عبد الملك الحوثي.. الإمام الثالث

الحاكم في اليمن بالتحكم.. لم يتلق أي تعليم نظامي.. ويمارس السباحة ويكتب الشعر

عبد الملك الحوثي.. الإمام الثالث
TT

عبد الملك الحوثي.. الإمام الثالث

عبد الملك الحوثي.. الإمام الثالث

بعد أن ثبتت الحركة الحوثية قواعدها بقوة السلاح على الساحة اليمنية، منذ 21 سبتمبر (أيلول) العام الماضي، ومن ثم استولت على القصر الرئاسي الأسبوع الماضي، وأجبرت للرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته على الاستقالة، تتوجه الأنظار إلى زعيم الحركة، عبد الملك الحوثي، لمعرفة الخطوة التالية.. هل هي إعادة دولة أسلافه (الإمامة) ليصبح الإمام الثالث، في المملكة المتوكلية اليمنية، التي كانت تحكم البلاد منذ عام 1918، وحتى 1962. وليكون امتدادا للإمام يحيى حميد الدين ومن بعده نجله الإمام أحمد، أم يسير على خطى حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، أم يشق طريقا ثالثا لنفسه برعاية إيران خارجيا، وعلي عبد الله صالح داخليا.

يرى منتقدو الحركة أن الهدف الحقيقي للحوثي هو استعادة الحكم الذي سلب من سلالتهم المذهبية. وفي هذا الإطار يقول الباحث اليمني زايد جابر، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحوثيين يسيرون على خطى الأئمة، من حيث السيطرة والقتل والتفجير ضد خصومهم.. وإن عبد الملك الحوثي يسير على نهج من سبقوه من الأئمة، كي يثبت أنه أصبح مؤهلا للإمامة.
ويعتقد الحوثيون أن «الولاية العامة»، تنحصر في سلالة الرسول الكريم، الذي يعود نسبهم إليه كما يقولون، لذا لا ينفك عبد الملك الحوثي نفسه عن التحدث عن أهمية التمسك بالولاية التي يعتبرها ولاية إلهية. ففي خطابه بمناسبة «عيد الغدير» 2014. أكد أن «مبدأ الولاية مبدأٌ قرآني إيماني، لأنه يرتبط أساسا بولاية الله سبحانه وتعالى، وولاية الرسول هي امتداد لولاية الله». وبحسب مقربين من الجماعة فإن تزعم عبد الملك للحركة جاء بعد خلافات عميقة داخل قيادتها بعد مقتل مؤسسها في الحرب الأولى، حيث كانت القائد الميداني عبد الله الرزامي هو المرشح الأبرز لتولي زعامة الحركة، إلا أن الأب الروحي للحركة بدر الدين الحوثي رفض ذلك وقدم ابنه ليكون هو قائد الحركة. وترتبط الظاهرة الحوثية بتخريج زعامات من سلالة محددة من البشر، يحاطون بتعظيم مبالغ فيه، كما هو الحال مع زعيم الحركة عبد الملك الحوثي الذي يبدو كنموذج مصغر من زعيم حزب الله في لبنان حسن نصر الله، حيث يرفعان شعارات محاربة إسرائيل وأميركا.
لقد أصبحت الحركة الحوثية وقيادتها منذ 21 سبتمبر 2014، محط الأنظار باعتبارها الحركة الشيعية المسلحة التي سيطرت على عاصمة بلد وتمكنت خلال وقت قصير من تحقيق أهدافها بقوة السلاح، وقد ظهرت الحركة المدعومة من إيران، قبل 22 سنة على يد مؤسسها حسين الحوثي شقيق زعيم الحركة الحالي، واتخذت من المذهب الزيدي الذي ينتشر أتباعه في أقصى شمال البلاد، غطاء للتوسع وتجنيد الأتباع والتأثير على أبناء المناطق القبلية.
كان عبد الملك في العقد الثاني من عمره حين ورث زعامة الحركة، بعد مقتل شقيقه حسين بدر الدين الحوثي على يد الجيش عام 2004، في نهاية الحرب الأولى بين جماعته والسلطات المركزية، ليتوارى بعدها في كهوف الجبال الوعرة والتضاريس الجغرافية القاسية، بمعقل الحركة في محافظة صعدة، بعد إعلان السلطات ملاحقة كل من ينتمي للحوثي، ليقود بعدها أتباعه في 5 حروب ضد السلطات وكان آخرها عام 2010. وخلال 11 سنة «2004 - 2015»، استطاع الشاب وبدعم مباشر من إيران والرئيس السابق علي عبد الله صالح، أن يقود ميلشياته التي هي خليط من القبائل المحيطة بصنعاء، ومقاتلين تدربوا على يد خبراء إيرانيين وحزب الله، وسيطروا على مقاليد الحكم في صنعاء التي كانت تدار منها الحروب الست ضد جماعته أثناء حكم صالح، الذي تحالف مع الجماعة بعد الإطاحة به عام 2011.
يحيط الغموض تفاصيل الحياة الشخصية والاجتماعية، لعبد الملك الحوثي بسبب الإجراءات الأمنية المشددة التي يحيط بها نفسه، فهو قليل الظهور بالإعلام، وإن ظهر فعبر خطابات متلفزة تنقلها فضائية «المسيرة» التابعة للحركة التي تبث من بيروت، ويطلق عليه أتباعه لقب «سيد» وهو لقب يطلق عادة في اليمن على من ينتمي إلى الهاشميين ممن ينحدرون من سلالة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام حسب اعتقادهم.
يعد والده بدر الدين الحوثي من أبرز المراجع الفقهية للمذهب الزيدي، لكنه شهد تحولا جذريا في فكره بعد سفره إلى إيران، التي تأثر بها فتحول مذهبه إلى المذهب الجارودي، القريب من المذهب الإثني عشري، بعد إقامته في إيران خلال الفترة ما بين 1994 و2002 كما يقول الباحثون. ولا يعرف عن عبد الملك التحاقه بالتعليم النظامي إذ اعتمد على والده المرجع الزيدي، لتلقي العلوم الدينية، فكان المفضل عنده من بين إخوته، فكان مرافقه في كل مكان يذهب إليه، وعندما تم نفي والده من البلاد 1994، رافقه في سفره إلى إيران، حيث تشكلت شخصيته الفكرية والآيديولوجية بحسب المقربين منه.
وظهرت حركة «أنصار الله» وهو الاسم الرسمي الذي يطلقون على أنفسهم، كتنظيم شبابي فكري عام 1992، ليدب الخلاف بين مؤسسي التنظيم الذي كان يسمى «منتدى الشباب المؤمن»، وكان يموله الرئيس السابق، بسبب سعي حسين الحوثي إلى التمرد على المذهب الزيدي وهو ما رفضه مؤسسو التنظيم، ما دعا حسين إلى الاستقلال عنهم وتكوين حركته الخاصة. وبات الشاب عبد الملك ممسكا بزمام قيادة الحركة.
ويقول الناطق الرسمي للجماعة محمد عبد السلام في تصريحات سابقة مع «الشرق الأوسط» إن «السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي هو من يصدر القرارات ويتشاور مع المجلس السياسي في أي نشاط مطلوب»، أما عن البنية الهيكلية للحركة فإن المعلومات حولها تبدو شحيحة، إذ لا يعرف عن الجماعة إلا أنها تتكون وحدات قتالية بقيادة شقيق زعيم الحركة عبد الخالق الحوثي الذي أدرج مجلس الأمن اسمه ضمن العقوبات الدولية، إضافة إلى قائد آخر هو عبد الله الحاكم، والرئيس السابق علي عبد الله صالح، وهذه الميليشيات المسلحة ترتبط مباشرة بزعيم الحركة، أما العمل السياسي فهو منوط بالمجلس السياسي الذي يقوده صالح الصماد الذي عين مؤخرا مستشارا في الرئاسة اليمنية، ويقع مقره في منطقة الجراف أحد أحياء العاصمة صنعاء الشمالية.
وتقول المصادر إن عبد الملك ولد عام 1399هـ، الموافق للميلادي 1978، في قرية تسمى «الجمعة»، وانتقل بعدها إلى عزلة مران بمديرية حيدان، وتلقى تعليمه في حلقات الدروس الدينية التي كان والده يدرسها في مساجد صعدة، منذ كان عمره 18 سنة، ويقول الكاتب الصحافي عابد المهذري إن عبد الملك رافق والده إلى طهران عندما قررت السلطات نفيه لأسباب ذات أبعاد سياسية ومذهبية كما يقول، ويصف المهذري الذي كتب السيرة الذاتية عنه بأنه «كان منضبطا في حياته، يصحو وينام باكرا، ويقرأ كثيرا ويطالع الصحف ويتصفح الإنترنت ويلاعب الأطفال، يمارس رياضة السباحة والمشي ويحرص على الالتقاء بأصدقائه القدامى ورفاق الطفولة، مرح يحب النكتة البريئة، يكتب الشعر وتطربه الأناشيد والفنون الإسلامية».
ويرفض عبد الملك أي تهديدات دولية تجاه جماعته، وقد أكد في آخر خطاب له أن «قرارات مجلس الأمن لا تخيفهم، وأنهم على استعداد كامل لمواجهتها في حال تعارضت مع مصلحة الشعب اليمني»، أما عن علاقتهم بإيران فهو يفضل عدم التحدث في خطابتها عنها، فيما يترك ذلك للقيادات التي تحت أمرته والذين بدورهم لا ينفون هذه العلاقة وقد برزت هذه العلاقة في قضية سفينة السلاح «جيهان 1»، التي تم الإفراج عن طاقمها الإيراني بعد ضغوطات من الجماعة على السلطات، إضافة إلى أن إفادة بعض المصادر بوجود خبراء إيرانيون يدربون مقاتلي الجماعة منذ حرب عمران وحتى اقتحام العاصمة صنعاء، وقد برز الدعم الإيراني بقوة بعد ذلك كان آخرها قبل أيام حين أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية، أمير عبد اللهيان، أن إيران باتت اليوم الأكثر نفوذا في المنطقة، وأنها تستخدم هذا النفوذ لضمان أمنها القومي ومصالحها القومية وأمن المنطقة.

* نموذج مصغر
يظهر عبد الملك شبيها بحسن نصر الله من حيث ظهوره الإعلامي، وطريقه خطاباته وحركاته، وحراسته التي تتشابه مع زي الحرس الإيراني، وينتهز عبد الملك المناسبات الدينية ليظهر إلى أتباعه في خطابات متلفزة طويلة، فهي الفرصة الوحيدة المتاحة أمامهم لمشاهدة زعيمهم الذي يعيش في معقل الحركة بمحافظة صعدة، ويرفض دخول العاصمة صنعاء حتى بعد سيطرة أتباعه عليها، بمبرر الأوضاع الأمنية غير المستقرة، يقول أحد القيادات السياسية التي زارت عبد الملك ضمن وفد رسمي قبل بضعة أشهر، إن الإجراءات الأمنية التي يحيط عبد الملك نفسه بها مشددة، إذ يم تجريد كل أعضاء الوفد من جميع الأجهزة الإلكترونية والأقلام، ثم يتم نقلهم من مكان إلى آخر، عبر سيارات خاصة وصولا إلى المقر الدائم له.
يظهر عبد الملك في خطابته المتلفزة، مرتديا الزي الشعبي المكون من ثوب وخنجر يتوسط خصره والذي يسمى شعبيا «الجنبية»، ويتدلى من كتفيه الشال، ويفضل أن يظهر بخاتم من العقيق على إصبع «الخنصر»، ويقدم فيها خطابات تتجاوز مدتها ساعة كاملة، وتستهدف غالبا دغدغة العواطف الشعبية، عبر مواضيع الفساد والدين، والقضايا الإسلامية كقضية فلسطين والعداء مع إسرائيل وأميركا. ويقول الخبير الإعلامي محمد السامعي إن الظهور الإعلامي لعبد الملك الحوثي، دائما ما يكون مختلفا عن القيادات السياسة في اليمن، فوسائل الإعلام التابعة له تحاول أن تظهره كأنه قائد يحاط بهالة من القداسة والاختلاف، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «خطاباته تعتبر أطول خطابات عرفها اليمن، ويلتفت لها الكثير ليس لتأثرهم بها بل لمعرفة رأي الجماعة التي باتت تتحكم بالمشهد اليمني في مختلف المجالات بقوة السلاح بتنسيق وتحالف واضحين مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح». مشيرا إلى أن شخصيته الخطابية التي يحاول فيها أن يظهر بحماسة وثقة كبيرتين دون أي ابتسامة هو تقليد لزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، ويوضح «كثير من اليمنيين يعتقدون أن خطاباته وظهوره الإعلامي مملان بشكل مستمر؛ فالكثير منهم يعتقدون أن ما يقوله هو عكس ما يفعله».



يسرائيل كاتس... «البلدوزر» المدني المولج بمهمة استعادة «محتجزي» غزة

كاتس
كاتس
TT

يسرائيل كاتس... «البلدوزر» المدني المولج بمهمة استعادة «محتجزي» غزة

كاتس
كاتس

راهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على قدرة وزير دفاعه الجديد يسرائيل كاتس، الذي يصفه بـ«البلدوزر»، في تحقيق ما يراه «انتصاراً حاسماً» في غزة، واستعادة المحتجزين في قطاع غزة، منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وذلك بعد أشهر من صراع نتنياهو الشخصي مع الوزير السابق يوآف غالانت، انتهى إلى إقالة الأخير. ما يلفت اهتمام المراقبين أن كاتس، الذي هو الحليف الأقرب لنتنياهو في معسكر «الصقور» الليكودي، لا يتمتع برصيد خبرة عسكرية سابقة، ولكن عليه أن يكمل حرباً مستمرة ضد حركة «حماس»، للرد على هجومها في 7 أكتوبر، الذي تسبب في مقتل 1206 أشخاص وأسر 251 شخصاً، لا يزال 97 منهم محتجزين في غزة، ويقول الجيش إن 34 منهم ماتوا.

لم يشغل يسرائيل كاتس أي منصب قيادي كبير في الجيش الإسرائيلي، بعكس سلفه يوآف غالانت، الذي كان جنرالاً قبل أن يصبح وزيراً للدفاع في 2022. إلا أن بنيامين نتنياهو أظهر ثقة في خبرته الواسعة وقيادته، قائلاً إنه «مجهز جيداً لقيادة الجهود الدفاعية خلال هذه الفترة الحرجة»، وفق ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت».

في المقابل، حرص وزير الدفاع الإسرائيلي المعيّن في تصريحات أولية على إظهار الولاء لأهداف نتنياهو التي لم يعد يثق في إدارة غالانت للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة ولبنان.

وفق هذا التقدير، جاءت أول تصريحات كاتس لتعطي الأولوية لإعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة و«تدمير» حركة «حماس» الفلسطينية، و«حزب الله» اللبناني.

خلفية شخصية

لا تتوفر تفاصيل كثيرة عن نشأة وزير الدفاع الجديد، بيد أن المتداول إعلامياً هو أنه وُلد عام 1955 في مدينة عسقلان الساحلية، بإسرائيل لوالدين من منطقة ماراموريش في رومانيا، هما مئير كاتس ومالكا نيدويتش. وهو حاصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من الجامعة العبرية في القدس المحتلة، ثم نال دبلوم الدراسات العليا من الجامعة نفسها.

اجتماعياً، فإن كاتس الذي يقيم في مستوطنة «موشاف كفار أحيم» متزوج ولديه ولدان، ويجيد العمل في الزراعة، وفق موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية.

التحق كاتس بالجيش عام 1973، لكن الملاحظ أن علاقته مع المؤسسة العسكرية توقفت عند عام 1977؛ إذ خدم في صفوف قوات المظلات قبل هذا التاريخ بـ4 سنوات، ثم تطوّع في لواء المظليين وتدرّج في المناصب العسكرية ليصبح ضابط مشاه في عام 1976، قبل أن يترك الخدمة عام 1977.

مع مسيرته السياسية

على الصعيد السياسي، كان تيار الصقور المتشددين هو الاختيار المبكر لكاتس؛ إذ التحق بحزب الليكود اليميني الذي يرأسه نتنياهو، كما أن الصدفة قادته إلى عضوية الكنيست منذ عام 1998 بديلاً لإيهود أولمرت، وبالفعل عمل كاتس في عدد من لجانه، قبل أن يشغل مناصب وزارية عدة خلال العقدين الماضيين، منها وزير الزراعة، والنقل، والمخابرات، والمالية والطاقة.

بدأ مسار كاتس الوزاري مع الوزارات السيادية في عام 2019؛ إذ دشن ولايته الأولى وزيراً للخارجية، وشغل في الوقت نفسه منصب وزير الاستخبارات، كما شغل منصب وزير المالية وأدار السياسة الاقتصادية إبّان جائحة «كوفيد - 19» التي ضربت العالم.

متطرف استيطاني...في وزارة الخارجية

ووفق تسوية سياسية لتداول المناصب، جرى تعيين كاتس وزيراً للطاقة والبنية التحتية في يناير (كانون الثاني) 2023، ليتبادل المنصب مع وزير الخارجية إيلي كوهين، ومن ثم يبدأ كاتس بعد سنة واحدة فترة ولايته الثانية وزيراً للخارجية.

ما يُذكر هنا أن رؤية كاتس المتطرفة حيال «حرب غزة،» - التي لا يستبعد محللون أن تنعكس على أدائه العسكري - تنطلق من القول إن إسرائيل «كانت في ذروة الحرب العالمية الثالثة ضد إيران». وهو يتمسك في الوقت ذاته «بالتأكيد على أولوية إعادة المحتجزين لدى (حماس) في غزة»، وفق تصريحات أطلقها عبر منصة «إكس» في يناير الماضي.

وفي الحقيقة، عُرف كاتس بشخصيته الصدامية منذ وقت مبكّر، حين أُوقف عن رئاسة الاتحاد في الجامعة لمدة سنة في مارس (آذار) 1981، إثر مشاركته في أنشطة عنيفة احتجاجاً على وجود طلاب أراضي 48 بالحرم الجامعي. وفي مارس 2007 لاحقته تهم الاحتيال وخيانة الأمانة، بعدما أقدم على تعيينات في وزارة الزراعة بُنيت على محاباة سياسية وعائلية.

انعكس السلوك العدواني هذا - حسب مراقبين - على نهج كاتس الدبلوماسي مع الفاعلين الدوليين؛ إذ أثار أزمة دبلوماسية بعد وقت قصير من تعيينه لأول مرة وزيراً للخارجية، عندما قال إن البولنديين «يرضعون معاداة السامية».

غوتيريش وبلينكن

وكان مفاجئاً، إعلانه وبصفته وزيراً للخارجية، أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «شخص غير مرغوب» فيه بسبب امتناع غوتيريش عن التنديد بالهجوم الصاروخي الإيراني في أكتوبر (تشرين الأول).

وأيضاً، في الشهر عينه، صدرت أوامر كاتس القاطعة لمسؤولين في وزارة الخارجية «ببدء إجراءات قانونية ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعدما حظرت باريس مشاركة الشركات الإسرائيلية في معرض تجاري بحري عسكري».

لكن البارز في «مشوار» وزير الدفاع الجديد مع حقيبة الخارجية، هو أنه لم يكن ضمن الشخصيات البارزة في المباحثات الإسرائيلية - الأميركية خلال 11 زيارة أجراها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023؛ إذ لم يعقد بلينكن سوى اجتماعات قليلة مع كاتس.

ومن ناحية ثانية، يلاحظ محللون مشاريع سياسية مثيرة للجدل والغضب العربي تبناها كاتس؛ إذ إنه صاحِب «خطة» زيادة عدد المستوطنين في مرتفعات الجولان بشكل كبير، التي قدّمها للكنيست في يناير 2004. وكذلك كان كاتس قد لوّح بالاستقالة من الحكومة احتجاجاً على خطة رئيس الوزراء السابق آرييل شارون للانسحاب من قطاع غزة من طرف واحد في مارس 2004.

لا لافتات عربية

من بين المواقف الأخرى لوزير الدفاع الجديد التي رصدتها تقارير إعلامية عربية، هي قرار تغيير لافتات الطرق الموجودة بحيث تكون جميع الأسماء التي تظهر عليها بالعبرية، خلال فترة عمله وزيراً للمواصلات في حكومة نتنياهو عام 2009، وبعدها بـ7 سنوات حثّ على «استخدام عمليات التصفية المدنية المستهدفة أو الاغتيالات» ضد قادة الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل «حركة بي دي إس».

وبالتوازي، لا يخفي مراقبون فلسطينيون وعرب مخاوفهم من إحياء مشروع قديم جديد سبق أن طرحه كاتس لبناء «جزيرة صناعية»، وأعاد الحديث عنه بعد توليه حقيبة الخارجية في يناير الماضي. وتعود التفاصيل الأولى لهذا المشروع إلى عام 2011. ووفق مقطع فيديو نشره كاتس عندما طرح الفكرة آنذاك، فإن الجزيرة يفترض أن تقام على بعد 4.5 كيلومتر قبالة سواحل قطاع غزة، وستكون بطول 4 كيلومترات وعرض كيلومترين، وبمساحة تصل إلى 5400 دونم (الدونم 1000 متر مربع). وهي ستضم، حسب المخطط الإسرائيلي، ميناءً للسفر ونقل البضائع، ومخازن، ومحطة تحلية مياه، ومحطات للكهرباء والغاز، ومراكز لوجيستية.

فيما يخص الإجراءات الأمنية، يوضح الفيديو أن إسرائيل ستبقى مسيطرة على محيط الجزيرة، وعلى إجراءات الأمن والتفتيش في موانئها، بينما ستتولى قوة شرطة دولية مسؤولية الأمن على الجزيرة وعلى نقطة تفتيش ستقام على الجسر الذي سيربط قطاع غزة بالجزيرة، بالإضافة إلى إنشاء جسر متحرك يمكن تفكيكه بحيث يقطع التواصل بين الجزيرة وقطاع غزة.

 

 

لا يخفي مراقبون فلسطينيون مخاوفهم من إحياء مشروع قديم سبق أن طرحه كاتس لبناء «جزيرة صناعية» قبالة ساحل غزة

تهجير غزة... وغيرها

الخطير أن هذا المقترح حظي آنذاك بتأييد نتنياهو ودعم قادة في أجهزة الأمن الإسرائيلية؛ ما يطرح تساؤلات متابعين حول سيناريوهات التمهيد لهذا المشروع مع وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد بالمضي قدماً فيما يوصف بـ«مخطط تهجير الفلسطينيين»، لكن إلى البحر هذه المرة.

وإلى جانب رفضه وقف الحرب على غزة، يُعرف يسرائيل كاتس بتأييده لتوسيع السيطرة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية، ودعمه القوي للاستيطان، ورفضه حل الدولتين. فهو يفضّل إنشاء كيان فلسطيني مستقل يرتبط مدنياً وسياسياً بالأردن، ويدعو إلى ربط قطاع غزة بمصر، ويبدو كاتس أكثر تشدداً من نتنياهو في بعض المواقف، مثل رفض إخلاء المستوطنات، الذي «سيؤدي إلى تحوّل المستوطنين لاجئين»، وفق صحيفة «إسرائيل هيوم».