«الوطني الليبي» يجهز قواته قتالياً... و«الوفاق» تؤكد استعدادها للحرب

السفارة الأميركية تنتقد اشتباكات الميليشيات في طرابلس

صورة وزعتها وزارة الخارجية الروسية للوزير سيرغي لافروف خلال استقباله أحمد معيتيق نائب فائز السراج في موسكو أمس (أ.ف.ب)
صورة وزعتها وزارة الخارجية الروسية للوزير سيرغي لافروف خلال استقباله أحمد معيتيق نائب فائز السراج في موسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

«الوطني الليبي» يجهز قواته قتالياً... و«الوفاق» تؤكد استعدادها للحرب

صورة وزعتها وزارة الخارجية الروسية للوزير سيرغي لافروف خلال استقباله أحمد معيتيق نائب فائز السراج في موسكو أمس (أ.ف.ب)
صورة وزعتها وزارة الخارجية الروسية للوزير سيرغي لافروف خلال استقباله أحمد معيتيق نائب فائز السراج في موسكو أمس (أ.ف.ب)

على الرغم من استمرار الزخم الدولي والإقليمي المطالب بحل سياسي للأزمة في ليبيا، وتصاعد الدعوات لإبرام هدنة دائمة، واصل المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، تعزيز قواته قتالياً، فيما أكد أحد قيادات قوات «الوفاق» استعدادها للحرب مجدداً.
وأعلن «الجيش الوطني»، عبر شعبة إعلامه الحربي، مساء أول من أمس، قيام اللواء 73 مُشاة التابع له بتجهيز دباباته فنياً وقتالياً تنفيذاً لأوامر حفتر، مشيراً إلى أن ذلك يتم بالتوازي مع استمراره في إقامة الدورات التنشيطية لأطقم الدبابات، وفي إطار تجهيزات اللواء لرفع كفاءة جنوده ومقاتليه.
وفى إشارة إلى تركيا، لفت قائد عسكري، في بيان مصور وزعته الشعبة بالمناسبة، إلى وجود «القوات المستعمرة، ومن يساندهم من خونة وعملاء ومرتزقة» في غرب ليبيا، وحث قوات «الجيش الوطني» على الجاهزية الدائمة، واستغلال كل دقيقة ولحظة للتحضير انتظاراً للتعليمات، لافتاً إلى أن القوات «موجودة في الخط الأمامي من جبهات القتال».
وأعلن الجيش عن فتح باب التجنيد باللواء 106 مجحفل، بدءاً من الثامن من الشهر المقبل، بجميع التخصصات العسكرية. وفي المقابل، قال العميد الهادي دراة، الناطق باسم غرفة عمليات سرت والجفرة التابعة لحكومة «الوفاق»، إن قواتها على استعداد كامل للقتال. وتوقع في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، قيام قوات حفتر بالهجوم في أي لحظة. وعد دراة أن «الحرب ما زالت قائمة حتى هذه اللحظة»، موضحاً أن قوات «الوفاق» التي تتوقع حدوث الأسوأ تأخذ «الحيطة والحذر». واتهم «الجيش الوطني» بالاستمرار في جلب الأسلحة كافة والمرتزقة إلى منطقة سرت والجفرة، والمناطق التي يسيطر عليها، لافتاً إلى رصد كل تحركاتهم والطيران الذي يهبط في الشرق والجفرة وسرت، والآليات والعربات والمناورات، و«آخرها ما قام به سلاح الجو الروسي في الجفرة».
وقال إن فتح الطريق الساحلي الرابط بين غرب البلاد وشرقها مرهون بانسحاب «المرتزقة»، وإزالة الألغام التي قال إن قوات «الوفاق» مستعدة لإزالتها، في حال تسليمها الخرائط، شرط سحب «المرتزقة».
بدوره، قال أحمد معيتيق، نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» فائز السراج، إنه اتفق مع وزير التجارة والصناعة الروسي دينيس مانتروف، خلال اجتماعهما أمس في موسكو، على إعادة تفعيل عدد من الاتفاقات المتوقفة المبرمة بين البلدين منذ عام 2008 في مجال الكهرباء والطاقة والصحة والبنية الأساسية. وأجرى معيتيق في موسكو أيضاً محادثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تناولت آفاق التسوية الليبية، وتطوير التعاون الثنائي، وفق ما أعلنته وزارة الخارجية الروسية.
في غضون ذلك، انتقدت السفارة الأميركية لدى ليبيا الاشتباكات التي اندلعت أول من أمس في العاصمة طرابلس بين ميليشيات مسلحة تابعة لحكومة «الوفاق»، وقالت في بيان لها مساء أول من أمس إن ما وصفته بـ«التموضع العسكري، والعنف من قبل الجماعات المسلحة، كما رأينا في طرابلس، لا يتوافق مع تطلعات الشعب الليبي للتغيير». وأعادت التذكير بما قالته الولايات المتحدة في مجلس الأمن، من أن «هناك مساراً قابلاً للتطبيق لإنهاء الصراع في ليبيا، والاستعداد للانتخابات هذا العام».
وبدورها، أبلغت رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، مجلس الأمن الدولي، مساء أول من أمس، في إحاطة افتراضية هي الأخيرة لها قبل مغادرة منصبها، أن وقف إطلاق النار الموقع في جنيف، في 23 أكتوبر (تشرين الأول)، لا يزال صامداً، وأن اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» لا تزال نشطة.
وأشارت إلى تأكيد اللجنة العسكرية، في تصريحات علنية، على الحاجة إلى إخراج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية كافة فوراً. وعبرت عن القلق إزاء «استمرار التحصينات والمواقع الدفاعية التي أنشأتها القوات المسلحة العربية الليبية داخل قاعدة القرضابية الجوية في سرت، وعلى طول محور سرت - الجفرة وسط ليبيا». كما عبرت عن القلق إزاء إنشاء حكومة «الوفاق» في طرابلس منتصف هذا الشهر هيكلاً أمنياً جديداً آخر تحت سيطرتها، بقيادة مجموعات مسلحة بارزة، مما قد يعقّد الجهود التي تقودها اللجنة العسكرية المشتركة التي تهدف لأن يكون الأمن بيد الدولة.
ودعت حكومة «الوفاق» و«الجيش الوطني» إلى تحمل مسؤولياتهما بشكل كامل، والتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن مسؤولية تنفيذ هذا الاتفاق لا تقع على عاتق اللجنة العسكرية المشتركة، ولكن على القيادة السياسية والعسكرية لكلا الجانبين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم