«تخيل الحياة من دون كهرباء» شعار الحكومة السورية للمواطنين

وزير الكهرباء السوري غسان الزامل خلال مؤتمر صحافي في دمشق مساء أول من أمس (سانا)
وزير الكهرباء السوري غسان الزامل خلال مؤتمر صحافي في دمشق مساء أول من أمس (سانا)
TT

«تخيل الحياة من دون كهرباء» شعار الحكومة السورية للمواطنين

وزير الكهرباء السوري غسان الزامل خلال مؤتمر صحافي في دمشق مساء أول من أمس (سانا)
وزير الكهرباء السوري غسان الزامل خلال مؤتمر صحافي في دمشق مساء أول من أمس (سانا)

بشرت وزارة الكهرباء في دمشق السوريين بـ«حياة بلا كهرباء» بشعار حملتها للتقنين «معا لترشيد الطاقة. تخيل الحياة بلا كهرباء»، في وقت استيقظ سكان أحياء جنوب العاصمة ووسطها على مفاجأة إغلاق العشرات من الأفران الحكومية لعدم توفر الكهرباء والطحين، وبات عليهم «تخيل الحياة بلا خبز» وقالت مصادر أهلية لـ«الشرق الأوسط» إن أزمة الخبز عادت للتفاقم منذ ثلاثة أيام حيث تشهد كافة الأفران ازدحاما غير مسبوق، مع تخفيض كميات الطحين المخصصة للأفران الحكومية التي تبيع الخبز وفق البطاقة الذكية بسعر مدعوم، (الربطة سبعة أرغفة وزن 850 غراما، بمائة ليرة) ويحق للعائلة من أربعة أفراد ربطتين يوميا.
وفي الآونة الأخيرة لم تعد الكميات الموزعة وفق البطاقة الذكية تغطي هذه الحصص، وراح غالبية الموزعين يوزعون نصف الحصة بزعم أن كميات الخبز محدودة جدا وقال موظف في فرن خاص وسط دمشق ينتج الخبز السياحي المدعم بالحليب والأخف وزنا من الخبز الحكومي والأغلى سعرا: «البلد خربت. الأفران إما معطلة وإما لا يوجد طحين، فمخصصات الطحين للأفران الحكومية انخفضت كثيرا خلال الأسبوع الماضي، والأفران الخاصة التي تشتري الطحين بأسعار مضاعفة، لا يمكنها العمل بكامل طاقتها لعدم توفر الكهرباء، وعدم توفر المحروقات اللازمة لتشغيل المولدات» من جهتهم، قال خبراء اقتصاديون في دمشق إن هناك رابطا بين أزمة إغلاق الأفران يوم الخميس وتفاقم الأزمة التي كشف عن عمقها المؤتمر الصحافي لوزير الكهرباء غسان الزامل بدمشق يوم الأربعاء، حيث ظهر الوزير وخلفة شعار حملة الترشيد: «تخيل الحياة بلا كهرباء»، فكانت رسالة واضحة كي يستعد السوريون لأيام قادمة بدون كهرباء، وذلك على الضد من وعوده بتحسن واقع الكهرباء وتقليل ساعات التقنين التي تصل في معظم المناطق السورية ما عدا وسط دمشق التجاري إلى عشرين ساعة قطع من 24 ساعة. فالأرقام التي أوردها الوزير تعبر عن الفجوة العميقة بين كميات الكهرباء اللازم توفرها وبين الكميات المنتجة فعليا.
وبحسب وزير الكهرباء، أن كميات الكهرباء التي تحتاجها البلاد هي 7000 ميغا واط لكن الكميات المنتجة تتراوح بين 2700 و3000 ميغا واط موزعة بين 1000 ميغا واط معفاة من التقنين مخصصة للمطاحن ومضخات المياه والمشافي و1700 ميغا واط توزع على المحافظات حسب استهلاك كل محافظة. لافتا إلى أن الحكومة تبذل جهودا كبيرة لإدخال الطاقات المتجددة إلى الشبكة ووقعت عدة عقود بمجال توليد الطاقة الكهربائية بالرياح يمكن لها أن تنتج مجتمعة نحو 170 ميغا واط. إذا دخلت في الإنتاج الفعلي.
وانعكست أزمة الكهرباء على كافة مناحي الإنتاج، وخلال الشهرين الماضيين توقفت عشرات المزارع عن إنتاج الفروج والبيض كما توقفت عشرات المعامل الصغيرة عن إنتاج الألبان والأجبان، لترتفع أسعار هذه المنتجات إلى مستويات غير مسبوقة ليصل سعر كيلو حليب البقر إلى ألف ليرة وكان يباع العام الماضي 400 ليرة، وأمس الخميس بدأت الأفران الحكومية بالتوقف لعدم توفر الكهرباء والوقود والقمح.
وتباع ربطة الخبز السياحي الصغيرة 400 غرام بستمائة ليرة ووصلت يوم أمس الخميس إلى 800 ليرة، وربطة الخبز السياحي 800 غرام بسعر يتراوح بين 1200 و1500 ليرة، ووصل سعر الصرف في دمشق يوم أمس إلى 3010 ليرة سورية للدولار الأميركي الواحد، في انخفاض غير مسبوق بقيمة الليرة السورية والذي أرخى بطلال ثقيلة على العاصمة دمشق التي باتت على شفير انهيار اقتصادي مخيف.
ورفعت الحكومة في دمشق في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي سعر ربطة الخبز 100 في المائة لتصبح بسعر 100 ليرة سورية، كما رفعت سعر طن الطحين إلى 40 ألف ليرة سورية.
كما خفضت مخصصات الأفران العامة بنسبة 16 في المائة مع التأكيد بأن ذلك للحد من الهدر وترشيد توزيع الخبز اليومي. لمواجهة أزمة عدم توريد الكميات اللازمة من القمح المستورد لعدم توفر القطع الأجنبي اللازم لإتمام وإنجاز بعض العقود التي أبرمتها الحكومة، وأيضا لتشديد العقوبات الاقتصادية الدولية والأميركية وفرض قانون قيصر.
والتي ترافقت مع توقف روسيا عن توريد القمح إلى سوريا، حيث كانت تعتبر المورد الرئيسي للقمح إلى سوريا خلال سنوات الحرب الأخيرة ويشار إلى أن سوريا كانت تنتج نحو 3.4 مليون طن، قبل عام 2011 وبما يغطي حاجتها البالغة 2.7 مليون طن، وخلال الحرب ومع خروج منطقة الجزيرة السورية سلة القمح السوري من سيطرة النظام لم يعد إنتاج القمح يغطي ثلث الحاجة الفعلية لمناطق سيطرة النظام.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.