عاصفة المطر والثلج مستمرة في مفاقمة معاناة نازحي إدلب

«الشرق الأوسط» تجول في مخيمات شمال غربي سوريا

سيول تغمر مخيماً للنازحين في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
سيول تغمر مخيماً للنازحين في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
TT
20

عاصفة المطر والثلج مستمرة في مفاقمة معاناة نازحي إدلب

سيول تغمر مخيماً للنازحين في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
سيول تغمر مخيماً للنازحين في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)

تسببت عاصفة مطرية مصحوبة برياح شديدة بدأت منتصف الشهر الحالي، بغرق ودمار مئات الخيام للنازحين شمال غربي سوريا، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية الصعبة وتشرد آلاف النازحين وسط تدني وضعف الخدمات الإنسانية من قبل المنظمات والجهات المسؤولة، في وقت لا تزال العاصفة مستمرة تتخللها عاصفة ثلجية وكتلة هواء باردة فاقمت معاناة النازحين.
«أم ياسين» أرملة تضم أسرتها 7 أفراد بينهم أطفال، وهي نازحة من منطقة خان شيخون جنوب إدلب وتقيم في «مخيم الأمل» في مدينة سرمدا الحدودية مع تركيا، قالت: «قبل يومين وبشكل مفاجئ بدأت الأمطار الغزيرة بالهطول واستمرت لأكثر من 4 ساعات دون توقف، وأعقبها تشكل السيول وأخذت من موقع المخيم طريقاً لها مما دفعت عشرات الأسر لمغادرة الخيام تحت الأمطار هرباً من الغرق، مما أدى بالنهاية إلى غرق ما يقارب 100 خيمة وتضرر خيام أخرى وتلف ممتلكات الناس داخل الخيام التي غمرتها المياه».
من جهته، قال محمود عواد مدير «مخيم البركة» قرب بلدة أطمة الحدودية: «كنا ناشدنا الجهات المسؤولة كثيراً قبل قدوم فصل الشتاء بتوفير ممرات ومصارف للمياه بعيداً عن المخيمات لحمايتها من الغرق، لكننا لم نتلقَ أي استجابة، وتسببت السيول التي تشكلت خلال اليومين الماضيين بغرق مخيمنا ومخيمات أخرى تأوي أكثر من ألفي نسمة بعضهم قضى ثلاث ليالٍ في العراء، وعائلات أخرى بحثت عن أقارب لها في مخيمات قريبة منهم ولجأت إليهم، وبادرنا وشباب المخيم إلى حفر خنادق ومصارف يدوياً وتصريف المياه».
ويضيف، أن خسائر النازحين في المخيم والمخيمات القريبة التي غمرتها مياه الأمطار «كبيرة جداً، حيث لم تعد هناك أغطية وحاجات أخرى صالحة للاستعمال فضلاً عن تلف وتمزق العديد من الخيام بسبب الرياح ونحتاج إلى مساعدات طارئة بشكل عاجل، حيث معظم الأسر المتضررة لم يعد لديهم أغراض صالحة للاستعمال».
أما زاهر الحموي، وهو ناشط في المجال الإنساني، فيشير إلى أنه «بلغ عدد المخيمات المتضررة جراء العاصفة المطرية والرياح الشديدة خلال الأيام الماضية 145 مخيماً منها مخيمات اللبن والمختار والسبيل بالقرب من قرية كفر يحمول، ومخيم السلام بالقرب من الشيخ بحر، ومخيمات الغرباء، والتكافل، والأمانة ومخيمات الكرامة» بالقرب من بلدة أطمة، ومخيم عطشان والأمل والخير بالقرب من سرمدا، و(مخيم الدويلية) بالقرب من كفر تخاريم ومخيمات أخرى شمال إدلب».
ويضيف أن أكثر من 400 ألف نازح تضرروا جراء العاصفة المطرية ويواجهون حالياً ظروفاً إنسانية صعبة للغاية، لافتاً إلى أنه بات بحاجتهم كل المقومات المعيشية كالأغطية والفرش وأدوات الطهي بعدما تبلل ما كان لديهم وأشياء أخرى جرفتها السيول وتعيش حالياً معظم الأسر لدى أقاربها في مخيمات أخرى لم تنَل منها السيول، إلا أن هذا ليس حلاً وبحاجة إلى تدخل المنظمات الإنسانية والإغاثية واستبدال الخيام وتقديم المساعدات الطارئة
من جهته، يشير مسؤول الدفاع المدني في أطمة إلى وصول «مناشدات من عدة مخيمات في المنطقة بأن واحداً مع تزايد حدة العاصفة المطرية، لكن ضعف إمكانياتنا حال دون تقديم العون والمساعدة لكل المخيمات وقمنا بتسليك المياه من بعض المخيمات وفتحنا مصارف مائية ومساعدة النازحين قدر الإمكان بنقلهم من المخيمات الغارقة بالمياه إلى أماكن أخرى»، في وقت قال الناشط الميداني سامر الأحمد إن معظم مخيمات النازحين في شمال غربي سوريا أقيمت ضمن أراضٍ زراعية وبشكل عشوائي دون أدنى تسوية بالرمل والبحص لتفادي الغرق، وحتماً بذلك ستكون عرضة لمخاطر الغرق والانجراف أمام السيول والأمطار الغزيرة.
ويعود سبب ورغبة النازحين في إنشاء المخيمات بالأراض الزراعية والوديان لقربها من المدن والخدمات، خصوصاً أن المناطق الوعرة والجبلية غير مجهزة بطرق أو ممرات لبناء المخيمات، وحتماً ذلك يشكل صعوبة في وصول الخدمات لها، كمياه الشرب والمساعدات الإنسانية والإسعافات الأولية للنازحين.
وقال مسؤول فريق «الاستجابة»، إن المخيمات التي تضررت جراء العاصفة المطرية يجري الآن تقديم بعض الخدمات لها كفتح طرق ومصارف للمياه لتفادي خطر السيول، لا سيما أن فصل الشتاء في بدايته، ذلك ريثما تبادر المنظمات الإنسانية والجهات المسؤولة في إدلب نقل المخيمات إلى مناطق مرتفعة بعد فتح الطرقات.
ويجري الآن تقييم الأضرار من قبل منظمتهم ضمن المخيمات في القطاعات التي تشرف منظمات على تقديم المساعدات لها وهناك خطة طارئة سيتم العمل فيها خلال اليومين القادمين لتقديم الأغطية والإسفنج وبعض مستلزمات النظافة وأدوات طهي الطعام للأسر المتضررة. وقال أحد المسؤولين، إن حجم الأسر المتضررة بلغت أكثر من ألفين أسرة ويتطلب ذلك تضافر جهود كل المنظمات الإنسانية والجهات الدولية لمساعدتها بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بهم جراء الفيضانات وغرق خيامهم.



مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
TT
20

مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)

تزامناً مع إعلان هيئة قناة السويس المصرية نجاحها في قطر ناقلة نفط تعرضت لهجوم «حوثي» قبل نحو 7 أشهر، أكدت مصر، الاثنين، أن تحقيق أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال نائب وزير الخارجية والهجرة المصري السفير أبو بكر حفني، إن «أمن البحر الأحمر وثيق الصلة بالأزمات التي تشهدها المنطقة»، مُشيراً إلى «أهمية التوصل إلى حل عادل للأزمة اليمنية، والعمل على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، بالإضافة إلى تسوية الأزمة السودانية».

جاء ذلك في افتتاح البرنامج التدريبي الذي ينظمه «مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام»، بدعم من الحكومة اليابانية، بعنوان «مكافحة التهديدات العابرة للحدود: نحو تعزيز الأمن البحري في منطقة البحر الأحمر».

ويشارك في البرنامج التدريبي عدد من الكوادر المدنية والأمنية المعنية بالدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، ومنها السعودية، واليمن، وجيبوتي، والسودان، والصومال، والأردن، ومصر، وفق الإفادة.

وأشار حفني، في كلمته خلال مراسم افتتاح البرنامج التدريبي، إلى «تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة على استقرار منطقة البحر الأحمر وتصاعد التوتر بها على نحو غير مسبوق». وقال إن «الحفاظ على أمن البحر الأحمر وحرية الملاحة فيه، مسؤولية جماعية تتطلب تعاوناً دولياً وإقليمياً مكثفاً»، وأضاف: «مصر تؤكد دوماً محورية إدماج الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن في أي مبادرات تُعنى بالمنطقة».

وشدد نائب وزير الخارجية المصري على «أهمية تفعيل مجلس الدول العربية والأفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، باعتباره إطاراً إقليمياً ضرورياً لتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول المشاطئة».

تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)
تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، غيرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبة المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أخيراً، إن إيرادات قناة السويس تراجعت نحو من 40 إلى 50 في المائة، بسبب «الأزمات» على حدود البلاد المختلفة، بعد أن كانت تدرّ نحو 10 مليارات دولار سنوياً.

في سياق متصل، قال أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس المصرية، في إفادة رسمية، الاثنين، إن ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان، والتي هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية العام الماضي، جرى قطرها بنجاح عبر القناة بعد إنقاذها من البحر الأحمر.

ووفق البيان، «جرت عملية القطر بواسطة 4 قاطرات تابعة للهيئة في رحلتها عبر قناة السويس ضمن قافلة الجنوب، مقبلة من البحر الأحمر ومتجهةً إلى اليونان».

وأوضح رئيس الهيئة أن «تجهيزات عملية قطْر الناقلة استلزمت اتخاذ إجراءات معقدة على مدار عدة أشهر لتفريغ حمولة الناقلة البالغة 150 ألف طن من البترول الخام قبل السماح بعبورها القناة، وذلك لخطورة وضع الناقلة بعد تعرضها لهجوم بالبحر الأحمر في أغسطس (آب) الماضي، أسفر عن حريق هائل بغرفة القيادة، وغرفة الماكينات، وغرف الإعاشة، وتعطل أجهزة التحكم والسيطرة، بشكل يصعب معه إبحار الناقلة وتزداد معه مخاطر حدوث التلوث والانسكاب البترولي أو الانفجار».

ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان (هيئة قناة السويس)
ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان (هيئة قناة السويس)

وأضاف ربيع أن «عملية تفريغ الحمولة في منطقة غاطس السويس خضعت لإجراءات معقَّدة قامت بها شركتا الإنقاذ AMBERY وMEGA TUGS المعينتين من مُلَّاك الناقلة، حيث عملتا من خلال خطة عمل مشتركة، بالتعاون وتحت إشراف كامل من فريق الإنقاذ البحري التابع للهيئة، على تفريغ الحمولة بناقلة أخرى مماثلة، وفق معدلات تفريغ وحسابات دقيقة منعاً لحدوث أي تضرر أو انقسام في بدن الناقلة».

وأوضح أن «عملية القطْر استغرقت نحو 24 ساعة، بمشاركة 13 مرشداً في مناطق الغاطس والقناة، وجرت على عدة مراحل».

وأكد ربيع «جاهزية قناة السويس للتعامل مع حالات العبور الخاصة وغير التقليدية من خلال منظومة عمل متكاملة»، مشيراً إلى «ما تتيحه الهيئة من حزمة متنوعة من الخدمات البحرية والملاحية التي تلائم متطلبات العملاء المختلفة في الظروف الاعتيادية والطارئة».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023، إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024، بحسب التصريحات الرسمية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

بدوره، قال خبير الشؤون الأفريقية اللواء محمد عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يحدث في البحر الأحمر يجب النظر إليه من منظور جيوسياسي، لا سيما أن ما يحدث فيه يؤثر في دول عدة حول العالم، كونه أحد ممرات الملاحة العالمية التي كانت ولا تزال محل تنافس عالمي»، وأشار إلى «أهمية تعاون الدول المشاطئة لحماية أمن البحر الأحمر واستقراره». وأضاف: «إنهاء الصراعات في المنطقة أحد أهم شروط استعادة استقرار البحر الأحمر».

ووفق تقرير للبنك الدولي الشهر الماضي، «أدى تعطيل النقل البحري في البحر الأحمر إلى زيادة كبيرة في تكاليف الشحن العالمية بنسبة 141 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مقارنةً بما قبل الأزمة».

كما شهدت قناة السويس ومضيق باب المندب انخفاضاً حاداً في حركة السفن، حيث تراجعت بنسبة تصل إلى 75 في المائة بحلول أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2024، مقارنةً بانخفاض 50 في المائة تم توثيقه في مايو (أيار) 2024، وفق التقرير.