احتجاجات ضخمة في عشرات المدن الروسية تطالب بـ«رحيل بوتين»

في موسكو وقعت أوسع الصدامات مع رجال الأمن الذين سعوا إلى عزل المتظاهرين في رقعة محدودة (رويترز)
في موسكو وقعت أوسع الصدامات مع رجال الأمن الذين سعوا إلى عزل المتظاهرين في رقعة محدودة (رويترز)
TT

احتجاجات ضخمة في عشرات المدن الروسية تطالب بـ«رحيل بوتين»

في موسكو وقعت أوسع الصدامات مع رجال الأمن الذين سعوا إلى عزل المتظاهرين في رقعة محدودة (رويترز)
في موسكو وقعت أوسع الصدامات مع رجال الأمن الذين سعوا إلى عزل المتظاهرين في رقعة محدودة (رويترز)

شهدت عشرات المدن الروسية، أمس، احتجاجات واسعة، للمطالبة بالإفراج عن السياسي المعارض أليكسي نافالني. وتجاهل المحتجون تحذيرات صارمة من جانب السلطات الروسية، دعت المواطنين إلى عدم المشاركة في «فعاليات غير مرخصة قانونياً». واندلعت صدامات عنيفة في عدد من المدن بين المتظاهرين ورجال الأمن أسفرت عن وقوع إصابات، أثناء محاولة رجال الوحدات الخاصة تفريق الاحتجاجات، في حين أعلن عن اعتقال أكثر من 1500 محتج، بينهم زوجة نافالني وغالبية أعضاء فريقه. وأعلنت يوليا نافالنايا زوجة نافالني على تطبيق «إنستغرام» عزمها على التظاهر في موسكو من أجل زوجها الذي «لا يستسلم أبداً».
وكان قد صدر حكم على نافالني، الذي عاد من ألمانيا، حيث كان يتعافى من محاولة اغتيال بغاز الأعصاب «نوفيتشوك»، بالسجن لمدة 30 يوماً قبل المحاكمة في محاكمة مبكرة يوم الاثنين. ويقول القضاء الروسي إن حكم السجن صدر بحق نافالني بتهمة انتهاك الإفراج المشروط عنه فيما يتعلق بحكم سابق من خلال السفر إلى ألمانيا لتلقي العلاج.
وبدا المشهد لافتاً، أمس، في حجم انتشار المظاهر الاحتجاجية في أكثر من 65 مدينة روسية، ورفع المتظاهرون شعارات كتبت عليها عبارات مثل «روسيا حرة» و«واحد من أجل الجميع والجميع من أجل واحد»، في إشارة إلى نافالني.
لكن اللافت كان ترديد شعارات لم يسبق أن سمعت في احتجاجات سابقة في شوارع روسيا، إذ بدلاً من الشعار الرئيسي الذي كان يرفعه أنصار نافالني سابقاً، والذي يطالب بمحاسبة «اللصوص والفاسدين» بشكل عام، تركزت الشعارات أمس، ضد الرئيس فلاديمير بوتين شخصياً، ووصفه متظاهرون في هتافاتهم بأنه «لص»، ودعته هتافات أخرى إلى «الرحيل» فيما بدا أنه تأثير مباشر للتحقيق الأخير، الذي نشره نافالني حول «قصر بوتين» الذي بلغت تكاليف تشييده أكثر من مليار يورو، ويقع على مساحة تبلغ 39 ضعفاً لإمارة موناكو.
وكان هذا التحقيق حقق مشاهدات غير مسبوقة على قناة نافالني على «يوتيوب»، إذ شاهده خلال أسبوع نحو 45 مليون شخص.
وتفاوتت المشاركة في الاحتجاجات أمس، بين عدة مئات في بعض المدن وعشرات الآلاف في مدن أخرى، لكن اللافت كان اتساع حجم تلبية دعوة أنصار للنزول إلى الشارع، برغم التحذيرات الصارمة التي وجهتها السلطات الروسية، وتعهدت من خلالها بالتعامل بشكل حازم مع المخالفين لقوانين التظاهر. ومع النداءات التي وجهتها النيابة العامة الروسية وسلطات المدن في غالبية المناطق الروسية، أعلنت وزارة الداخلية أنها لن تسمح للمحتجين بانتهاك القوانين. وفي موسكو وجه عمدة العاصمة الروسية سيرغي سوبيانين، خطاباً متلفزاً دعا فيه سكان العاصمة إلى تجاهل دعوات المعارضة، والامتناع عن النزول إلى الشارع. ورغم ذلك، لفتت وسائل إعلام روسية إلى أن الاحتجاجات التي استمرت طوال ساعات النهار أمس، تجاوزت في حجم المشاركة فيها الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها روسيا في عام 2012 التي تبعت انتخابات الرئاسة في الوقت ذلك.
وكانت المظاهر الاحتجاجية بدأت صباحاً في أقاليم أقصى الشرق الروسي، بسبب فوارق التوقيت الواسعة (سبع ساعات عن موسكو)، وامتدت طوال النهار لتنتشر في الأقاليم الغربية تدريجياً، ما جعل «يوم الاحتجاجات هو الأطول» وفقاً لتعبير وسائل إعلام، تابعت امتداد الحدث الواسع على طول الرقعة الجغرافية لروسيا. وفي موسكو وسان بطرسبورغ وقعت أوسع الصدامات مع رجال الأمن، الذين سعوا إلى عزل المتظاهرين في رقعة محدودة، وأغلقوا محطات مترو الأنفاق القريبة لمنع وصول محتجين جدد إلى المكان، وأسفرت التدابير مع قطع الإنترنت والاتصالات عن المنطقة إلى اندلاع صدامات مباشرة عندما حاول المتظاهرون فك الطوق المفروض، والوصول إلى ساحة «مانيج» قرب الكرملين، وقام محتجون برمي رجال الأمن بكرات الثلج والعبوات الفارغة، ما دفع الوحدات الخاصة إلى الرد بقسوة مستخدمين الهراوات وسيارات المياه وقنابل الصوت. وكانت وسائل إعلام حكومية قالت في البداية إن أعداد المشاركين في احتجاجات موسكو بلغت أربعة آلاف نسمة، لكن وسائل الإعلام وأنصار المعارضة تحدثوا عن مشاركة نحو 50 ألف متظاهر في العاصمة الروسية.
إلى ذلك، أعلنت النيابة العامة الروسية أنها فتحت تحقيقات جنائية في موسكو وسان بطرسبورغ ضد «متورطين بتنظيم أعمال فوضى وشغب وأشخاص عرضوا حياة الأطفال للخطر باصطحابهم إلى مواقع الاحتجاج»، وكان ملاحظاً أمس، أن جزءاً كبيراً من المحتجين من فئات عمرية تتراوح بين 14 و20 سنة، لكن أنصار المعارضة عرضوا مقاطع فيديو وصوراً تظهر انضمام آلاف المحتجين من فئات عمرية مختلفة إلى الفعاليات الاحتجاجية.
وفي وقت لاحق، أمس، هددت سلطة الاتصالات الروسية «روسكوماندزور» بفرض غرامات على منصتي «تيك توك» و«فكونتاكتي» النظير الروسي لـ«فيسبوك». وقالت السلطة الروسية إن هاتين المنصتين وكذلك «يوتيوب» الذي تملكه «غوغل»، قامت بحذف جزء من الرسائل التي حرضت على المشاركة في الاحتجاجات.
- هل أساء الكرملين فهم تصميم نافالني؟
> يقول فيودور كراشينينيكوف، وهو مستشار سياسي مقرب من نافالني، «خطة نافالني بسيطة للغاية وتتمثل في أن يصبح المصدر الأول للإزعاج للرئيس بوتين، وأن يكون من خلال شجاعته مصدر إلهام لحراك من شأنه أن يؤدي إلى إحداث تغيير سياسي». وأضاف كما جاء في تقرير «بلومبرغ»: «لو كان نافالني قد قرر عدم العودة، لكان ذلك بمثابة انتصار لبوتين». ويقول المؤيدون إن هذه استراتيجية يمكن أن تؤتي ثمارها حتى لو تم سجن نافالني لسنوات.
ويراهن الخصم الرئيسي للزعيم الروسي على أن بإمكانه دفع عدد كافٍ من المؤيدين إلى الشوارع هذا العام، ليظهروا أنه لن يتم ترهيبهم. ووفقاً لمصدرين مقربين من القيادة الروسية، تحدثاً لـ«بلومبرغ»، شرط عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة أمور ليست عامة، «الكرملين الآن عاقد العزم على إبقاء نافالني في السجن لعدة سنوات أو أكثر، خروجاً عن ممارساته المألوفة السابقة المتمثلة في إصدار أحكام بالسجن عليه لا تزيد عن بضعة أسابيع في كل مرة».
وأضافت «بلومبرغ» أنه قد يصدر حكم بحق نافالني بالسجن لفترة تصل إلى خمس سنوات في جلسة استماع مقرر عقدها في الثاني من فبراير (شباط)، وهناك قضية أخرى قيد الإعداد يمكن أن تضيف 10 سنوات أخرى.
وتأمل السلطات في أن تفقد الحركة المتمحورة بشكل كبير حول شخصية نافالني اتجاهها، وتتشتت بمجرد دخوله السجن. ويحدو الأمل الناشط وحلفاءه في أن تزيد قضيته من الاستياء العام، الأمر الذي أدى إلى تدني معدلات شعبية بوتين إلى مستويات قياسية في العام الماضي. وهم يستهدفون الانتخابات البرلمانية التي سوف تجرى في شهر سبتمبر (أيلول) بوصفها فرصة لإرسال إشارة تنم عن اتساع نطاق السخط الشعبي. وتنبأ منتقدو الكرملين منذ سنوات بانهيار يلوح في الافق لدعم بوتين، ولكنهم أصيبوا بخيبة الأمل، نظراً لأن استطلاعات الرأي تظهر أن التأييد له لا يزال قوياً.
وبينما تنطوي المواجهة مع نافالني على مخاطر تأجيج الغضب الشعبي إزاء استمرار حكم بوتين، فإنها تحمل أيضاً الجائزة المحتملة لتحطيم حركة المعارضة الأكثر استمرارية للكرملين، كما حدث عام 2003 بسجن الملياردير ميخائيل خودوركوفسكي، رغم الاحتجاجات. وتعد حالة خودوركوفسكي بمثابة تحذير، فهو أيضاً عاد من الخارج وهو يعلم أنه سوف يتم سجنه، لكنه قلل من أهمية تصميم الكرملين. وقال، «اعتقدت أنني سأحصل على 4 - 3 سنوات على الأكثر، لكن اتضح أن السجن أصبح لمدة 10 سنوات».



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.