فرنسا تستعيد مجدها الإمبراطوري في «سنة نابليون»

بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لوفاة بونابرت

TT

فرنسا تستعيد مجدها الإمبراطوري في «سنة نابليون»

منذ 200 عام انطفأ في جزيرة سانت هيلانة البريطانية قائد عسكري يوصف اليوم بأنه الشخصية الفرنسية الأشهر في التاريخ. إنه نابليون بونابرت، أول إمبراطور يحمل هذا اللقب ويبسط سطوة بلاده على ما يجاورها ويجعل من روما وهامبورغ وبرشلونة أراضي فرنسية. لكنه مات مهزوماً منفياً عن 51 عاماً، تاركاً خلفه وقائع وغزوات وحروباً ما زالت قيد البحث والتوثيق.
بمناسبة المئوية الثانية لرحيله، ورغم استمرار ظروف الجائحة، تقرر تخصيص العام الحالي ليكون سنة نابليون في فرنسا. وستكون هناك ندوات وعروض فنية تستذكر الإمبراطور في مختلف مدن البلاد، أبرزها المعرض الكبير الذي يقام في صالات «لافييت» في باريس اعتباراً من 14 أبريل (نيسان) المقبل ويستمر حتى الصيف. وتشترك في تنظيم المعرض واستضافة فعالياته المرافقة له مواقع عدة، منها «اللوفر» و«القصر الكبير».
ورغم أن أبواب المعرض لم تفتح بعد، فإن الصحافة كلها تتحدث عما تصفه بـ«الحدث» التاريخي والفني. فقد عاش نابليون سيرة مذهلة، وتركت فتوحاته آثاراً تجاوزت السياسة لتشمل الفنون والمجتمع والقوانين والاقتصاد. لقد ارتبط اسمه بالمتناقضات، فهو رمز الانتصار بكل ما يرافقه من أمجاد، وهو أيضاً عنوان الهزيمة وما تجرجره من مرارة وتضحيات.
حشدت كل مخازن المقتنيات جهودها لجمع ما يضمن فخامة المعرض وشموله. وقد ساهمت فيه، عدا «اللوفر»، جهات عدة، مثل مؤسسة نابليون والمتحف العسكري والمتحف الوطني لقصر «فونتنبلو»، ومتحفي قلاع «مالميزون» و«تريانيون»، وقصر «فيرساي»، والمستودع الوطني للأثاث التاريخي.
ما هو الفرق بين هذا المعرض الرئيسي في «لا فييت» وبين الفعاليات الأخرى المخصصة للإمبراطور في هذه السنة؟ إن المعرض الكبير توصل إلى طريقة يتتبع فيها مجريات سيرة نابليون ويمزج بين نشاطه السياسي والعسكري وحياته الخاصة. سيرى الزائر الحملات والأسفار وحياة المحاكم والتطورات الاجتماعية والدينية، كما سيشهد السقوط السياسي. تمت غربلة كل شيء لإعطاء المشاهد صورة واسعة ومفصلة عن تلك الحقبة الزمنية الخاصة جداً من تاريخ فرنسا.
وتماشياً مع ظروف التباعد والإغلاق، فقد تم ترتيب زيارات افتراضية منذ الآن لهذا المعرض الغني بالكنوز والحافل بالانعكاسات. كان العصر النابليوني مليئاً بالجدل والآراء المتعارضة. سادت فيه العبودية إلى جانب الرفاهية المطلقة، وتجاور فيه حكم استبدادي مع ظهور حقوق جديدة. كانت سياسات القائد قصير القامة المولود في أجاكسيو بجزيرة كورسيكا الفرنسية رائعة بقدر ما هي متناقضة.
كانت منطقة «لا فييت للمعارض» في باريس قد التزمت الإغلاق طوال الأشهر الماضية. وها هي تعيد إلى واجهتها الإعلان الضخم عن المعرض والذي جاء على شكل لوحة كبيرة لتتويج الإمبراطور نابليون الأول والإمبراطورة جوزفين. وستتوزع في القاعات اللوحات والأفلام التعليمية والتماثيل النصفية والمنحوتات وكنوز الحرب والأثاث والأشياء القديمة والأسلحة والملابس والإكسسوارات والمعدات العسكرية والمجوهرات. فقد كان نابليون أكثر زعيم فرنسي نحتت له التماثيل النصفية بالآلاف. وفي حال تلحلحت ظروف الوباء وتمكن الزوار من ارتياد المعرض في مجاميع متباعدة، فإن من القطع التي تثير الدهشة المركبة الإمبراطورية المذهبة التي حملت العروسين في موكب زفاف نابليون وزوجته الثانية الأميرة النمساوية ماري لويز. وقد جاءت العربة على سبيل الإعارة من قصر «فيرساي».
إنه معرض سيتجدد الحديث عنه وعن الفعاليات المرافقة له في مناسبات مقبلة.



لأول مرة... عرض كسوة الكعبة بكاملها خارج مكة المكرمة

كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)
كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)
TT

لأول مرة... عرض كسوة الكعبة بكاملها خارج مكة المكرمة

كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)
كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)

ضمن عدد هائل من المقتنيات التاريخية والقطع المستعارة من مؤسسات عربية ودولية ينفرد بينالي الفنون الإسلامية 2025 المقرر افتتاحه في 25 يناير (كانون الثاني) الحالي بعرض كسوة الكعبة المشرفة بالكامل، وهي المرة الأولى التي تشاهد فيها الكسوة خارج مكة المكرمة.

ويأتي عرض الكسوة في الدورة الثانية من البينالي بالتزامن مع الذكرى المئوية الأولى (حسب التقويم الهجري) لإنشاء مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة في السعودية، والذي ينال شرف صناعة الكسوة منذ عام 1346 هـ (1927 م).

جدير بالذكر أن الكسوة التي سيتم عرضها في البينالي غطّت الكعبة المشرّفة طوال العام الهجري الماضي ولم يسبق أن عُرضت بشكلها الكامل في أيّ محفل أو معرض من أي نوع.

قاعات عرض بينالي الفنون الإسلامية 2025 بجدة (مؤسسة بينالي الدرعية)

ويمثل عرض الكسوة سابقة أولى يسجلها البينالي ضمن جهوده المعرفية التي تُضيء الجوانب المرتبطة بالفنون الإسلامية والنقوش والزخارف الفريدة، والتي تتجلّى في الكسوة الشريفة بوصفها واحدة من أسمى الإنتاجات الإبداعية التي بلغها الفن الإسلامي.

وسيقدم البينالي من خلال عرض كسوة الكعبة المشرفة تعريفاً بالكسوة، وتطورها عبر التاريخ، وما يرتبط بها من فنون ونقوش ومهارات حِرفية ومعارف، وذلك بأسلوب عرضٍ مميز، يتيح للزوار التعرّف على التفاصيل الدقيقة في حياكتها، وتطريزها بخيوطٍ من الحرير والذهب والفضة. وستتم إعادة الكسوة إلى رعاية مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة بعد اختتام فعاليات البينالي.

وتهدف مؤسسة بينالي الدرعية من خلال عرض الكسوة إلى ترسيخ الاعتزاز بالإرث الثقافي الإسلامي، وخلق فرصة استثنائية تسمح لعامة الجمهور بالتعرف عن قرب على أحد أهم مظاهر الفن الإسلامي عبر التاريخ، وتقديم فهمٍ أعمق للحرفية العالية في صناعة كسوة الكعبة المشرفة، مع ما يتضمنه ذلك من تأكيد على مركزية المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين، وتوفيرها لكل الإمكانات والمهارات والحرفيين البارعين لصناعة الكسوة من خلال مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة.

صالة الحجاج الغربية في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة مكان إقامة فعاليات بينالي الفنون الإسلامية في دورته الثانية (مؤسسة بينالي الدرعية)

و إلى جانب كسوة الكعبة المشرفة سيعرض البينالي مجموعةً واسعة من التحف التاريخية الإسلامية وأعمال الفن المعاصر، بهدف دفع زواره إلى التأمل في ثراء الحضارة الإسلامية وفنونها الإبداعية، وذلك امتداداً لما قدمه البينالي في نسخته الأولى التي أُقيمت في عام 2023م تحت عنوان «أول بيت»، وحققت نجاحاتٍ كبيرةٍ جعلت منه ثاني أكثر بينالي زيارة في العالم، بحضورٍ وصلَ إلى أكثر من 600 ألف زائر تعرفوا على الإرث الثقافي للفنون الإسلامية.