التعويضات... أموال مستحقة أم محاولات للاستيلاء على «الأرصدة الليبية»؟

عودة الشركات الأجنبية المتوقفة إلى ليبيا قد يشكل فرصة سانحة لتحريك عجلة الاقتصاد (أ.ف.ب)
عودة الشركات الأجنبية المتوقفة إلى ليبيا قد يشكل فرصة سانحة لتحريك عجلة الاقتصاد (أ.ف.ب)
TT

التعويضات... أموال مستحقة أم محاولات للاستيلاء على «الأرصدة الليبية»؟

عودة الشركات الأجنبية المتوقفة إلى ليبيا قد يشكل فرصة سانحة لتحريك عجلة الاقتصاد (أ.ف.ب)
عودة الشركات الأجنبية المتوقفة إلى ليبيا قد يشكل فرصة سانحة لتحريك عجلة الاقتصاد (أ.ف.ب)

تواجه السلطات الليبية من حين لآخر أحكام تعويض دولية في قضايا مرفوعة على البلاد، بسبب تعطل مشاريع بعض الشركات، التي كانت متعاقدة عليها في ليبيا، منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي. وبينما يرى البعض أن لجوء الشركات للقضاء إجراء طبيعي لجبر الضرر، فهناك من يرى أن هذه القضايا في مجملها «تستهدف نهب أموال البلاد»، وفقاً لوصف المهدي الأعور، نائب رئيس لجنة الاقتصاد والتجارة والاستثمار بمجلس النواب الليبي بطبرق.
وقال الأعور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن هذه القضايا «تُستغل من قبل ضعاف النفوس الطامعين بثروات ليبيا والمتعاونين معهم». لكنه أشاد «بقوة القضاء الليبي في التصدي لمثل هذه المحاولات، التي تستهدف الخزينة الليبية، مستنداً إلى تعذر تنفيذ هذه العقود بسبب وجود حالة حرب منذ عام 2011 وما أعقبها من اضطرابات أمنية».
وكانت إدارة القضايا التابعة للمجلس الأعلى للقضاء قد أعلنت مؤخرا عن تمكنها من تجنيب الدولة خسارة 69 مليون دولار أميركي، وهي قيمة التعويض المطالب به في إحدى قضايا التحكيم، المرفوعة أمام غرفة التجارة الدولية في فرنسا، من قبل إحدى بعض الشركات التركية ضد الدولة الليبية.
ورجح النائب أن تقوم الدولة في المستقبل بمراجعة كل العقود، التي أُبرمت قبل 2011، والتوصل لتسوية مع الشركات والقوى التي تمثلها، خاصة أن أغلبها «كان مبالغا فيه»، متوقعا قبول الجميع بالأمر لعدم رغبته في خسارة التعاقد مع ليبيا في المستقبل، لما تحمله من فرص واعدة للاستثمار فور استقرار الأوضاع.
وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أوصت «لجنة العشرة» التابعة لوزارة الاقتصاد والصناعة بحكومة «الوفاق» بضرورة عدم تجديد اتفاقات الاستثمار والتجارة المبرمة مع بعض الدول، إلا بعد تعديل بنودها بما يتوافق مع قانون الاستثمار.
من جانبه، توقع الخبير الاقتصادي الليبي، سليمان الشحومي، أن يكون الفشل مصير أغلب قضايا التعويض المتعلقة بعدم تنفيذ العقود، التي توقفت بسبب «ثورة فبراير (شباط)»، وما تلاها من ظروف الحرب. وقال بهذا الخصوص: «هذه القضايا ليس لها أساس صحيح، وقد أقامها أصحابها استغلالا للظروف، التي مرت بها ليبيا على مدار العقد الماضي في محاولة منهم للحصول على تعويضات من خزينة الدولة، أو الحجز على الأصول الليبية الموجودة بالخارج».
وأوضح الشحومي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن عدم تنفيذ الدولة الليبية لما كان يضطلع بها من بنود في تلك العقود «يعود لوضعية القوة القاهرة، وهي سند قانوني قوي ومستقر بقضايا المنازعات الدولية»، لافتاً إلى أن هناك مسائل ونقاطا فنية وقانونية «يجهلها كثيرون في حديثهم عن هذه القضايا، وكيف أنها تحتاج لمعالجة متأنية عند التعامل بشأن تسويتها القانونية أمام محاكم فض المنازعات التجارية، سواء بغرفة باريس أو لندن أو القاهرة».
وأضاف الشحومي مبرزا أن أغلب الشركات الأجنبية «هي من بادرت إلى ترك مواقع العمل بالبلاد في تلك الفترة، دون إخبار السلطات الليبية، مما يحملها المسؤولية»، داعيا السلطات الليبية إلى الإسراع في مناقشة ملف هذه العقود، وتقرير مصيرها بعد الاستقرار السياسي، وذلك إما بإعادة مباشرة تنفيذها، وهو الأمر المتوقع بدرجة كبيرة لكونها عقودا مجزية لجميع الأطراف، نظرا لانخفاض سعر الطاقة حاليا إلى النصف تقريبا مقارنة بأسعار أعوام 2008 و2009، أو بإنهاء العقود بالتراضي، وإن كان هذا أمرا مستبعدا إلى حد ما، لأن «الجميع يعلم أن الوجود والعمل بالسوق الليبية يمهدان الطريق أمامه لاغتنام الفرص، والفوز بعقود جيدة في عملية إعادة الإعمار مستقبلاً».
ومنحت أغلب العقود التي وقعت قبل عام 2011، والتي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، لشركات تركية وروسية وصينية وإيطالية، وهناك عقود وقعتها حكومات ليبية في فترة ما بعد الثورة، لكنها توقفت بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية. وسجل تقرير ديوان المحاسبة الليبي لعام 2018 رفع 142 قضية ضد ليبيا، من قبل شركات أجنبية في الخارج، بإجمالي تعويضات يصل إلى 9 مليارات يورو.
وكانت وزيرة التجارة التركية، روهصار بكجان، قد أكدت خلال مؤتمر صحافي مشترك، جمعها بوزير التخطيط بحكومة «الوفاق» الليبية طاهر الجهيمي، منتصف أغسطس (آب) الماضي، عن توقيع بلادها اتفاقات اقتصادية وتجارية مهمة للغاية مع حكومة الوفاق، من ضمنها اتفاقية استئناف العديد من مشاريع الشركات التركية المتوقفة بسبب الأوضاع الأمنية في ليبيا، والاتفاق على حل مشكلات المشاريع التي نفذتها شركات تركية بالماضي القريب في ليبيا، دون أن تتمكن من تحصيل مستحقاتها، مع العمل على تحقيق مشاريع واستثمارات جديدة في المستقبل لمطالبته بتسوية خسائر شركاتهم.



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.