انقسام عراقي حول المطلوب من الإدارة الأميركية الجديدة

رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي
رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي
TT

انقسام عراقي حول المطلوب من الإدارة الأميركية الجديدة

رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي
رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي

تسلط رسالة «التهنئة والعتب» التي بعثها رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي إلى جو بايدن بمناسبة تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، الضوء على طبيعة ما تتوقعه أو تريده الأطراف السياسية العراقية المتناقضة من إدارة واشنطن الجديدة بوصفها اللاعب الأبرز على المستويين المحلي والدولي. وغني عن القول، أن طبيعة الاتجاهات والمصالح السياسية المتناقضة، ستنعكس بالضرورة على الرغبة فيما يمكن أن تضطلع به واشنطن من أدوار مقبلة في العراق.
ويمكن اعتبار «رسالة علاوي» أساسا معقولا لمعرفة رؤية الاتجاه «العلماني» المتقاطع مع تواجهات الإسلام السياسي الشيعي، ومن ورائه التوجهات الحليفة لإيران في العراق، بالنسبة لما هو مطلوب من إدارة واشنطن الجديدة، فهذا الاتجاه ومعه قوى وشخصيات سياسية، ترى أن ما حدث من «انتهاك للدستور» في انتخابات عام 2010 مثل لحظة مفصيلة في تاريخ العملية السياسية «الديمقراطية» بعد عام 2003، يتوجب على واشنطن التي أطاحت بنظام صدام حسين إصلاحها، حيث ما زالت تلك اللحظة بحسب علاوي والاتجاهات القريبة منه تمثل «انحدارا» لمشروع الديمقراطية الوليدة وأسهمت في انهيار البلاد.
وجاء في رسالة علاوي إلى الرئيس الأميركي أن مشروع الديمقراطية في العراق «كان في انحدار منذ أيام الاحتلال، وذلك بسبب إصدار قوانين مؤذية وعدم وضوح سياسات ما بعد النزاع المسلح والحصار المفروض على العراق، ولكن بعد ظهور نتائج انتخابات عام 2010 في العراق، أخذ الانحدار يتسارع».
كانت القائمة «الوطنية» بزعامة إياد علاوي فازت بانتخابات 2010، عندما كان بايدن يشغل منصب نائب الرئيس باراك أوباما، بأغلبية 91 مقعدا نيابيا في مقابل حصول ائتلاف «دولة القانون» بزعامة المالكي على 89 مقعدا، لكن الأخير عمد إلى استفتاء المحكمة الاتحادية بشأن موضوع «الكتلة الأكبر» وما إذا كانت تلك التي تفوز بأكبر عدد من المقاعد أو التي تتشكل داخل البرلمان، فأفتت المحكمة بأنها التي تتشكل داخل البرلمان، ما أتاح لائتلاف المالكي تشكيل الحكومة بعد تحالفه مع قوى شيعية وكردية.
وقال علاوي في رسالته: «للأسف توافقت الأدارة الأميركية وإيران على إجهاض إرادة الشعب العراقي الكريم والوقوف ضد القوى الفائزة المدنية الوطنية (العراقية)، ورغم محاولاتك شخصياً لتعديل الأمور لكنها لم تؤتِ ثمارها وها نحن في عام 2020، الذي أصبح فيه العراق دولة ضلت الطريق والهوية».
بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد إحسان الشمري، أن ثمة ثلاثة اتجاهات رئيسية بشأن ما تريده القوى السياسية العراقية من الإدارة الأميركية الجديدة. ويقول الشمري لـ«الشرق الوسط» إن «الاتجاه الأول يمثله الموقف الحكومي الرسمي الذي يريد بناء علاقة على أساس المصالح المشتركة مع واشنطن والالتزام باتفاقية الإطار الاستراتيجي، وهذا الموقف يتأثر ربما بالضغوط الداخلية، لكنه يريد الحفاظ على حدود الدولة والاستفادة من واشنطن في مجالات الأمن والاقتصاد والسياسية وحتى الثقافة».
أما الثاني، والكلام للشمري، فيمثله «جناح إيران السياسي في البرلمان والعسكري عبر فصائل مسلحة، حيث تتماهى وجهة نظر هذا الجناح في مسألة النظر إلى الإدارة الأميركية الجديدة مع وجهة نظر طهران المتصارعة مع واشنطن، وهي تتقاطع مع الرؤية الحكومية وتتطابق مع الرؤية الإيرانية».
ويرى الشمرى، أن «الاتجاه الثالث يمثله طيف غير قليل من القوى الكردية والشيعية والسنية التي ترى ضرورة المحافظة على توازن المصالح في علاقات العراق الخارجية، وترى في واشنطن طرفا فاعلا وحليفا استراتيجيا مهما للعراق، والبعض ينظر إليها كطرف أساسي في مساعدة العراق على مجابهة تغول النفوذ الإيراني».
أما كفاح محمود، مستشار الرئيس السابق لإقليم كردستان مسعود البارزاني، فيرى أن «واشنطن حليفة أساسية للكرد منذ عام 2003، وهي أيضا حليفة لبغداد، وقد أسهمت مساهمة حاسمة في الحرب ضد (داعش)، ويتوقع منها الكثير على مستوى الإقليم والمركز». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا يزال العراق والإقليم بحاجة ماسة من الأصدقاء وفق اتفاقية الإطار الاستراتيجي، والكرد بحاجة استثنائية لدعم واشنطن في المجالات الاقتصادية والعلمية وغير ذلك». ويضيف أن «واشنطن قادرة على المساهمة الفعالة في حل المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل في إطار دستور البلاد الاتحادي، كما أنها قادرة على كبح تغول الميليشيات التي تقوض سلطة الحكومة، وبالتالي تهدد بتقويض وحدة البلاد، وتستطيع أيضا، مساعدة العراق عموما في كبح جماح نفوذ إيران».
من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة إياد العنبر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «ثمة مشكلة في تفكير الزعامات السياسية العراقية، فهي تعتقد أن إدارات البيت الأبيض يجب أن تتماهى مع مصالحها وأن الرئيس الأميركي أو ساسة واشنطن لا يعملون وفق مشروع دولة المؤسسات كما يحصل في العراق».
وتعليقا على رسالة علاوي إلى بايدن، يقول العنبر: «قد لا يجانب الصواب الدكتور إياد علاوي في رسالته إلى بايدن، لكنه اختار التأريخ الخطأ، فالأميركان ارتكبوا الكثير من الأخطاء، وقد أشارت إلى بعضها رسالته، ولعل أهمها ترك أبواب ومنافذ الفساد مفتوحة أمام الزعامات السياسية وشخصيات الطبقة السياسية، أعتقد أن هذا الموضوع كان الخطيئة الكبرى التي لا تزال تداعياتها حتى الآن واضحة».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.