إجراءات أمنية مشددة واشتباكات بين مزارعين وقوات أمن هندية

يصر المزارعون الهنود على الطابع السلمي لاحتجاجاتهم (أ.ب)
يصر المزارعون الهنود على الطابع السلمي لاحتجاجاتهم (أ.ب)
TT

إجراءات أمنية مشددة واشتباكات بين مزارعين وقوات أمن هندية

يصر المزارعون الهنود على الطابع السلمي لاحتجاجاتهم (أ.ب)
يصر المزارعون الهنود على الطابع السلمي لاحتجاجاتهم (أ.ب)

تمثل المواجهات بين المزارعين وقوات الأمن مصدر إحراج كبير لحكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي الهندوسية القومية، والتي تشكل احتجاجات نقابات المزارعين أكبر تحديات بالنسبة لها منذ توليها السلطة في 2014، وأمر وزير الداخلية الهندي أميت شاه 15 فرقة من القوات العسكرية بتعزيز أجهزة الأمن في العاصمة، صباح أمس الأربعاء، وإقامة حواجز لقوات الأمن في الطرق الرئيسية في العاصمة نيودلهي، مما أدى إلى ازدحام مروري خانق، بعد مواجهات بين المزارعين والشرطة. وقتل مزارع وجرح 300 شرطي على الأقل، بحسب متحدث باسم الشرطة. وكان قد سُمح للمزارعين، بتنظيم مسيرات في طرق محددة، ضمن احتجاجاتهم في يوم الجمهورية، وهي ذكرى تبني دستور البلاد في 26 يناير (كانون الثاني) 1950، إلا أن الآلاف من المتظاهرين خرجوا عن الطريق المحدد، وقاموا بدفع الحواجز لدخول المدينة على متن جرارات وعلى أقدامهم أو على ظهر أحصنة، حيث تصدت لهم الشرطة بالعصي والغاز المسيل للدموع.
وتشكل أعمال العنف هذه تصعيدا كبيرا في المواجهة بين الحكومة وآلاف المزارعين الذين يخيمون في ضواحي المدينة منذ أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للمطالبة بإلغاء إصلاحات زراعية جديدة.
وفي جميع أنحاء المدينة، جرت مواجهات بين قوات الأمن وهؤلاء المتظاهرين. وهاجم المزارعون رجال الشرطة بأغصان أشجار وقضبان معدنية وقاموا بخطف حافلات تستخدم لعرقلة تقدم قوافلهم. ولطالما كان قطاع الزراعة حقل ألغام سياسيا للسلطة المركزية في نيودلهي. وقال المحلل السياسي بارسا فينكاتشوار راو: «خلال الشهرين الماضيين قاموا بالتظاهر بشكل سلمي وبكرامة». وأضاف، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، «حتى الذين لا يوافقونهم يكنون لهم الاحترام. أعمال العنف أساءت إلى ذلك».
وعند المعبر الحدودي في ولاية سينغو، أحد الأماكن الرئيسية للاحتجاجات كانت الأجواء متشائمة واتهم البعض عناصر من الحكومة بالوقوف وراء أعمال العنف. وقال أمريتبال سينغ (36 عاما) ويعمل مدربا رياضيا من البنجاب وانضم للمظاهرات: «مظاهرتنا وحركتنا أمس خطفها أشخاص يدعمون الحكومة أو يريدون لهذا أن يحدث». لكنه أضاف «لا يجب أن يُنظر لما حدث على أنه يتعارض مع كفاحنا الطويل والسلمي جدا ضد القوانين. نحن هنا ولن نذهب أي مكان».
ويعتصم المزارعون احتجاجا على إصلاحات تطال قطاعهم، فهو مورد الرزق لقرابة 70 في المائة من السكان البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة، ويمثل نحو 15 في المائة من الاقتصاد البالغ حجمه 7.2 تريليون دولار. و«الثورة الخضراء» التي اندلعت في السبعينات حولت الهند من بلد يعاني من نقص متكرر في المواد الغذائية إلى بلد لديه فائض، بل من كبار المصدّرين. ولكن خلال السنوات الماضية، لم تسجل مداخيل المزارع تقدما يذكر وبات القطاع بحاجة ماسة للاستثمار والتحديث. وأكثر من 85 في المائة من المزارعين يملكون أقل من هكتارين من الأرض. وأقل من واحد بين مائة مزارع يملك أكثر من 10 هكتارات، بحسب مسح لوزارة الزراعة.
وقد ألحق نقص المياه والفيضانات والطقس المتقلب بشكل متزايد بسبب تغير المناخ، إضافة إلى الديون، خسائر فادحة بالمزارعين.
وانتحر أكثر من 300 ألف مزارع منذ التسعينات الماضية. وقرابة 10 آلاف و300 انتحروا في 2019 بحسب أحدث الأرقام الرسمية.
ويتخلى مزارعون عن الزراعة بأعداد كبيرة 2000 منهم يوميا وفقا لآخر تعداد في 2011. وكثيرا ما قدمت الحكومات الهندية وعودا كبيرة للمزارعين، فهم خزان أصوات مهم في الانتخابات. ومودي لا يختلف عنها، فقد تعهد بزيادة عائداتهم بمقدار الضعف بحلول 2022. وفي سبتمبر (أيلول) أقر البرلمان ثلاثة قوانين تسمح للمزارعين بالبيع لأي مشتر يختارونه مقابل عمولة في أسواق تسيطر عليها الحكومة. أنشأت تلك الأسواق في الخمسينات الماضية لوقف استغلال المزارعين، ودفع سعر دعم أدنى لبعض المنتجات. وأدى هذا النظام لقيام المزارعين أحيانا بزراعة محاصيل لا تتوافق مع الظروف المناخية المحلية، كما يمكن أن يمثل أرضا خصبة للفساد.
ويطالب العديد من المزارعين بسعر دعم أدنى كشبكة أمان حيوية، ويخشون من عدم تمكنهم من التنافس مع مزارع كبيرة ومن الحصول على أسعار متدنية من شركات كبرى. وتجاهل مطالبهم يتعارض أيضا مع الصورة التي رسمها مودي لنفسه على أنه نصير الفقراء.
وقد أسسوا خلال احتجاجاتهم مدارس لأبنائهم وصحيفة خاصة بهم وفرق لشبكات التواصل الاجتماعي وخدمات طبية، بل حتى ماكينات تدليك للأرجل المتعبة. لكن أعمال الشغب فاجأت نقابات المزارعين التي كانت قد وعدت الشرطة بأن تلتزم المظاهرات بقوافل الجرارات بالطرق المتفق عليها، وقد نأت بنفسها عن أعمال العنف.
وقال المحلل السياسي بارسا فينكاتشوار راو ومقره نيودلهي: «في الوقت الحاضر تضرر المزارعون بسبب الأحداث التي وقعت أمس».
أضاف «الحكومة قد ترغب في الاستفادة من الوضع والرد على المزارعين بطريقة أو بأخرى. وفيما يتعلق بالرأي العام فقد أضرت أعمال العنف بقضيتهم».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».