التحالف الدولي يؤكد قتل العيساوي في «وادي الشام» بكركوك

خبير أمني: «داعش» تلقّى ضربة قوية

عنصر شرطة اتحادية عند نقطة تفتيش ببغداد أمس في إطار تعزيز أمني (أ.ف.ب)
عنصر شرطة اتحادية عند نقطة تفتيش ببغداد أمس في إطار تعزيز أمني (أ.ف.ب)
TT

التحالف الدولي يؤكد قتل العيساوي في «وادي الشام» بكركوك

عنصر شرطة اتحادية عند نقطة تفتيش ببغداد أمس في إطار تعزيز أمني (أ.ف.ب)
عنصر شرطة اتحادية عند نقطة تفتيش ببغداد أمس في إطار تعزيز أمني (أ.ف.ب)

بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، مقتل والي بغداد ونائب زعيم تنظيم «داعش»، جبار سلمان علي فرحان العيساوي، المكنّى «أبو ياسر العيساوي»، أعلن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، مقتل العيساوي بغارة جوية في منطقة وادي الشام في محافظة كركوك.
وفيما تعد عملية الإطاحة بالعيساوي خسارة كبيرة لتنظيم «داعش» الذي فقد معظم قياداته المؤثرة، فإنها جاءت بعد نحو أسبوع على تفجير «ساحة الطيران» الدامي في قلب بغداد الذي أدى إلى مقتل العشرات وجرح المئات من المدنيين العراقيين والذي أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عنه.
وكان تنظيم «داعش» قد شن هجوماً عنيفاً في محافظة صلاح الدين على أحد ألوية «الحشد الشعبي» بعد يومين من تفجير «ساحة الطيران» أدى إلى مقتل وجرح العشرات، تلاه بث شائعات أثارت القلق في بغداد بعد الإعلان عن دخول نحو 15 إرهابياً بأحزمة ناسفة إلى أحياء مختلفة داخل العاصمة العراقية.
كان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قد أعلن في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، مقتل العيساوي، دون الإشارة إلى مساهمة التحالف الدولي في العملية. لكن المتحدث باسم التحالف الدولي في العراق وسوريا الكولونيل وين ماروتو، أعلن مقتل العيساوي في عملية أطلق عليها اسم «العزم الصلب»، مبيناً أن «العملية المشتركة بين القوات العراقية والتحالف الدولي تمّت عبر غارة جوية في منطقة وادي الشام بمحافظة كركوك أدت أيضاً إلى مقتل 10 من قيادات التنظيم».
وأضاف المتحدث باسم التحالف الدولي أن «مقتل أبو ياسر يمثل ضربة كبيرة أخرى لجهود عودة (داعش) إلى العراق»، مؤكداً في الوقت نفسه أن «التحالف الدولي سيستمر في عمله لإخراج القادة الرئيسيين من ساحة المعركة وتقويض المنظمة الإرهابية».
إلى ذلك أعلن سلاح الجو العراقي أنه قصف تجمعاً لمسلحي «داعش» في وادي الشام بكركوك. وقالت خلية الإعلام الأمني في بيان لها إن «العملية أسفرت عن مقتل 20 إرهابياً واثنين آخرين خلال مداهمة المكان بالإضافة إلى تدمير عربة وعدة صواريخ (آر بي جي 7) وقذائف هاون».
وحول أهمية مقتل العيساوي وتداعياته على وضع «داعش»، يقول الدكتور معتز محيي الدين، رئيس المركز الجمهوري للدراسات السياسية والاستراتيجية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن التنظيم «تلقى بالتأكيد ضربة قاصمة في هذه العملية النوعية والمهمة سواء لجهة عمل هذا التنظيم في العراق وخارج العراق».
وأضاف محيي الدين أن «استراتيجية التنظيم خصوصاً بعد تحرير المدن بدأت تتغير، فبدلاً من الاستحواذ الجغرافي على الأرض وبسبب تأثير الضربات التي تلقاها هذا التنظيم سواء من القوات العراقية أو قوات التحالف الدولي فإن (داعش) بدأ يتّبع ما يمكن تسميته (الإرهاب الجوال) الذي يستهدف نشر هجماته على نطاق أوسع في المدن والكهوف ومناطق نائية في القرى والأرياف وحتى ضفاف الأنهر، الذي يجعل من الصعوبة بمكان ملاحقة كل هذه العمليات وفي أماكن مختلفة».
وأوضح محيي الدين أن «هذا التنظيم الإرهابي الذي يتلقى بين فترة وأخرى ضربة قوية يستطيع في الواقع إيجاد البدائل للقادة الذين يتم اغتيالهم، حيث يبرز الخط الثاني إلى الواجهة»، مبيناً أنه «بعد مقتل البغدادي لم ينشر التنظيم في مواقعه المنتشرة كثيراً في مواقع التواصل الاجتماعي أسماء قياداته الجديدة، الأمر الذي يجعل من الضروري إعادة النظر في هذا التكتيك الجديد للتنظيم بما في ذلك عدم إعلان المبايعة أو ما شاكلها من أساليب، وبدأ التركيز فقط على العمليات الإرهابية التي يقومون بها، كما حدث في عملية ساحة الطيران».
وأوضح محيي الدين: «نحن في الواقع حيال إشكالية في مسألة عدم ظهور قيادات جديدة للتنظيم، الأمر الذي يجعل عملية متابعتها في غاية الصعوبة».
وحول تأثير هذه العملية عليه، يقول محيي الدين إن «التنظيم يعيش حالياً حالة من الإرباك خصوصاً بعد الضربات التي سبقت هذه العملية في مقتل بعض أبرز القيادات وتسليم أحدهم إلى الاستخبارات العراقية من قِبل تركيا، وبالتالي فإن وضع التنظيم بات صعباً الآن لجهة إيجاد خليفة لهذا الوالي وإيجاد نموذج لقيادة أصبحت مفككة إلى حد كبير بعد مقتل البغدادي».


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».