تهديد أنقرة بالحرب - خاصة، أنه سبق لأنقرة أن أعلنت أن توسيع اليونان مياهها الإقليمية في بحر إيجة سيكون «سببا للحرب» - والتزام تركيا بالقانون الدولي فيما يتعلق ببحر إيجة والجرف القاري والمناطق الاقتصادية في شرق البحر المتوسط. ووصفت المصادر، بحسب ما نقلت صحيفة «كاثيميريني» استئناف المباحثات بأنه «تطور حاسم». وأشارت إلى أن تركيا تولي أهمية كبيرة لهذه المباحثات التي ترى فيها وسيلة لإقناع الاتحاد الأوروبي بإلغاء عقوباته عليها بسبب أنشطتها غير القانونية في شرق المتوسط أو إرجائها لأمد طويل.
هذا، واتفق الجانبان على إجراء جولة المباحثات المقبلة في العاصمة اليونانية أثينا من دون إعلان موعدها. إلا أن المصادر الدبلوماسية اليونانية قالت إن الاجتماع المقبل سيعقد في أثينا في نهاية فبراير (شباط) أو أوائل مارس، وأردفت «سيكون بالتأكيد قبل قمة الاتحاد الأوروبي لأنه يهدف إلى إيصال رسالة، لا سيما من جانب تركيا، مفادها أن البلدين يواصلان التقدم في تطوير العلاقات الجيدة».
ومن جهته، يرغب الاتحاد الأوروبي في أن يرى ترجمة أقوال تركيا إلى أفعال تدل على مصداقيتها في فتح صفحة جديدة في العلاقات، كما عبر عن ذلك مسؤولوه، وفي مقدمتهم المنسّق الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد جوزيب بوريل. وأميركياً، في أول مؤشر واضح على نهج الإدارة الأميركية الجديدة تجاه تركيا، أصدرت إدارة الرئيس جو بايدن أول تصريحاتها بشأن تركيا، الأسبوع الماضي. وركزت على قضايا الحريات وحقوق الإنسان، داعية حكومة إردوغان إلى احترام قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والإفراج عن معتقلين بارزين.
وعلقت وزارة الخارجية الأميركية على أوضاع الزعيم الكردي صلاح الدين دميرطاش، الرئيس المشارك السابق لـ«الشعوب الديمقراطية»، ورجل الأعمال الناشط البارز عثمان كافالا، الذي أُلغي حكم براءته الصادر في فبراير الماضي، ومن ثم اعتُقل بتهمتي التجسس ودعم محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 فقال إن واشنطن تواصل «متابعة هذه القضايا من كثب. ما زلنا نشعر بقلق بالغ إزاء هذا، ونواصل حث تركيا على احترام هذه الحريات الأساسية وتقديم هذه القضية إلى حل سريع وعادل».

- خريطة جديدة للأحزاب في تركيا تغيّر تركيبتها السياسية
شهدت خريطة الأحزاب السياسية في تركيا تغييرا كبيرا خلال عام 2020 يتوقع أن يلقي بظلاله على انتخابات العام 2023، إذ أعلن عن تأسيس 27 حزبا سياسيا جديدا ليرتفع عدد الأحزاب السياسية إلى 107 أحزاب.
الأحزاب الجديدة خطفت الأضواء في الشارع التركي، وعلى رأسها حزب «الديمقراطية والتقدم» برئاسة نائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان، الذي أسس في مارس 2020 و«المستقبل»، برئاسة أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء التركي الأسبق الذي أسس في ديسمبر (كانون الأول) 2019، ولقد زاد «المستقبل»، الذي كان يضم 14 ألفا و986 عضوا في 11 نوفمبر 2020 عدد أعضائه بمقدار 3 آلاف و295 عضوا، ليبلغ إجمالي عدد أعضائه 18 ألفا و281 عضوا في نهاية العام 2020. وزاد حزب باباجان، الذي كان يضم 9531 عضوا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عدد أعضائه بمقدار 6331 إلى 15862 عضوا.
في المقابل، صار حزب «العدالة والتنمية»، برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، مجبرا على توسيع تحالفه «تحالف الشعب» مع «الحركة القومية» في الانتخابات المقبلة والحصول أكثر من حزب، لأن الأحزاب الجديدة وخصوصا حزبي باباجان وداود أوغلو ستؤثر بالسلب على نسبة مؤيديه.
من جهته، يواجه حزب «الشعب الجمهوري»، أقدم أحزاب تركيا، تهديداً جدياً بسبب الانشقاقات التي حثت في صفوفه وخروج 3 أحزاب من عباءته هي «التجديد» الذي أسسه نائب رئيس الحزب السابق أوزتورك يلماظ، و«التغيير» الذي أسسه مصطفى صاري غل، و«وطن» الذي أعلن القيادي البارز مرشح الرئاسة السابق محرم إنجة عن إطلاقه قريباً. وسيكون هذا الأخير هو الأخطر تأثيراً على نسبة تأييد «الشعب الجمهوري» - الذي ينخرط في «تحالف الأمة» مع حزب «الجيد» برئاسة ميرال أكشنار – مع أن هذا التحالف قادر على تعويض ذلك بضم أحزاب معارضة قوية أخرى.



خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

خافيير ميلي (أ.ب)
خافيير ميلي (أ.ب)
TT

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

خافيير ميلي (أ.ب)
خافيير ميلي (أ.ب)

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار والطروحات «التخريبية» التي حملها برنامجه وباشر بتطبيقها منذ توليه المنصب في مثل هذه الأيام من العام الفائت. حالة لم يتح لها الوقت الكافي بعد كي تفجّر كل «مواهبها» ومفاجآتها التي لا يوفّر ميلي مناسبة ليتوعّد بها، خاصة بعد نيله «بركة» مثاله الأعلى، دونالد ترمب، الذي يستعد للعودة قريباً إلى البيت الأبيض.

في مقابلة أجرتها معه مجلة «الإيكونوميست» نهاية الشهر الماضي، قال ميلي إنه يشعر بازدراء لا نهاية له تجاه الدولة، مؤكداً أنه سيفعل كل ما بوسعه للقضاء على تدخل الدولة في شؤون المواطنين وتنظيم حياتهم «لأن ذلك يشكّل أسرع الطرق إلى الاشتراكية». لكن اللافت أن «الإيكونوميست»، الموصوفة برصانتها، تعتبر أن ما يقوم به هذا «المخرّب الأكبر» - كما يحلو له أن يطلق على نفسه – يجب أن يكون قدوة للولايات المتحدة وحكومتها الجديدة التي يبدو أنها مستعدة لتحذو حذو الرئيس الأرجنتيني وتكليف هذه المهمة إلى الملياردير إيلون ماسك.

تدلّ كل المؤشرات على أن الهدف الأساسي من وصول ميلي إلى الحكم، أواخر العام الفائت، هو «تدمير» الدولة من الداخل. ألغى 13 وزارة، وسرّح ما يزيد على ثلاثين ألفاً من الموظفين العموميين، وخفّض بنسب وصلت إلى 74% مخصصات الرواتب التقاعدية والتعليم والصحة والعلوم والثقافة والتنمية الاجتماعية. وعلى هذه الخلفية، سارعت أسواق المال للاحتفاء بالفائض المالي وتراجع التضخم الذي ليس سوى ثمرة واحدة من أكبر الجراحات المالية في التاريخ. لكن الوجه الآخر لهذه العملة البرّاقة كان انضمام 5 ملايين أرجنتيني إلى قافلة الفقراء الذين يعيش معظمهم على المعونة الغذائية في واحد من أغنى البلدان الزراعية والغذائية في العالم، وانكماشا اقتصاديا... من غير أن تتراجع شعبية ميلي الذي يفاخر بأنه الرئيس الأوسع شعبية على وجه الكرة الأرضية.

لا يكفّ ميلي عن مخاطبة مواطنيه عبر وسائط التواصل التي لعبت دوراً أساسياً في وصوله إلى الرئاسة، ويقول إن «القوى السماوية» التي تسدد خطاه وتقود كفاحه ضد الطبقة السياسية التقليدية والاشتراكية ستجعل من الأرجنتين قريباً «قوة عالمية كبرى».

رئيسة الأرجنتين السابقة كريستينا كيرشنر (أ.ب)

لا يعترف الرئيس الأرجنتيني بالتغيّر المناخي، ولا بالمساواة بين الرجل والمرأة، أو بالعدالة الاجتماعية، وينكر الذاكرة التاريخية لأنظمة الاستبداد التي تعاقبت على بلاده، ويعتبر أن كل ذلك ليس سوى بدع يسارية يتوعّد بالقضاء عليها في «حرب ثقافية» يتبّلها بكل أنواع الشتائم التي توقد الحماسة في صفوف أنصاره وتزرع الحيرة في أوساط المعارضة المشتتة.

الأغرب في كل ذلك هو أن ميلي لا تؤيده سوى أقلية في مجلسي الشيوخ والنواب، فضلاً عن أن جميع حكّام الولايات الذين يتمتعون بصلاحيات واسعة، ليسوا من حزبه «الحرية تتقدم». كما أنه اضطر للإبقاء على العديد من كبار موظفي الحكومة اليسارية السابقة في مناصبهم لعدم وجود كوادر مؤهلة كافية في حزبه. لكن رغم هذا العجر الهائل، تمكّن ميلي من إقرار حزمة قوانين يعتبرها أساسية لمشروع تفكيك الدولة ورفع القيود عن العجلة الاقتصادية، من غير أن يتضّح بعد إذا كانت هذه السنة الأولى من ولايته مدخلاً لإحكام سيطرته على الدولة، أو هي تمهيد لهيمنة اليمين المتطرف على المشهد السياسي.

يعتمد ميلي على التأييد الشعبي الواسع الذي ما زال يلقاه، وعلى حاجة حكّام الولايات لموارد الدولة، وبشكل خاص على الحلف التشريعي الذي أقامه مع اليمين المعتدل ممثلاً بالحزب الذي يقوده رئيس الجمهورية الأسبق ماوريسيو ماكري. ومنذ نزوله المعترك السياسي، بعد أن كان ينشر أفكاره وطروحاته عبر البرامج التلفزيونية التي كان يقدمها، استمد شعبيته وقوته ضد ما يسميه «السلالة»، أي الطبقة السياسية التقليدية. أما الاتفاقات أو الائتلافات التي سعى إليها، فهي لم تكن سوى تكتيكية، ولم يفاوض على برنامجه مع الأحزاب أو القوى التي تحالف معها، بل بقي تحالفه الأساسي مع القاعدة الشعبية التي ما زالت تدعمه، والتي يرجّح أن تكون هي أيضاً نقطة ضعفه الرئيسية التي ستؤدي إلى سقوطه عندما تتوقف عن دعمه بعد أن تفقد الأمل الضئيل الذي ما زال يحدوها في أن تتحسن الأوضاع المعيشية.

وصفة ميلي تحقق نتائجها

يقول المقربون من ميلي إن سر استمرار شعبيته التي توقع كثيرون أنها إلى زوال سريع، هو أنه ينفّذ كل الوعود التي قطعها في حملته الانتخابية، فيما بدأ بعض منتقديه يعترفون بأن «وصفته» تحقق النتائج التي وعد بها.

وقد شهدت الأشهر الأخيرة انشقاق بعض رموز الحزب البيروني واصطفافهم إلى جانب ميلي، مثل العضو البارز في مجلس الشيوخ كارلوس باغوتو، وهو قريب من الرئيس الأسبق كارلوس منعم. وقال باغوتو: «إن ميلي هو الشخص الذي تحتاجه الأرجنتين للتخلص من الموجة الشعبوية الاشتراكية التي حكمتها طيلة العقدين المنصرمين... كنا في حال من التحلل الاجتماعي الذي بلغ مستويات يصعب تصورها. وبعد أن أصبحت الدولة تتدخل في جميع مسالك الحياة، عاجزة عن توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية لشريحة واسعة من المواطنين، وبعد أن أخفقت جميع المحاولات لضبط التضخم الهائل، أدركت الطبقات المتواضعة أن الخلاص لا يمكن أن يأتي من غير تضحيات... وكان ميلي».

"يقول ميلي إن «القوى السماوية» تسدد خطاه وتقود كفاحه ضد الطبقة السياسية التقليدية والاشتراكية ستجعل من الأرجنتين قريباً «قوة عالمية كبرى»."

خدمة مصالح رجال الأعمال

لكن قراءة المعارضة للمشهد الاجتماعي تختلف كلياً، إذ يرى وزير الداخلية السابق إدواردو دي بيدرو المقرّب من الرئيسة السابقة كريستينا كيرشنر، أن ميلي قضى على حقوق وخدمات أساسية، مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، بينما خدم، في المقابل، مصالح رجال الأعمال والمراكز المالية. ويضيف: «إن قرارات مثل قطع الأدوية عن مرضى السرطان في المراحل الأخيرة، أو الكف عن توفير التغطية العلاجية للمتقاعدين، أو إقفال المطاعم الشعبية التي كانت تؤمن وجبات أساسية لحوالي 19% من السكان يعيشون على المعونة الغذائية، هي دليل ساطع على قسوة هذه الحكومة وعدم إحساسها».

يردّ ميلي على هذه الانتقادات بوصفها من أفعال الشيوعيين المناهضين للحرية، ويكرر أنه يقود «أفضل حكومة في التاريخ»، مقتنعاً بأنه مكلّف مهمة سماوية، ويقترح حرباً نضالية عالمية تحت راية «اليمين الدولي» من أجل القضاء نهائياً على اليسار، يجوز فيها استخدام كل الوسائل، بما في ذلك العنف. كما أكّد مؤخراً في أحد المهرجانات السياسية: «لست في وارد اللياقة أو الوفاق. لن أتراجع أبداً، وسأواصل السير نحو النار، لأن الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع. لسنا ملزمين بتبرير أفعالنا، وإذا فعلنا فسوف يعتبرون ذلك من باب الضعف. كلما تعرضنا لضربة من خصومنا، سنردّ الواحدة بثلاث».

تكيف وبراغماتية

الهجوم الدائم هو العلامة الفارقة في أسلوب الرئيس الأرجنتيني، لكن ميلي أظهر قدرة لافتة على التكيّف والبراغماتية التفاوضية كلّما وجد نفسه بحاجة إلى أصوات المعارضة، في مجلسي الشيوخ والنواب وبين حكام الولايات، خاصة عندما طرح «قانون الأساسات» الذي يتضمّن مئات المواد التي تعتبرها الحكومة ضرورية لتنفيذ برنامجها. يفعل ذلك وهو يدرك جيداً أن الأحزاب التقليدية فقدت شعبيتها، وهي في حال من الانهيار السريع الذي يمكن لحزبه أن يستفيد منه في الانتخابات العامة المرحلية في خريف العام المقبل ليقلب المعادلة البرلمانية الحالية التي تشكّل عائقاً كبيراً أمام مشروعه «التخريبي».

ستكون انتخابات العام المقبل حاسمة بالنسبة لميلي ليقلب المعادلة البرلمانية ويضمن الأغلبية التي تحرره من التفاوض مع المعارضة كلما أقدم على خطوة اشتراعية لتنفيذ برنامجه، خاصة أن التأييد الشعبي ليس مضموناً في المدى الطويل.

ويخشى معاونوه من أن جنوحه الشديد نحو التعصب والصدام العنيف مع خصومه السياسيين قد يبعده عن تحقيق هدفه الأساسي الذي كان وراء فوزه في الانتخابات الرئاسية، وهو معالجة الأزمة الاقتصادية المزمنة التي تتخبط فيها البلاد منذ عقود. وينصحه المقربون بعدم التمادي في «الحروب الثقافية» مع حلفائه الغربيين الذين حصرهم منذ اليوم الأول بالولايات المتحدة وإسرائيل والدول «الحرة»، وسمّى الاشتراكيين واليساريين خصومه إلى الأبد.

لكن رغم خطابه الناري والتهديدي الذي لا يخلو أبداً من الألفاظ البذيئة، والذي بدأ مستشاروه يواجهون صعوبة في تبريره بالقول إن هذا هو أسلوبه والناس تعرف ذلك، بدأ ميلي يعطي مؤشرات على أنه ليس غريباً كلياً عن البراغماتية والواقعية. وهو اعترف قبل أيام أنه تعلّم الكثير في السياسة خلال هذه السنة الأولى من ولايته. وقال إنه لم يعد لديه أعداء سياسيون في الأرجنتين، بل خصوم يريدون الخير للبلاد. وبعد أن كان صرّح مراراً خلال الحملة الانتخابية بأن الصين هي في معسكر الأعداء وبأنه لن يتعامل مع «القتلة»، قال مؤخراً: «إن الصين شريك رائع لا يطلب شيئاً سوى التبادل التجاري الهادئ» وإن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي كان وصفه غير مرة بأنه «يساري فاسد»، لن يصبح صديقه، لكن مسؤوليته الدستورية تقتضي منه التعامل معه.

الأرقام الاقتصادية في نهاية العام الأول من ولاية ميلي تظهر أن الشركات الكبرى في قطاع المحروقات، وكبار المستثمرين في أسواق المال والمصارف، هم الذين حققوا أرباحاً استثنائية خلال هذه السنة، وأن الجائزة الكبرى كانت من نصيب المتهربين من دفع الضرائب الذين استفادوا من خطة «التبييض» التي وضعها، بما يزيد على 20 مليار دولار، أي نصف القرض الذي حصلت عليه الأرجنتين منذ سنوات من صندوق النقد الدولي لوقف الانهيار الاقتصادي التام وما زالت حتى اليوم عاجزة عن سداده أو حتى عن جدولته. أما في الجهة المقابلة فكان المتقاعدون والموظفون العموميون وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هم الأكثر تضرراً من النموذج الذي خفّض الإنفاق العام وألغى القيود على الواردات بهدف احتواء التضخم الجامح الذي يقضّ مضاجع ملايين الأسر منذ سنوات، فضلاً عن الفقراء (19% من السكان حسب الإحصاء الأخير) الذين حُرموا فجأة من المعونة الغذائية التي كانت تقدمها الدولة.

أرباح الشركات الكبرى في قطاع الطاقة بلغت أرقاماً قياسية هذا العام بفضل زيادة الإنتاج وتحرير الأسعار والتدابير الضريبية والجمركية والقانونية التي أعلنها ميلي الذي يريد لهذا القطاع أن يكون المحرك الأساسي لاقتصاد الأرجنتين في العقود الثلاثة المقبلة، انطلاقاً من منطقة «باتاغونيا» الشاسعة في أقصى الجنوب التي تختزن، بحسب تقديرات، ثاني أكبر احتياطي من الغاز ورابع احتياطي من النفط في العالم. وفي نهاية الشهر الماضي كانت أسعار أسهم شركة النفط الرسمية قد ارتفعت بنسبة 140% عن العام الفائت، فيما ارتفعت أسعار أسهم الشركات الخاصة 75%.

تمديد الإنفاق

في موازاة ذلك قرر ميلي تجميد الإنفاق على المشاريع العامة، بينما كان الاستهلاك يتراجع إلى أدنى مستوياته والصناعة الأرجنتينية تعاني على جبهات ثلاث: انخفاض المبيعات، وتدفق السلع المستوردة بأسعار تصعب منافستها، وتراجع الصادرات بسبب ارتفاع سعر البيزو مقابل الدولار الأميركي. إلى جانب ذلك، سحب ميلي جميع إجراءات الدعم التي كانت اتخذتها الحكومات السابقة لمساعدة الطبقات الفقيرة، ما أدّى إلى ارتفاع أسعار النقل العام بنسبة 1000% وفواتير الغاز والكهرباء والتأمين الطبي والتعليم الخاص بنسب تزيد على 500%. وكانت الأشهر الستة الأولى من ولاية ميلي هي الأكثر صعوبة، إذ تزامنت مع نسبة تضخم قاربت 30% شهرياً بحيث تجاوزت نسبة المصنفين فقراء بين السكان 53%.

ستكون الأشهر الأولى من العام الثاني لولاية ميلي، حاسمة في تقدير عدد من المراقبين، لأنها ستبيّن مدى صمود شعبيته أمام انهيار الخدمات الأساسية والمساعدات التي تعيش نسبة عالية من السكان عليها، فيما يصرّ هو على رهانه بأن الفشل الذريع الذي تتخبط فيه القوى السياسية الأرجنتينية منذ عقود سيكون الخزان الذي سيغرف منه لترسيخ شعبيته حتى نهاية الولاية.