كوباني مدينة مدمرة وتركيا تمنع سكانها من العودة

للمرة الأولى.. طيران التحالف الدولي يحلق فوق ريف اللاذقية

طفلة سورية تنتظر تلقي العلاج في مستشفى ميداني بعد إصابتها بقصف شنته مقاتلات سورية على بلدة دوما في ريف دمشق أمس (رويترز)
طفلة سورية تنتظر تلقي العلاج في مستشفى ميداني بعد إصابتها بقصف شنته مقاتلات سورية على بلدة دوما في ريف دمشق أمس (رويترز)
TT

كوباني مدينة مدمرة وتركيا تمنع سكانها من العودة

طفلة سورية تنتظر تلقي العلاج في مستشفى ميداني بعد إصابتها بقصف شنته مقاتلات سورية على بلدة دوما في ريف دمشق أمس (رويترز)
طفلة سورية تنتظر تلقي العلاج في مستشفى ميداني بعد إصابتها بقصف شنته مقاتلات سورية على بلدة دوما في ريف دمشق أمس (رويترز)

قال الجيش الأميركي أمس الأربعاء، بأن الولايات المتحدة والدول المشاركة معها في التحالف الدولي شنت 13 ضربة جوية قرب كوباني خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة، في إطار حملتها المتواصلة لطرد قوات تنظيم داعش من المدينة السورية الحدودية.
وقالت قوة المهام المشتركة في بيان، بأن الغارات حول كوباني قصفت وحدات تكتيكية لتنظيم داعش وعربة، ودمرت تسعة مواقع قتالية ومنطقة شن هجمات وثلاثة مبان. فيما حلّق الطيران الحربي التابع للتحالف الدولي، ليلة الأربعاء، بشكل مكثّف في سماء ريف اللاذقية الخاضع لسيطرة المعارضة السورية للمرة الأولى منذ تشكيل التحالف الدولي ضد التنظيم وبدء عملياته في سوريا، بحسب تقرير لـ(مكتب أخبار سوريا)، الذي نقل أنَّ «مراقبين تابعين للجيش السوري الحر رصدوا ثلاث طائرات حربية تابعة للتحالف قادمة من الأراضي التركية، حلقت لنحو ساعة فوق جبلي اﻷكراد والتركمان بريف اللاذقية الشمالي من دون أن تقصف أي مواقع».
وكان مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية قال يوم الثلاثاء بأن طرد المقاتلين الأكراد لقوات داعش من مدينة كوباني السورية أوقف تقدم التنظيم المتشدد، لكن ذلك لا يمثل نقطة تحول هامة في الحملة الشاملة على التنظيم. وأضاف المسؤول أن تقهقر التنظيم في المدينة التي دمرتها الحرب قرب الحدود التركية، لا يعني أن «يعلن أي شخص إنجاز المهمة»، في الحملة الدولية على الجماعة المتشددة التي استولت على أجزاء من سوريا والعراق.
من ناحية أخرى، قال سكان مدينة كوباني السورية الذين لجأوا لتركيا أمس الأربعاء بأنهم مستعدون للعودة إلى ديارهم، لكن فقط إذا كانت الحماية مكفولة لهم. وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية أن الحدود بين تركيا وسوريا لا تزال مغلقة بالكامل قبالة مدينة عين العرب السورية (كوباني)، بعد يومين على انتصار المقاتلين الأكراد على مقاتلي التنظيم.
وقال مسؤول في الهيئة الحكومية التركية المكلفة الأوضاع الطارئة رافضا الكشف عن اسمه «لن نسمح بدخول أي لاجئ حتى إشعار آخر». ونشرت السلطات التركية عناصر من الدرك والجنود في محيط مركز مرشد بينار الحدودي على بعد كيلومترات من مدينة سوروتش (جنوب) بهدف منع أي دخول للاجئين. والثلاثاء استخدمت قوات الأمن التركية الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لصد مجموعات من الأشخاص كانت تقترب من الحدود، فيما احتشد آلاف المتظاهرين قرب مركز مرشد بينار الحدودي للاحتفال باستعادة المدينة التي كان تنظيم داعش يسيطر على أجزاء منها.
وعمدت السلطات التركية الأربعاء إلى نقل مئات اللاجئين السوريين من أماكن إقامتهم الحالية نحو مخيم جديد فتح قبل أيام قرب سوروتش بقدرة استيعاب تصل إلى 35 ألف شخص. وهذا المخيم هو الأكبر الذي تقيمه تركيا على أراضيها لاستقبال اللاجئين السوريين الهاربين من الحرب في بلادهم. ومنذ بدئها في منتصف سبتمبر (أيلول) تسببت المعارك في كوباني وضواحيها بحركة نزوح كثيفة إلى تركيا لا سيما من قبل الأكراد. غير أن مدينة كوباني التي تم تحريرها الاثنين من تنظيم داعش بعد معارك طاحنة، تعاني من دمار شامل، وفق مراسلي الصحافة الفرنسية الذين تمكنوا من دخولها الأربعاء. ولم يتبق في الجزء الشرقي من المدينة الذي بات تحت السيطرة التامة للمقاتلين الأكراد من وحدات حماية الشعب الكردي سوى الركام والمباني المتداعية، بسبب عنف المواجهات والضربات الجوية التي شنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. ومنيت الأحياء الغربية بأضرار أقل حيث أمكن مشاهدة بعض السكان المدنيين، وفق مراسلي الصحافة الفرنسية الذي دخلوا المدينة بعدما فتحتها القوات الكردية لفترة وجيزة أمام الصحافيين. وعند عدة مفترقات طرق في المدينة، كانت مجموعات من المقاتلين الأكراد بلباس شبه عسكري ترحب بوجود الصحافيين عبر إطلاق الرصاص في الهواء ورفع شارات النصر. والهدوء كان يعم كل أقسام المدينة التي خلت إلى حد كبير من سكانها. ومنذ بدء هجوم المتطرفين على كوباني وضواحيها منتصف سبتمبر، عبر نحو 200 ألف مدني سوري غالبيتهم من الأكراد الحدود للجوء إلى تركيا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم