نبش «قبور الحرب» في سجال متجدد بين «الاشتراكي» و«الوطني الحر»

TT
20

نبش «قبور الحرب» في سجال متجدد بين «الاشتراكي» و«الوطني الحر»

انفجر السجال مجدداً بين «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«التيار الوطني الحر»، على خلفية كلام النائب السابق وليد جنبلاط عن علاقته بالعهد، والنائب جبران باسيل الذي وصفه بـ«مشروع السلطة الدائمة» الذي يريد الحصول على الثلث المعطل في الحكومة لتكون السلطة بيده، إذا تعرض الرئيس ميشال عون لأمر ما، متحدثاً كذلك عن غرف عسكرية وغرف سوداء معزولة تتحكم في القضاء، وتهاجم قائد الجيش.
وشن «التيار الوطني الحر» هجوماً على جنبلاط، متأسفاً (في بيان) لما قال إنه «تدني مستوى الخطاب السياسي لدى البعض من أصحاب النيات السوداء والأفعال الحاقدة، سواء بتكرار الحديث عن عُمر رئيس الجمهورية، بما ينافي قواعد الأخلاق، أو بمحاولة دق الإسفين بين (التيار الوطني الحر) والجيش اللبناني الذي انبثق التيار من نضالاته الشرعية في مواجهة منظومة الميليشيات، ‏ولا يمكن لأحد الفصل بينه وبين والمؤسسة العسكرية».
وأضاف مستعيداً الحرب الأهلية: «من العهر السياسي أن يعطينا دروساً في الوطنية من قتل وهجر وخطف، ومن اعتدى على الجيش، واستولى على معداته وثكناته، وأقام أمنه الذاتي، رافضاً الأمن الشرعي»، معتبراً أن «المنظومة التي ضربت الشرعية، واستولت على مقدرات البلاد، وأرست على مدى 15 سنة حكماً فاسداً أدى إلى انهيار الدولة، تخشى وترفض ما يمثله الرئيس عون من قيم، ‏وما يرمز إليه من شرعية الدولة، وما يصر على تنفيذه من تدقيق ومحاسبة، ولذلك تحاول هذه المنظومة من جديد إفشاله، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وهذا ما لن نقبل أبداً بحصوله».
وكان النائب في «التيار» جورج عطا لله قد رد على رئيس «الاشتراكي»، قائلاً: «يتكلم جنبلاط عن أن الأعمار بيد الله، فحبذا لو لم يصادر هذه الصلاحية يوم أنهى حياة كثيرين».
وتوجه النائب في كتلة «الاشتراكي» بلال عبد الله إلى العهد، ومن سماهم «أبواق الردود المنحطة»، كاتباً على «تويتر»: «البومة مهما علا صوتها لن تصبح نسراً، والهر مهما أظهر مخالبه لن يصبح نمراً، والقبيح مهما جملته فلن يكون للجمال ملكاً».
وبدوره، قال أمين السر العام في «الحزب التقدمي الاشتراكي»، ظافر ناصر: «أما وقد خرج فريق المُفوَّهين في قلب الحقائق، وتزوير التاريخ، وإدخال البلاد في عظائم المصائب والويل والثبور، فانتفضوا كل على سجية التباري في الردود لإثبات ولائهم لصاحب القرار في (التيار)، وكادوا يختنقون بغيظهم، فيقعوا في شر ذواتهم، مثلما خنقوا أنفاس كل المواطنين، وقبضوا على عنق البلاد. في كل حال، صحيح ما قاله أحدهم: إننا نعيش أزمة، فهي ذاتُها الأزمة التي يعيشها كل لبناني يعاني جراء هذا العهد الوبائي».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.