تصريحات إردوغان بشأن أكراد سوريا تثير حفيظة أقرانهم في العراق

حذروا من أن تركيا ليست بمأمن من خطر «داعش»

أكراد يحتفلون أمس على الجانب التركي من الحدود قبالة كوباني بتحرير المدينة الكردية السورية حاملين صورة مقاتلة كردية قتلت في معارك مع «داعش» (أ.ف.ب)
أكراد يحتفلون أمس على الجانب التركي من الحدود قبالة كوباني بتحرير المدينة الكردية السورية حاملين صورة مقاتلة كردية قتلت في معارك مع «داعش» (أ.ف.ب)
TT

تصريحات إردوغان بشأن أكراد سوريا تثير حفيظة أقرانهم في العراق

أكراد يحتفلون أمس على الجانب التركي من الحدود قبالة كوباني بتحرير المدينة الكردية السورية حاملين صورة مقاتلة كردية قتلت في معارك مع «داعش» (أ.ف.ب)
أكراد يحتفلون أمس على الجانب التركي من الحدود قبالة كوباني بتحرير المدينة الكردية السورية حاملين صورة مقاتلة كردية قتلت في معارك مع «داعش» (أ.ف.ب)

أثارت التصريحات التي أدلى بها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس حول معارضة أنقرة تأسيس منطقة كردية في شمال سوريا على غرار إقليم كردستان العراق، حفيظة الأكراد في العراق، وذلك غداة إعلان قوات البيشمركة و«وحدات حماية الشعب والمرأة» تحرير مدينة كوباني الكردية السورية من مسلحي «داعش».
وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية في برلمان الإقليم فرحان جوهر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نحن في إقليم كردستان منزعجون من تلك التصريحات، فهي نوع من التدخل في الشؤون الداخلية لكردستان سوريا، ونتمنى من الحكومة التركية احترام خصوصية ذلك البلد، لأن مواطنيه هم الوحيدون الذين يستطيعون إقرار مصيرهم وماذا يريدون، وليس من حق أناس آخرين من خارج الحدود تحديد نظام خاص بالأكراد في سوريا».
وكان رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وجه رسالة مساء أول من أمس بعد إعلان تحرير كوباني هنأ فيها الأكراد والعالم بالنصر على الإرهابيين، وقدم شكره للتحالف الدولي لدعمه الجوي المستمر للمقاتلين الأكراد في كوباني وشكر تركيا لسماحها بعبور قوات البيشمركة إلى كوباني عبر أراضيها.
بدوره، قال هيمن هورامي، مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الديمقراطي الكردستاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد التغيير الذي شهده الموقف التركي إزاء إقليم كردستان العراق في السنوات الخمس الماضية، والاعتراف بواقع الإقليم، وتبادل الوفود الرسمية بين الجانبين، كنا نتوقع تعاونا أكثر من أنقرة مع الإقليم في النواحي العسكرية والسياسية وفي كيفية التعاطي مع المشكلة ومواجهة خطر (داعش)، لكن، مع الأسف الشديد، وبسبب الانتخابات التركية وقضية الرهائن الأتراك الذين كانوا محتجزين في الموصل، فإن التعاون التركي لم يكن في المستوى المطلوب الذي كنا نتوقعه في الإقليم من تركيا، ونرى أن من المهم جدا أن يكون هناك تعاون أكبر وتنسيق أكثر».
وأضاف: «حاليا هناك تغييرات في السياسة التركية لجهة التعاون مع إقليم كردستان، فهناك بعض المساعدات العسكرية من تركيا، وهناك تدريب من قبل الجيش التركي لبعض الوحدات من قوات البيشمركة، لكن نتطلع إلى تعاون أكبر».
من جانبه، يرى طارق جوهر، المستشار الإعلامي لرئاسة برلمان كردستان، أنه «لا يمكن لتركيا أن تبقى متفرجة على ما يجري في المنطقة، ولا يمكنها البقاء بعيدا عن التحالف الدولي». وتابع: «صحيح أن (داعش) لا يعمل داخل الأراضي التركية حاليا، لكن تركيا ليست في مأمن من التنظيم، وهي بحاجة إلى إعادة النظر في حساباتها».
وشهدت مدن إقليم كردستان أمس احتفالات كبيرة بمناسبة النصر على «داعش» في كوباني، حيث «خرج الآلاف من الأكراد في مدن الإقليم إلى الشوارع ابتهاجا بالنصر الذي تحقق بعد صمود دام لأكثر من 5 أشهر تعاون فيها أكراد العراق مع أكراد سوريا ونجحوا في هزيمة تنظيم (داعش)».
وكان إردوغان أعلن في تصريحات نقلتها الصحف التركية أمس أن تركيا لا تريد منطقة كردية خاضعة لحكم ذاتي في سوريا على غرار تلك القائمة في العراق. وأضاف أمام مجموعة صحافيين في الطائرة التي أقلته إلى أنقرة في ختام جولة في أفريقيا: «لا نريد تكرارا للوضع في العراق.. شمال العراق. لا يمكننا الآن أن نقبل نشوء شمال سوريا»، حسبما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية. ونقلت عنه صحيفة «حرييت»: «يجب أن نحافظ على موقفنا حول هذا الموضوع، وإلا فسيكون شمال سوريا مثل شمال العراق. هذا الكيان سيكون مصدر مشكلات كبرى في المستقبل».
وكان إردوغان وصف الحزب الكردي الرئيسي الذي كان يخوض المعارك ضد تنظيم «داعش» بـ«الإرهابي» على غرار حزب العمال الكردستاني الذي يخوض حربا مسلحة منذ 1984 على الأراضي التركية. وبعد الضغوط الكبرى التي مارسها حلفاؤه، قرر النظام الإسلامي - المحافظ في أنقرة القيام ببادرة وسمح بمرور قوات البيشمركة العراقية عبر أراضيها لدعم المقاتلين الأكراد أثناء دفاعهم عن كوباني. وتخشى أنقرة أن يؤدي انتصار الأكراد في كوباني إلى استقلال الجانب الكردي في سوريا الواقع على حدود بلاده.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.