تحويلات المهاجرين الكوبيين إلى ذويهم في الجزيرة أكبر من مدخول قطاعها السياحي

تحويلات المهاجرين الكوبيين إلى ذويهم في الجزيرة أكبر من مدخول قطاعها السياحي
TT

تحويلات المهاجرين الكوبيين إلى ذويهم في الجزيرة أكبر من مدخول قطاعها السياحي

تحويلات المهاجرين الكوبيين إلى ذويهم في الجزيرة أكبر من مدخول قطاعها السياحي

معظم التدابير التي اتخذتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في الأسابيع الأخيرة من حكمه لتشديد الحصار على كوبا يسهل رفعها بسرعة، حسب ما تؤكد مصادر مطلعة. غير أن هذا قد لا ينطبق على بعضها الآخر، مثل القيود على المعاملات المصرفية، ومنع تحويلات المهاجرين التي تشكّل الرافد الأساسي للاقتصاد الكوبي. إذ إنها قد تتطلب وقتاً أطول لما يقتضيه ذلك من تدابير قانونية وإجراءات تشريعية.
تقدّر التحويلات التي يرسلوها المهاجرون الكوبيون إلى ذويهم بنحو 3.6 مليار دولار أميركي سنوياً، أي أكثر من مدخول القطاع السياحي المقدر بنحو 3 مليارات دولار، وأكثر من القيمة التراكمية للصادرات الأساسية مثل المعادن والسكر والتبغ والمنتوجات البيوتكنولوجية. وما يستحق الذكر أن الكوبيين لا يعتمدون على هذه التحويلات لتلبية احتياجاتهم المعيشية اليومية فحسب، بل هي تشكّل المصدر الأساسي لتمويل أنشطة متنوعة مثل المطاعم والمقاهي الخاصة التي يزيد عددها عن 60 ألفاً، أو الفنادق المنزلية التي تمّ تمويلها بفضل هذه التحويلات التي يرسلها الأهل أو الأصدقاء الذين يقيمون في الخارج. وكان الرئيس جو بايدن قد انتقد التدابير التي اتخذتها إدارة ترمب بإقفال مكاتب الشركات الأميركية للتحويلات في الجزيرة، معتبراً أنها لا تضرّ بالنظام، بل بالعائلات الكوبية الفقيرة، ووعد بإلغائها.
من ناحية أخرى، كان قد توقع بعض المراقبين أن يكون رفع العقوبات الجديدة التي فرضتها إدارة ترمب خلال السنوات الأربع المنصرمة، والتي تزيد عن 130، بين القرارات الأولى التي تتخذها الإدارة الجديدة، بينما رأى آخرون أن أمام إدارة بايدن أولويات كثيرة أخرى غير كوبا. كما يرون أن إلغاء القيود التي لها طابع مالي يتطلب وقتاً وإجراءات معقدة. ويرجّح هؤلاء أن تقارب الإدارة الأميركية الجديدة ملفّ العلاقات مع كوبا إلى جانب ملفّ الأزمة الفنزويلية التي تعتبر كوبا أحد اللاعبين الأساسيين فيها، ما سيؤدي إلى تأخير رفع العقوبات أو ربما إلى عرقلته.
في أي حال، من الجهات الدولية التي سبق لها أن أعربت عن ارتياح كبير للخطوة التي اتخذتها إدارة أوباما بالتقارب مع كوبا، الاتحاد الأوروبي، الذي دعا بايدن إلى استئناف مسار تطبيع العلاقات مع الجزيرة. ويشدد الأوروبيون على أن ذلك من شأنه التمهيد لحلحلة أزمات كثيرة في المنطقة. ويقول سفير الاتحاد الأوروبي لدى كوبا ألبرتو نافارّو: «يكفي أن يفعّل بايدن التوجيه الرئاسي الذي أقرّه أوباما لتطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا لتفكيك ترسانة العقوبات والقيود الجديدة التي فرضتها إدارة ترمب على الجزيرة».



الشيخة حسينة ومحمد يونس... الطريق إلى الصدام الأخير

العاصمة دكا مسرحاً للاضطرابات قبل تنحي الشيخة حسينة ومغادرتها بنغلاديش (رويترز)
العاصمة دكا مسرحاً للاضطرابات قبل تنحي الشيخة حسينة ومغادرتها بنغلاديش (رويترز)
TT

الشيخة حسينة ومحمد يونس... الطريق إلى الصدام الأخير

العاصمة دكا مسرحاً للاضطرابات قبل تنحي الشيخة حسينة ومغادرتها بنغلاديش (رويترز)
العاصمة دكا مسرحاً للاضطرابات قبل تنحي الشيخة حسينة ومغادرتها بنغلاديش (رويترز)

> تدريجياً، تعود بنغلاديش البالغ عدد سكانها 170 مليون نسمة، جلّهم من المسلمين، إلى الحياة الطبيعية بعد أشهر من الفوضى والاحتجاجات، واستقالة كبار المسؤولين من الشرطة والقضاء وجهاز الخدمة المدنية. ولقد أُطلق سراح معظم أولئك الذين اعتُقلوا إبان الاحتجاجات، وكذلك بعض السجناء السياسيين المحتجزين، بما في ذلك البيجوم خالدة ضياء، المنافسة السياسية التقليدية للشيخة حسينة، رئيسة الحكومة السابقة. وللعلم، نشأت بنغلاديش إثر حرب الانفصال عن باكستان عام 1971. ولكن تأسيس الدولة كان أمراً بالغ الصعوبة، إذ قُتل ما يقرب من 3 ملايين شخص في الحرب، ونزح نحو 10 ملايين شخص إلى الهند، مع نزوح ما يقرب من 30 مليون شخص داخلياً بسبب الصراع. وفاقم من متاعب البلاد السياسية والأمنية أنها تعاني وضعاً محفوفاً بالمخاطر، وحدوداً جغرافية هشة، وتضربها الأعاصير العاتية بانتظام، في حين تشعر في الوقت نفسه بالتأثير المباشر لتغير المناخ وارتفاع مستويات سطح البحر.

وأما بالنسبة للدكتور محمد يونس، ففي حين كان محل إعجاب في مختلف أنحاء العالم لمساعدته الملايين من الناس على الخروج من براثن الفقر، فإنه في وطنه بنغلاديش، أكسبته شخصيته العامة عداء رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد، ابنة مؤسس البلاد الشيخ مجيب الرحمن، التي اتهمته ذات مرة بامتصاص دماء الفقراء. وجاء أول اتهام بالاختلاس بحق يونس عام 2010، عندما اتهم توم هاينمان، مخرج الأفلام الوثائقية الدنماركي، الدكتور يونس و«بنك غرامين» في أحد أفلامه بتحويل ملايين الدولارات من أموال المساعدات التي قدمتها الوكالة النرويجية للتعاون الإنمائي (نوراد). وكان عنوان ذلك الفيلم «متورط في الائتمان الصغير».

على الأثر، بدأت حكومة حسينة التحقيقات في أنشطة يونس، وأقصتْه عن منصب المدير الإداري للبنك إثر مزاعم بانتهاك قواعد التقاعد، وكان قد تجاوز ستين عاماً في ذلك الوقت. وأيَّدت محكمة بنغلاديش العليا قرار فصله في أبريل (نيسان) 2011.

الشيخة حسينة واجد... طي صفحة تاريخية وعائلية (روبترز)

يومذاك، اتهمت حسينة «بنك غرامين» باجتذاب مبالغ ضخمة من المساعدات من البلدان الغربية «من دون حدوث تغيير ملموس على أرض الواقع». وتصاعد التأزم في يناير (كانون الثاني) 2024 عندما اتُّهم يونس وثلاثة من زملائه من شركة «غرامين تيليكوم»، وهي واحدة من شركاته العديدة، بانتهاك قوانين العمل لصالح موظفيهم. ويومها حُكم عليهم بالسجن ستة أشهر، لكنَّ محكمة العمل أفرجت عنهم بكفالة، مما أتاح لهم الوقت للاستئناف أمام محكمة أعلى. وفي حينه، علّقت «منظمة العفو الدولية» بالقول إن إدانة يونس كانت «رمزاً لحالة حقوق الإنسان المحاصرة» في بنغلاديش. ولاحقاً، في يونيو (حزيران)، وجهت المحكمة إلى يونس تهمة اختلاس 2.2 مليون دولار من صندوق رعاية العمال التابع لشركة الاتصالات الخاصة به.

معلّقون ومفكّرون سياسيون رأوا أن جذور الصراع بين يونس وحسينة ترجع إلى عام 2007، عندما أعلن يونس اعتزامه تشكيل حزب سياسي، بينما أقدمت حكومة مدعومة من الجيش على سجن حسينة. والمفارقة هنا، أنه قبل ذلك، كان يونس من مناصري والد حسينة، الشيخ مجيب الرحمن. بل وعيّن يونس حسينة -مع السيدة الأميركية الأولى هيلاري كلينتون- رئيساً مشاركاً لـ«قمة الائتمان الصغير» التي عُقدت بين 2 و4 فبراير (شباط) عام 1997، وحينذاك لم يكن لدى حسينة سوى الثناء على يونس والإعجاب به.

مع كل ذلك، انتهت هذه العلاقة الطويلة عام 2007 بعدما كشف يونس عن نيته تشكيل حزب سياسي باسم «ناغوريك شاكتي» (سلطة المواطن) لإنهاء ثقافة الصدام السياسي في بنغلاديش، التي تخللتها فترات من الاضطرابات وفترات من الحكم العسكري.