مصادر تروى لـ {الشرق الأوسط} تفاصيل هجوم «داعش» على فندق في العاصمة الليبية

المهاجمون 5 انتحاريين أجانب.. ومقتل 10 أشخاص.. ونجاة 12 رهينة من جنسيات مختلفة

عناصر من قوات الأمن التونسية يطوقون فندق كورينثيا في العاصمة بعد هجوم تنظيم داعش عليه أمس (أ ف ب)
عناصر من قوات الأمن التونسية يطوقون فندق كورينثيا في العاصمة بعد هجوم تنظيم داعش عليه أمس (أ ف ب)
TT

مصادر تروى لـ {الشرق الأوسط} تفاصيل هجوم «داعش» على فندق في العاصمة الليبية

عناصر من قوات الأمن التونسية يطوقون فندق كورينثيا في العاصمة بعد هجوم تنظيم داعش عليه أمس (أ ف ب)
عناصر من قوات الأمن التونسية يطوقون فندق كورينثيا في العاصمة بعد هجوم تنظيم داعش عليه أمس (أ ف ب)

في أول عملية إرهابية مزدوجة من نوعها في العاصمة الليبية طرابلس، قام 5 انتحاريين أجانب ينتمون لتنظيم داعش باقتحام فندق كورينثيا في المدينة وقتل 8 أشخاص، من بينهم 5 أجانب، في عملية مخططة سلفا تم الإعداد لها بإحكام، وتبناها تنظيم داعش واعتبرها محاولة انتقام لمقتل نزيه الرقيعي الشهير بـ«أبو أنس الليبي» الذي لقي حتفه خلال سجنه في الولايات المتحدة بعد خطفه من قلب طرابلس العام الماضي.
وتزامن الهجوم مع إعلان بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، أن جلسة الحوار الوطني التي عقدت أمس لليوم الثاني على التوالي بمدينة جنيف السويسرية في غياب البرلمان السابق، ناقشت المواضيع المطروحة على جدول الأعمال، بما في ذلك حكومة الوحدة الوطنية المستقبلية، وتدابير بناء الثقة ومكان انعقاد جولات الحوار المقبلة.
وطبقا لما رواه مسؤول أمني رفيع المستوى في العاصمة طرابلس لـ«الشرق الأوسط» فقد بدأت العملية الإرهابية الأولى من نوعها، في الساعة 8:30 من صباح أمس بالتوقيت المحلي، حيث دخلت سيارة «هيونداي توسان» وترجّل منها أشخاص باتجاه بوابة فندق كورينثيا أبرز فنادق طرابلس الذي كثيرا ما ينزل به مسؤولون حكوميون ووفود أجنبية.
وأضاف المسؤول الذي اشترط عدم تعريفه: «دخل المهاجمون الفندق وأطلقوا النار في كل صوب.. انشغل بهم فريق التأمين، وقتل اثنان من فريق تأمين الفندق، وصعدوا الأدوار العليا». وتابع: «في هذه الأثناء، بينما اشتبه الحراس في الخارج بالسيارة واستدعوا فريق تفكيك المتفجرات، فوجدها مملوءة بالمتفجرات، ولم يستطيعوا تفكيك شيء، لأن المجموعة كانت مطلعة على السيارة من فوق، فقاموا بتفجيرها.. السيارة تلاشت قطعا صغيرة وأحرقت مجموعه من السيارات حولها».
وقال المسؤول، إن «الفندق كان فيه أيضا بالطابق الـ22 عمر الحاسي»، رئيس ما يسمى حكومة الإنقاذ الوطني التي لا تحظى بأي اعتراف دولي، وموالية للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته.
وروى المسؤول الأمني لـ«الشرق الأوسط»، أن الحاسي تمكن من الخروج عن طريق قوة الردع الخاصة، مشيرا إلى وجود أميركيين وجنسيات أخرى استطاع الأمن المركزي بقيادة النقيب هيثم التاجوري مساعد آمر القوة الخاصة الأولى إخراجهم وعددهم 12 شخصا من أميركا وبولندا وهاييتي والجزائر وتونس وجيبوتي.
وقال المسؤول الأمني لـ«الشرق الأوسط»، إن المجموعة كانت تريد الصعود للدور الـ26، ولكن القوة الخاصة سبقت إليه عن طريق سلم الخدمات والطوارئ، فبقيت المجموعة المهاجمة في الدور 21 محاصرة بين الأمن المركزي والقوة الخاصة الأولى وبين قوة الردع الخاصة التي كانت في الدور الـ19.
وتابع أنه «تم تضييق الخناق على المجموعة حتى وصلت للدور الـ25، وهناك فجروا أنفسهم كل اثنين التزموا بعض، وواحد فجر نفسه وبقي حيا حتى دخلت قوة الردع الخاصة».
وكشف النقاب عن أن المهاجمين على الأغلب غير ليبيين، مشيرا إلى أن أحدهم أسود البشرة، حيث سمع بعض للمهاجمين قبل تفجير أنفسهم يتحدثون إليه، وكان لا يتقن العربية ويصيح بأناشيد جهادية والتكبير فقط. وأضاف أن «الخامس الذي فجر نفسه وجد لا يزال حيا، لكن لا أظن يستفاد منه، فحالته خطيرة جدا».
وأوضح أن إجمالي عدد الجرحى يتجاوز 10 أشخاص، والقتلى اثنان من قوات التأمين والحماية، بالإضافة إلى اثنين أجنبيين، أحدهما أميركي واسمه ديفيد بيتر، واثنين من عاملات الفندق، مشيرا إلى أن من بين الجرحى اثنتين من العاملات من الفلبين وجراحهما خطيرة وجار نقلهما للعلاج في الخارج.
ولفت المسؤول إلى أن الرهائن الآن في ضيافة القوة الخاصة الأولى التابعة للأمن المركزي بعدما تم تحريرهم عن طريق القوة الخاصة الأولى التابعة للأمن المركزي. وقال: «على صوت إطلاق النار هربوا للأعلى، والمهاجمون كانوا يعتزمون اللحاق بهم، لكن النقيب هيثم هو من تدخل بقواته ونجح في إخراجهم لمكان آمن».
في المقابل، قال محمود حمزة من قوة أمن طرابلس لتلفزيون النبأ المحلية، إن 8 أشخاص قتلوا أثناء اقتحام الفندق، منهم 5 أجانب بينهم امرأتان، وأضاف أن رجل أمن واثنين من المهاجمين قتلوا أيضا.
من جهته، أوضح مدير الأمن المركزي عمر الخدراوي، أن سيارة من نوع «هيونداي سانتافي» بها 3 أشخاص داهمت باحة الفندق، وقاموا بمهاجمة أعضاء الحراسة المكلفين واقتحموا الفندق وفجروا السيارة عن بعد ما أدى إلى جرح 6 أشخاص تقريبا.
وزعم الخدراوي، أن التحقيقات الأولية تثبت تورط أحد عناصر اللجان الثورية الذي كان يشتغل في التصفية الجسدية في النظام السابق، مشيرا إلى أن «الصور الأولية لعملية اقتحام فندق كورينثيا موجودة لدينا، وأجهزة البحث والتحري التابعة للإدارة العامة للأمن المركزي، والأجهزة الأمنية الأخرى تقوم بعمليات التحري والبحث والتحقيق».
وأكد أن الدوافع وراء الهجوم هو تشويش ما وصفه بالحالة الأمنية التي تنعم بها العاصمة طرابلس، على حد زعمه. وقال الخدراوي لتلفزيون محلي، إنه تم إجلاء رئيس وزراء الحكومة المشكلة في طرابلس بالإضافة إلى 3 أجانب من الفندق.
من جهته، أكد الناطق الرسمي باسم غرفة العمليات الأمنية المشتركة بطرابلس عصام النعاس مقتل 3 من قوات الأمن المكلفة بحماية الفندق، بعدما فجر المهاجمون سيارة عن بعد ما أدي إلى إلحاق أضرار بالواجهة الأمامية واحتراق بعض المركبات التي كانت متوقفة بجوارها. وقال النعاس، إن بعض العاملين بالفندق أصيبوا بجروح طفيفة نتيجة تطاير زجاج الواجهة الأمامية للفندق من شدة الانفجار.
وسعت حكومة الحاسي لاستغلال الهجوم إعلاميا، وزعمت أنه تعرض أمس لما وصفته بمحاولة اغتيال. كما ادعت في بيان متلفز، أن «أصابع الاتهام تتجه إلى أعداء الثورة ومجرم الحرب خليفة حفتر ومن ورائه من أطراف خارجية».
وأوضح البيان، أن «رجال أمن الفندق اكتشفوا دخول سيارة مشتبه بها إلى موقف السيارات، وهي نفس السيارة التي استهدفت مبنى بعثة الأمم المتحدة وسفارة الجزائر منذ أسبوعين.. وسارع بعدها المجرمون بالدخول إلى الفندق مستخدمين مسدساتهم ورشاشاتهم وقنابلهم اليدوية، وتوجيه نيران أسلحتهم على كل من قابلهم من القاطنين والنزلاء». وأشار البيان إلى أن الهجوم أسفر عن استشهاد 4 من قوات الأمن وحرس الفندق وإصابة نزيلة فلبينية ومقتل 4 أجانب لم تتم التحقق من جنسياتهم بعد.
ووزع تنظيم داعش بيانا مقتضبا بصور فوتوغرافية يعلن فيه بشكل ضمني مسؤوليته عن الهجوم الذي وصفه بـ«الغزوة»، انتقاما لمقتل «أبو أنس الليبي» الذي توفي في مستشفى بمدينة نيويورك الأميركية هذا الشهر قبل موعد مثوله أمام المحكمة، حيث اختطفته قوات خاصة أميركية للاشتباه في أنه عضو في تنظيم القاعدة ساعد في التخطيط لتفجير سفارتي الولايات المتحدة في تنزانيا وكينيا عام 1998.
لكن عائلة الرقيعي أصدرت أمس بيانا استهجنت فيه الزج باسمه في هذه العملية ونفت صلته بها بشكل كامل، حيث استنكرتها وفقا لما نقله صحافيون محليون لـ«الشرق الأوسط».
وفي أول تعليق لمسؤول في الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني على الحادث، قال مسؤول مقرب من الثني لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة تستهجن وتستنكر هذا العمل الإرهابي، وتبدي تعاطفها مع أهالي الضحايا الأبرياء، وستعمل على تقديم المسؤولين عن هذه الأعمال إلى العدالة.
وأضاف: «وتؤكد الحكومة موقفها الثابت والمعلن والقوي في محاربة التطرف، وهو الموقف الذي يضعها في مواجهة المجموعات المسلحة التي تسيطر على طرابلس والتي تتحالف مع المتطرفين الذين يستخدمون العنف لتحقيق أهداف سياسية»، مشيرا إلى أن هذا يؤكد تصاعد موجات العنف والإرهاب والتفجيرات بعد أن سيطرت المجموعات المسلحة على طرابلس. ولفت إلى أن الحكومة تطالب أيضا كعادتها في جميع بياناتها بتجنب العنف واللجوء إلى الحوار لحل الخلافات بين الليبيين، ودعم جهود الأمم المتحدة في هذا الاتجاه.
من جهتها، أدانت فيديريكا موغيريني، الممثلة العليا للسياسية الخارجية بالاتحاد الأوروبي، الهجوم ووصفته في بيان لها بعمل إرهابي آخر يهدد بتقويض الجهود الرامية للسلام والاستقرار في ليبيا.
وأعربت عن تضامن الاتحاد الأوروبي مع ضحايا الهجوم، وشددت على أن الاتحاد الأوروبي يدعم المحادثات التي تديرها الأمم المتحدة مع مختلف أطراف القوى السياسية بليبيا بهدف التوصل لحل سياسي للنزاع على أساس الاحترام والحوار.
بموازاة ذلك، قال الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا، برناردينو ليون، بعد جلستين عقدتا في جنيف «إنني على ثقة بأن الليبيين المشاركين، ومن نأمل أن ينضموا للمحادثات، لديهم عزم واضح للتوصل إلى اتفاق، لتهدئة البلاد والتغلب على الأزمة»، مضيفا: «هناك روح بناءة وتوجد آراء جيدة على طاولة الحوار وكل شي إيجابي للغاية».
وأغلقت معظم الحكومات الأجنبية سفاراتها في طرابلس وسحبت العاملين بها بعد اندلاع قتال بين فصيلين متنافسين في المدينة الصيف الماضي. لكن بعض الدبلوماسيين ورجال الأعمال ووفود تجارية ما زالت تزور العاصمة.
وتشهد ليبيا صراعا بين حكومتين متنافستين إحداهما معترف بها دوليا ومقرها شرق ليبيا وأخرى منافسة شكلت في طرابلس بعدما سيطر فصيل يدعى «فجر ليبيا» على العاصمة.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.