اقتصاد تركيا يعود إلى خانة التباطؤ... ومساعٍ مستمرة لخفض التضخم

نتيجة تشديد السياسة النقدية وتراجع الائتمان

اقتصاد تركيا يعود إلى خانة التباطؤ... ومساعٍ مستمرة لخفض التضخم
TT

اقتصاد تركيا يعود إلى خانة التباطؤ... ومساعٍ مستمرة لخفض التضخم

اقتصاد تركيا يعود إلى خانة التباطؤ... ومساعٍ مستمرة لخفض التضخم

كشف رئيس البنك المركزي التركي ناجي أغبال عن تباطؤ الاقتصاد التركي في الربع الأخير من العام 2020 نتيجة تشديد السياسة النقدية وتراجع الائتمان، وأقر باستمرار الضغوط على الليرة، واستمرار ارتفاع أسعار المستهلكين، لافتا إلى أن مكاسب الليرة التركية مقابل الدولار ستقلص الضغوط التضخمية؛ لكن تضخم أسعار المنتجين سيواصل اتجاهه الصعودي، لتبقى أسعار المستهلكين تتعرض لضغوط.
وأوضح أغبال، في عرض تقييمي لتحديثات التضخم الفصلية أمس (الخميس)، أن أوضاع الطلب في الربع الأخير من العام الماضي أبقت أيضا ضغطا صعوديا على التضخم، لينهي عام 2020 عند مستوى أعلى من المتوقع، مشيرا إلى أن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي ستواصل استثمار جميع الأدوات المتاحة لخفض معدل التضخم إلى 5 في المائة.
وتوقع أغبال أن يسجل معدل التضخم 9.4 في المائة مع نهاية العام 2021 و7 في المائة في 2022، لافتا إلى أن تراجع أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الليرة التركية في الأشهر الثلاثة الأخيرة عمل على خفض التضخم. وسجل معدل التضخم في تركيا في ديسمبر (كانون الثاني) الماضي 14.6 في المائة على أساس سنوي.
وقال أغبال إن النمو الاقتصادي لتركيا سجل اتجاها قويا في نهاية 2020، لكنه تباطأ وفقاً لمؤشرات حديثة لأسباب منها تشديد السياسة النقدية، الذي بدأ في أغسطس (آب) وتراجع نمو الائتمان.
وفي تحديثه للتضخم الفصلي، قال أغبال إنه في النصف الثاني من العام الماضي أدى لتحسن التوظيف في أعقاب الموجة الأولى من وباء كورونا التي شهدها العالم في 2020.
ورفع البنك المركزي عقب تعيين أغبال رئيسا للبنك المركزي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، سعر الفائدة الأساسي إلى 17 في المائة من 10.25 في المائة. وأشار أغبال، في التحديث، إلى أن القيود المرتبطة بمكافحة فيروس كورونا في الآونة الأخيرة تسببت في تباطؤ بعض قطاعات الاقتصاد.
وأعطى أغبال رسالة إلى المستثمرين بأنه سيبقي على تشديد السياسة النقدية للدفاع عن الليرة ومحاربة التضخم المرتفع. وعين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ناجي أغبال في أوائل نوفمبر رئيسا للبنك المركزي بعد إقالة مراد أويصال بسبب تراجع الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها القياسية مقابل الدولار.
وقال كبير الاقتصاديين في البنك المركزي السابق، هاكان كارا، إن ارتفاع أسعار السلع الأساسية وزيادة الحد الأدنى للأجور يتطلبان مراجعة تصاعدية لتوقعات نهاية العام. وقدر أركان تشيتيشي، الخبير الاقتصادي في جيه بي مورغان تشيس وشركاه، التضخم في عام 2021 بنحو 10.5 في المائة، لكن الزيادات السنوية في الأسعار قد تتباطأ إلى أرقام فردية بحلول ديسمبر، بحسب ما أفاد لوكالة «بلومبرغ» الأميركية.
وقال تيم آش، كبير محللي الأسواق الناشئة في بلوباي في لندن، عبر «تويتر»: «نثق في رئيس البنك المركزي التركي ناجي أغبال... إنه هو مفتاح تحول السوق».
وأبقى البنك المركزي التركي أسعار الفائدة عند أقل من التضخم لمعظم العام الماضي لمساعدة إردوغان على تحفيز طفرة الاقتراض، وبحسب محللين فإن السياسة النقدية المتساهلة أضرت بمصداقية البنك المركزي بين المستثمرين. لكن البعض يبشر الآن بوصول أغبال كعهد جديد للسياسة النقدية حيث يسعى البنك إلى تحقيق هدف تضخم متوسط الأجل بنسبة 5 في المائة.
وبلغ معدل التضخم في ديسمبر 14.6 في المائة، أي ثلاثة أضعاف هدف البنك المركزي. وقدرت الحكومة أن التضخم سيتباطأ إلى 8 في المائة بنهاية 2021 في برنامج اقتصادي أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وأقال إردوغان اثنين من رؤساء البنك المركزي التركي خلال 2019 و2020 وكرر، في تصريحين خلال يناير (كانون الثاني) الجاري، معارضته رفع أسعار الفائدة، حيث يرى خلافا لجميع النظريات الاقتصادية المتعارف عليها أن ارتفاع أسعار الفائدة يؤدي إلى ارتفاع التضخم.
وتراجعت الليرة 0.3 في المائة إلى 7.41 للدولار الساعة 10:15 صباحا بالتوقيت المحلي في إسطنبول أمس، لكنها عادت واستردت بعض خسائرها بحلول الظهيرة ليجري تداولها عند حدود 7.37 ليرة للدولار. وسجلت العملة أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 8.58 للدولار في السادس من نوفمبر الماضي. بعد أن فقدت 20 في المائة من قيمتها في عام 2020، وأصبحت واحدة من عدد قليل من عملات الأسواق الناشئة التي حققت مكاسب حتى الآن هذا العام.
ودعت مجموعات الأعمال الرائدة في تركيا، في بيان مشترك هذا الأسبوع السلطات إلى إعطاء الأولوية للتعامل مع تضخم في خانة العشرات، والذي قالوا إنه أساسي لضمان الرفاهية المالية للبلاد على المدى الطويل ولتشجيع المزيد من الاستثمار.



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».