اللقاح سيلاقي مصير مساعدات انفجار مرفأ بيروت

ممرض يهتم بمريض مصاب بـ«كورونا» داخل مستشفى في بيروت (إ.ب.أ)
ممرض يهتم بمريض مصاب بـ«كورونا» داخل مستشفى في بيروت (إ.ب.أ)
TT

اللقاح سيلاقي مصير مساعدات انفجار مرفأ بيروت

ممرض يهتم بمريض مصاب بـ«كورونا» داخل مستشفى في بيروت (إ.ب.أ)
ممرض يهتم بمريض مصاب بـ«كورونا» داخل مستشفى في بيروت (إ.ب.أ)

لا يتوقع اللبنانيون أن يكون مصير اللقاح المنتظر وصوله في أوائل فبراير (شباط) المقبل؛ ليخفف وطأة كارثة (كوفيد - 19) بأحسن من مصير المساعدات التي قدمها عدد من الدول بعد انفجار بيروت في الرابع من أغسطس (آب).
الزبائنية والفساد والحسابات الحزبية والطائفية التي جعلت هِبات ما بعد انفجار المرفأ تذهب إلى غير المتضررين من حرس رئاسة الجمهورية إلى أتباع الميليشيات وأعوانهم، ستقود من دون ريب عمليات توزيع اللقاح الذي تعجز الدولة اللبنانية عن تأمينه من دون دعم صندوق النقد وبرنامج «كوفاكس» الدوليين.
واللبنانيون الذين راحوا يرتدون ثياب الحداد السوداء قبل فتح صفحاتهم على منصات التواصل الاجتماعي بسبب كثرة الوفيات والمصائب اليومية التي تصلهم أخبارها من المواقع هذه، سيشهدون فصولا جديدة من مهازل السرقات العمومية التي بلغت مستوى ترك مستشفى ميدانياً ومئات أجهزة التنفس الآلي في مستودعات المدينة الرياضية بعدما اختلف «حزب الله» وحركة «أمل» حول أي منهما يستولي على هذه الغنيمة؛ ليوظفها في مناطق سيطرته، وبها يديم سيطرته على جمهوره المنهك بالمرض والفقر ولو بمال المانحين الأجانب، وليضمن أصواتهم في الانتخابات المقبلة.
مستودعات المدينة الرياضية كانت قبل أسابيع مسرحاً لفضيحة مشابهة عندما أتلفت مياه الأمطار مئات الأطنان من الطحين العراقي الذي أرسلته حكومة بغداد بعد انفجار الرابع من أغسطس. أما فضائح اختفاء الوقود العراقي الذي جاء في الظرف عينه، وظهور المواد الغذائية التي قدمتها هيئات إنسانية عربية وأجنبية على رفوف المخازن في لبنان وخارجه بعدما استولى عليها لصوص يحملون بطاقات رسمية، فأصبحت من الماضي الذي تختفي آثاره في هذا البلد ما أن يحمل الحاضر أنباء فضيحة أو مصيبة جديدة.
حصل أمر مشابه في الأموال التي دفعتها حكومات وهيئات إنسانية كدفعات مباشرة للمتضررين من الانفجار، إذ اختفى قسم من الهبات لتظهر آثاره عند متنفذين وحزبيين ومستذئبي الأيام الراهنة.
التقديرات الحكومية تشير إلى أن اللقاح الذي اشترى لبنان 2.5 مليون جرعة منه من شركة «فايزر» (بأموال المساعدات) قد يصل أوائل فبراير بأعداد قليلة لم توضع حتى اليوم خطة واضحة لكيفية توزيعه أو الفئات الأكثر حاجة إليه في بلد انهار نظامه الصحي، وبات مرضى «كورونا» يتمددون على الأرض في أروقة المستشفيات العاجزة عن تقديم العلاج اللازم لجميع المحتاجين. لكن القياس على تجارب الكوارث الكثيرة السابقة لا يترك كبير مجال للشك في أن اللقاح سيُحول إلى الممرات الجانبية الحزبية والطائفية التي تخدم ديمومة الجماعة الحاكمة، وتُشدد إمساكها بخناق المواطنين المكلومين.
وقبل أن يصل اللقاح بدأت حملات استغلاله وتوظيفه السياسي على شكل تعليقات عنصرية صريحة تطالب بمنع تلقيح اللاجئين السوريين والفلسطينيين المقيمين في لبنان بذريعة أن للمواطنين أولوية على اللاجئين. وتستعيد المواقف هذه التي تقدمها مسؤولو حزب رئيس الجمهورية «التيار الوطني الحرّ»، لغة التمييز العنصري الفاشي، ملقية عن وجهها القبيح كل ستر أو غطاء. فقد ارتفعت عقائر هؤلاء قبل أن تتضح الأدوار التي ستؤديها هيئة «الأونروا» مع اللاجئين الفلسطينيين والمفوضية العليا للاجئين فيما يتعلق بنظرائهم السوريين. المهم أن أنصار التيار الوطني الحر لم يضيعوا فرصة إثبات انحيازهم إلى كل أنواع التمييز والفصل العنصري فيما هم يغرقون مثل باقي اللبنانيين واللاجئين، ومن تبقى من عمّال أجانب في مستنقع الانهيار الذي أسهمت قيادة العونيين في هندسته وتعميقه مع حلفائها وخصومها، سواء بسواء، في الطبقة السياسية المتحكمة بلبنان.
آخرون اعتبروا أنفسهم أكثر إنسانية، باشروا حملات توزيع أدوية أشاعوا بين البسطاء ممن لم تعد لديهم إمكانات الشراء والعلاج المكلفين، أنها تشفي من الآلام. والحق أن أكثر الأدوية المتداولة قد صدرت دراسات دولية تحذر من إعطائها لمرضى (كوفيد - 19) أو من عدم فاعليتها في مواجهة المرض. لكن ما العمل والشعبوية والرغبة في قطف ثمار أوجاع الناس قد فاقتا كل مقاربة عقلانية لوباء صنعه جهل السياسيين، وقلة كفاءتهم، وضحالة قدراتهم العلمية، وانحطاطهم الأخلاقي والسياسي.
في هذا الوقت ينشغل سكان القصر الجمهوري بتدبير أفضل الخطط للانقلاب على الدستور والتخلص من اتفاق الطائف، وتنكب القوى «المعارضة» على تطويق هذا المسعى من دون أن تغضب الحاكم الحقيقي للبنان. هذا فيما يمضي وزير الصحة المصاب بـ«كورونا» وأحد المسؤولين عن الفشل الصحي الكبير، أيامه في المستشفى بالتقاط الصور الشخصية أثناء توقيعه معاملات المرضى، موزعاً فيروساته التي ستنتقل إليهم عبر الأوراق، بكرم حاتمي وابتسامة عذبة.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.