الأحزاب العربية في إسرائيل... اجتماع ودي وبيانات عدائية

فوز ميراف ميخائيلي برئاسة حزب العمل

الناشطة البدوية الفلسطينية آمال أبو القوم انضمت لحزب «تيلم»
الناشطة البدوية الفلسطينية آمال أبو القوم انضمت لحزب «تيلم»
TT

الأحزاب العربية في إسرائيل... اجتماع ودي وبيانات عدائية

الناشطة البدوية الفلسطينية آمال أبو القوم انضمت لحزب «تيلم»
الناشطة البدوية الفلسطينية آمال أبو القوم انضمت لحزب «تيلم»

في الوقت الذي أعلن فيه رؤساء الأحزاب العربية في إسرائيل، المنضوون تحت «القائمة المشتركة»، عن أجواء إيجابية في اجتماعهم الأخير وقرارهم عقد اجتماع ثان، اليوم الثلاثاء، صدرت بيانات عدائية بعد الاجتماع مباشرة، فخرج العديد من الشخصيات الوطنية بتصريحات غاضبة، محذرين من أن مثل هذه التصرفات، تقرب خطر الانقسام من جديد، وتتسبب بخسارة عدد كبير من الأصوات.
وكما قال البروفسور خالد أبو عصبة، وهو من الشخصيات التي عملت على توحيد الأحزاب الأربعة في القائمة المشتركة، فإن هناك مصلحة يمينية في تفسيخ القيادة السياسية العربية، ففي الانتخابات الثلاثة الأخيرة، كان نجاح القائمة المشتركة سببا أساسيا في منع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من تشكيل حكومة اليمين التي يحلم بها.
وكان رئيس لجنة المتابعة العربية للجماهير العربية، محمد بركة، قد دعا رؤساء الأحزاب الأربعة، إلى الاجتماع في منزله في مدينة شفا عمرو، ليلة (الأحد - الاثنين)، لتسوية الخلافات. وحضر الاجتماع، أيمن عودة، رئيس القائمة عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وأمطانس شحادة، رئيس كتلة التجمع، ومنصور عباس، رئيس كتلة الحركة الإسلامية، وأحمد الطيبي رئيس كتلة العربية للتغيير. وأكد بركة أن هذا الاجتماع، الذي استمر إلى مطلع، فجر أمس، كان إيجابيا وسادته أجواء ودية. وأن المجتمعين أكدوا على ضرورة تذليل العقبات من أجل الوحدة، واتفقوا على عقد اجتماع آخر، اليوم الثلاثاء، لتقريب وجهات النظر واستكمال المحادثات.
ولكن الجبهة والحركة الإسلامية، نشرتا بيانين عن الاجتماع، كانا أبعد ما يكون عن الودية، فقد أعلن النائب منصور عباس عن إصرار الحركة الإسلامية، على عدم إلزام المركبات المشتركة بقرار الأغلبية، وإتاحة الفرصة أمام كل حزب أن يتصرف وفق برنامجه السياسي. فهاجمته الجبهة متهمة إياه بعقد صفقة مع نتنياهو، ووضع صيغة تتيح له أن يرجح كفة نتنياهو في الصراع مع منافسيه على رئاسة الحكومة. وأصدر التجمع بيانا، قال فيه إن المطلوب الآن هو وحدة الصف حول برنامج سياسي واضح تلتزم به كافة المركبات لاستمرار المشتركة.
وعلى أثر ذلك، قال محمد بركة، إن الجلسة اتسمت بالمكاشفة والمصارحة الواسعة، وقد طرحت فيها كل القضايا، على الأقل حددت النقاط المختلف عليها، وهذا ما يحتاج إلى طاقم آخر يناقش الطروحات ويحاول خلق صياغة مشتركة، «وآمل أن ينجح الأمر. فهناك وعي بمخاطر تفكيك القائمة المشتركة وعودة الأحزاب الصهيونية إلى المجتمع العربي، ويبقى مدى استعداد كل طرف للعطاء، وهذا سؤال آخر». وسئل: «هل كان طيف نتنياهو حاضرا في الاجتماع؟». فأجاب: «أجل بالتأكيد».
وتتهم الجبهة، الحركة الإسلامية، أنها بموقفها تشكل حجر عثرة لأنها ترفض الالتزام ببرنامج «القائمة المشتركة» السياسي وبآلية الحسم الديمقراطي، لأنها تريد «إبقاء بابها مفتوحاً لدعم نتنياهو والليكود». وقالت إن الخلاف معها يتمحور حول طلب عباس ما يسميه «حرية تصويت» في الأمور السياسية الأساسية، مثل عدم التوصية على نتنياهو وعدم دعمه وإنقاذه، حجب الثقة عن الحكومة، وميزانية الدولة، أو تشريعات تتعلق بملفات نتنياهو الجنائية على غرار «القانون الفرنسي». وفي المقابل، تُجمِع ثلاثة أحزاب (الجبهة والعربية للتغيير والتجمع)، على آلية «الإجماع والإقناع» وإذا تعذّر فبالتصويت، وهي الآلية المعتمدة منذ عام 2015 والتي يبتغي عباس تغييرها الآن.
يذكر أن الانتخابات الإسرائيلية لدى الأحزاب الأخرى أيضا تتسم بالضبابية، وهناك محاولات لتجميع صفوف الأحزاب المتفسخة في المعسكرين. ويسود الانطباع أن نتنياهو نجح في تفكيك غالبية الأحزاب في الساحة السياسية. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن هذا التفسخ سيضمن عودة نتنياهو إلى الحكم على رأس حكومة يمينية، بينما في حال توحيد صفوف هذه الأحزاب سيؤدي إلى حصول المعسكر المضاد لنتنياهو على 64 من مجموع 120 نائبا. وعلى سبيل المثال فإن حزب العمل وحزب الإسرائيليين وحزب موشيه يعلون، لن تتجاوز نسبة الحسم وستسقط جميعها ويكسب نتنياهو من سقوطها. لكنها في حال اتحدت في قائمة واحدة، ستحصل على 8 مقاعد وتقوي المعسكر المضاد لنتنياهو.
وكانت عضوة الكنيست ميراف ميخائيلي، قد فازت برئاسة حزب العمل بعد حصولها في الانتخابات التمهيدية على 77 في المائة من الأصوات. وبهذا، تصبح المرأة الوحيدة التي ترأس حزبا في الانتخابات المقبلة، ومن المتوقع أن تفاوض على تحالفات في كتلة يسار الوسط. وأعلن عوفر شلح، رئيس حزب «هتنوفا»، المنشق عن حزب يائير لبيد، أنه مستعد أن يكون ثانيا وراء ميخائيلي، فيما دعا رون خولدائين رئيس بلدية تل أبيب، أن تسير ميخائيلي وشلح من ورائها في حزب «الإسرائيليين».
من جهة ثانية، أعلن رئيس حزب «تيلم» وزير الأمن الأسبق، موشيه يعلون، عن ضم الناشطة النسوية البدوية آمال أبو القوم إلى حزبه. وأشاد يعالون بها، قائلا، إنها «رائدة في مجال تعزيز حقوق النساء في المجتمع البدوي، وهي من سكان قرية شقيب السلام، وأسست مؤسسة غير ربحية تعمل على تمكين الفتيات البدويات». وكتب يعالون على «تويتر»، إن «القيم التي تعززها أمل، تعبر عن القيم التي يؤمن بها حزب تيلم، وسيكون لها دور كبير في كفاحنا من أجل خلق مجتمع موحد ومتساو أكثر».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.