الرئيس التونسي يهدد برفض منح الثقة للتعديل الحكومي

سياسيون يهددون بمقاضاته بعد قوله إن الوزراء «المشتبه بهم» لن يؤدوا اليمين الدستورية أمامه

جانب من جلسة منح الثقة للوزراء الجدد ليلة أول من أمس (إ.ب.أ)
جانب من جلسة منح الثقة للوزراء الجدد ليلة أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

الرئيس التونسي يهدد برفض منح الثقة للتعديل الحكومي

جانب من جلسة منح الثقة للوزراء الجدد ليلة أول من أمس (إ.ب.أ)
جانب من جلسة منح الثقة للوزراء الجدد ليلة أول من أمس (إ.ب.أ)

بعد مصادقة البرلمان التونسي، ليلة أول من أمس، على الوزراء الـ11 الجدد، ونيلهم الثقة بأغلبية تتجاوز 109 أصوات، تحولت الأنظار إلى قصر قرطاج، حيث ينتظر موافقة الرئيس قيس سعيّد على التحوير الوزاري، وقبول أداء اليمين الدستورية أمامه، بعد أن هدد برفض منح الثقة للتعديل الحكومي الأخير.
وراسلت رئاسة البرلمان، أمس، رئيس الجمهورية لتعلمه بنتائج التصويت، وحصول كل الوزراء المقترحين على ثقة البرلمان، في خطوة يتوقع أن تزيد منسوب الضغوط على قيس سعيّد، على اعتبار أن هذه النقطة الدستورية تشهد جدلاً سياسياً حاداً. ففي وقت أيّد فيه معظم أساتذة القانون الدستوري ضرورة قبول الرئيس للوزراء الجدد، هدد سياسيون آخرون بالتوجه إلى القضاء الإداري لإجباره على قبول هذه الخطوة الدستورية، خاصة بعد مصادقة البرلمان على الوزراء المقترحين ضمن التعديل الحكومي.
وكان الرئيس سعيد قد انتقد بشدة الطريقة التي تم بها إعلامه بالتعديل الوزاري، قائلاً، إن رئاسة الجمهورية «ليست مجرد صندوق بريد يتقبل الأوراق، ويمضي الأوامر وينظم مواكب أداء اليمين». مؤكداً أنه لن يشرف على موكب أداء اليمين الدستورية للوزراء الجدد، في إشارة إلى الخلاف المتفاقم بين رأسي السلطة التنفيذية. وتزامن ذلك مع دعوة منظمة «أنا يقظ» (منظمة حقوقية مستقلة)، في رسالة وجهتها إلى نواب البرلمان، إلى عدم منح الثقة لبعض الوزراء المقترحين، وهم الهادي خيري (وزير الصحة)، وسفيان بن تونس (وزير الطاقة والمناجم)، ويوسف فنيرة (وزير التكوين المهني والتشغيل)، ويوسف الزواغي (وزير العدل). غير أن دعوتها لم تجد تجاوباً من قبل نواب البرلمان.
وبخصوص تهديد الرئيس سعيد بعدم قبول أداء اليمين الدستورية أمامه، قالت منى كريم، أستاذة القانون الدستوري، إن الوزراء الجدد لا بد أن يؤدوا اليمين أمام رئيس الجمهورية، باعتبار هذا الإجراء «ركناً أساسياً لا يمكن تجاوزه»، مؤكدة أنه ليس من حق الرئيس رفض أداء الوزراء اليمين الدستورية أمامه.
من جانبه، هدد عياض اللومي، النائب عن حزب «قلب تونس» الداعم للائتلاف الحكومي، باللجوء إلى القضاء الإداري، في ظل غياب المحكمة الدستورية، بهدف إلزام رئيس الجمهورية بقبول أداء اليمين الدستورية لكل الوزراء الجدد. معتبراً أن أداء اليمين للوزراء الجدد «هو مجرد إجراء شكلي». في حين يرى الرئيس سعيد، أن أداء اليمين «إجراء جوهري»، مؤكداً أنه «لا يمكن للوزراء الذين اتهموا بقضايا فساد، أو بملفات تضارب مصالح أن يؤدوا اليمين الدستورية».
في السياق ذاته، أكد جوهر بن مبارك، أستاذ القانون الدستوري، أن أداء الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية، وتسميتهم بأمر يصدر بالرائد الرسمي (الصحيفة الحكومية) «إجراء جوهري في الدستور التونسي». مبرزاً أن هذا الإجراء «يجعل لرئيس الدولة سلطة مقيدة، ولا يمكنه أن يختار بين قبول أداء الوزراء المقترحين اليمين أمامه أو رفضه». وأضاف بن مبارك موضحاً، أن رفض رئيس الجمهورية قبول أداء اليمين من قبل الوزراء الجدد «ستكون له تبعات قانونية، أهمها وجود الوزراء الجدد في وضعية غير دستورية، وستكون جميع قراراتهم غير قانونية، ويمكن الطعن في سلامتها أمام المحكمة الإدارية». على حد قوله.
على صعيد غير متصل، طالب «ائتلاف صمود» (مجتمع مدني) باستقالة رئيس الحكومة، وذلك على خلفية وفاة شاب تونسي بعد إصابته بقذيفة غاز مسيل للدموع في الرأس خلال مظاهرات احتجاجية ضد الحكومة. وفي هذا الشأن، قال حسام الحامّي، المنسّق العامّ لـ«ائتلاف صمود» لـ«الشرق الأوسط»، إن كل القوى الدّيمقراطية المدنية والسياسية، «مدعوة لمزيد من الانخراط في انتفاضة يناير (كانون الثاني) 2021، ودعم الحراك الاحتجاجي الشعبي؛ بهدف تغيير المنظومة السّياسية، التي جلبت الخراب للبلاد وحتى رحيل هذه الحكومة»، على حد تعبيره.
واتهم الحامي الحكومة بمصادرة حق التظاهر السلمي، مما يعد خرقاً للفصلين 19 و37 من الدستور التونسي، واعتبر هذه الممارسات بمثابة «تصفية لما تبقى من مكتسبات الثّورة، ورجوع لممارسات دولة الاستبداد».
وفي مقابل التصريحات التي هددت بمقاضاة رئيس الجمهورية في حال رفضه قبول أداء اليمين الدستورية أمامه، توقع فتحي العيادي، القيادي في حركة النهضة، أن يتكلم الرئيس سعيّد «لغة جديدة، تغلب المصلحة العامة، وتدعم مؤسسات الدولة». وقال، إن الرئيس التونسي «سيكون في مستوى الانتظارات، ويصادق على التحوير الوزاري، ويعلن عن موعد أداء الوزراء الجدد لليمين الدستورية أمامه».
وبشأن شبهات الفساد وتضارب المصالح التي تلاحق بعض الوزراء، قال العيادي، إنه «إذا ثبتت تلك الاتهامات فإن البرلمان التونسي ستكون له كلمته الحاسمة» في هذا الشأن. مؤكداً على انسجام حكومة المشيشي اليوم مع الأغلبية البرلمانية، التي تقودها حركة النهضة، ودعا الحكومة إلى التركيز على الملفات الاجتماعية والاقتصادية، وإعطائها الألوية القصوى.
من جهة ثانية، قال مصدر برئاسة الجمهورية أمس إن الرئاسة تلقت ظرفا مشبوها يحتوي على
مسحوق، وإن تحقيقا يجري في الواقعة. مبرزا أن الرئيس قيس سعيد بخير ولم يفتح أي ظرف، بحسب وكالة «رويترز» للأنباء.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.