دراسة بحثية حول مادة بديلة ومستدامة للإسمنت في الجناح الوطني لدولة الإمارات بفينيسيا

في دورة هذا العام لـ«بينالي البندقية للعمارة»

جناح يرافق المعرض إصدار كتاب بعنوان «تكوين السبخات» من تأليف الباحثَين في الدراسات الحضرية راشد وأحمد بن شبيب
جناح يرافق المعرض إصدار كتاب بعنوان «تكوين السبخات» من تأليف الباحثَين في الدراسات الحضرية راشد وأحمد بن شبيب
TT

دراسة بحثية حول مادة بديلة ومستدامة للإسمنت في الجناح الوطني لدولة الإمارات بفينيسيا

جناح يرافق المعرض إصدار كتاب بعنوان «تكوين السبخات» من تأليف الباحثَين في الدراسات الحضرية راشد وأحمد بن شبيب
جناح يرافق المعرض إصدار كتاب بعنوان «تكوين السبخات» من تأليف الباحثَين في الدراسات الحضرية راشد وأحمد بن شبيب

سيقدم الجناح الوطني لدولة الإمارات، في إطار مشاركته العاشرة في «بينالي البندقية» القادم، دراسة بحثية رائدة حول مادة مستدامة وصديقة للبيئة وبديلة للإسمنت، وهي مستوحاة من مناطق السبخات (المسطحات الملحية) المنتشرة في دولة الإمارات، وتأتي مصنوعة من مزيج من الأملاح والمعادن المستخرجة من المحلول الملحي الناتج من عملية تحلية المياه.
وتجدر الإشارة إلى أن صناعة الإسمنت تساهم بنحو 8 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، بينما يتم التخلص من المحلول الملحي عالي التشبع المتخلف عن تحلية المياه الصناعية في المحيطات، مؤثراً بشكل كبير على الحياة البحرية والنظم البيئية. وانطلاقاً من الموضوع العام الذي يتناوله «بينالي البندقية» تحت عنوان «التعايش والانسجام معاً»، يعمل القيّمان الفنيّان لمعرض الجناح الوطني وائل الأعور وكينيتشي تيراموتو على دراسة بحثية حول إيجاد حلول بديلة تعالج هذين التحديين البيئيين، من خلال تطوير مادة بديلة للإسمنت من أكسيد المغنسيوم (MgO) مصنوعة من نفايات المحلول الملحي المُعاد تدويره.
وتأتي هذه المادة القوية المخصصة للأعمال الإنشائية وغير قابلة للذوبان مستوحاة من الأملاح والمعادن المتبلورة في مناطق السبخات المنتشرة في دولة الإمارات (المسطحات الملحية)، والتي تم إدراجها مؤقتاً ضمن قائمة «يونيسكو» لمواقع التراث العالمي، ويعني ذلك أن المعرض سيشكل عبر مساعيه المبذولة حلقة وصل تجمع بين الموارد البيئية العريقة وأبحاث الاستدامة المبتكرة. وسيتمكن الزوّار من زيارة مختبر أبحاث «أرضٌ لَدِنة» في «السركال أفنيو» للاستمتاع برؤية عينات من السبخات وغير ذلك من الصور والتجارب المادية، بينما يواصل القيّمان الفنيّان تطوير بحثهما بالشراكة مع فرق متخصصة من جامعة نيويورك أبوظبي والجامعة الأميركية بالشارقة وجامعة طوكيو.
من جانبهما، قال وائل الأعور وكينيتشي تيراموتو، المصممان المعماريان والقيّمان الفنيّان لمعرض الجناح الوطني «تمنحنا البيئة الطبيعية لمناطق السبخة نظرة بيئية ثاقبة حول التحدي العالمي الأكثر أهمية، وحديثنا هنا عن التغير المناخي. وفي إطار مساعينا المبذولة لإيجاد حلول قادرة على معالجة التأثير القوي الناشئ عن العمليات الإنشائية الصناعية وعمليات تحلية المياه، فإننا نواصل جهودنا سعياً وراء تحقيق هدفنا المتمثّل في تطوير الصناعة الإنشائية والمعمارية في القرن الحادي والعشرين من خلال إيجاد مادة مستدامة يمكن من خلالها إعادة تدوير النفايات الصناعية وتقليل اعتماد دول العالم على الإسمنت البورتلاندي. وحقيقة، تمكنّا من خلال مشاركتنا في الجناح الوطني لدولة الإمارات من توفير المواد اللازمة لترجمة هذه الرؤية على أرض الواقع عبر منظومة تعاونية شاملة، وهو ما مكننا من تطوير دليل قوي على جدارة استخدام مادة الإسمنت البديلة التي تأتي مصنوعة من الملح المحلي كمصدر مستدام قابل للتنفيذ والتطوير».
وسيرافق المشروع كتاب بعنوان «تكوين السبخات»، من تأليف الباحثين في الدراسات الحضرية راشد وأحمد بن شبيب، والمتوقع أن يصدر في شهر مايو (أيار) من العام الحالي. ويرصد هذا الكتاب الأهمية البيئية والمجتمعية والاقتصادية الكامنة في هذه الظاهرة الطبيعية بالتفصيل، اعتماداً على مجموعة حالية من الدراسات البحثية والمقالات الشخصية والصور الفوتوغرافية. وسوف يتضمن هذا الكتاب جزءاً إضافياً قامت بتحريره وتأليفه المعمارية مارينا تبسم الحائزة جائزة الآغا خان للعمارة، حيث تسرد تفاصيل الرحلة والدراسة البحثية للمعماريين الأعوّر وتيراموتو خلال معرض «أرضٌ لَدِنة».
وتماشياً مع الدور المستمر كمنصّة بارزة تستضيف الحوارات المثمرة، تعاون الجناح الوطني مع «مؤسسة دبي للمستقبل» لاستضافة سلسلة من الحوارات العامة بعنوان «من ليوا إلى المريخ؛ «تكوين السبخات». وسوف تتطرق هذه السلسلة إلى الموضوعات والقضايا المرتبطة بالمعرض ومناطق السبخة. ويشارك القيّمان الفنيّان كذلك في جلسة حوارية مُقامة على هامش «قمّة حول العالم» (World Around Summit)، وهو مؤتمر معماري دولي يركز على معالجة القضايا الطارئة والمُلحة المرتبطة بالبيئة وتحقيق المساواة في الفرص والتطوّر الحضري، وذلك يوم 30 يناير (كانون الثاني) 2021. للتسجيل، يُرجى زيارة الموقع الإلكتروني theworldaround.com .
ويستضيف الجناح الوطني لدولة الإمارات هذا المشروع خلال الدورة الـ17 من المعرض الدولي للعمارة، المقام خلال الفترة من السبت 22 مايو لغاية الأحد 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».