في ظل «كورونا»... أحياء الأعمال في نيويورك تبحث عن مستقبل جديد

رجل يرتدي قناعاً يسير أمام متجر «ستاربكس» مغلق مع استمرار تفشي مرض فيروس «كورونا» في منطقة مانهاتن بمدينة نيويورك (رويترز)
رجل يرتدي قناعاً يسير أمام متجر «ستاربكس» مغلق مع استمرار تفشي مرض فيروس «كورونا» في منطقة مانهاتن بمدينة نيويورك (رويترز)
TT

في ظل «كورونا»... أحياء الأعمال في نيويورك تبحث عن مستقبل جديد

رجل يرتدي قناعاً يسير أمام متجر «ستاربكس» مغلق مع استمرار تفشي مرض فيروس «كورونا» في منطقة مانهاتن بمدينة نيويورك (رويترز)
رجل يرتدي قناعاً يسير أمام متجر «ستاربكس» مغلق مع استمرار تفشي مرض فيروس «كورونا» في منطقة مانهاتن بمدينة نيويورك (رويترز)

نوافذ مغلقة ومطاعم مقفلَة وكل أبراج المكاتب خالية... بعد عشرة أشهر من انتشار وباء «كوفيد - 19» الذي حوّل مراكز الأعمال الشهيرة في نيويورك إلى مدن أشباح، تتساءل الشركات حول كيفية إعادة موظفيها إلى مكاتبهم.
يقول كينيث ماكلور، نائب رئيس شركة «هوسبتاليتي هولدينغز» التي يعجّ مطعمها في حي ميدتاون عادةً برجال الأعمال الذين يأتون لبحث صفقات مالية عند الغداء أو تناول كأس عند انتهاء العمل، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا لم يعودوا، سنغرق».
وأغلقت مجموعته ستة مطاعم وحانات في مانهاتن بينها اثنان بشكل نهائي، ما يدل على التهديد الذي يخيّم على هذه الأحياء التي كانت رمزاً للحيوية الاقتصادية الأميركية ونموذجاً عن نيويورك مثلها مثل سيارات الأجرة الصفراء أو مسارح برودواي.
وأضاف ماكلور: «الزبائن الذين كنا نراهم ثلاث أو أربع أو خمس مرات في الأسبوع اختفوا ببساطة» منذ مارس (آذار) الماضي عندما واجهت نيويورك الموجة الأولى من الوباء. وتوفي أكثر من 26 ألف شخص بسبب الفيروس في العاصمة الاقتصادية الأميركية حتى الآن.
حسب «كاسل سيستمز» الشركة المتخصصة في أمن المكاتب، فإن 14% فقط من أكثر من مليون موظف نيويوركي، كانوا يعملون من مكاتبهم في منتصف يناير (كانون الثاني)، ما يهدد مصير عدد كبير من مزودي الوجبات الخفيفة والمتاجر الصغيرة في ميدتاون أو وول ستريت.
لكن مع وصول اللقاحات ضد «كوفيد - 19» باتت الشركات تبحث عن طرق لتشجيع موظفيها على العودة.
ورأى نحو 80% من موظفين استطلعت آراؤهم في دراسة نشرتها هذا الشهر شركة «برايس ووتر كوبرز» أن العمل عن بُعد أمر جيد. لكن 87% رأوا أن مكتبهم مهم للعمل كفريق ولإقامة علاقات، وهي جوانب من العمل يكون فيها التواصل عبر الفيديو أقل فاعلية.
تقول جيسيكا لابين خلال مقابلة من مكتبها في جمعية «التحالف من أجل وسط مدينة نيويورك» التي تترأسها: إن «وجودي في المكتب ورؤية الزملاء والخروج من المنزل، يجعلني في مزاج جيد طوال الأسبوع».
لكن قلةٌ هم الموظفون الذين يريدون العودة إلى العمل من الاثنين إلى الجمعة، من الصباح إلى المساء، كما كانت الحال عليه قبل الوباء.
يقول دنيز كاغلار الذي أسهم في إعداد دراسة «برايس ووتر كوبرز»، إن «غالبية كبرى يقولون إنهم يفضلون نظاماً هجيناً، مع يومين أو ثلاثة من العمل من المنزل ويومين أو ثلاثة من المكتب».
ويرى المتخصصون في هذا القطاع أنه سيتعين على الشركات تغيير مفهوم أماكن العمل، وألا تكون بعد الآن مجرد مكان للجلوس أمام شاشة الكومبيوتر أو إجراء اتصالات هاتفية كما كانت الحال عليه في السابق، وإنما تشجيع صداقات بين الزملاء والإبداع.
وهذا يعني تحسين الديكور وإقامة قاعات اجتماعات أوسع وشرفات وأماكن في الخارج للتحادث ومكاتب يمكن التشارك بها حسب فترات العمل.
يقول ديفيد سميث، معد دراسة حول مستقبل أماكن العمل لحساب شركة «كوشمان آند وايكفيلد» إحدى الشركات العملاقة في العقارات التجارية: «يجب أن يكون مكان العمل مثل مسرح، مع ديكور مختلف لمشاهد مختلفة».
والمكاتب في المستقبل يمكن أن تشمل قاعات رياضة ومقاهي وأماكن لغسل الثياب أو خدمات أخرى تجعل من المجيء إلى المكتب «أمراً يستحق العناء»، وبالتالي تسريع التوجه الذي كان قد بدأ قبل الوباء.
رغم أن موظفيها يعملون حالياً عن بُعد بشكل رئيسي، استحوذت بعض الشركات الكبيرة منذ بداية الوباء على مساحات كبيرة للمكاتب، ما يدفع للاعتقاد بأنها لا تزال تراهن على طريقة العمل هذه في المستقبل رغم عدم اليقين حالياً الذي يسببه الوباء.
في أغسطس (آب) وقّع «فيسبوك» عقد إيجار مكاتب بمساحة 68 ألف متر مربع في ميدتاون، فيما أكدت «غوغل» لوكالة الصحافة الفرنسية أنها تعتزم توسيع «مقرها» الواقع في حي تشيلسي.
وتستعد شركة «غرينبرغ تراوريغ» وهي مكتب محاماة يوظّف 400 شخص في نيويورك لنقل مكاتبها عام 2021 إلى برج مكاتب جديد في وسط ميدتاون، كما أعلن نائب رئيسها روبرت إيفانهو.
سبق أن قامت الشركة بتجهيزات مثل تركيب حنفيات لا تتطلب اللمس مع موزعات للمواد المعقمة، ومكاتب تراعي التباعد الاجتماعي ونظام تهوية محسّن لموظفيها الذين يعملون حالياً بموجب نظام تناوب، كما أضاف.
في مطلع يناير فُتحت قاعة جديدة للركاب في محطة «بن» للقطارات التي كان يعبر فيها قبل الوباء ملايين الأشخاص. وافتتحها حاكم نيويورك أندرو كومو، بعد أعمال بلغت كلفتها 1,6 مليار دولار في دليل على آمال المسؤولين المحليين في إعادة أحياء وسط المدينة.
والبعض يرى في الفترة الحالية فرصة تشجع على إعادة التفكير في هذه الأحياء لجعلها مراعية للبيئة أكثر، مع إضافة مساحات خضراء إلى الأحياء، فيما يتوقع أن يصبح تناول الطعام في باحات المطاعم الخارجية -وهو ما كان نادراً جداً في نيويورك قبل الوباء- أمراً دائماً.
وقال ألفرد سيرولو، رئيس مجموعة «غراند سنترال بارتنرشيب» للأعمال في ميدتاون: «إنها بوضوح الفرصة للجميع للتفكير في مستقبل جديد».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».