الأمم المتحدة تناشد السلطات الكردية ضمان سلامة قاطني «الهول» وموظفي الإغاثة

«الإدارة الذاتية» تطالب بضغط على حكومات أجنبية لاستعادة رعاياها

الإدارة الذاتية الكردية تُقر بتدهور الوضع الأمني في مخيم الهول (الشرق الأوسط)
الإدارة الذاتية الكردية تُقر بتدهور الوضع الأمني في مخيم الهول (الشرق الأوسط)
TT

الأمم المتحدة تناشد السلطات الكردية ضمان سلامة قاطني «الهول» وموظفي الإغاثة

الإدارة الذاتية الكردية تُقر بتدهور الوضع الأمني في مخيم الهول (الشرق الأوسط)
الإدارة الذاتية الكردية تُقر بتدهور الوضع الأمني في مخيم الهول (الشرق الأوسط)

أقرت «الإدارة الذاتية» لشمال وشرق سوريا بحصول تدهور أمني في مخيم الهول بمحافظة الحسكة، مشيرة إلى أنها حذرت مراراً الأمم المتحدة والمنظمات المعنية مما يحصل في هذا المخيم الضخم الذي يؤوي عشرات آلاف الأشخاص وبعضهم من أفراد عائلات تنظيم «داعش». وصدر موقف «الإدارة الذاتية» رداً على دعوة أصدرتها الأمم المتحدة أمس وشددت فيها على ضمان سلامة قاطني المخيم وموظفي الإغاثة فيه.
وقال شيخموس أحمد، رئيس مكتب شؤون اللاجئين والنازحين لدى الإدارة الكردية، إن صدور البيان الأممي «جاء متأخراً... فقد أصدرنا مناشدات متكررة للأمم المتحدة وأرسلنا لجميع المنظمات المعنية بإخطار، منذ أكثر من سنة، بزيادة التدهور الأمني بمخيم الهول».
وكان ينس لايركه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة، قال في إفادة صحافية أمس إن المنظمة الدولية تلقت تقارير صحافية تفيد بمقتل 12 سورياً وعراقياً بالنصف الأول من يناير (كانون الثاني) بمخيم الهول للاجئين الذي يديره الأكراد بشمال شرقي سوريا ويضم نازحين وأسر مقاتلين من تنظيم «داعش». وتوجه لايركه إلى السلطات المسؤولة عن الأمن في هذا المخيم قائلاً: «كل عمليات توصيل المساعدات تتعرض للخطر عندما يرتفع مستوى انعدام الأمن لما نراه الآن».
من جهته، تحدث شيخموس أحمد عن تدهور الوضع الأمني داخل المخيم المكتظ الذي يقع شرق محافظة الحسكة، مشيراً إلى أن الحكومة العراقية «ترفض استعادة مواطنيها ولم تستجب مناشدات لإعادة أكثر من 30 ألف لاجئ يشكلون عبئاً على الإدارة» في المخيم. ولفت أيضاً إلى بقاء نحو 25 ألفاً من النازحين السوريين يتحدر غالبيتهم من المناطق الخاضعة لسيطرة القوات النظامية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، قائلاً إن «هؤلاء يرفضون العودة لأسباب سياسية وخشيةً من الملاحقة الأمنية والاعتقال وتعرضهم للتعذيب» في حال غادروا مخيم الهول.
وخلال ثلاثة أسابيع منذ بداية السنة، قتل نحو 13 نازحاً سورياً ولاجئاً عراقياً في المخيم، فيما قتل 40 شخصاً العام الماضي معظمهم من الجنسية العراقية. ويؤوي مخيم الهول القريب من الحدود العراقية 62 ألفاً يشكل السوريون والعراقيون النسبة الأكبر منهم. كما يضم قسماً خاصاً بالنساء الأجانب المهاجرات وأطفالهن ويبلغ عددهم نحو 11 ألفاً (3177 امرأة والبقية من الأطفال). وتتحدر النساء في هذا القسم من 50 جنسية غربية وعربية.
ولفت شيخموس أحمد، وهو مسؤول كردي، إلى أن الأجهزة الأمنية الخاصة بحراسة المخيم تفتقر إلى الوسائل والمعدات الخاصة لحماية قاطني المخيم وموظفي المنظمات الدولية والإنسانية. وقال: «للتنويه، بعد حلول الظلام لا يستطيع عناصر قوى الأمن التجول داخل المخيم بسبب المخاطر على سلامتهم الشخصية، بسب تواجد خلايا نشطة موالية لتنظيم (داعش) الإرهابي». وأشار إلى عدم وجود تعاون من قبل القاطنين السوريين والعراقيين في المخيم لمساعدة الأجهزة الأمنية في كشف الجرائم و«هذا يزيد من المخاطر والتحديات التي تواجه حراسة المخيم. ففي العام الماضي قتل أكثر من شخص متعاون مع الأمن الأمر الذي أرعب الآخرين الذين يمكن أن يفكروا بالإبلاغ عن خلايا نشطة أو جرائم تقع داخل المخيم».
ودعا أحمد الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإنسانية إلى تقديم الدعم اللازم لإعادة اللاجئين العراقيين والنازحين السوريين والضغط على الحكومات الغربية والعربية لاستعادة رعاياها «كما نطالب بتوفير معدات ووسائل لوجيستية أمنية لتساعد قوى الأمن في ضبط حراسة المخيم بشكل دقيق. ونحتاج أيضاً إلى أجهزة للكشف عن الأسلحة والذخيرة والمتفجرات». وقال إن التحقيقات كشفت تورط خلايا موالية لتنظيم «داعش» تأتي من البادية السورية.
وشدد المسؤول الكردي على ضرورة المساعدة بإنشاء محكمة ذات طابع دولي خاص لمحاكمة المحتجزين المشتبهين بانتمائهم إلى تنظيم «داعش» ومعالجة أسرهم وعوائلهم المحتجزين لدى الإدارة الذاتية في شرق وشمال شرقي سوريا.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.