تمسك ليبي ـ دولي بوقف إطلاق النار ورحيل المقاتلين الأجانب

حراس النفط يمنعون تصديره احتجاجاً على تأخر رواتبهم

جانب من الحياة اليومية وسط العاصمة الليبية طرابلس الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جانب من الحياة اليومية وسط العاصمة الليبية طرابلس الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

تمسك ليبي ـ دولي بوقف إطلاق النار ورحيل المقاتلين الأجانب

جانب من الحياة اليومية وسط العاصمة الليبية طرابلس الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جانب من الحياة اليومية وسط العاصمة الليبية طرابلس الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

بينما جدّد المشاركون في اجتماع الرئاسة المشتركة لمجموعة العمل المعنية بالشؤون، المنبثقة عن لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا، مع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، تمسكهم بوقف إطلاق النار ورحيل المقاتلين الأجانب، عادت أزمة وقف تصدير النفط الليبي؛ حيث أعلن جهاز حرس المنشآت النفطية، التابع لـ«الجيش الوطني»، أمس، إيقاف تصدير النفط بعدد من حقول منطقة الهلال النفطي، احتجاجاً على تأخر رواتبهم.
وفي خطوة قد تشكل إحراجاً سياسياً وإعلامياً للمشير خليفة حفتر، الذي تفرض قوته سيطرتها على شرق البلاد وموانئ نفطها الحيوية، أعلن منتسبو الحرس وقف تصدير النفط من موانئ رأس لانوف والسدرة والحريقة لحين الاستجابة لمطالبهم التي تتمثل بصرف المرتبات وتحسين ظروف العمل.
وقالوا في بيان لهم، أمس، إنهم قرروا وقف تصدير النفط مجدداً بشكل رسمي بسبب عدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه سابقاً بشأن حصولهم على مرتباتهم كاملة ودون تأخير.
إلى ذلك، دخل السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، على خط مطالبة طرفي النزاع هناك بفتح الطريق الساحلي بين شرق البلاد وغربها. وبعد ساعات من اعتبار السفير الأميركي أن «أمام ليبيا فرصة لإحراز تقدم حقيقي يُتوّج بانتخابات في شهر ديسمبر (كانون الأول) من هذا العام»، زار أمس فائز السراج رئيس حكومة الوفاق مقر المفوضية العليا للانتخابات في العاصمة طرابلس، للاطلاع على التجهيزات والترتيبات والاستعدادات المتخذة من قبل المفوضية لإنجاح العملية الانتخابية.
وقال السراج، في بيان وزّعه مكتبه، إنه ناقش مع عماد السايح رئيس المفوضية وأعضائها تحضيراتها لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تاريخها المحدد، مشيراً إلى مناقشة الأمور الفنية والمالية التي تحتاج للاستكمال، إضافة إلى مجالات التعاون بين المفوضية ومكاتب الأمم المتحدة وبرامجها المختصة والاتحاد الأوروبي، وما يمكن أن تقدمه هذه الجهات من دعم وخبرات لإجراء الانتخابات وفق أعلى المعايير الدولية.
وأكد السراج مجدداً استعداد حكومته لتسخير الإمكانات كافة لتتمكن المفوضية من أداء عملها بكفاءة ومهنية، علماً بأن حكومة الوفاق خصصت 50 مليوناً للاستحقاق الانتخابي، بينما انتهت المفوضية من عملية تسجيل الناخبين الذين تجاوز عددهم 2.5 مليون ناخب. كما ادعى السراج لدى اجتماعه مساء أول من أمس بطرابلس مع وفد من المنطقة الجنوبية أن تحقيق الأمن والاستقرار فيها يعد أولوية بالنسبة لحكومته، وأكد أهمية ترسيخ التوافق والتعايش السلمي بين جميع أطراف ومكونات الجنوب، حتى لا يتكرر ما شهدته المنطقة من تصعيد.
وتسلم السراج، مساء أول من أمس، أوراق اعتماد 4 سفراء جدد لدى ليبيا، من بينهم إيران، في احتفالية حضرها وزير خارجيته محمد سيالة بطرابلس.
وقال محمد شيباني السفير الإيراني، عقب اجتماعه مع سيالة، إن بلاده مستعدة لتقديم أي مساعدة لحكومة الوفاق من أجل حلّ الأزمة الليبية، مشيراً إلى أهمية تعزيز العلاقات الثنائية، خاصة على الصعيد الاقتصادي العام والخاص، مثل الغرف التجارية ومجلس رجال الأعمال.
بدوره، اعتبر السفير الأميركي لدى ليبيا، في بيان له، مساء أول من أمس، أن أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) برهنوا على قدر كبير من الشجاعة والنبل في دفاعهم عن مطالب الشعب الليبي بمغادرة القوات الأجنبية والتنفيذ الكامل لاتفاق أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لوقف إطلاق النار.
وشدّد نورلاند على أنه «آن الأوان لكي يُظهر السياسيون نفس القدر من القناعة من خلال معالجة القضايا التي حالت دون فتح الطريق الساحلي والسماح بإعادة فتح هذا الطريق المهم لمصلحة الليبيين». وحثّ الليبيين على دعم منتدى الحوار السياسي لإكمال عمله، معرباً عن شعوره بالارتياح مع بدء مُهلة الأسبوع الواحد لتقديم الترشيحات لمناصب مجلس رئاسي من 3 أعضاء ورئيس وزراء، تنتهي يوم الخميس المقبل.
من جهة أخرى، جدّد المشاركون في اجتماع الرئاسة المشتركة لمجموعة العمل المعنية بالشؤون المنبثقة عن لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا، مع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، تأكيد التزامهم الكامل والمستمر بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، مع اقتراب الموعد النهائي المحدد لرحيل جميع المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا. وطبقاً لبيان للبعثة الأممية مساء أول من أمس، أشادت الرئاسة المشتركة التي تضمّها مع الاتحاد الأفريقي وفرنسا وإيطاليا وتركيا والمملكة المتحدة، بالإنجازات التي حققتها اللجنة حتى الآن.
وحثّت القادة السياسيين على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتسريع تنفيذ وقف إطلاق النار، وإعطاء الأولوية لفتح الطريق الساحلي بين أبو قرين وسرت، فضلاً عن الإعادة الفورية لجميع المقاتلين الأجانب والمرتزقة.
كما هنّأت البعثة سكان القره بوللي في طرابلس على مشاركتهم في انتخابات المجلس البلدي، وأشادت بجهود اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية لتنفيذها انتخابات آمنة وبطريقة احترافية.
من جهته، رفض المجلس الأعلى للقضاء بطرابلس ما توصل له المجتمعون في أبوزنيقة بالمغرب بخصوص تقاسم المناصب القضائية، وحذّر في بيان له أمس من اختبار مكانة القضاء لدى الشعب الليبي. واعتبر المجلس أن «إدخال القضاء كنسيج موحد في أتون المحاصصة، انتهاك لاستقلاله».
وكان بيان صادر عن فريقي الحوار بمجلسي النواب والدولة أعلن اتفاقهما على تطبيق الإجراءات المقررة بالتشريعات النافذة بخصوص منصبي «رئيس المحكمة العليا والنائب العام»، واتخاذ إجراءات بشأن المناصب السيادية الشاغرة الخاصة بمحافظ مصرف ليبيا المركزي ونائبه ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات، بالإضافة إلى تشكيل فرق عمل تتولى الخطوات الإجرائية المرتبطة بشغل هذه المناصب. وحدّد البيان نهاية اليوم الثاني من الشهر المقبل موعداً نهائياً لاستقبال نماذج الترشح والسير الذاتية للمترشحين، اعتباراً من منتصف يوم غد (الثلاثاء).



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.