«أوكسفام»: الوباء يحكم بالفقر على مليارات البشر لأكثر من عقد

TT

«أوكسفام»: الوباء يحكم بالفقر على مليارات البشر لأكثر من عقد

أعلنت منظمة «أوكسفام» لمكافحة الفقر، الاثنين، أن أزمة «كوفيد19» تُفاقم انعدام المساواة في العالم، مع سرعة ازدياد ثروات الأغنياء وأرجحيّة أن يحتاج الأكثر فقراً سنوات للخروج من دائرة الفقر.
وحذّرت المنظّمة في تقرير بعنوان: «فيروس انعدام المساواة»، بأن هذه هي المرّة الأولى؛ منذ بدء وضع الإحصاءات والسجلات، التي يرتفع فيها انعدام المساواة في كل بلد تقريباً وفي التوقيت نفسه، في ظل الجائحة.
وقال التقرير إن «الألف شخص الأكثر ثراءً على الكوكب عوّضوا خسائرهم جرّاء (كوفيد19) في 9 أشهر، لكن الأمر قد يستغرق أكثر من عقد حتى يتعافى الأكثر فقراً في العالم».
كما سلّطت منظّمة «أوكسفام» الضوء على انعدام المساواة حتى في تأثير الفيروس على الأشخاص والجماعات؛ إذ تُعاني أقلّيات عرقيّة في بعض البلدان من معدّلات وفيات أعلى، كما أنّ القطاعات الاقتصاديّة الأكثر تضرّراً من الوباء هي تلك التي تتمثّل فيها النساء بشكل كبير.
ونُشر التقرير ليتزامن مع بدء «منتدى دافوس» الافتراضي للاقتصاد العالمي الذي سيخصص خلاله أسبوع كامل لمساعدة القادة على ابتكار حلول لكبح الوباء وإنعاش الاقتصادات بشكل قوي في العام المقبل.
وأشارت «أوكسفام» في تقريرها إلى أن تحقيق اقتصادات أكثر إنصافاً هو المدخل لتعافٍ اقتصادي سريع.
ووفق حسابات أجرتها «أوكسفام»، فإن فرض ضريبة مؤقّتة على الأرباح الزائدة التي حقّقتها 32 شركة عالميّة خلال فترة الوباء، كانت لتُساهم في جمع 104 مليارات دولار عام 2020، وهو مبلغ كاف لتأمين إعانات بطالة لجميع العمّال في البلدان متوسّطة ومنخفضة الدخل، إضافة إلى الدعم المالي للأطفال وكبار السن.
وقالت غابرييلا بوشر، المديرة التنفيذيّة لـ«أوكسفام إنترناشونال»، إنّه «يجب أن تكون مكافحة انعدام المساواة في صميم جهود الإنقاذ والتعافي الاقتصادي» عبر تمويل الخدمات العامّة من خلال نظام ضريبي يدفع فيه الأفراد والشركات الأغنى نصيبهم العادل.
وجاء في التقرير: «تكشف الجائحة بوضوح بالغ عن الأشكال المختلفة للقمع والتهميش التي يتعرض لها الناس بسبب جنسهم ونشاطهم الجنسي وعمرهم وإعاقتهم في إطار عنصري وطبقي».
وتهدد جائحة «كورونا» بتفاقم التفاوت الاقتصادي والاجتماعي في كثير من البلدان، حسبما أظهرت نتائج التقرير الذي شمل آراء 295 عالماً في الاقتصاد من 79 دولة.
ووفقاً لمنظمة «أوكسفام»، يتوقع 87 في المائة من العلماء الذين شملهم الاستطلاع أن يرتفع التفاوت في الدخل في بلادهم إلى «حد ما» أو «للغاية» نتيجة الجائحة. كما يتوقع أكثر من نصفهم أن يزداد عدم المساواة بين الجنسين إلى «حد ما» أو «للغاية»، بينما يعتقد أكثر من ثلثيهم أن عدم المساواة بين البيض والملونين سوف يزداد. وكتبت المنظمة: «من المثير للقلق بشكل خاص أن ثلثي الخبراء الاقتصاديين يعتقدون أن حكوماتهم ليست لديها استراتيجية لمكافحة عدم المساواة».
وذكرت المنظمة أن جائحة «كورونا» يجب أن تكون دعوة للاستيقاظ «لاقتلاع جذور عدم المساواة والفقر المدقع بصورة نهائية»، موضحة أن هذا يتطلب، من بين أمور أخرى، أنظمة ضمان اجتماعي متاحة للجميع، وتركيزاً أكبر على الصالح العام في الاقتصاد. وقال توبياس هاوشيلد، من فرع منظمة «أوكسفام» في ألمانيا: «يتعين على الشركات والأثرياء الآن تقديم إسهام عادل للتغلب على الأزمة».



تقلبات اليورو تهدد الاستقرار العالمي

مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
TT

تقلبات اليورو تهدد الاستقرار العالمي

مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)

مع اقتراب اليورو من أسوأ شهر له منذ أوائل 2022، يحذر المحللون من أن التقلبات الحادة في العملة قد تصبح المصدر القادم لعدم الاستقرار في الأسواق العالمية، خاصة بعد أن أحدثت تقلبات الين الياباني، في أغسطس (آب) الماضي، اضطرابات عبر الأصول المختلفة.

وانخفض اليورو بنحو 3.8 في المائة أمام الدولار، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وهو الآن يقترب من مستوى 1 دولار الرئيسي، تحت ضغط عدة عوامل تشمل خطط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لفرض تعريفات تجارية، وضعف الاقتصاد في منطقة اليورو، وتصاعد النزاع بين روسيا وأوكرانيا. وفي الوقت نفسه، تسهم رهانات النمو الأميركي في تقوية الدولار والأسواق الأميركية، وفق «رويترز».

ورغم ذلك، يبقى المستثمرون والمتداولون في العملات منقسمين حول المسار القادم للعملة الأوروبية، حيث يُعدّ الدولار نفسه مهدَّداً بتداعيات التضخم الناجم عن التعريفات وزيادة الديون الحكومية التي قد تُزعزع الثقة في الأسواق والاقتصاد الأميركي.

وقد تتصاعد حالة عدم اليقين إذا استمر اليورو في التراجع، مما يزيد من احتمالية حدوث تحولات مفاجئة قد تؤدي إلى تأثيرات غير متوقعة على الاستراتيجيات الاستثمارية المرتبطة بسياسات ترمب، مثل تلك التي تراهن على انخفاض اليورو وارتفاع الأسهم الأميركية، وفقاً لما أشار إليه المحللون.

في هذا السياق، قال كيت جاكس، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية في «سوسيتيه جنرال»: «نحن نشهد تقلبات هائلة، حيث بدأ المتداولون التساؤل: هل نتجاوز سعر صرف اليورو مقابل الدولار أم يعود إلى مستوياته السابقة؟». وأضاف: «الخلاصة هي أننا سنرى مزيداً من المناقشات الساخنة في كلا الاتجاهين بشأن اليورو، وأنا شخصياً لا أعتقد أن هذه الارتباطات العالية بين الأصول سوف تستمر».

وبدأت أزمة السوق، في أغسطس، بتقلبات الين مقابل الدولار، والتي فاجأت صناديق التحوط التي كانت تراهن ضد العملة اليابانية، وتحولت إلى بيع الأسهم لتمويل طلبات الهامش.

وحذّرت الجهات التنظيمية من أن الأسواق قد تصبح عرضة لمثل هذه الأحداث، عندما تتغير الروايات الاقتصادية بسرعة، وخاصة في ضوء المستويات العالية من الاستدانة في النظام.

وأضاف جاكس: «إذا تجاوزنا نقطة تكافؤ اليورو مع الدولار، فسنبدأ مواجهة المخاوف التي شهدناها من قبل في الأسواق».

التداعيات المحتملة

يُعد زوج اليورو/الدولار الأميركي هو الزوج الأكثر تداولاً في الأسواق العالمية. والتغيرات السريعة في سعر صرفه يمكن أن تعطل أرباح الشركات المتعددة الجنسيات، فضلاً عن التأثير على آفاق النمو والتضخم في البلدان التي تعتمد على استيراد أو تصدير السلع بالدولار.

وقال ثيموس فيوتاكيس، رئيس استراتيجية النقد الأجنبي في «باركليز»، إن «اليورو هو معيار رئيسي»، مما يعني أن الدول الحساسة للتجارة مثل الصين وكوريا الجنوبية وسويسرا قد تسمح لعملاتها بالضعف مقابل الدولار، إذا استمر اليورو في الانخفاض؛ من أجل الحفاظ على قدرة صادراتها على المنافسة مقابل منتجات منطقة اليورو.

وأشار فيوتاكيس إلى أن الجنيه البريطاني، الذي انخفض بنحو 2 في المائة أمام الدولار في نوفمبر ليصل إلى نحو 1.26 دولار، سيكون حساساً جداً تجاه أي تقلبات في تحركات اليورو.

وأصبحت الأسواق أيضاً أكثر حساسية لتحركات اليورو/الدولار، بعد أن لاحظ خبراء استراتيجيات العملة تدفقاً من المتداولين على عقود الخيارات التي تجمع الرهانات على النتائج المرتبطة بسياسات ترمب، مثل ضعف اليورو، وارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز».

وقال فيوتاكيس: «لقد رأينا كثيراً من المستثمرين يحاولون الاستثمار في هذه النتائج المشروطة»، منوهاً بالارتباطات بين تحركات العملة والأسواق الأوسع.

انقسام الآراء بشأن المستقبل

في الوقت نفسه، يبدو أن مديري الأصول على المدى الطويل منقسمون بشكل كبير بشأن الاتجاه المستقبلي لليورو والدولار، مما يشير إلى أن هذا الزوج من العملات قد يشهد تقلبات ملحوظة في الأشهر المقبلة.

وقال ويليم سيلز، كبير مسؤولي الاستثمار في وحدة الخدمات المصرفية الخاصة والثروات ببنك «إتش إس بي سي»: «نتوقع أن يهبط اليورو إلى 99 سنتاً، بحلول منتصف العام المقبل».

في المقابل، اقترح كبير مسؤولي الاستثمار في «أموندي»، أكبر مدير للأصول في أوروبا، فينسنت مورتييه، أن انخفاض أسعار الفائدة في منطقة اليورو قد يعزز النشاط الاقتصادي والإنفاق الاستهلاكي، وهو ما قد يساعد في رفع اليورو إلى 1.16 دولار، بحلول أواخر عام 2025.

وفي سوق خيارات العملة السريعة، كان المتداولون في أواخر يوم الثلاثاء يقدّرون احتمالات بنسبة 56 في المائة بأن ينتهي العام باستعادة اليورو بعض الأرض فوق مستواه الحالي عند نحو 1.047 دولار، على الرغم من أن البنوك الكبرى، مثل «جيه بي مورغان»، و«دويتشه بنك»، قالت إن التحرك إلى دولار واحد قد يحدث، خاصة إذا كان مرتبطاً بمزيد من التعريفات الجمركية.

وقد أدى ازدياد الرهانات على أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية إلى 2.75 في المائة، الشهر المقبل، إلى إضعاف اليورو بشكل كبير.

لكن الرواية السائدة بأن سياسات ترمب الاقتصادية، مثل ارتفاع التضخم الناجم عن الرسوم الجمركية، سوف تُبقي أسعار الفائدة مرتفعة والدولار قوياً، بدأت تتعرض لبعض الضغوط.

في هذا السياق، قال ستيفن جين، الرئيس التنفيذي لشركة «يوريزون إس جيه إل كابيتال»، إن الولايات المتحدة قد تواجه ما يسمى «لحظة يقظة السندات»، إذا قام المقرضون في سوق سندات الخزانة الأميركية التي تبلغ قيمتها 27 تريليون دولار، برفع تكلفة الديون؛ في محاولة للحد من التخفيضات الضريبية المموَّلة بالديون المفرطة. وأضاف: «من المحتمل أن يسمح هذا بالتيسير المالي، مما يسمح بهبوط هادئ للاقتصاد الأميركي، وخفض أسعار الفائدة طويلة الأجل، ومن ثم جعل الدولار مُبالغاً في قيمته».