حملات التلقيح في أوروبا نحو مزيد من التعثر

دخول اللقاح الروسي على الخط

بريطانيون يتلقون اللقاح أمس (أ.ف.ب)
بريطانيون يتلقون اللقاح أمس (أ.ف.ب)
TT

حملات التلقيح في أوروبا نحو مزيد من التعثر

بريطانيون يتلقون اللقاح أمس (أ.ف.ب)
بريطانيون يتلقون اللقاح أمس (أ.ف.ب)

عندما فاخرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان در لاين، في نهاية العرض الذي قدمته مساء الخميس الماضي أمام قادة الاتحاد الأوروبي في القمة المخصصة لجائحة «كوفيد - 19»، بأن الاتحاد يملك أكبر حافظة في العالم من اللقاحات ضد الوباء، كانت تعرف أن الكميات التي وعدت شركة «فايزر» بتسليمها من اللقاح الذي طورته مع الشركة الألمانية «بيونتيك» لن تصل في مواعيدها خلال الفصل الأول من هذا العام، وأن معظم الدول الأعضاء في الاتحاد بدأت تواجه صعوبات في تنفيذ حملات التلقيح التي بدأت أواخر العام الماضي، وأن بعضها يلجأ إلى إبرام عقود ثنائية لشراء اللقاحات من الصين وروسيا خارج الإطار المتفق عليه بحصر الشراء والتوزيع بالمفوضية.
لكن رئيسة المفوضية لم يكن قد بلغها بعد ذلك المساء، أن شركة «آسترازينيكا» التي تنتج اللقاح الذي طورته جامعة أوكسفورد لن تتمكن من تسليم سوى 60 في المائة من الكميات الموعودة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذه السنة، وأن الدول الأعضاء في الاتحاد سوف تضطر لإعادة النظر في الجداول الزمنية لحملات التلقيح التي يتعثر معظمها لأسباب شتى، في الوقت الذي بدأت المنظومات الصحية ترزح تحت وطأة السلالات الجديدة التي يبدو، إلى جانب سرعة سريانها، أنها أشد فتكاً من السلالات الأولى، كما أعلن يوم الجمعة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.
ومع تزايد الاستياء في عواصم الاتحاد الأوروبي من الإعلانات المتكررة عن تأخير تسليم الجرعات اللقاحية التي اشترتها المفوضية، دخل الاتحاد الروسي، أمس، على خط أزمة اللقاحات الأوروبية بخطوة رأت فيها بعض الجهات بصيص أمل لتعويض النقص المرتقب في الإمدادات خلال الأشهر المقبلة. فقد أعلنت الوكالة الأوروبية للأدوية أنها تلقت طلباً من السلطات الصحية الروسية للحصول على «مشورة علمية» بشأن لقاح «سبوتنيك» لمعرفة البيانات اللازمة للنظر في الموافقة على استخدام اللقاح. وتتوقع المصادر، في حال استيفاء اللقاح الروسي الشروط المطلوبة من الوكالة الأوروبية للأدوية في نهاية المراجعات العلمية، أن يكون جاهزاً للتوزيع في بلدان الاتحاد الأوروبي بحلول فصل الربيع المقبل، علماً بأن المجر قد بدأت باستخدامه هذا الأسبوع من غير موافقة الوكالة بعد أن أبرمت عقداً لشراء مليوني جرعة.
وما إن أعلنت الوكالة الأوروبية للأدوية عن الطلب الذي وصلها من الاتحاد الروسي، أبدت بلدان عدة ترحيبها بالخطوة ودعت إلى الإسراع في تدابير الموافقة إذا كان اللقاح مستوفياً الشروط العلمية والصحية المطلوبة، وعدم إقحام الاعتبارات السياسية في الموضوع، كما صرحت وكيلة وزارة الصحة الإيطالية ساندرا زامبا بقولها: «لا يهمنا إذا كان اللقاح روسياً أو صينياً أو ألمانياً، يكفي أن يستوفي الشروط التي تحددها الوكالة الأوروبية للأدوية».
تجدر الإشارة إلى أن الأوساط العلمية كانت قد أعربت عن شكوكها إزاء اللقاح الروسي الذي يحمل اسم القمر الصناعي الأول الذي تفوق به الاتحاد السوفياتي على الولايات المتحدة في السباق على غزو الفضاء، الذي سجلته موسكو في أغسطس (آب) الفائت. ويذكر أن السلطات الصحية الروسية أعلنت أيضاً في الحادي عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت، أي بعد يومين من الإعلان عن نتائج لقاح «فايزر»، أن فاعلية لقاحها تبلغ 92 في المائة مقابل 90 في المائة للقاح الأميركي، علماً بأن المعهد الذي قام بتطوير اللقاح الروسي لم ينشر نتائج تجاربه التي اقتصرت على 38 حالة. واللافت أنه بينما تبدي دول في الاتحاد الأوروبي استعدادها لشراء اللقاح الروسي في حال استيفائه الشروط اللازمة، يتراجع الإقبال في روسيا على استخدامه، حيث أظهرت آخر الاستطلاعات أن حوالي نصف السكان لا يرغبون في تلقيه لعدم ثقتهم بسلامته.
وفيما يبدو المشهد الوبائي أسير السباق بين السريان واللقاح، أفادت منظمة الصحة العالمية بأن 52 دولة تقوم حالياً بتوزيع اللقاحات ضد «كوفيد - 19». وأن حوالي 20 مليون شخص قد تلقوا اللقاح حتى الآن. لكنها تضيف أن هذا العدد، على أهميته، لا يمثل أكثر من 0.3 في المائة من سكان العالم، وأن عدد الإصابات يزيد بمعدل خمسة ملايين إصابة جديدة كل أسبوع، ما يظهر أن التدابير المتخذة لاحتواء الفيروس ليست كافية، وأنه لا بد من الإسراع في حملات التلقيح.
ويفيد قسم متابعة حملات التلقيح التابع للمكتب الإقليمي الأوروبي لمنظمة الصحة بأن بريطانيا هي الدولة الأكثر تقدماً في أوروبا بحملات التلقيح التي، بالإضافة إلى الموارد المالية واللوجيستية، تحتاج إلى موارد بشرية متخصصة غالباً ما تنقص في البلدان التي تعاني من صعوبات وتأخير في تنفيذها وفقاً للجداول الزمنية الموضوعة.
ويعرب خبراء المنظمة عن شكوكهم في أن تتمكن بلدان الاتحاد الأوروبي من تحقيق الأهداف التي وضعتها بتلقيح 70 في المائة من مجموع السكان بحلول فصل الصيف، كما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان در لاين يوم الخميس الماضي.
وعادت منظمة الصحة العالمية إلى التشديد، أمس السبت، على أهمية تبدية الاعتبارات الصحية على الاقتصادية عند وضع خطط الاحتواء وتدابير الوقاية من الفيروس، مذكرة بأن كل الدلائل قد أظهرت حتى الآن أن الانتعاش الاقتصادي في وقت الأزمات يتوقف على نجاح التدابير الصحية، داعية إلى مزيد من التعاون بين القطاعين العام والخاص لإنجاح حملات التلقيح في أسرع وقت ممكن.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في عام 2025، بدءاً من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

ونقل تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية تفاصيل هذه الأحداث المتوقعة وكيفية تأثيرها على العالم ككل.

تنصيب دونالد ترمب

سيشهد شهر يناير (كانون الثاني) الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، بل وربما للعالم أجمع، وهو تنصيب ترمب ليصبح الرئيس السابع والأربعين لأميركا.

وسيقع هذا التنصيب في يوم 20 يناير، وقد تعهد الرئيس المنتخب بالقيام بتغييرات جذرية في سياسات بلاده الداخلية والخارجية فور تنصيبه.

ونقل مراسل لشبكة «سكاي نيوز» عن أحد كبار مستشاري ترمب قوله إنه يتوقع أن يوقّع الرئيس المنتخب على الكثير من «الأوامر التنفيذية» الرئاسية في يوم التنصيب.

وتنبأ المستشار بأنه، بعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية «سيلغي ترمب قدراً كبيراً من إرث الرئيس الحالي جو بايدن ويحدد اتجاه أميركا للسنوات الأربع المقبلة».

وعلى الصعيد المحلي، سيقرّ ترمب سياسات هجرة جديدة جذرية.

وقد كانت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، حيث إنه وعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد بايدن.

ويتوقع الخبراء أن تكون عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خاضعة لمعارك قانونية، إلا أن فريق ترمب سيقاتل بقوة لتنفيذها.

ومن المتوقع أيضاً أن يصدر ترمب عفواً جماعياً عن أولئك المتورطين في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس بهدف منع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.

وعلى الصعيد الدولي، يتوقع الخبراء أن يكون لرئاسة ترمب تأثيرات عميقة على حرب أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط، وأجندة المناخ، والتعريفات الجمركية التجارية.

ومن المتوقع أن ينسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي سيجعل أميركا غير ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال ترمب إنه يستطيع تحقيق السلام وإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

أما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فقد هدَّد الرئيس الأميركي المنتخب حركة «حماس» بأنه «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل 20 يناير (موعد تنصيبه) سيكون هناك جحيم يُدفع ثمنه في الشرق الأوسط». إلا أن الخبراء لا يمكنهم توقع كيف سيكون رد فعل ترمب المتوقع في هذا الشأن.

انتخابات أوروبا

سيبدأ العام بانتخابات في اثنتين من أبرز دول أوروبا، وهما فرنسا وألمانيا.

سينصبّ التركيز أولاً على برلين - من المرجح أن ينتهي الأمر بالليبرالي فريدريش ميرز مستشاراً لألمانيا؛ مما يحرك بلاده أكثر نحو اليمين.

ويتوقع الخبراء أن تكون أولويات ميرز هي السيطرة على الهجرة.

أما في فرنسا، فسيبدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب في الترويج لنفسه ليحلّ محل إيمانويل ماكرون رئيساً، بحسب توقعات الخبراء.

ويعتقد الخبراء أيضاً أن يتطور دور جورجيا ميلوني وينمو من «مجرد» كونها زعيمة لإيطاليا لتصبح قناة الاتصال بين أوروبا وترمب.

علاوة على ذلك، ستجري رومانيا انتخابات لاختيار رئيس جديد في مارس (آذار) المقبل.

الأوضاع في الشرق الأوسط

يقول الخبراء إن التنبؤ بما قد يحدث في الشرق الأوسط هو أمر صعب للغاية.

وعلى الرغم من تهديد ترمب بتحويل الأمر «جحيماً» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الموجودين في غزة، فإن وضع الرهائن لا يزال غير معروف وغير محسوم.

وعلى الرغم من التفاؤل الأخير بشأن المفاوضات، لا تزال الخلافات قائمة بين «حماس» وإسرائيل. لكن وقف إطلاق النار لا يزال محتملاً.

لكن أي هدنة ربما تكون مؤقتة، وهناك الكثير من الدلائل على أن الجيش الإسرائيلي ينوي البقاء في غزة في المستقبل المنظور مع تزايد الدعوات إلى احتلال دائم بين الساسة الإسرائيليين من أقصى اليمين.

وما لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير وسريع، فإن سمعة إسرائيل الدولية سوف تستمر في التردي في حين تنظر محكمة العدل الدولية في اتهامات بالإبادة الجماعية.

ويتوقع الخبراء أن يفكر نتنياهو في ضرب إيران، سواء لردع الحوثيين أو للتصدي للبرنامج النووي للبلاد، لكن قد يتراجع عن ذلك إذا لم يحصل على دعم من الرئيس الأميركي القادم.

ومن بين الأحداث التي يدعو الخبراء لمراقبتها من كثب هذا العام هي صحة المرشد الإيراني المسن علي خامنئي، التي كانت مصدراً لكثير من التكهنات في الأشهر الأخيرة، حيث ذكرت الكثير من التقارير الإعلامية أنها متردية للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، فسيحتاج قادة سوريا الجدد إلى العمل على دفع البلاد للاستقرار وجمع الفصائل الدينية والعسكرية المختلفة، وإلا فإن التفاؤل المفرط الذي شوهد بعد الإطاحة ببشار الأسد سينقلب وتحلّ محله تهديدات بوقوع حرب أهلية جديدة بالبلاد.

العلاقات بين الصين والولايات المتحدة

قد تكتسب المنافسة بين الصين والولايات المتحدة زخماً كبيراً هذا العام إذا نفَّذ دونالد ترمب تهديداته التجارية.

وقد هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية؛ وهو ما قد يشعل حرباً تجارية عالمية ويتسبب في انهيار اقتصادي.

وتستعد بكين لمثل هذه المتاعب، وهي منخرطة بالفعل في إجراءات تجارية انتقامية مع الولايات المتحدة.

ودبلوماسياً، وفي حين توجد جهود لقلب العلاقة المتوترة بين المملكة المتحدة والصين، من المرجح أن تستمر مزاعم التجسس واتهامات التدخل الصيني في السياسة الأميركية، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

حرب أوكرانيا

يتوقع الخبراء أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025، مشيرين إلى أن القتال سيتوقف على الأرجح وأن الصراع سيتجمد.

وأشار الجانبان الروسي والأوكراني مؤخراً إلى استعدادهما لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لـ«سكاي نيوز» إنه على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها كييف، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات أيضاً.

إنه تحول دراماتيكي في اللهجة، نتج من انتخاب دونالد ترمب، بحسب الخبراء الذين قالوا إن المحادثات والتوصل لصفقة بات أمراً حتمياً الآن.

ومهما كانت النتيجة، ستقدمها روسيا للعالم على أنها انتصار لها.

ويعتقد الخبراء أن الكرملين يأمل في اختتام المفاوضات قبل التاسع من مايو (أيار)، الذي يصادف الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ليكون الاحتفال الروسي مزدوجاً.

لكن المشاكل لن تنتهي عند هذا الحد بالنسبة لبوتين. فمع ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الروبل، وضعف الإنتاجية، سيكون الاقتصاد هو معركة روسيا التالية.