حكومة بحاح تخلي مسؤوليتها عن تصريف أعمال الدولة

مأرب على مشارف الحرب و4 قتلى بعد مواجهات بين قبيلة الجدعان والحوثيين

مقاتل حوثي يفتح باب عربة مصفحة استحوث عليها الحوثيون من الجيش اليمني في صنعاء أمس (رويترز)
مقاتل حوثي يفتح باب عربة مصفحة استحوث عليها الحوثيون من الجيش اليمني في صنعاء أمس (رويترز)
TT

حكومة بحاح تخلي مسؤوليتها عن تصريف أعمال الدولة

مقاتل حوثي يفتح باب عربة مصفحة استحوث عليها الحوثيون من الجيش اليمني في صنعاء أمس (رويترز)
مقاتل حوثي يفتح باب عربة مصفحة استحوث عليها الحوثيون من الجيش اليمني في صنعاء أمس (رويترز)

أعلنت الحكومة اليمنية المستقيلة برئاسة المهندس خالد محفوظ بحاح تمسكها بالاستقالة وأنها نافذة ولا رجعة عنها، بعد العملية الانقلابية التي قادتها جماعة الحوثي قبل أسبوع، فيما قتل 4 يمنيين بينهم جنود من الجيش في أعمال عنف بمحافظة مأرب شرق البلاد.
وذكر رئيس حكومة الكفاءات في بيان صحافي أمس، أن «استقالة حكومته المؤرخة في 22 يناير (كانون الثاني)، هي استقالة نافدة وغير قابلة للتراجع»، وتبرأ بحاح من أي مسؤولية لوزراء الحكومة للقيام بتصريف الأعمال.
وكلف خالد بحاح في 13 أكتوبر (تشرين الأول) 2014. بتشكيل حكومة مكونة من 36 حقيبة، تنفيذا لاتفاقية السلم والشراكة، لكنها عجزت عن ممارسة مهامها بسبب فرض سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية، منذ 21 سبتمبر (أيلول) 2014.
وأوضحت الحكومة أن استقالتها كانت نتيجة للعملية الانقلابية التي قادتها حركة (أنصار الله) يوم 19 يناير، من خلال استيلائها على أهم موقع سيادي للدولة بطريقة عسكرية وهو دار الرئاسة وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، واتهمت الحكومة المستقيلة الحوثيين بمحاولة اغتيال متعمدة لرئيس مجلس الوزراء، ووضع الرئيس ورئيس الوزراء وعدد من الوزراء تحت الإقامة الجبرية في سابقة لم تحدث في التاريخ السياسي اليمني، وحملت الحركة «المسؤولية الكاملة في إيقاف عمل الدولة برئاستها وحكومتها وعملية الانتقال السياسي التاريخي، وما سوف تؤول إليه الأوضاع»، ودعت الحكومة المكونات السياسية العودة إلى مرجعيات مؤتمر الحوار الوطني المتمثل في مسودة الدستور الوطني، ومشروع الدولة الاتحادية.
وكان مسلحو الحوثي فرقوا بالرصاص الحي اعتصاما تضامنيا أمام منزل وزير الإدارة المحلية المستقيل عبد الرقيب فتح الواقع في مدينة سعوان بصنعاء والذي يخضع للإقامة الجبرية منذ أسبوع، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»: «إن عشرات الناشطين نفذوا أمس، وقفة احتجاجية للمطالبة بفك الحصار عن الوزير، إلا أن المسلحين باشروهم بإطلاق الرصاص الحي في الهواء وطردهم من أمام المنزل، فيما تواصلت المظاهرات المناهضة للحوثيين لليوم الرابع على التوالي في العاصمة صنعاء وعدد من المدن، وخرج العشرات من طلاب جامعة صنعاء في مسيرة رافضة لهم، منددين بسيطرة الميليشيات على مؤسسات الدولة، وتعرضت المسيرة التي طافت بعدد من الشوارع إلى اعتداءات أسفرت عن إصابة شاب يدعى صلاح الروحاني بجروح خطيرة بعد طعنه بالسلاح الأبيض من قبل الحوثيين، الذين اختطفوا ثلاثة آخرين بحسب منظمي المسيرة».
في سياق آخر تعيش محافظة مأرب النفطية نذر حرب بعد اندلاع مواجهات مسلحة أمس، بين الحوثيين وقبيلة الجدعان، وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»: «إن أربعة قتلى بينهم جنديان سقطوا في أعمال عنف شهدتها المناطق الغربية للمحافظة، فيما استنفرت قبيلة جهم مسلحيها بعد حشد الحوثيين مليشياتهم في منطقة صرواح». وذكرت المصادر أن مجهولين وضعوا كمينا لسيارة عسكرية، وقتلوا جنديين وجرح اثنين آخرين، بمنطقة الجدعان التي يسيطر عليها الحوثيون، لتندلع مواجهات مسلحة بين ميليشيات الحوثيين ومقاتلين من أبناء قبيلة الجدعان، أسفرت عن مقتل شخصين من القبائل، بعد أن قتل الحوثيون أحد أبناء القبيلة وقاموا بتفجير منزله، ولم يعرف عدد الإصابات في صفوف الحوثيين بسبب تكتمهم الشديد حول ذلك.
وتشهد محافظة مأرب النفطية منذ بضعة أشهر توترات أمنية مستمرة، بعد تهديد زعيم الحركة الحوثية بالسيطرة عليها بمبرر ملاحقة تنظيم القاعدة والمخربين، وأعلنت السلطات المحلية والعسكرية قبل أيام، وقف تنفيذ التوجيهات الصادرة من العاصمة صنعاء بعد الانقلاب الحوثي واستقالة الرئيس والحكومة، وأكدت قيادات حوثية اعتزام الحركة، مهاجمة مأرب، بعد أن تمكنوا من السيطرة على مركز قيادة الجيش اليمني بصنعاء، وإخضاع القيادات العسكرية تحت إمرتها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.